الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محمد بسيف الدم أم بسيف المحبة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعالوا نتكلم بعيدا عن السياسة المعقدة اللي جابت لينا الهسهس. سألنى أحد الأصدقاء غير المسلم: لماذا حمل محمد نبى الإسلام السيف فى نشر الإسلام وقام بنفسه بقتال المشركين والكفار ومن لا يؤمن برسالته؟ لماذا لم ينشر رسالته بسيف المحبة «بالفكر والحوار» وليس بسيف الدم؟ ولماذا أسيلت كل هذه الدماء وأنتم كما تقولون هو دين الرحمة وليس دين القتل والدماء، وقد انتشرت العقيدة المسيحية بالحب والصفاء، ولم يكن المسيح محاربا حاملا للسيف.. حد يفهمنا؟.
بكل جرأة وصراحة تناولت قضية الفتح الإسلامى مع أحد ضيوفى فى إحدي حلقات برنامجى الأخير وأنه كان غزوًا وليس فتحًا من وجهة نظره، فقد اتجه المسلمون إلى الشمال لوجود النساء البيض وليس للجهاد كما قال ضيفى فى الحلقة، وقد قمت بالرد عليه وهذه النظرة هى التى يراها العالم الغربى للدين الإسلامى فهو دين الطغاة وسفك الدماء من وجهة نظرهم، حد يفهمنا، ده على أساس أن الديانات الأخرى لم يكن فيها دماء ولا عنف؟ فالتاريخ يشهد تصارع الخير والشر على مر العصور ودموية البشر وعنفهم. فقد قتل هابيل أخاه من أجل امرأة! ولكن فكرة أن الإسلام انتشر بالسيف وقف بعض المستشرقين الأجانب ضدها. فحديث الحرب الذى يتحجج به الإرهابيون المناقض للقرآن وتعاليمه «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِى تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، حد يفهمنا هل هذا الحديث صحيح؟ وهل بعث الرسول بالسيف فعلًا أم ماذا؟ الرسول لم يأمر بقتل الناس أو حرقهم كما تفعل داعش، وقد رد الشيخ الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية على كذبهم وتبرير ما يفعلونه من أفعال وحشية ضد غير المسلمين بأن هذا الحديث ليس موجودًا، وأنه ضعيف ويناقض القرآن ففى قوله تعالى «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، وقوله «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، وقوله أيضًا «لكم دينكم ولى دين»، وهذه هى تعاليم الإسلام، إذن فلماذا حمل النبى السيف وبعد وفاته اتجه الصحابة إلى الفتح الإسلامى «الغزو»؟، لكى نجيب على هذا السؤال لا بد أن نعرف ما هو الجهاد؟ فى الإسلام هناك عدة أنواع من الجهاد منه دفاع عن النفس وهناك جهاد لنشر الدعوة الإسلامية ونصر الأقلية المضطهدة. فقد تعرض المسلمون للطرد والمهانة والقتل. فقد تركوا أموالهم وأولادهم ومنازلهم وقد أجبروا على الهجرة، حد يفهمنا أين الحوار هنا «سيف المحبة»؟ ومع من؟! مع هؤلاء المشركين الظالمين الذين يريدون القضاء على المسلمين العزل وبتر شوكة الإسلام الذى بدأ يترعرع ويزداد عددًا، فأذن الله للمسلمين بالقتال والدفاع عن أنفسهم يقاتلون من يقاتلهم. إن القتال فُرض على المسلمين فرضًا، واضطروا لخوضه دفاعًا عن أنفسهم وعقيدتهم، وإلى هذا تشير الآية الكريمة: «أُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلموا وإنَّ الله على نصرِهم لَقَدِير الذين أُخرجوا من ديارِهم بغيرِ حقٍّ إلا أن يقولوا ربُنا...) ومع ذلك بعد صلح الحديبية انتهز الرسول الهدنة، وبدأ فى دعوة ملوك العالم للإسلام، وقد بعث برسالة إلى هرقل عظيم الروم وملك الفرس كسرى يدعوه للإسلام وقد غضب غضبًا كبيرًا، وأرسل إلى معاونيه، ليأتيه برأس محمد. ماذا يفعل النبى فى هذا العداء، وفى بلاد الشام بدأ الاضطهاد لمن أسلم فبدأوا فى قتال الأقلية التى أخرجت من ديارهم وقتلوا رسول النبى إلى الشام فأرسل النبى جيشًا لمؤتة وكانت الحرب.. ولولا سيف الدم لأصبح الإسلام فى خبر كان وانتصر عليه الروم. والرومان على سبيل المثال قاموا باستعمار الشمال الإفريقى وآسيا الصغرى منذ خمسة قرون. فكيف ندير هذه المعركة بالحوار والفكر؟ فكان لا بد من سيف الدم لخروج هؤلاء الطغاة من الأراضى المستعمرة، وقد استغاث الأقلية المسيحية فى مصر بالمسلمين، وقد أمنهم عمرو بن العاص على دينهم وإقامة شرائعهم ولم يصل عمر بن الخطاب داخل الكنيسة حتى لا يتخذها المسلمون من بعده. حد يفهمنا أين الإجبار فى هذا؟ وهناك من الأمثلة الكثير على ذلك فإذا كان الإسلام انتشر بحد السيف لماذا أطلق النبى سراح أسرى بالآلاف من أهل مكة عندما فتح مكة لم يقاتلهم أو يجبرهم على دخول الإسلام وقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء، وأدعو كل من يقرأ التاريخ الإسلامى وحياة النبى وجهاده أن يضع أمام عينيه اختلاف العصر والمجتمعات لتلقى الشعوب دعوة الرسل لعبادة الله باختلاف الأزمنة، حد يفهمنا هل كان محمد صلي الله عليه وسلم، هو الرسول «النبي» الوحيد الذى حمل السيف فى معارك ضد أعدائه؟ فنجد أنبياء بنى إسرائيل حملوا السيف، وخاضوا معارك ضد أعدائهم ومنهم النبى داوود وسليمان. وإنشاء ممالك لهم هل تناسيتم؟ والمسيح لم ينشر دعوته إلا فى سنين معدودة «ثلاث سنوات فقط»، هل كان بإمكانه الحرب ضد الرومان من غير عدة ولا عتاد، وجميعنا نعلم قوة الرومان ونعلم أيضًا حبه لنشر السلام والمحبة كجميع الأنبياء. ولكن أيضًا عندما أحس من اليهود الخطر والتآمر حذر أتباعه بقوله:
«لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً» (لوقا ٢٢: ٣٦) حد يفهمنا لمن كان السيف؟
نعم الإسلام ضد الحرب..ولكن حين تفرض عليك هذه الحرب فرضًا فلا مناص من المواجهة، ولا مفر من القضاء على قوى الطغيان والشر.
وإذا كانت مدة دعوة عيسى فى ثلاث سنوات، فلو كان عاش أكثر كيف كان سيواجه الطغاة الرومان؟ ماذا كان سيفعل؟ فاهمين ولا محتاجين لحد يفهمنا.
Hend.farahat12@gamil.com