الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

نص كلمة رئيس جامعة الأزهر أمام مؤتمر "المثل العليا" بروسيا

 الدكتور إبراهيم
الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر، في كلمته أمام المؤتمر الدولي النظري التطبيقي التاسع (المثل العليا وقيم الإسلام في مجالات التعليم للقرن الحادي والعشرين) المنعقد بالعاصمة أوفا بجمهورية باشكورتستان بروسيا، أن قيم الإسلام تدعو إلى بناء السلام بين بني البشر جميعا، وأن المشتركات بين بني الإنسان كبيرة، داعيا إلى استثمارها في وقف شلالات الدماء، والتعاون على تنقية الشعور الديني من الضغائن والأحقاد التي كلفت البشرية ثمنا باهظا ومرهقا، مشددا على التكاتف لمواجهة العنف، والجوع، والفقر، وبذل المزيد من الجهد لإسعاد البشرية.

وقال نص الكلمة:
"سعادة الشيخ أرتور سليمانوف رئيس الجامعة الإسلامية الروسية لدى النظارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا، سعادة أ.د/ رنيل أسذللين رئيس الجامعة التربوية لجمهورية باشقورتستان، العلماء الكرام السادة الحضور أحييكم جميعا بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإنه ليسعدني أن أشارككم في مؤتمركم هذا متمنيا لكم التوفيق والسداد، كما يسرني أن أهنئكم بمرور عشر سنوات بعد المائة على تأسيس المدرسة العالية الدينية الإسلامية في مدينة أوفا.
وقد قدمت إلى كم أيها السادة من مصر التي تحتضن الأزهر الشريف وجامعته، جامعة الأزهر والتي تمثل مؤسسة من خمس مؤسسات كلها تحت قيادة شيخ الأزهر أ.د/ أحمد محمد الطيب، إذ يضم الأزهر: جامعة الأزهر التي يدرس فيها ما يقارب نصف المليون من الطلاب والطالبات منهم أربعون ألف وافد من أكثر من مائة دولة من دول العالم جاؤوا ليدرسوا في الأزهر وجامعته التي تضم سبعا وسبعين كلية يقوم على التدريس فيها ما يقارب عشرين ألف عضو هيئة تدريس منهم ما يقارب ستة آلاف من النساء والباقون من الذكور، وبها ثلاثة وأربعون مركزا بحثيا، وستة مستشفيات جامعية، وتدرس فيها العلوم الدينية والنظرية والتطبيقية بكل فروعها.
والمؤسسة الثانية: قطاع المعاهد الأزهرية الذي يضم أكثر من عشرة آلاف معهد ديني بها أكثر من مليوني تلميذ وتلميذة، وهذه المؤسسة تقوم على التعليم قبل الجامعي بكل مراحله، والمؤسسة الثالثة: مجمع البحوث الإسلامية وهو أكبر هيئة علمية إسلامية تقوم على خدمة العلوم الدينية وتستقبل الطلاب الوافدين ليدرسوا على منح مقدمة من الأزهر يبلغ عدد الدارسين على منح أكثر من أربعة آلاف، وعلى غير منح أكثر من ثلاثين ألفا، كما أن هذه المؤسسة تبعث علماء خارج مصر على نفقتها لتعليم الإسلام الصحيح، كما أن بها علماء كبار في كل التخصصات يفتون في كل جديد وتكون العضوية فيه بالانتخاب المباشر من أعضاء المجمع، ويشترط في العضو أن يكون حسن السيرة غزير العلم وفيه أعضاء من غير المصريين، والمؤسسة الرابعة: هيئة كبار العلماء ولها القول الفصل في مسائل الاختلاف في الدين الإسلامي، والمؤسسة الخامسة: هي المجلس الأعلى للأزهر وهي أعلى سلطة في الأزهر ورئيسها شيخ الأزهر، وقد بدأ أول درس علمي في الأزهر الشريف في عام اثنين وسبعين وتسعمائة 972م أي أكثر من ألف عام واستقبل الوافدين ليدرسوا على نفقته منذ أكثر من خمسمائة عام، وقامت الدراسة فيه على ثلاثة أركان علوم المنقول (القرآن الكريم والحديث الشريف) و(علوم المعقول: كالمنطق والفقه أي: العلوم العقلية التي تدرب العقل على فقه النص المقدس وكذلك علوم الآلة) وعلوم الدنيا، أي: العلوم النظرية والتطبيقية، يربى الطالب في الأزهر على علوم النقل والعقل والفكر فيقْدر على الفهم الصحيح للدين الإسلامي.
كانت هذه مقدمة مهمة بين يدي ما أريد قوله ليتبين لحضراتكم لماذا استمر الأزهر وجامعته كل هذا الزمان وتلقاه الناس بالقبول، إن كلمتي الموجزة التي ألقيها بين يدي حضراتكم تدور حول دور التربية الإسلامية في الوقاية من التطرف والتعصب، وأود أن أؤكد في هذا المقام أن الإسلام العظيم جاء مناديا بالتزكية كما جاء مناديا بالتعليم، والذي يطالع نصوص القرآن الكريم، يجد مصطلح التزكية ـ وهو المصطلح الإسلامي الأصيل المقابل لمصطلح التربية المعاصر ـ وقد جاءت التزكية مقدمة على التعليم، قال تعالى: (( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) (الجمعة/2) والتزكية تعني: تطهير النفس من أدران الشرك ومساوئ الأخلاق، وملأَها توحيدا وإخلاصا وحبا وسلاما، ورأفة ورحمة ورفقا وشفقة، وإحسانا لكل إنسان، وبرا ببني البشر إلا من ظاهرنا بالعداوة قال تعالى (( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين )) (الممتحنة/8 ).
