الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

مصانع الموت بالقليوبية وسط الكتل السكانية.. 45% من أهالي المحافظة مصابون بأمراض الصدر والسرطان.. المحافظ: إغلاق "المخالِفة" للحفاظ على سلامة المواطنين.. و"الصحة": قوافل طبية للمناطق الأكثر تضررًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتشرت سمومها كالنار في الهشيم لتتفشى أخطارها وتغتال الكتل السكنية المحيطة بها وتصيب المواطنين بالأمراض الصدرية المختلفة والسرطان. إنها "مصانع الموت" المتواجدة بمحافظة القليوبية، وتُواصل سفك دماء المواطنين.
فحسب تقريرٍ صادر مؤخرًا عن وزارة البيئة، أشارت نتائجه إلى إصابة أكثر من 3 ملايين نسمة، بمعدل 45% من سكان القليوبية بأمراض الصدر والسرطان؛ لوقوع معظم هذه المصانع داخل الكتل السكنية، وفي ظل ذلك تقف الحكومة عاجزة عن إيقافها أو نقلها لأماكن جديدة رغم انتشارها في أماكن عديدة بالمحافظة بمناطق مسطرد والخصوص وشبرا والخانكة وأبو زعبل.
مصنع أجريوم
ففي عام 2015 نظَّم أهالى المحافظة حملة شعبية رافضة لتواجد مصنع المازوت "أجريوم" في الكتل السكنية، مطالبين بإغلاقه نظرًا لأخطاره، وقاموا بتوزيع استمارة لجمع توقيعات المواطنين من أجل رفض تشغيل المصنع؛ لما يمثله من خطورة على المواطنين والمناطق السكانية. 
ويُعتبر مصنع تكرير المازوت فى مسطرد بشبرا الخيمة أحد الأسباب الرئيسية للتلوث، حيث تسببت السموم التي يخرجها ذلك المصنع فى تلوث ترعة الإسماعيلية نتيجة إلقاء مخلَّفات المصنع فيها مباشرة دون أى معالجة، بالإضافة إلى الخطر الذي تشكله تلك المخلفات على مواطني شبرا الخيمة نتيجة المواد التي تخرجها شركات البترول أثناء التكرير، فالأدخنة والنيران التي تخرج منه تملأ سماء القليوبية والقاهرة بشكل يومي نتيجة عدم وجود فلاتر تمتص الأدخنة والغازات السامة الناتجة عن إعادة تصنيع الحديد مرة أخرى، والمداخن التي تعلو أفران الصلب تُخرج سمومها في سماء المنطقة لتصيب السكان بكوارث صحية.
أبو زعبل للكيماويات
من ناحية أخرى تحتوى المحافظة على أحد المصانع المتسببة في أخطار كارثية، وهو مصنع أبو زعبل للأسمدة والكيماويات، بمدينة الخانكة، حيث يعيش أهالي مناطق أبو زعبل وخاصة عزب مراد وشكري التابعة لمدينة الخانكة بمحافظة القليوبية، ويقدر عددهم بـ30 ألف نسمة تقريبًا، مأساة، حيث تسببت أدخنة المصنع السامة في إصابة أهالي تلك العزب بحالات اختناق شديدة، نتيجة تسريب الغازات السامة من مصنع "أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية".
على صعيد آخر وجَّه الأهالي نداء عاجلًا واستغاثة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وإلى كل مَن يهمُّه الأمر؛ لنجدتهم من هذه الكارثة التي تهدد حياتهم، مؤكدين أن سموم أدخنة المصنع تسببت في تلف المحاصيل الزراعية، رغم أن الزراعة تعتبر مصدر الدخل الوحيد لأهالي تلك المناطق، وتسببت الغيوم والأدخنة الناتجة عن المواد الكيماوية التى يستخدمها المصنع فى مراحل إنتاجه، فى نفوق المواشي والحيوانات المنزلية، بالإضافة إلى نفوق الطيور التي تتم تربيتها داخل تلك المنازل.

