الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حكاية القهوة التي بدأ منها التحضير للثورة العرابية

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مقهي متاتيا أو مقهي الثورة العربية، لم تكن قهوة عادية للتسلية وشرب الشاي والشيشة والسمر، فقد كانت لمقهي "متاتيا" قيمة تاريخية، فمنه بدأ التحضير للثورة العرابية، وانطلقت منه دعوات الفكر والتنوير tلم يكن مقهى متاتيا مجرد مكان للتسلية وتناول المشروبات، بل مكان يجتمع فيه المفكرون والأدباء مع الناس فيوحد أفكارهم ونضالهم، تلك هى أهمية المكان الذي كان يضم كل فئات المجتمع.
كان مقهى "متاتيا"" الأهم من حيث الموقع الجغرافى حيث كان يطل على ترام العتبة الشهير الذى أنشأه الخديوى، وكان يشغل بقية واجهة عمارة متاتيا المطلة على ميدان العتبة‏، والأكبر ‏‏فى القاهرة من حيث المساحة.
فى القرن الـ‏19‏ كانت أرض القهوة خلاء‏،‏ ولذا كان ميدانا العتبة والأوبرا الحاليين ميدانا واحدا اسمه “ميدان أزبك”، نسبة إلى أزبك باشا العثمانى الذى اتخذ من تلك المنطقة المركزية فى وسط القاهرة مقرا له.‏
بني المهندس الإيطالى عماة فى هذه الأرض الخلاء وحملت اسم "متاتيا"، والتى حملت أيضا اسم المقهى الشهير فبين أعوام (1870 و1875 و1877) أنشأ المهندس سالف الذكر عمارة شامخة فى القلب من ميدان العتبة، وحتى ذلك الوقت كانت عمائر القاهرة لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة وبطبيعة الحال كانت عمارة متاتيا المبهرة أشهرها على الإطلاق‏، لعدة أسباب أولها: أن بها واحدة من أهم اللوكاندات "لوكاندة مصر".
وهكذا لعب المقهى دورا لا يمكن تجاهله فى الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية المصرية منذ إنشائه وحتى هدمه، وبه كانت شرارة أول تجمع سياسى فى مصر وسمى بتجمع “الوطنى الحر” على يد الأفغانى (ويصنف عند بعض المؤرخين باعتباره أول حزب سياسى أيضا قبل حزب مصطفى كامل 1907م، ولأهمية الأفغانى وارتباط المقهى به وبدوره فى مصر، وضع الناس صورة كبيرة له، على أحد جدرانه.
في 1992م، كانت مصر على موعد مع زلزال مخيف ضرب القاهرة وعدد من المحافظات بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر، ولأن التربة المصرية والبنى التحية غير مؤهلة لتحمل هذا النوع من الكوارث الطبيعية، فقد أحدث الزلزال وتوابعه التى استمرت قرابة أربعة أيام تصدعا بعدد من المبانى الأثرية المهمة خاصة فى وسط القاهرة المفعمة بالجمال التراثى الذى نال منه الزلزال منالا كبيرا.
وخلال 7 سنوات بعد الزلزال ظلت عمارة متاتيا ثابتة متماسكة حتى صدر أمر من محافظ القاهرة عام 1999م، بهدم أدوار عمارة متاتيا الأثرية، ثم هدم كل ما تبقى منها لصالح مشروع نفق الأزهر، فكانت تلك نهاية أحد أشهر المقاهى فى مصر والذى كان شاهدا على حروب عالمية وصولات وجولات سياسية ومعارك فكرية وأدبية وثورات وقامات.