الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حتى لا تصبح ليبيا منصة للإرهاب العالمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما زال الملف الليبى مفتوحًا على مصراعيه، بصراعاته السياسية وتجاذباته الداخلية، فعلى الرغم من أن الصراع فى ليبيا لم يأخذ الصخب مثل الصراع السورى، إلا أنه لا يمكن تجاهله، حيث إن ليبيا هى حجر الزاوية فى استقرار المنطقة، فترسيخ الفوضى والاقتتال فى ليبيا سيفجر الأوضاع فى العالم كله، بما لا يحمد عقباه.
فليبيا ظلت سنوات طويلة مستقرة، آمنة، تنعم بالهدوء، ويستطيع أى مواطن أن يتنقل فى ربوعها فى أمن وسلام، إلا أن الحال انقلب رأسًا على عقب بعد اندلاع الثورة بها، والإطاحة بالرئيس معمر القذافى، الذى كانت له أخطاء كثيرة دفعت الشعب الليبى للخروج عليه والثورة ضده، لكن بعد ٦ سنوات من قيام الثورة وانفجار الأوضاع هناك، وسقوط نظام معمر القذافى، تحولت ليبيا إلى مستنقع لا يعلم إلا الله كيف ستخرج منه. إن ليبيا تقف الآن عند مفترق طرق، حيث تصاعدت حدة الانقسام بين الأطراف الليبية، بصراع أكثر شراسة بين الطرفين الرئيسيين فى ليبيا، وهما، الجيش الليبى فى المنطقة الشرقية، وحكومة الوفاق بالغرب. وهو ما أكدته دراسة حديثة للمجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية حول مستقبل ليبيا، عقب هزيمة تنظيم داعش فى سرت، والتى أكدت انتهاء المعارك بها، حيث كانت سرت أكبر معاقل التنظيمات الإرهابية المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابى، والذى كان من المتوقع أن تعود الأمور فى ليبيا إلى الوضع الطبيعى بعد القضاء على داعش فى هذه المنطقة، إلا أن الأمر ما زال معقدًا بعد انقسام ليبيا إلى فريقين متصارعين، الأول فى الشرق بقيادة اللواء خليفة حفتر، والثانى فى الغرب بقيادة قوات مصراتة والمجلس الرئاسى بقيادة فايز السراج.
وهنا يجب التأكيد على ضرورة تعزيز التوصل إلى حل سلمى، بدعم اتفاق عسكرى بين الأطراف المتصارعة، يشمل الإبقاء على اللواء خليفة حفتر فى منصبه، فهذا الرجل الوطنى كان له الدور الأكبر فى محاربة داعش، ودعم الحكومة فى الغرب بالاتفاق مع الطرفين، وذلك من أجل أن تنعم ليبيا بالاستقرار والحريات.
الدراسة الأوروبية أكدت أيضًا أن هزيمة داعش مجرد البداية، وأن القوى الأوروبية لا بد أن تركز على تحقيق الاستقرار فى ليبيا، وإلا خاطرت بعودة داعش مرة أخرى، ولكن فى هذه المرة لا يعلم أحد كيف سيكون الوضع هناك، حيث يتوقع حينها أن تكون ليبيا مركزًا ومنصة لانطلاق الإرهاب إلى دول أوروبا.
ودعت الدراسة إلى ضم ودمج الموالين للقذافى فى الحياة السياسية مرة أخرى، فليبيا اليوم تحتاج إلى التمسك بالمبادرة المصرية التى دعت لها منذ فترة، لجمع الفرقاء الليبيين، سواء اللواء خليفة حفتر أو فايز السراج رئيس المجلس الرئاسى، كخطوة من أجل تجميع القوى الليبية مرة أخرى حتى نبعد ليبيا عن عمليات التدمير والقتل التى تحدث كل يوم، ونبعدها عن الفوضى المخربة، ورغم صعوبة جمع الفرقاء فى ليبيا حاليًا، إلا أن الوقت ليس فى صالح المختلفين، فالنار لو تركت قد تأكل الجميع وتضيع معها ليبيا إلى غير رجعة. فعلى الجميع أن يعرف أنّ المواطن الليبى يحتاج إلى الأمن، وأن يشعر أنه يعيش فى وطن ينعم بالاستقرار والهدوء. فأمام المتصارعين فى ليبيا الآن لحظة تاريخية من أجل إنقاذ بلدهم من شبح التقسيم والدمار، وعلى دول الجوار أن تقف بجوار ليبيا من أجل لمّ الشمل، كما تفعل مصر، لأن تقسيم ليبيا ليس فى مصلحة أحد، بل سوف يكون خطرًا على الجميع.