الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإرهاب والشهيد المنسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرة ثانية وعاشرة ومائة تنكسر راية التكفيريين، مرة جديدة وليست أخيرة ينجح أبطالنا بالقوات المسلحة فى تمريغ راية الإرهاب بالتراب، لم يكن هجوم الجمعة الماضية على موقع البرث فى شمال سيناء الأول من نوعه من حيث العدد وكثافة النيران، جاءوا فى ٢٠١٥ بكل ما استطاعوا من خسة وعتاد، جاءوا ليرفعوا راية ولاية سيناء الداعشية وانكسروا بإرادة فولاذية من أبناء جيش الشمس.
لا أتوقف كثيرًا عند عدد شهدائنا وفى الأحداث الكبرى الفاصلة مثل تلك التى رأيناها قبل يومين لا أبكى ولا أفرح.. فقط أتأمل المشهد كاملًا وأتخيل الخطوة التالية، أعرف أن المعركة غاية فى الصعوبة فهى مواجهة ليست تقليدية، هى مواجهة لدغة البرغوث لجسد الأسد أو كما أسماها بعض الخبراء العسكريين هى حرب الجرذان، لذلك لا نتوقع نصرًا حاسمًا لننشد الأناشيد بعده، هى حرب أقرب لحرب الاستنزاف تدور رحاها بمنطقة جغرافية وعرة وفى ظل وضع دولى مرتبك، حيث تورطت دول وأجهزة مخابرات فى تبنى أوغاد الظلام لأسباب لا علاقة لها بالدين ولا بالإسلام.
الشهيد العقيد أحمد المنسى قائد الكتيبة ١٠٣ صاعقة الذى قاد الرد على المهاجمين يضرب لنا المثل حول طبيعة المقاتل المصري، فهو لا يتراجع خطوة مهما كان الخصم، عقيدة المقاتل المصرى هى التقدم للأمام دائمًا ليبحث عن قيمة عالية المقام، وهى إما النصر أو الشهادة، وبالفعل فى معركتنا الأخيرة حصل ٢٣ مقاتلًا من مُختلف الرتب ما بين ضابط وجندى على وسام الشهادة والفداء والبطولة، كما حقق بقية أفراد الكتيبة الحسم بالثأر وأشعلوا الأرض تحت أقدام المهاجمين نارًا حتى بلغ عدد القتلى منهم أربعين حسب المصادر الرسمية بينما يذهب البعض إلى أن رقم القتلى بلغ ٧٣ قتيلًا غير مأسوف عليهم.
معركة البرث لا يمكن معرفة تفاصيلها الفنية بسهولة والكلام السهل الذى يطلقه بعض المتابعين عن واجب الإسناد السريع والدعم القتالى بالمروحيات وزمن التنفيذ، كل هذا الكلام السهل علينا أن نبتعد عنه احترامًا لطبيعة العمل العسكرى وتقديرًا لكل نقطة دم سالت على أرض المعركة، وإذا كنت أطالب بالتعامل الهادئ فى تلك المسألة الفنية، فإننى أدعو للحوار الصاخب حول طبيعة المجتمع القبلى فى سيناء، وحول الطبيعة الجغرافية للحدود المصرية المشتركة سواء مع غزة أو إسرائيل، قرأنا أن اتفاقًا تم لإخلاء مائة متر مكشوف فى الجانب الآخر، وهذا أمر جيد بين الدول التى تواجه ظروفًا غير طبيعية كالتى تمر بها المنطقة العربية الآن.
أما عن طبيعة المجتمع القبلى فالأمر صار فى أمس الحاجة للتفكير بصوت عالٍ ولست فى حاجة لكى أؤكد للقارئ أن أهلنا فى سيناء لهم مالنا وعليهم ما علينا، وأن حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية واجبة وحق أصيل، ولكن كيف يمكن ضرب منظومة البطالة هناك وتأسيس أجيال تعرف معنى الصنعة والمهنة والوظيفة، كيف يمكن خلخلة التركيز الجغرافى القبلى فى بؤرة ما دون المساس بالروابط العائلية، الملف صعب ومتشعب ولكن زراعة الأرض بالبشر المنتج حرفة ضرورية، وليس من المعقول ونحن نواجه هذه الحرب أن يحترف قطاع ليس قليلًا من أبناء البادية مهنة زراعة المخدرات أو التهريب أو السطو المسلح على منشآت مثلما حدث ضد صديق لى يمتلك فندقًا بمدينة دهب، وكان مثالًا على حالات لا تحصى من عمليات التعدى الشائعة بشكل عام فى سيناء، والتى زادت حدتها فى الفترة التى تلت ٢٠١١.
أعرف أن الحرب متواصلة وأنها جولات، وأن مصر تتقدم على الطريق الصحيح نحو الانتصار، وفى مثل تلك الأحوال يُصبح عالم الاجتماع جنديًا مقاتلًا بأفكاره الخلاقة، ويُصبح رجل الاقتصاد رأس حربة للمعركة من أجل الانتصار فى معركة التنمية، أما الإعلام الرسمى بمصر وبعض الإعلام الخاص فبكل أسف أرى أنهم ما زالوا بعيدين جدًا عن ميدان المعركة.
رحم الله أبطالنا شهداء معركة البرث، وكما قلت لست حزينًا ولا فرحًا ولكننى أنتظر بلادى مع مائة مليون مصرى مرفوعة الراية منتصرة، وكما تعلمنا أقول إن غدًا لناظره قريب.