الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

نجيب محفوظ.. من الحارة إلى العالمية

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

السيرة الذاتية

 1911 وُلد نجيب محفوظ فى حى الجمالية بالقاهرة

1930 التحق بجامعة القاهرة وحصل على ليسانس الفلسفة

 1938 انضم إلى السلك الحكومى ليعمل سكرتيرًا برلمانيًا فى وزارة الأوقاف

1939 نشر روايته الأولى «عبث الأقدار»، التى تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية

1945 بدأ طريقه الروائى برواية «القاهرة الجديدة»

1959 بدأ نشر روايته الجديدة «أولاد حارتنا» فى جريدة الأهرام

1960 عمل مديرًا عامًا لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشارًا للمؤسسة العامة للسينما

1966 عُين رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما


أبرز 10 روايات

1946 القاهرة الجديدة، وخان الخليلى

1949 بداية ونهاية

1956 بين القصرين

 1957 قصر الشوق، والسكرية فى العام نفسه

1961 اللص والكلاب

1962 السمان والخريف

1967 نشرت رواية أولاد حارتنا كاملة لأول مرة فى لبنان

1977 ملحمة الحرافيش

1981 أفراح القبة

1987 حديث الصباح والمساء


أقوال خالدة

إنه لم يكن عجيبًا أن يعبد المصريون «القدماء» فرعون، ولكن العجيب أن فرعون آمن حقا أنه إله.

الويل لمن يحترم الحبَّ فى عصر لا يُكنُّ للحب احتراما.

الأمل يمتد فى المستقبل بسرعة مئة مليون سنة ضوئية.

المرأة أهم رابطة تربطنا بالحياة.

الماضى يتوارى بمكر كاللص، لكنه لا يموت.

الصدق جوهرة قد تختفى أحيانا تحت ركام الأوهام.

عندما يفتر الحب، يبدأ الندم على السرور البريء.

إن حكمة الحياة هى أثمن ما نفوز به من دنيانا ذات الأيام المعدودات.

الرنين الأجوف لا يصدر عن إناء ممتلئ.

قد يتغير كل شيء إذا نطق الصمت.

لا ألم بلا سبب.. وإن اللحظة الفاتنة الخاطفة يمكن أن تمتد فى مكان ما إلى الأبد.

هذه هى الحياة أنك تتنازل عن متعك الواحدة بعد الأخرى حتى لا يبقى منها شيء وعندئذ تعلم أنه قد حان وقت الرحيل.

الزيف فى الحياة منتشر كالماء والهواء، وهو السر الذى يجعل من باطن الإنسان حقيقة نادرة، وقد تخفى عن بصيرته فى الوقت الذى تتجلى فيه لأعين الجميع.

توقّع المعجزات عند اليأس.

لا قيمة للحياة بلا حرية، فلا تكن متعصبًا.

ما فائدة أن نسترد أرضًا، ونخسر أنفسنا.

علينا أن نوفر الضوء والهواء النقى إذا أردنا أزهارًا يانعة.

عندما يظفر القلب بضالته سيجد نفسه خارج الزمان والمكان.

إن كل الاتجاهات فى نظر منْ ضلّ الطريق متساوية ما دامت لا تؤدى إلى غاية.

الأذن لا تسمع إلا ما ترغب فى سماعه.

إن محاولة الغريق اليائسة للنجاة، أشبه بأحلام الشقى بالسعادة، كلتاهما أمنية ضائعة.

الصراع الحقيقى فى هذه الحياة، هو ما يقوم بين الحقائق والأساطير.

أظفر الحكام بقلوب المحكومين، هو أعظمهم احترامًا لإنسانيتهم، وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.

بالحزن يتقدس الإنسان، ويعد نفسه للفرح الإلهي.

إن ما يوفر لنا بعض الطمأنينة، هو اعتقادنا بأن الموت منطقي، يمارس وظيفته من خلال مقدمات ونتائج، ولكنه كثيرا ما يداهمنا بلا نذير كزلزال.

النباتات لا تملك العقل، ولو غطيتها بصندوق فيه ثقب لخرجت من هذا الثقب متتبعة للضوء، فما بالنا لا نتبع النور ونحن نملك العقول.

أهل حارتنا يضحكون.. علام يضحكون؟ إنهم يهتفون للمنتصر أيا كان المنتصر ويهللون للقوى أيا كان القوى ويسجدون أمام النبابيت يداوون بذلك كله الرعب الكامن فى أعماقهم.

نحن فى حاجة إلى أن نعود للحياة مرارًا حتى نتقنها.


