رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

سيناريوهات ما بعد إنقاذ الاقتصاد المصري في أوراق "الأمن الإسرائيلي"

قالت إن «السيسى» يسعى لصياغة «عقد اجتماعى» جديد بين الدولة والمواطنين

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
■ دراسة للمعهد: قرض «النقد الدولى» يزيد ثقة المستثمرين في القاهرة 
■ مصر تتخلص من سياسات مالية أغرقت البلاد
نشر معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى دراسة للباحث الأكاديمى «أوفير وينتر» بعنوان «الخطوات المصرية نحو عقد اجتماعى جديد»، تناولت فيه قضايا تخص الاقتصاد المصري، حيث عرض الباحث فى دراسته لموافقة صندوق النقد الدولي، على منح مصر قرضًا بقيمة ١٢ مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، مشيرا إلى أن مصر نفذت خطة إصلاح للتغلب على المشاكل الهيكلية التى أضفت أعباء كبيرة على الاقتصاد المصري، منها المس بأسعار الصرف، وفرض ضريبة القيمة المضافة باستثناء المنتجات الغذائية المحددة والخدمات الصحية التى تستفيد من الإعفاء، والحد من الاستخدامات المتعلقة بالطاقة، لافتا إلى أن تلك الإجراءات سببت غضب قطاع كبير من الرأى العام المصرى خلال الفترة الأخيرة.
ورأت الدراسة، أن قرض صندوق النقد الدولى مهم للاقتصاد المصري، وخاصة فى ضوء تضاؤلاحتياطيات العملة الأجنبية للدولة، موضحة أن الاتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولى له فائدة مزدوجة، حيث إن الموافقة على القرض تعكس ثقة المجتمع الدولى فى عملية انتعاش الاقتصاد المصرى فى الوقت القريب، وتساعد على إعادة بناء الثقة بين المستثمرين الأجانب والمحليين فى الإمكانات الاقتصادية فى مصر، والثانى أن القرض يتطلب إصلاحات جدية، تتعلق بتجديد العقد الاجتماعى بين النظام المصرى ومواطنيه، بعد عقود من السياسات الاقتصادية الفاشلة التى أغرقت البلاد فى أزمة مالية حادة.
وتطرقت الدراسة إلى العقد الاجتماعى فى عهد مبارك، مشيرة إلى أن شرعية النظام المصرى فى عهد مبارك استندت إلى الوعود الاقتصادية ـ أى وعد الحكومة لتوفير حل عادل لتلبية الاحتياجات المادية لمواطنيها ـ وليس على الأيديولوجيا أو الرؤية السياسية الناجحة، مشيرة إلى أن هذا العقد أعطى الامتيازات للطبقات الاجتماعية الرئيسية فى المجتمع المصري، منهم نخبة رجال الأعمال التى حصلت على فرص جذابة لخلق الاحتكارات وجمع الثروة، كما تلقت الطبقة الوسطى العديد من المناصب المستقرة فى الهيئات الحكومية والأجهزة الأمنية، بينما استفادت الطبقة الدنيا من استهلاك الخدمات الاجتماعية والمنتجات الغذائية المدعومة، مما ساعد على تلبية احتياجاتهم الأساسية.
وأضافت الدراسة، أنه مع مرور الوقت، ارتفع العقد الاجتماعى وتم الضغط على البلاد بشدة لتحمل عبء الدعم والذى اشتد بسبب النمو السكانى السنوى الذى وصل إلى ١.٥ مليون شخص، فضلًا عن نضوب موارد النفط والغاز المحلية، وارتفاع أسعار القمح المستورد، مشيرة إلى أن تلك الاضطرابات الاجتماعية هى التى أدت إلى ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ حيث بلغ معدل البطالة فى حينه أكثر من ٢٥ فى المئة فى الشريحة العمرية من ٢٤ وحتى ٤٠ عامًا، فضلًا عن النقص الحاد فى المساكن، وارتفاع سن الزواج، والتضخم، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتدهور الخدمات الصحية والتعليم، والفساد فى القطاع العام، إضافة إلى عدم المساواة، والفجوة الآخذة فى الاتساع فى توزيع الثروة بين الطبقات الاجتماعية. 