مصنع الجلوكوز والنشا بشبرا
ونأتي إلى مصنع النشا والجلوكوز بحي شرق شبرا الخيمة، والذي يعمل على تهديد صحة المواطنين نتيجة الانبعاثات السامّة التي تخرج منه يوميًّا، في غيابٍ تام من المسئولين، ورغم تحرير عدة مخالفات بيئية للمصنع لكنه ما زال يعمل ويُخرج سمومه للمواطنين.
وأكد أحد المواطنين المقيمين بمحيط المصنع، أن الأهالى يعيشون في مأساة بسبب انتشار الروائح الكريهة المنبعثة من المصنع، وتؤدي لزيادة الإصابة بأمراض الصدر والسرطان والتنفس.
وأشار محمد.م، أحد المواطنين القانطين بالمنطقة، إلى أن خطورة الأمر تنبع من أن المسئولين فى مدينة شبرا الخيمة ليست لديهم معلومات دقيقة عن نِسب التلوث التى قد يتسبب فيها المصنع، بدعوى أن الأمر يتجاوز اختصاصاتهم، وأنه مسئولية جهاز شئون البيئة، ووزارة الصحة بالتعاون مع أصحاب المشروع الذين رفضوا الإدلاء بأي تعليق حول تقرير المركز القومي.
من جانبه أكد اللواء بلاسي فتحي، رئيس حى شرق شبرا الخيمة، أن مصنع النشا بشبرا، الذي نشب به الحريق، تمت خصخصته عام ٢٠١٠، وتبيَّن أن جميع الرخص الخاصة بالمصنع سليمة ١٠٠%، مشيرًا إلى أنه لن يسمح بإقامة أي مصانع مخالفة على أرض الحي، موضحًا أن القانون سيأخذ مجراه تجاه كل مخالف، وأن المحافظة نجحت، بالتعاون مع وزارة شئون البيئة، فى القضاء على 85% من التلوث بالمنطقة، وأضاف أن نسبة التلوث فى مدينة شبرا الخيمة أقل بكثير مما كانت عليه، وأن هناك قرارات لغلق المنشآت الملوثة للبيئة جارٍ تنفيذها.
مشارف أزمة جديدة مصنع آخر للمازوت
من جانب آخر تستعد المحافظة لاستقبال كارثة بيئية جديدة، ألا وهي مصنع البتروكيماويات للتكسير الهيدروجيني للمازوت فى مسطرد بمحافظة القليوبية، والذي على وشك الانتهاء من إنشائه، بتكلفة 4 مليارات دولار، منها 23% من المال العام، ومن المنتظر أن يدخل المصنع حيز التشغيل التجريبى قريبًا، حيث تم الاتفاق مع وزير البترول ومحافظ القليوبية على ألا يتم السماح بالتشغيل النهائى للمشروع إلا بعد التأكد من تطبيق 19 اشتراطًا بيئيًّا. 
يُذكر أن المصنع الجديد يواجه اعتراضات عديدة من الأهالى، ولا سيما فى الخصوص والمطرية وسرياقوس، نتيجة تسبُّب مثل هذه المصانع فى تلوث الهواء والماء والتربة، ما قد يصيب المواطنين بأمراض خطيرة نتيجة الانبعاثات الجوية، مثل أول أكسيد الكربون وثانى أكسيد الكبريت وغاز كبريتيد الهيدروجين، والتى تسبِّب السرطان والعقم وتساقط الأجنة وتشوهاتها عبر التعرض لها على المدى القصير.
النواب يتابعون أزمة المصنع
في سياق متصل توجَّه عدد كبير من النواب بطلب إحاطة حول الأضرار البيئية والصحية لمشروع إنشاء مصنع البتروكيماويات للتكسير الهيدروجيني للمازوت فى منطقة مسطرد، والذى انتهى إلى اتخاذ قرار بزيارة ميدانية إلى المشروع؛ للوقوف على حقيقة الأوضاع.

المحافظ: إغلاق المصانع المخالفة
من جانبه أكد اللواء عمرو عبدالمنعم، محافظ القليوبية، أنه تم تشكيل لجنة من المحافظة، ووزارة البيئة، ووزارة التضامن الاجتماعي؛ لمعاينة جميع المصانع على أرض المحافظة، وتحرير المحاضر اللازمة وإغلاق المصانع المخالفة، منوهًا بأن اللجنة المشكَّلة قامت بتحرير عدة محاضر للشركات والمصانع بالمخالفات البيئية التي تتسبب فيها، وأنه تم الاتفاق مع بعضها على تحسين الأحوال البيئية ومعالجة التلوث الناتج عنها، وما زالت تلك الاتفاقات قيد التنفيذ.
"الصحة" تنظم لجانًا تفتيشية
وأكد الدكتور نصيف الحفناوي، وكيل وزارة الصحة بالقليوبية، تنظيم لجان تفتيشية، بالتعاون مع وزارة البيئة، للمرور الدوري المفاجئ على المصانع والشركات؛ لرصد مدى الالتزام بالاشتراطات الصحية والبيئية لتلك المنشآت، مشيرًا إلى أن اللجان تمكنت من تحرير العديد من المخالفات.
وأوضح أنه تم تنظيم قوافل صحية بالأماكن الأكثر تضررًا من تلوثات المصانع؛ لرصد التأثيرات البيئية على صحة المواطنين؛ لاتخاذ الإجراءات اللازمة.