رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الشباب.. الابتكار والإبداع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جميعًا يتحدث عن مدى احتياج جمهورية مصر العربية فى هذه اللحظة إلى قفزات عدة لتصحيح أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية تمهيدًا للحاق بركب المستقبل، فما عادت سياسات الأيدى المرتعشة والمسكِّنات تصلح لعبور آمن لهذه المرحلة الخطرة بكل ما تعنيه الكلمة من جوانب، ولا يمكن لتلك القفزات أن تتم إلا ومن خلفها روح مبدعة قادرة على رؤية ما هو أبعد من اللحظة الحالية بمعطياتها، روح قادرة على ابتكار حلول جديدة ورؤية المستقبل البعيد وأخذه فى الحسبان.
وللأسف رغم كل محاولاتها المضنية للتعامل مع قضايا المرحلة فقد افتقرت غالبية أعضاء الحكومة الحالية فى عملهم إلى هذه الروح، وربما هذا هو سر عدم قدرتها على إرضاء المواطنين، فهى تفتقر فى كل ما اتخذت من إجراءات رغم أهميتها القصوى إلى القدرة على تنمية الابتكار والإبداع، وتصدير الأمل للمواطن فى المستقبل، ورغم أننا نعلم جيدًا أن تصدير الأمل للمواطن ليس من السهولة في ظل إجراءات شديدة الصعوبة تحتم على الحكومة اتخاذها إلا أن افتقاد الحكومة الحالية للرؤية وأدوات نشر هذه الحالة هى المعضلة الرئيسية.
إن الأمر لا يتم بالخطب الرنانة والإعلانات الضحلة التي تتسم برؤية الستينيات من القرن الماضي، بل يأتي ذلك من خلال محاور لسياسات عدة يتم صياغتها بعناية بالغة وتسويقها بلغة سهلة حديثة مبتكرة يتفهمها الكافة وخاصة الشباب والأطفال، تتسم تلك السياسات بقدرتها على توصيل الرسالة المباشرة والأهداف المرجو تحقيقها مع الأخذ في الاعتبار العامل الزمني لتنفيذ تلك السياسات الإصلاحية.
البداية تأتي دائمًا من تطوير مناهج التعليم لتصبح قادرة على مواكبة المستقبل وليس العصر، تدعم روح الابتكار والإبداع ولا تكبل فكر الصغار منذ نعومة أظافرهم بالإضافة إلى تبنى سياسة جادة فى تنمية البحث العلمى منذ الصغر، وتنمية الفنون والإبداع من خلال إطلاق الخيال للصغار ودعم الشباب على المشاركة بأفكارهم الجريئة ليكونوا أحرارا من القيود التي نمارسها عليهم، في هذا الوقت لن نحتاج إلى تصحيح الخطاب الديني ولا مواجهة التطرف لأن البيئة التي ينبت فيها هذا الفكر لن تعد موجودة.
إن الفكر الحكومي لا يجب أن يخشى المغامرة والرهان على الشباب فى هذه اللحظة فالأمر يتطلب الآن الانتصار لفكر الشباب والاحتفاء بمشروعاتهم وبأصحابها فهم الحاضر والمستقبل، وهو أمر لا نخترعه اليوم، فقد لجأت الدول المتقدمة إلى دعم ابتكار وإبداع الشباب وتفهمت جراءة أفكارهم بل وعملت على مساعدتهم في تنفيذها، والأمثلة على ذلك كثيرة فمنها التي اعتمدت على التطبيقات الحديثة لاستغلال وإدارة أصول يمتلكها ملايين الأشخاص حول العالم بما يعود بالنفع لهؤلاء الأفراد والمجتمع بأثره، كذلك الحال بالنسبة للتطبيقات التى ترصد حالة المرور لحظة بلحظة وتطبيقات تلبية الاحتياجات المحلية داخل المدن.
نعترف جميعًا بأن الدولة المصرية تمر في هذا الوقت بظرف استثنائي صعب، ومن ثم لا تملك الكثير لتقدمه لشبابها، لكن على الأقل تستطيع الدولة المصرية بدعم شبابها بتطوير الفكر ودعم الإبداع وعدم عرقلتهم باللوائح والقوانين المعيبة، إننا قادرون على تبنى تلك الأفكار بدلا من الهجوم عليها، فالتطور والتنمية يرتبط بقدرة المجتمع على الإبداع والابتكار.