الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التعداد وتبعاته!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استضافت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية اللواء أبو بكر الجندى للحديث عن نتائج أول تعداد إلكترونى فى تاريخ جمهورية مصر العربية، وأشار اللواء أبو بكر أن المواطن المصري لا يزال لا يثق فى الموظف المصرى، وهى إحدى التحديات التى كانت تواجه مندوبى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ولا شك أنها مشكلة متراكمة منذ آمدًا طويلا، فالدولة بالنسبة للمواطن البسيط هى التى تحصل الضرائب والتأمينات والرسوم، مقابل حصوله على خدمات ضعيفة، نتيجة ضعف التنمية المتراكم منذ عقود، ولكنه للأسف ثمن يدفعه ويتحمله مؤسسات الدولة حاليا.
عملية جمع المعلومات بالنسبة للمواطن البسيط مرتبطة إما بحصوله على خدمة مثل التموين، وفى هذه الحالة يحاول أن يتحايل على الدولة ويضخم فى حجم أسرته واحتياجاتها ويخفى بيانات المتوفين والمسافرين للخارج، ليظل يحصل على حصته التموينية كاملة كما اعتاد، والحالة الأخرى هى تحصيل الرسوم والضرائب والتأمينات، وهنا يحاول المواطن أن يقلل عدد أفراد الأسرة قدر الإمكان ليقلل من حجم الرسوم أو التأمينات المقررة عليه.
ولكن التعداد السكانى هو حالة مختلفة تماما عن ما سبق فالتعداد حالة لم يعتد عليها المواطن، نظرا لأن البيانات التى سيدلى بها المواطن عن أسرته لن يترتب عليها حصوله على أى امتياز أو حق ولن يترتب عليها توقيع رسوم أو غرامات مستحقة عليه، المعلومات هذه المرة مهمة لأصحاب القرار وصانعي السياسات والمسئولين عن ضع الخطط الاستراتيجية للدولة وخاصة الخطط التنموية، والتعرف على حجم العجز فى الخدمات ووضع توقعات منطقية بحجم الخدمات التى يحتاجها المجتمع فى المستقبل القريب.
للأسف الشديد نظرا لأن المجتمع المصري يعيش حالة من الفوضى خارج الأطر الرسمية، ويعيش ضمن قواعد وقوانين عرفية، وأن ما يزيد عن الـ 70% من الاقتصاد غير رسمى، بما يترتب عليه من تبعيات أهمها التهرب الضريبي والتأمينى من أصحاب الأعمال سواء كان تهربا كليا أو جزئيا، ومن ثم فإن الثمة التي اعتاد المواطن سواء كان عاملا أو صاحب عمل عليها هى أن يظل متهربا من الحكومة ومن الأطر الرسمية نظرا لأن ما يحققه المواطن من مكتسبات خارج الإطار الرسمى أكبر بكثير من الخدمات المباشرة التى يحصل عليها من الحكومة.
لذلك اعتمدت الحملة الإعلامية للتوعية بأهمية التعداد للمواطنين على ضمان سرية بيانات المواطن وأسرته، فالمعلومات التى يدليها بيها المواطن عن دخله وعدد أفراد الأسرة والممتلكات والعقارات وطبيعة السكن إيجار أو تمليك، هى سرية ومحمية بالقانون، ولا يمكن الاطلاع عليها لأى شخص أو جهة، ولا يعطى القانون أى استثناءات للكشف عن هذه المعلومات ويعاقب القانون على أي حالة كشف أو تسريب لبيانات المواطنين التى تم جمعها فى التعداد، وعلى سبيل المثال عندما يرصد التعداد عدد المنشآت الصناعية الفعلية على أرض الواقع، سيكون لدى الحكومة إمكانية مقارنة هذا الرقم بعدد المنشآت المسجلة رسميا فيمكن التعرف على عدد المنشآت غير المسجلة، وتقدير حجم أعمالها وعدد العاملين بها، فتستطيع الحكومة تنظيم قانونا يعطي هذه الفئة حوافز تشجعهم على تسجيل منشآتهم، وتستطيع الحكومة وضع قانون للتأمينات والمعاشات يستهدف ضم العاملين فى القطاع غير الرسمى لمظلة التأمينات والمعاشات، ليستطيعوا الحصول على معاشات عند بلوغهم السن القانوني، أو حتى تعويضات عن إصابات العمل والوفاة وفقد العمل بشكل مفاجئ.
ومن ثم فإن التعداد السكاني له العديد من التبعيات التي لا يمكن اختزالها فقط في عدد السكان ونسبة الزيادة السكانية.