«أولاد حارتنا» رواية إيمانية مثيرة للجدل تنتصر للدين.. و أدبنا لن يصل للعالمية
وأصبت بالصرع فى صغرى ولكنه كان خفيفاً وشفيت منه
«أديب نوبل» عبارة تثب إلى الذهن فور سماع اسم نجيب محفوظ، الجائزة التى تداعبت خيال كل كاتب، لكنها لم تراوده يومًا، حتى إنه استقبل خبر حصوله عليها بفتور أقرب إلى المزاح! ويقر -بعد أن حصل عليها- أن أسعد أوقاته كانت وهو يجرى وراء عربة الرش ويلعب مع كتاكيت أمه وطيورها فوق السطح! فى بساطة محفوظ تتجلى روعته وفى تواضعه تظهر عظمته.. هو الأديب المتفرد الذى لن تجود به قريحة الأدب ثانية.. فى ذكرى رحيله باقة ورد وتحية من القلب.

«حينما أتذكر طفولتى البسيطة.. وأنا أجرى خلف عربة الرش فى حى الحسين، ثم أسمع اسمى فى الصحف ومحطات التليفزيون العالمية، يحدث ذلك فى نفسى عجبًا ودهشة».. هكذا كان يردد أديب نوبل نجيب محفوظ الذى تحل يوم ٣٠ أغسطس ذكرى رحيله، نتوقف فيها عند ثلاثمائة وخمسين صفحة، قدمها الكاتب والصحفى إبراهيم عبدالعزيز لسيرة الروائى الكبير نجيب محفوظ، وعنوانها «أنا نجيب محفوظ»، وصدرت عن دار «نفرو» للنشر والتوزيع.
صاغ عبدالعزيز سيرة نجيب محفوظ، من خلال حوارات محفوظ الصحفية والإذاعية والتليفزيونية، وبدا وكأن محفوظ هو الذى يتحدث، ولم يتدخل المؤلف سوى فى ربط الفقرات أو الجمل بعضها ببعض؛ ومن ثم اكتسب هذا الكتاب أهميته، لافتقاد المكتبة العربية لسيرة ذاتية لمحفوظ، حيث رفض أديب نوبل كتابة مذكراته الشخصية. ومع ذلك يؤكد الكتاب أن نجيب محفوظ كتب سيرته الذاتية بخطه شعرًا ونثرًا، وأنه تخلص منها حيث يقول فى حديثه مع الناقد الأدبى فؤاد دوارة: «حين قرأت الأيام لطه حسين، ألفت كراسة – أو كتابًا ما كنت أسميه وقتها – سمّيتها الأعوام رويت فيها قصة حياتى على طريقة طه حسين».
الأوراق الخاصة
حين سأله المحاور عن احتفاظه بكراسة «الأعوام» قال: إنه لا يحتفظ بأوراقه الخاصة أو مسودات رواياته، وإنما يتخلص منها بطريقته المعتادة فيقول: كنت أعمد التمزيق والتقطيع، كانت هناك أشياء لا يجب أن تترك فى الورقة، لم أؤثر أن أحتفظ بشىء مما أكتبه قط، أنا أكبر «مقطعاتي»، لم أكن أحتمل أن أحتفظ بشىء عندى بعد أن أقوم بتبييض العمل، وبمجرد أن أكتبه على الماكينة وأبعثه إلى المطبعة كنت أحن إلى التمزيق والإبادة».
وصف المنزل
يحكى أديب نوبل عن محطات فى حياته، فيبدأ بمنزله الذى يتذكره فيقول: بيتنا زمان كانت له جنينة فيها شجرة جوافة واحدة، وبعض شجر ورد، وتكعيبة عنب أسود، وأهم من ذلك كله شجيرات «شيح» زرعتها أمى لتعالجنا بها ونحن أطفال، وكانت خلف بيتنا غابة تين شوكي، يسكنها «نمس» أسود عينه براقة! فكنا نخاف منه ونختبئ من المغرب.
وعن أوقاته العصيبة، يروى محفوظ عن إصابته فى طفولته بالصرع، ولكنه كان خفيفًا كما يقول وشفى منه، ولم يترك أثرًا، رغم أن هذا المرض دائمًا كان ينتهى بالموت أو الجنون، أما السكر فقد هاجمه، وهو فى التاسعة والأربعين أى عام ١٩٦٠، وخاف منه كثيرًا، ليكتشف بعدها أنه مرض «جنتل مان» يحترمك إذا بادلته الاحترام، ويغدر بك إذا تهاونت فى حقه، اكتشف أيضًا أنه صبور ويستطيع أن يتكيف.
أما أسعد أوقاتي- يحكى أديب نوبل- كان على السطح مع الكتاكيت والأرانب والدجاج، فقد كانت والدتى تحب تربية الطيور، وكذلك أسعد أوقاتى كانت عند ظهور عربة الرش كنا نلعب ونستحم فى الوقت نفسه.
نضال سياسي
