الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الكويت تكتب نهاية الإخوان.. حرب الأفاعي بدأت بـ"الإرشاد الإسلامي" وفضحتها أزمة برلمان 1985 (ملف)

حسن الهضيبى
حسن الهضيبى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تكونت النواة الأولى من «الإخوان» فى الكويت فى نهايات الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي، وكان المشروع الأول للمجموعة الأولى منهم هو تأسيس عمل دعوى رسمى مفتوح تمثّل فى «جمعية الإرشاد الإسلامي» عام ١٩٥٢، وفتحت الإرشاد باب العضوية للجميع، ونشط الإخوان من خلال جمعية الإرشاد فى المجتمع؛ فاستقطبوا شرائحه المختلفة مع التركيز على الشباب، ورغم ذلك؛ فإن هذه البداية تعثرت لاحقًا مع تعرض الجماعة لأول هزة حقيقية، فبرز الخلاف فيما بين أعضائها، وانقسمت الجماعة إثر خلاف داخلى بين أعضاء قيادتها، كان الطرف الأول فيها عبدالعزيز العلى ومحمد سليم، والطرف الثانى محمد العدسانى وعبدالعزيز سالم، واسمه الحقيقى «نجيب جويفل».

وكانت القضايا الرئيسية للخلاف تتمحور حول العلاقة مع الأسرة الحاكمة، ورد فعل قيادة الإرشاد من أحداث الصدام التى دارت بين حركة «الإخوان» فى مصر من جهة، ونظام الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر من جهة أخرى، وأخيرًا طريقة إدارة جمعية «الإرشاد»، والتى رأى فيها العدسانى ومجموعته أن العلى اختزل القرارات المهمة بيد مجموعة صغيرة يديرها العلى مع إقصاء السواد الأعظم من أعضاء الجمعية عن المشاركة فى اتخاذ القرارات.
أعاد بعض منتسبى الفكر الإخوانى جمع أنفسهم فى ستينيات القرن الماضي، وساهموا فى تأسيس جمعية «الإصلاح الاجتماعى» سنة ١٩٦٣، كردة فعل مباشرة على توغُّل العلمانيين، وبخاصة حركة «القوميين العرب» فى المجال الاجتماعي، وتصدرهم لمنابر توجيه المجتمع سياسيًا ومجتمعيًا، وأصبح عبدالله العلى المطوع هو واجهة الإسلاميين السياسية بحكم مكانته التجارية وعلاقته المتميزة مع أقطاب الأسرة الحاكمة؛ الأمر الذى ساهم فى تعزيز التفاهم بين الإسلاميين -وبخاصة الإخوان المسلمين- والحكومة لصد نفوذ القوميين العرب والعلمانيين.

بين مطرقة المعارضة وسندان الحكومة
اختلفت تجربة الإخوان فى الكويت، عن غيرها فى دول عربية أخرى، ويرجع ذلك إلى اختلاف طبيعة النظام السياسى هناك، ما جعل التيار الإسلامى يرى أهمية الحفاظ على هذا التحالف مع الحكومة، إذ كانت «الإخوان» تحاول دائمًا السيطرة على المجال الاجتماعى وتتجاهل المجال السياسي، ولذا لم يدخل التيار الإسلامى وعلى رأسهم «الإخوان» والسلفيون فى صراع سياسى حقيقى مع السلطة الحاكمة.
هذا الانسجام فى المواقف وتبادل المصالح بين الحكومة والإخوان المسلمين، سرعان ما واجه عقبات، إذ استمرت مشاركة الإخوان المسلمين فى الانتخابات النيابية، وزاد عدد مرشحيها فى مختلف الدوائر الانتخابية، واستطاعت فى ١٩٨٥ دخول البرلمان بثلاثة ممثلين.
وفى ٣ يوليو ١٩٨٦، تم حل مجلس الأمة حلًا غير دستوري، كما تم تعطيل بعض مواد الدستور لتدخل الكويت فى أزمة سياسية بعد الأزمة الاقتصادية، وجاءت تحركات نواب مجلس ١٩٨٥ لإعادة الحياة النيابية والعمل بدستور ١٩٦٢، والتى تصاعدت سنتى ١٩٨٩ و١٩٩٠ فيما عُرف بتجمعات «دواوين الإثنين»، والتى كان عمودها ٢٦ نائبًا فى مجلس ١٩٨٥، وشخصيات عديدة من المجتمع المدنى عبّرت عن رفضها للتعامل الحكومى غير الدستورى مع مطالب الشعب ومؤسسته التى تمثله «مجلس الأمة».
وكان موقف الإخوان متوافقًا مع موقف المعارضة، وبعد رفض الحكومة لمطالب المعارضة، قرَّرت الأخيرة التصعيد من خلال دعوة المواطنين للتوقيع على عريضة شعبية وقّع عليها أكثر من عشرين ألفًا من الذين يحق لهم التصويت، وكان للاتحاد الوطنى لطلبة الكويت فرع جامعة الكويت، بقيادة الإخوان المسلمين، دور مهم فى جمع التوقيعات، وعلى الرغم من هذه المشاركة فى حراك المعارضة؛ فإن هناك عددًا من قيادات «الإخوان» لم توقّع على أيٍّ من هذه العرائض. وأوقعت هذه الأزمة السياسية، «الإخوان» فى مأزق؛ ووجهت لها اتهامات بممارسة «السياسة المزدوجة» من خلال المشاركة مع المعارضة فى حراكها السياسي، والحفاظ على علاقتها مع الحكومة حمايةً لمكتسباتها، وأثر مثل هذا الاتهام سلبًا فى صورة الإخوان لدى العديد من القواعد الشعبية.
ويرى مراقبون أن الأحداث السياسية فى السنوات الأخيرة قد تغيِّر المعادلة، خاصة مع توقيع الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) على «مشروع الإصلاح الوطني»، والذى يسعى إلى تغيير النظام السياسى إلى نظام برلمانى كامل.