وقالت الدراسة: إنه على الرغم من أن الناتج المحلى الإجمالى فى مصر بلغ معدلات مشجعة، حيث وصل إلى ٥ فى المئة سنويا خلال العقد الأول من الألفية، إلا أن أفراد الطبقة المتوسطة والطبقة الدنيا لم يستفيدوا من هذا النمو، وهو ما أدى إلى نفورها من النظام. 
وانتقلت الدراسة إلى الحديث عن الاضطرابات الاجتماعية فى مرحلة ما بعد الثورة، والتى دفعت مصر إلى حافة الإفلاس على حد قولها، فاعتبارا من عام ٢٠١٦، أكثر من ٤٠ فى المئة من المدنيين الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و ٢٤ عاطلون عن العمل، وكثير منهم يحملون شهادات أكاديمية وغير قادرين على العثور على عمل والاستفادة من تعليمهم، ويتجاوز العجز فى ميزانية الحكومة السنوية ١٠ فى المئة، بالإضافة إلى ركود السياحة، كما أدى التوازن السلبى للمدفوعات إلى تضاؤل احتياطيات العملة الأجنبية فى البنك المركزى المصري، وتآكل قيمة الجنيه المصري، مما سجل تضخمًا ماليًا كبيرًا. واستطردت الدراسة: أن أهداف الإصلاح الاقتصادى الحالى هي خفض النفقات وخلق ظروف جاذبة لاستثمارات رأس المال، وتحسين قدرات مصر التنافسية فى الأسواق العالمية، وتنشيط السياحة وخلق فرص عمل جديدة، والأهم من ذلك، وضع عقد اجتماعى جديد بين النظام والمواطنين، ليحل محل العقد القديم الذى أثبت فشله لسنوات.
ورأى الباحث الإسرائيلي، أن خطة الإصلاح لإنشاء عقد اجتماعى جديد بين النظام والمدنيين فى مصر ليست مهمة بسيطة، فى الوقت الذى يتطلب من أفراد الطبقة المتوسطة شد أحزمتهم وتحمل العبء الأكبر من التدابير الاقتصادية، على الأقل فى المدى القصير، فضلا عن التقلبات فى سعر الصرف والتدابير التى من المتوقع أن تسبب ارتفاع أسعار الكهرباء، والنقل، والسلع الأساسية المستوردة، علاوة على ذلك، فإن التخفيضات المزمعة فى نفقات الوزارات الحكومية، قد تؤثر سلبًا على موظفى القطاع العام الذين يشكلون دعامة للنظام، وربما قد تؤدى حتى إلى الفصل من العمل على نطاق واسع، مؤكدا أن المراسيم الاقتصادية من هذا النوع قد تثير اضطرابات شعبية واسعة، كما حدث فى «انتفاضة الخبز» فى مصر فى يناير عام ١٩٧٧، والتى بدورها يمكن توجيهها من قبل قوى المعارضة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ضد السلطة. 
وأشارت الدراسة، إلي أن هذه الخطوات يمكن أن تعرض الدولة لعدد من المخاطر السياسية، حيث لن يفرض هذا العبء على الطبقات النخبة وثيقة الصلة بالنظام، ولكن يمكن الحد منها على ثلاثة مستويات، أولًا: من خلال العلاقات العامة لإيضاح للجمهور الحاجة لهذه الإجراءات الاقتصادية لتجاوز تلك الأزمة المؤلمة، ثانيًا: وعد النظام المصرى للجمهور أن الإصلاحات ستشمل إنشاء شبكة الأمان الاجتماعى الذى سيصل إلى الطبقات الفقرة، ثالثًا: تكريس النظام المصرى جهودًا خاصة لتحسين صورته بين أفراد الجيل الشاب المصري.