يروى محفوظ أنه فى الجامعة لم ينس النضال السياسي، فيقول: مرة كنت فى إحدى المظاهرات ضد إسماعيل صدقى، والتقينا البوليس فى شارع قصر العيني، فطاردونا وجريت، وجرى ورائى عسكرى سوارى بحصانه، ووصلت إلى «بيت الأمة»، وقفزت فوق السور وفى اللحظة التى كنت أهوى فيها داخل الحديقة كان العسكرى قد لحق بساقى وأمسكها.
ووقعت فى أرض الحديقة بعد أن انخلعت فردة حذائى فى يد العسكري، واستقبلتنى صفية زغلول «أم المصريين» فضمدت جراحى وقدمت لى كوبا من الشربات، ثم انضممت إلى جيش من الجرحى يتمددون فى ردهة البيت وجراجاته لأسترد أنفاسي.
أولاد حارتنا
يحسم محفوظ الجدل الدائر حول روايته «أولاد حارتنا»، ويقر بأنها فى الأصل رواية دينية إيمانية تنتصر للدين، وتؤكد ضروريته فى الحياة إلى جانب العلم؛ لأن سيطرة أحدهما على الحياة خطر كبير. وإذا كان العلم يحقق للإنسان التحرر والتقدم، فإنى أرى أن الدين الحق والتمسك بصحيح مبادئه أهداف نبيلة، ويوفر له طمأنينة نفسية لا حدود لها.
ويؤكد أن الرواية اتهمت ظلمًا بأنها تقتل القيم الروحية فى وقت هى فيه رواية تبحث عن القيم الروحية، والفقرة الأخيرة فى حيثيات جائزة نوبل تقول إن هذه الرواية تناول صاحبها «بحث الإنسان الدءوب عن القيم الروحية».
مصادرة ميرامار.. والسادات
يروى الكتاب عن محفوظ قوله: قبل عرض فيلم «ميرامار» قرر الاتحاد الاشتراكى مصادرة الفيلم باعتباره ضد عبدالناصر، وتم انتداب السادات ليراه ويقول رأيه فيه فأشاد به. كنت عضوًا فى اللجنة التى شكلت قبل المؤتمر الوطنى الذى أقر الميثاق، يومها كتبت اقتراحًا فى ورقة وأرسلتها إلى السادات رئيس الاجتماع، طالبت فيها بالإفراج عن المعتقلين، خاصة الشيوعيين منهم، وكتبت أيضًا عن موقف الأقباط وما يجب أن يكونوا عليه.
ولاحظت أن الاجتماع انتهى دون قراءة الورقة، وبعد أن انفض الاجتماع دعانى أحدهم للقاء رئيس الاجتماع، وهو السادات وقتها، وكان يجلس معه إحسان عبدالقدوس. وهنا أخرج الورقة لإحسان، وقال له: شوف صاحبك العبيط كاتب أيه؟ أنا لو قرأت الورقة فى الاجتماع كان خرج منه على سيوة، ولم يكن أحد سيعرف له طريق جرة. ويعلق محفوظ: حرصه عليّ رغم عدم وجود صلة سابقة بيننا أعتبره دينًا فى عنقي.
جائزة نوبل
أما عن فوزه بجائزة نوبل، فيقول: «إننى سعيد لأننى كسرت القاعدة التى تقضى بأن الحصول على أى شيء الآن، إنما يقتضى مسلكا خاصا يقوم على قاعدة انتهازية وعلاقات عامة، واتصالات دائمة بهنا وهناك، أنا لا أقول إننى وضعت قاعدة جديدة، أقول فقط إننى كسرت القاعدة السائدة، وقدمت درسا لكل الجادين والمجتهدين: إن الانصراف على العمل والعكوف عليه يمكن أن يؤدى حتى إلى جائزة نوبل». كان فوزى بها مفاجأة، لم تكن متوقعة وقد ظللت أقول لزوجتى التى أخبرتنى بنبأها أن تكف عن المزاح.
وقبل أن ألتقط أنفاسى دخل عليّ خواجة ضخم وزوجته، كان سفير السويد، جاء ليقدم لى هدية عبارة عن قدح فاخر من البللور السويدي، ولكننى لا أعرف فعلًا كيف قابلته بالبيجامة! ثم كنت واكل بصل لأن أحد الأصدقاء قال لى إنه ينزل السكر!.

قفشات أديب نوبل

«لم يعد هناك من نكات منذ أصبحت حياتنا نكتة سمجة».. هكذا كتب أديب نوبل نجيب محفوظ، ملك الفكاهة والإيفيهات، كما كان يطلق عليه «الحرافيش»، ونحن نحتفى بذكرى رحيله، نتذكر أطرف مواقفه وعاداته، وأشهر «إيفيهاته» مع أصدقائه، فقد تميز الراحل بخفة ظل لا يعرفها إلا من اقترب منه، وتعاملوا معه، فكان صاحب بديهة حاضرة، ومهارة فائقة فى ارتجال القفشات الفورية.

