الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

كُتّاب ونقاد: مفيش أدب الخيال العلمي

كُتّاب ونقاد
كُتّاب ونقاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بينما كان أدب الخيال العلمي ينتشر في العالم، ويستغل العلماء خيال أرباب الأدب في التوصل لاكتشافات تُسهم في تقدم البشرية، كانت الرواية العربية رغم قدمها وثرائها تبتعد عن هذا المجال، حيث اكتفى الأدباء العرب، باستثناء بعض المحاولات البعيدة أيضًا عن التنبوء باكتشافات جديدة، بخوض مسارات أخرى من الحكايات.
هكذا نتساءل، لماذا ابتعد الكُتاب عن كتابة أدب الخيال العلمي؟ وما هو العائق الذي يمنع من انتشار هذا النوع الأدبي في العالم العربي، ولماذا لم تنشأ مُنافسة بين الكُتاب تهدف إلى خلق قارئ ذي نظرة علمية ثاقبة تدفعه لدخول آفاق أكثر رحابة من مجرد المتابعة والانبهار بالغرب وتطوره؟

الروائي نبيل فاروق هو وأحد من القلائل الذين خاضوا كتابة أدب الخيال العلمي في مصر منذ منتصف الثمانينيات، عبر سلسلة الروايات الشهيرة "ملف المستقبل"، التي أثارت خيال الكثير من الشباب العربي.. يتحدث فاروق مُبديًا أسفه عن عدم انتشار روايات الخيال العلمي، مُرجعًا سبب نُدرة هذا النوع من الكتابة إلى أنه "يتطلب معرفة الكاتب الجيدة عن العلم"، حسب قوله، وأضاف "أغلب الكُتاب الحاليين يكتبون "فانتازيا" في حين أن الخيال العلمي يتطلب الإلمام بالعلم والتطور ومن خلال طرح سؤال "ماذا لو حدث ذلك؟"؛ وأشار إلى أنه تخرج من كلية الطب "وكذلك مهتم بالفيزياء وعلم الفلك وقرأت كثيرًا في العلوم منذ زمن بعيد، فقرأت بداية من النباتات إلى علوم الحاسب الآلي، وذلك إلى جانب متابعتي لأحدث الابتكارات والروايات.

وأرجع الكاتب الناقد سيد الوكيل عدم اتشار روايات الخيال العلمي إلى أن "العقل العربي غير علمي وعلاقتنا بالعلم سطحية جدًا وبسيطة"، مُشيرًا إلى أن الخيال العربي عبر قرون طويلة قد توقف عند كتابات "ألف ليلة وليلة"، وأوضح "مازالت تأخذنا روايات الرعب والجن والعفاريت لأن هذا ما هو إلا امتداد لأساطير علاء الدين والمصباح السحري"؛ ووصف مجتمعنا بأنه "فقير علميًا"، وأن هذا السبب يُفسر عدم وجود العلماء في ثقافتنا العربية "لذلك كان عدد من كتبوا في الخيال العلمي صغير جدًا، مثل الروائية نهاد شريف،إضافة إلى وجود عدد محدود جدًا من الروايات في هذا الحقل الأدبي".
وأكد الوكيل أن هناك مشكلة لدى المُثقف والأديب المصري "فالروائي نجده لا يقرأ غير روايات ولا يعطي الشعر على سبيل المثال أهمية وهكذا في جميع المجالات الأدبية"، مُشيرًا إلى أن من نتائج هذا وجود "الأديب أحادي البُعد" كما يصفه، وتابع "لذلك أصبحنا نتشابه ونكتب مثل بعضنا، وهذا ما يُفسر عدم وجود أعمال مُترجمة إلا للأديب نجيب محفوظ، فمجتمعنا فقير علميًا يعيش على موروث الخيال العربي القديم".
ورغم الوضع الحالي، أبدى البعض تفاؤلهم تجاه أدب الخيال العلمي في مصر، منهم الكاتبة والناقدة أمينة زيدان التي ترى بوادر لاستخدام الكاتب لقيمة الخيال العلمي "ولكن ما حدث من فرض بعض المناهج والمجالس على الكُتاب أسفر عن تجارب غير مفيدة، وهذا قام بدوره نحو إبعاد الأدب عن الخيال والإبداع العلمي والروحاني"؛ موضحة أنها تابعت خلال الفترة الأخيرة بعض الكُتاب ممن جمعوا بين الخيال العلمي والكتابة الواقعية "وهذه بمثابة بداية مبشرة، وأتوقع نجاح بعضهم قريبًا في هذا المجال خلال الفترة القادمة، وستنتهي حتمًا موجة روايات الجن والعفاريت مع ظهور موجة جديدة لروايات الخيال العلمي".

ويتفق الناقد الدكتور عبد الناصر حسن مع رؤية أمينة، فيؤكد أن فكرة الخيال العلمي موجودة في العقل البشري منذ أن خلق الله الإنسان والطبيعة والحياة "ولكنها أخذت أشكالًا من التطور على مر العصور حتى أصبحت في العصر الحديث تقنية لقراءة المشهد الثقافي والوعي الفكري، والانتقال من التصورات البسيطة إلى المُعقدة"؛ وأرجع سبب قلة روايات الخيال العلمي في مصر إلى الحروب الكثيرة التي خاضتها البلاد في القرن الماضي والتي أثّرت على التطور العلمي "ودائما المُستعمر كان يحاول إجهاض مصر وإخفاق التجربة المصرية في الفن والثقافة"، موضحًا رأيه في أن الكثير من الكُتاب المصريين يكتبون "ولكن المُتلقي غير حاضر بسبب اهتمامه بمُتطلبات الحياة من المأكل وغيره، وكتابات الخيال العلمي تحتاج قدرة على الفهم لقراءته قراءة جيدة".