الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صراع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنتُ أشاهد -قبل كتابة هذا المقال- فيلم «نهر الحب»، الفيلم مأخوذ من رواية «أنّا كارينينا» للروائى الروسى تولستوي، وقد كنت شاهدته منذ عشر سنوات، حينها كان قد أثار إعجابي، ولم أكن وقتها أستطيع أن أبرر ذلك الإعجاب من جميع وجوهه، اللهم إلا من الناحية الرومانتيكية، رغم أن معانيها لم تكن واضحة لى مثلما هى اليوم، واليوم بعد أن شاهدته، وجدتُ فيه معانى كثيرة لم أكن أدركها من ذى قبل، ولم أكن أدرك كذلك أنه بعد مرور نصف قرن على إنتاج مثل هذا العمل، أن الفجوة بيننا وبين من عاشوا فى هذه الآونة ستتسع إلى هذا الحد الذى لا نستطيع معه أن نعقد مقارنة، هى فى جميع الأحوال لن تكون عادلة، إنها ظالمة بكل المقاييس، ولكن لهم وليس لنا، وكيف نقارن بين مثل هذا العمل الأدبى الإنسانى، ومعظم الأعمال غير الأدبية التى تعرض اليوم على شاشات السينما؟!
ولقد افتتح تولستوى روايته قائلًا: «كل العائلات السعيدة تتشابه، لكن لكل عائلة تعيسة طريقتها الخاصة فى التعاسة».
والعنوان الموضوع للفيلم «نهر الحب» يرمز إلى نهر النيل، الذى فاضت مياهه منذ فجر التاريخ، فمنحت الحياة للمصريين وأرضهم، والكاتب يريد أن نتشبه بهذا النهر الذى يُعطى دون مقابل؛ إذ يقصد بالحب هنا: الحب بكل أنواعه ومعانيه التى أهمها التضحية والعطاء.
وإذا أردتُ أن أضع خلاصة لأهم المعانى التى تضمنها هذا العمل الإنسانى، أستطيع أن أقول: إنه عبارة عن صراع: 
أولًا: صراع بين الحياة والموت، وهو صراع دائم خالد، ولكن يجب أن ندرك أننا قبل تلك الحياة كنا أمواتًا، وبعدها سنصبح أمواتًا، ثم بعد ذلك حياة أبدية؛ إنه موت ثم حياة ثم موت ثم حياة، فالحياة ستنتصر فى النهاية.
ثانيًا: صراع بين اليأس والأمل، إن الأمل يجب أن ينتصر، وكيف لا واليأس من صفات الكافرين؟ إن الأمل هو الشيء الوحيد الذى لا يهزمه الموت، إنه يمتد إلى ما بعد الموت، ولم لا وبعد الموت حياة.
ثالثًا: صراع بين عاطفتين، عاطفة الحب وعاطفة الأمومة التى هى فى ذاتها حب على حب، هل تفضل الأم حبيبها على أولادها؟ إنها معضلة؛ فهى فى الأولى تأخذ، وفى الثانية تُعطي، فهل ستفضّل العطاء على الأخذ؟، سيظل الأمر يتأرجح مدًا وجزرًا، ومع ذلك لا توجد عاطفة أشد من عاطفة الأمومة.
رابعًا: صراع بين أسرتين، أسرة سعيدة وأخرى تعيسة، بمعنى آخر: كيف يمكن أن تتحقق السعادة الأسرية؟ أو بمعنى أدق ما مفهوم السعادة الأسرية؟ ما أريد قوله: هل للسعادة مفهوم؟ فى الحقيقة، فإن السعادة هى غاية الحياة، الحياة الدنيا ومن بعدها الحياة الآخرة، أعلم أن هذا ليس تعريفًا، ومع ذلك هكذا يجب أن تعرّف!!
خامسًا: صراع بين العقل والقلب، وكيف أن طغيان العقل أو الجانب المادى على الروحي، يمكن أن يصف الإنسان بالأنانية، فى هذا الخصوص يجب ألا يكون هناك صراع، بل يجب أن يكون هناك توازن، اللهم إلا إذا كان هذا الصراع من أجل إحداث ذاك التوازن.
سادسًا: الصراع العربى الإسرائيلي، الغريب أن الأخيرة هى التى انتصرت على الآخرين، ولكن السؤال: كيف ينتصر المفرد على الجمع؟! التبرير طبعًا بسبب الأسلحة الفاسدة، ومع ذلك سننتصر فى النهاية، ولكن متى؟ حينما نكون مؤهلين للنصر جديرين به... فمتى سننتصر؟!.