نتوقف عند رأى محفوظ فى الفكاهة لدى المصريين، كما يروى عنه الأديب محمد سلماوي، فى كتاب «حوارات محفوظ»، يقول الأديب الكبير الراحل: أجد أن روح الفكاهة من الخصائص الأساسية للشخصية المصرية، فلا شك أن الإنسان الذى لديه صبر الانتظار؛ فإن روحه تكون سمحة تميل للدعابة.

وقد وجد الكاريكاتير على جدران بعض المقابر القديمة، ليؤكد لنا أن روح الدعابة التى يتمتع بها المصرى الآن تعود إلى أجداده القدامى. تظهر البساطة وعدم التكلف فى المظهر العام لأديبنا الكبير، فهو لا يلبس ربطة عنق أبدًا، وهو دائم إهداء ربطات العنق التى تجيئه إلى أصدقائه بمناسبة أو دون مناسبة.

ويقول محمد سلماوى، أحد تلامذة أديب نوبل: أذكر أنه فى مرة أثناء زيارة عادية فى بيته قدم لى ربطة عنق أنيقة، وحين سألته عن المناسبة قال: المناسبة أننى لا أعرف ماذا أفعل بكل ما يجيئنى من ربطات العنق هذه!

يقول محفوظ: ظللت ألبس ربطة العنق لسنوات طويلة، لكنى كنت أصبت منذ زمن بحساسية جلدية، فأصبحت أية ربطة عنق تضايقني، ولم أكن فى البداية أستطيع أن أجاهر بعدم ارتداء ربطة العنق، فكنت أدارى ذلك بأن ألبس «بلوفر» يخفى العنق، لكنى بعد ذلك أقلعت عن ذلك أيضًا، والآن لا أستطيع أن أعود إلى ربطة العنق ثانية لأنى لا أعرف كيف تربط.

كلام حشاشين

من طرائف محفوظ، أنه عندما صدرت روايته «ثرثرة فوق النيل»، وأثارت ضجة لانتقادها الأوضاع الاجتماعية والسياسية فى الستينيات، وعندما قابله أحد المسئولين، ليسأله عن المغزى الذى قصده فى روايته على لسان شخصياته، أجاب محفوظ: أبدا.. هذا كلام حشاشين! لأن أبطال الرواية كانوا يحششون فى العوامة.

نجيب وبرلنتى

عندما سأله الحرافيش - كما يحكى الأديب الكبير جمال الغيطانى - فى جلستهم الأسبوعية عن إحساسه لحظة الزلزال الذى أصاب مصر عام ١٩٩٢، قال: «كنت أجلس فى الصالة، شعرت به بقوة، وتطلعت إلى السقف منتظرًا سقوطه، وسقوط برلنتى عبدالحميد فى حجري»، وبرلنتى واحدة من أشهر نجمات السينما فى الستينيات، كانت تسكن الطابق العلوى من نفس العمارة التى يسكنها محفوظ!

أكتب اسمى

عندما زاره المفكر الفرنسى جارودى ذات مرة عام ١٩٩٧، سأله: ماذا تكتب الآن؟ أجاب محفوظ بتلقائية: أكتب اسمي! كانت زيارة جارودى له عقب محاولة الاغتيال التى تعرض لها عام ١٩٩٤ بسبب روايته «أولاد حارتنا» وأصيبت يده اليمنى، وكان يتلقى علاجًا طبيعيًا بانتظام، ويعاود التمرين على الكتابة مثل طفل، مكررًا كتابة اسمه آلاف المرات.

موظف عند نوبل

بعد فوزه بجائزة نوبل لاحقه الإعلاميون والصحفيون فى كل الأوقات والأماكن، وأرهقوه بالأحاديث واللقاءات؛ فقال: «أنا بقيت موظف عند نوبل».

زاره الكاتب «ثروت أباظة» فى المستشفى بعد حادثة طعنه المعروفة، وبكى بحرقة فقال له: «إيه يا ثروت هو أنت اللى انضربت ولّا أنا». سأل الكاتب والناقد المسرحى فؤاد دوارة نجيب محفوظ ذات يوم: متى يصل أدبنا الى العالمية؟ فكان رأى نجيب محفوظ أن هذا لن يحدث أبدًا. لأن المجتمع المصرى أو المجتمع العربى ليس عالميًا. فكيف يصبح أدبنا عالميًا؟

وكما يقول الأديب يوسف القعيد: لم يكن نجيب محفوظ يعرف، وهو يقول هذا الكلام سنة ١٩٧٥ أن نوبل ستأتى له بعد ثلاثة عشر عامًا من هذا الكلام. أى فى أكتوبر سنة ١٩٨٨، عندما حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل.

وأذكر أن أكثر عبارة كانت تضايقه هى وصف الأديب العالمى التى كنا نصفه بها بمناسبة ومن دون مناسبة!.


مقهى «محفوظ» للكتابة يرحب بالكبار

قديما قال الفيلسوف الفرنسى جان جاك روسو: «إذا أردت أن تحيا بعد موتك... فاكتب ما يستحق أن يقرأ أو افعل ما يستحق أن يكتب».. وهكذا يظل أديب نوبل نجيب محفوظ حيا بكتاباته، التى مجدت قيم الحق والخير والجمال، واستطاع عبر أكثر من ٦٠ عاما من الكتابة الدءوبة أن يضع بناء محكما للرواية المصرية المعاصرة، وينصب بكرسى مشيختها، وربما لا يكون غريبا أن يعترف مشاهير الأدب بتأثرهم بكتاباته وبينهم الأديب البرازيلى باولو كويلو والصينى مويان.

ومحفوظ يؤمن بأننا فى حاجة إلى أن نعود للحياة مرارا حتى نتقنها، إذ إن أتعس الناس من يستوى إليهم الموت والحياة، ولهذا فرواياته تصنع فلسفة خاصة للحياة، وقراءة جديدة للتاريخ الذى جمعه من وجوه العابرين بالأزقة والشوارع وعلى ضفاف النيل، وقد مزج إكسيرا عجيبا للحياة.

 وفى حضرة نجيب محفوظ الذى تحل ذكرى رحيله اليوم، نعيش مع سطور عمالقة الأدب والنقد، ونقرأ شهادات معاصريه من الأدباء والمثقفين من خلال مقتطفات من مقالاتهم، التى نشرت على صفحات الصحف اليومية والمجلات الثقافية فى أزمنة متفاوتة؛ لويس عوض، طه حسين، جمال الغيطاني، صلاح عبدالصبور، يحيى الرخاوي، محمود أمين العالم؛ أدباء كبار من أجيال مختلفة تحدثوا عن نجيب محفوظ وإبداعه؛ وفندوا شخصيته نفسيا واجتماعيا وثقافيا؛ وغاصوا فى زقاق المدق والعاصفة والثلاثية وغيرها.


طه حسين: عالم اجتماع فى «زقاق المدق»

قد يثقل هذا العنوان على لسان الناطق وأذن السامع، ولكنك لا تكاد تسمعه وتنطق به حتى تتبين أنك مقبل على كتاب يصور جوًا شعبيًا قاهريًا خالصًا؛ فهذا العنوان يوشك أن يحدد موضوع القصة وبيئتها، وقد ذكرت القصة ومن قبل ذلك ذكرت الكتاب لأن لهذا السفر قيمتين خطيرتين حقا، إحداهما أنه قصة متقنة رائقة لا تكاد تأخذ فى قراءتها حتى تستأثر بك استئثارا كاملا وتشغلك عن كل شىء غيرها؛ أما القيمة الثانية الخطيرة لهذا السفر الضخم؛ فهى أنه بحث اجتماعى متقن كأحسن ما يبحث أصحاب الاجتماع عن بعض البيئات يصورونها تصويرًا دقيقًا ويستقصون أمورها من جميع نواحيها؛ وما أكثر ما خطر لى وأنا أقرأ هذا الكتاب أنه لم يوجه إلى الكثرة من القراء ليجدوا فيه ما يطلبون من المتعة الفنية الخالصة التى تشوق وتروق، وإنما وجه أيضًا إلى الباحثين الاجتماعيين الذين يبحثون ليصلحوا. ولم ألخص لك القصة؛ لأن تلخيصها عسير جدا.. وإنما لخصت لك منها أطرافًا قليلة جدًا.

وما أشك فى أن ما تركته من أطراف القصة، عظيم الخطر بالقياس إلى ما لخصته منها. عظيم من الناحية الاجتماعية أولا، لأنه يشخص الزقاق ويشيع فيه روحا خاصة، ويعرض عليك هذا الروح الحلو المر الذى يسر قليلا، ويسوء كثيرا ويدعو أشد الدعاء وأقواه إلى الإصلاح العاجل.


الأستاذ والحرافيش

من أصدقاء نجيب محفوظ، الكاتب الساخر محمد عفيفى، وتحدث عن محفوظ قائلا فى إحدى جلساتهما: «يستطيع جيران محفوظ أن يظبطوا ساعاتهم على مواعيد نشاطاته المختلفة، يظبطونها مرة فى الصباح على لحظة خروجه من البيت لعمله الوظيفى، ومرة فى المساء على اللحظة التى يضاء فيها النور فى حجرة مكتبه. فهو ليس من أولئك الناس الذين يجلسون للكتابة فى أية لحظة، وإنما للكتابة، مثل صلاة الجمعة لحظة معينة محددة لا تجوز إلا فيها».

وحسد عفيفى مثابرته قائلا عنه: «إذا رأيت مؤلفات الرجل ترتفع وترتفع حتى توشك أن تنطح السقف، فلتدرك قيمة النظام والمثابرة بالنسبة للرجل، الذى يريد أن يكون كاتبا كبيرا».

ويحدثنا يوسف القعيد عن لقائه الأول بنجيب محفوظ، عندما جاء القعيد لأول مرة من قريته إلى القاهرة حبا فى القراءة والكتابة، واستطاع أن يصل إلى محفوظ من خلال دليل التليفون، ورد عليه بنفسه ووافق على مقابلته، وتحدث عن إعجابه ببساطته وبابه المفتوح للجميع، فى حين أن معاصريه من الأدباء كان لديهم جيوش من السكرتارية.

ويقول الفنان التشكيلى محمد الشربينى، أحد المقربين من محفوظ: «يتميز نجيب محفوظ بوجه بشوش، وروح مرحة مع أصدقائه، وهو يضفى على مجلسه معهم جوا من المرح والدعابة بقفشاته وتعليقاته اللاذعة، فالجلوس معه متعة بذاتها حتى وإن ظل صامتا».

وقال: لم يكن محفوظ فى أى يوم من الأيام «رجل معارك» فى الواقع الأدبى والسياسى فى مصر، ولم يقتاد للسجن فى أى مرحلة من حياته، وكان حديثه موجزا جدا فى السياسة، وأحيانا رمزي، وبحسب المقربين منه كان نجيب يؤكد دوما أن معركته الحقيقية مع الورق، مع فعل الكتابة والإبداع نفسه.


محمود أمين العالم: تحدى رياح العولمة

حين انتهيت من قراءة قصة «العاصفة» لنجيب محفوظ، وجدت قلمى يرغمنى على أن أكتب عما غمرتنى به قراءة هذه القصة من بهجة استمتاع عميق تمتزج فيه الرؤية المعرفية الواسعة، بالقيمة الجمالية المركزة الرفيعة.

كدت أستشعر فى هذه الجوهرة الصغيرة خلاصة مركزة للتاريخ الروائى لنجيب محفوظ، على تنوع تجلياته الذى تمثل فى النبع الشعبى الذى يعبر به دائما عن الأصول والجذور الأولى للأحداث والقيم المتصارعة فى أغلب رواياته؛ وفى الرفيف النقدى للرموز التى تومئ دائما إلى ما يريد أن يقوله هذا الفن بخبث؛ الفن الروائي؛ وفى الإحساس الكلى الذى يفجره الامتزاج والتداخل بين الإنسان والطبيعة، بين الفرد والكون، بين المحلى والعالمى فى كثير من رواياته، وأخيرا فى هذا الأفق المفتوح دائما على المستقبل، الممكن بل الضرورى شبه القدري.

إنه عنف رياح العولمة التى أخذت تفرض نفسها فرضا على الدنيا، فكيف يطالب شيخ حارة بهية أن يقاومها؟ إنه يقول: لست مسئولا عن الرياح، هذه الرياح كونية، ولا سبيل أمام هذه الرياح سوى الالتجاء إلى الغيب أو إلى الأحلام كما حاول الرجال، فواقع هذه الرياح قد اكتسح كل حلم، ثم يسود الليل ويرين الصمت والاستقرار أخيرا.


لويس عوض: كاتب رضى عنه اليمين والوسط واليسار

لكم ترددت قبل أن أكتب هذا المقال، فأنا لم أكتب عن نجيب محفوظ كلمة واحدة، رغم كثرة ما كتب وكثرة ما كتبت، ترددت تردد المتهيب وخشيتى من أن أظلمه وأظلم نفسى، وما عرفت كاتبا من الكتاب ظل مغمورا مغبونا مهملًا عامة حياته الأدبية دون سبب معلوم، ثم تفتحت أمامه كل سبل المجد دفعة واحدة فى السنوات الخمس الأخيرة دون سبب معلوم أيضا مثل نجيب محفوظ.

ما عرفنا كاتبًا من الكتّاب ظل مغمورًا مغبونًا مهملًا عامة حياته الأدبية دون سبب معلوم، ثم تفتحت أمامه كل سبل المجد دفعة واحدة فى السنوات الخمس الأخيرة دون سبب معلوم أيضًا، مثل نجيب محفوظ. وما عرفت كاتبًا رضى عنه اليمين والوسط واليسار، ورضى عنه القديم والحديث ومن هم بين بين، مثل نجيب محفوظ. فنجيب محفوظ قد غدا فى بلادنا مؤسسة أدبية أو فنية مستقرة تشبه تلك المؤسسات الكثيرة التى تقرأ عنها.

ولعلك لا تعرف ما يجرى بداخلها، وهى مع ذلك قائمة وشامخة، وربما جاء السياح، أو جيء بهم، ليتفقدوها فيما يتفقدون من معالم نهضتنا الحديثة. والأغرب من هذا أن هذه المؤسسة التى هى نجيب محفوظ ليست بالمؤسسة الحكومية التى تستمد قوتها من الاعتراف الرسمى فحسب، بل هى مؤسسة شعبية أيضًا يتحدث عنها الناس بمحض الاختيار فى القهوة وفى البيت وفى نوادى المتأدبين البسطاء.

 نجيب محفوظ عندى كاتب من أولئك الكتّاب القلائل فى تاريخ الأدب فى الشرق والغرب، كلما قرأته غلا الدم فى عروقى، وودت لو أنى أصكه صكًا شديدًا. ونجيب محفوظ فى الوقت نفسه هو عندى كاتب من أولئك الكتّاب القلائل فى تاريخ الأدب فى الشرق والغرب، كلما قرأته عشت زمنًا بين أمجاد الإنسان، وقالت نفسي: ليس فنا بعد هذا الفن، ولا مرتقى فوق هذه القمم الشاهقة.


خيرى شلبى: ثورة 19 ساهمت فى إنضاج موهبته

يتجدد نجيب محفوظ باستمرار، ليس فقط من عمل إلى عمل، بل من صفحة إلى صفحة. فهو لا يزال حتى هذه اللحظة أجرأ من مارس الأشكال الفنية الروائية فى اللغة العربية، سواء بين الشيوخ أو بين الشبان؛ وهى ليست مجرد جرأة مبنية على المغامرة، إنما هى جرأة مدروسة الأبعاد من كل ناحية؛ كأنما قد أضمر فى نفسه أن يظل مدى حياته يمثل دور الطليعة فى حقل الأدب الروائى العربي

ولا شك أن العصر الذى نشأ فيه ساهم بقدر كبير فى إنضاج مواهبه وصهرها فى بوتقة ملتهبة على الدوام. ففى عصره كانت الروح الوطنية متوثبة، والشخصية القومية متيقظة.

وفى كل أعماله يهتم بالتاريخ الذاتى للفرد، ثم العائلة، ثم الطبقة، ثم المجتمع، ناهيك عن تاريخ المكان، لدرجة أنه يستهدف رصد حركة المجتمع المصرى حقبة حقبة.

هذا ما نحسه فى كل الأعمال السابقة على ثلاثية بين القصرين. أما الثلاثية نفسها؛ فقد كان من بين أهدافها الرئيسية صياغة روائية لتاريخ مصر إبان ثورة ١٩١٩ من خلال أسرة من الطبقة المتوسطة القاهرية..

وفى أعماله الأخيرة كـ«صباح الورد» و«أسعد الله مساءك»، يقدم محفوظ تفاصيل العالم الجديد، وكيف بدأ يتكون ونوعية العلاقات الناشئة بين الأسر، قدمها من خلال أصدقائه الذين جمع بينهم الحى الجديد.


صلاح عبدالصبور: لم يكن للقصص القصيرة أستاذ سواه

ما أكثر الذين يحبون نجيب محفوظ، ويكلفون بأدبه، والكثرة الكاثرة منهم تحب «نجيب محفوظ» الروائى، ولعلها فوجئت به كاتب أقصوصة، حين عاد إلى هذا اللون التعبيرى، بعد انقطاع عنه طويل، منذ ظهرت مجموعته الأولى «همس الجنون»، وقد تلقت الحياة الأدبية عندئذ هذا النتاج الجديد للكاتب المرموق متحفزة، وحين نشرت القصة الأولى كانت مدار النقاش بين أصحابى وبينى، وأظنها كانت مدار النقاش فى كل بيئة أدبية ذلك اليوم، ثم توالت أقاصيص نجيب محفوظ، وبدا له أن يجمعها فى كتاب، فكان هذا الكتاب الجديد، وهو الكتاب السادس عشر، للكاتب الذى جاوز الخمسين بأشهر، وهو دليل حياة خصبة منتجة، تنشر الخير فى أرجاء حياتنا الأدبية، بشتى ألوانه ومختلف نفحاته.

والحياة الأدبية ما زالت تتوقف عن إصدار كلمتها فى القصة القصيرة عند نجيب محفوظ، ولعل مرجع هذا التوقف، هو أن الكلمة الأخيرة لم تقل بعد فى تحديد معنى القصة القصيرة، فمما لا شك فيه أنها تختلف اختلافًا بينًا، بين موباسان وتشيكوف، وهما أعظم أعلامها، وبين بعض الكتاب المحدثين مثل: همنجواى ووليم مارديان ووليم فوكنر وسومرست موم وسارتر.. وغيرهم.

لقد كان تطور نجيب محفوظ من متابعة الأحداث إلى متابعة الأشخاص، هو سبب عودته إلى القصة القصيرة، وقد أكد أنه لم يعد يشغل بظواهر الوجود بقدر ما هو مشغول بالوجود ذاته. كان نجيب محفوظ فى رواياته؛ «القاهرة الجديدة»، «خان الخليلي»، «زقاق المدق»، «الثلاثية»، «السراب» «بداية ونهاية»؛ بعيدًا بعدًا بينًا عن مشكلة الوجود المجرد؛ كان الذى يعنيه فى هذه الروايات هو الوجود فى زمن. ومن البدهى عندئذ أن نجيب محفوظ قد عاد إلى القصة القصيرة بعد أن استوى له أسلوب فى السرد والحوار الأدبى، وفى تناول الشخصيات، ومن هنا فإن القصة القصيرة عند نجيب محفوظ لا أستاذ لها إلا نجيب نفسه.


يحيى الرخاوي: موته لم يكن عاديًا

هل رحل أصلًا.. أليس هو القائل: «الموت لا يجهز على الحياة، وإلا أجهز على نفسه».. لا أشك فى أن شيخنا قد اختار الموت راضيًا حين شاء الحق تعالى أن يختاره، كما أننى لم أشك أن محفوظًا قد اختار الحياة طوال الوقت، حتى لحظة اختياره الموت، اختار الحياة كائنًا بشريًا جسديًا متحركًا حاضرًا.. وأيضًا اختارها أكثر: كيانًا فاعلًا جميلًا، مضيفا بما تيسر له، فأبدع فيه. وحين تيقن أن الله تعالى قد أراد أن يجعل الأدوات أضعف فأضعف، والمجال أضيق فأضيق، اختار شيخنا أن يقولها بملء وعيه أنْ «كفي».

لم يكن اختيار الحياة بديلا عن اختيار الموت، كان اختيارًا متداخلًا، متكاملا مكمِّلًا. حين آن الآوان: قالها شيخنا بملء وعيه أنْ: «كفي»، ومضى إليه راضيًا مرضيًا، ومع يقينى أن هذا حقه بلا منازع، فقد رحت أعاتبه وأنا أرثيه وفى مرة قال لى: أنت حين تحب شخصا أَلاَ تكون حريصا على البقاء معه أطول مدة ممكنة؟ قلت نعم. قال: هل يمكن أن يخطر ببالك ما هو ملل وأنت تحبه فعلا ؟ قلت: لا، قال، فإذا كنت تحب الله سبحانه، فهل تشبع من قربه مهما امتد الزمن بلا نهاية، أم أنك تزداد فرحة وتَجدُّدًا طوال الوقت؟».


جمال الغيطاني: الحارة فى الرواية ملخص للعالم

ولد نجيب محفوظ فى بيت مطل على ميدان بيت القاضي، فى مواجهة قسم شرطة الجمالية، ومبنى الشرطة الذى كان فى الأصل قصرا من قصور عائلة السرجانى ما زال قائما، أما البيت الذى ولد فيه كاتبنا العظيم، فقد أزيل، ومكانه الآن منزل من عدة طوابق وتحته مقهى شعبي، يقع البيت على ناصية درب قرمز.. وما زال الدرب محتفظا بمعالمه الأساسية التى رآها كاتبنا فى طفولته البكرة.. والتى انطبعت فى ذاكرته.. وشكلت معالم الحارة محورا لأعماله الإبداعية العظمى فيما بعد.

تظل الحارة هى محور ما كتبه محفوظ من أعمال عبر سيرته الطويلة.. غير أنها تتخذ أبعادًا أخرى.. لتصبح ملخصًا للعالم كله.. فقد استوعب عناصرها جيدا ثم فكها وأعاد ترتيبها من جديد، خلقها مرة أخرى، ولذلك تتضمن حارة نجيب محفوظ مستويين، الأول واقعي، والثانى رمزى فلسفي، فالحارة، أو ملامح القاهرة القديمة؛ خاصة فى «زقاق المدق وخان الخليلى والثلاثية» محددة الملامح.

 لكننا فى «أولاد حارتنا» نطالع حارة أخرى لا تحمل لافتة تشير إلى مكان واقعي، بل شجر اللبلاب والبيوت المتجاورة والتكية التى تتصاعد منها أناشيد الدراويش الغامضة؛ حيث رجال الحق قابعون يذكرونه دائما. يختفى البعض إلى الأبد وتنشب خناقات، وتشج رءوس، ويحل الجيل مكان الجيل.