إن الحق ـ سبحانه ـ قد مدح من أخذ نفسه بالتزكية في أكثر من آية قال ـ تعالى ـ (قد أفلح من تزكى) (الأعلى/14) وقال أيضا: (قد أفلح من زكاها)(الشمس/9) ومن هنا وجدنا في تراثنا علماء تزكية النفوس، أي: علماء التصوف، ومدارسهم التي تُعنى بتربية النفوس، ولقد كان الوصف الأعلى لنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ملتصقا بالتزكية قال ـ تعالى ـ ( وإنك لعلى خلق عظيم) (القلم/4) ولقد جاءت الآية الكريمة شهادة لنبينا على ما قبل نزول الوحي فسورة القلم هي السادسة نزولا، ولقد شهد الكفار كما شهد المسلمون له ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحسن الخلق حينما قالوا جميعا له، حينما جمعهم ليبلغهم رسالة الإسلام فسألهم أو أنذرتكم أن خيلا خلف هذا الوادي تريد أن تُغير عليكم أكنتم مصدقيّ؟ قالوا: ما جرّبنا عليك كذبا قط، وحينما اختلفوا في وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة فاتفقوا على الاحتكام لأول داخل، وكان الاختلاف أوشك على إسالة الدماء، فكان الرسول أول داخل فحينما رأوه قالوا مقالة رجل واحد: الأمينُ، رضيناه حَكَمًا، إن هذه الوقائع وغيرها تكشف لنا أثر التربية حتى على نفوس الأعداء، كما تبين أن حسن الخلق طريق حقيقي للسلام، وإطفاء الخلافات، وإذابة الخصومات، وقد بين لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن جوهر رسالة الإسلام هي مكارم الأخلاق في الحديث الصحيح (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) وقد جاء الحديث بلغة الحصر، وفي الحديث الصحيح (( إن أحبكم إلى وأقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)) كما بين القرآن أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء بالسلم لا بالحرب، وأن عمود رسالة الإسلام الرحمة للإنسانية كلها، وهو واضح جلي في قوله تعالى واصفا رسوله محددا الغرض من رسالته (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء/107)
لذا لم يذهب الفيروز آبادي بعيدا حينما قال في كتابه بصائر ذوى التمييز (2/568): ((اعلم أن الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين، وهو يقوم على أربعة أركان: الصبر والعفة والشجاعة والعدل، وذكر أن كل واحد من هذه الأربعة يؤدى إلى غيره من المكارم، ويحمل عليه، فالصبر مثلا يحمل على الاحتمال وكظم الغيظ وإماطة الأذى والأناة والرفق وعدم الطيش والعجلة... وقال أيضا: والتوسط منشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة)).
إن مكارم الأخلاق هي مجموعة القواعد السلوكية التي تحدد السلوك الإنساني وتنظمه بما يحقق إنسانية الإنسان، لذا لايمكن أن تكون الأخلاق الفاضلة نتاج عقل، إذ إنه يتسم بالأنانية وتضخيم الذات وطغيان الغرائز والتباين في الآراء، وتغليب المصالح، لذا جاء وحي السماء بالقيم والمثل العليا، ورسّخ قواعدها، وأرسل المرسلين لتطبيقها واقعا عمليا في حياة الناس وكان الإسلام تمام رسالات السماء، وكان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكمل المرسلين خلقا كما صح بذلك الحديث الذي أسلفنا ذكره، من هنا نحن مع من يقول إن الأخلاق في الإسلام عبارة عن (( مجموعة من المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني التي يحددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان وتحديد علاقته بغيره على نحو تحقيق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه)) (التربية الأخلاقية الإسلامية مقداد يالجين ص 75) وقد تكاثرت مصنفات العلماء المسلمين في الأخلاق وتهذيب النفوس في كل العصور ( كالبخاري وابن حنبل ووكيع الجراح والمحاسبي والغزالي وابن أبي الدنيا وابن المبارك والخرائطي والنسائي وأبي بكر الآجري والبيهقي وابن الجوزي وابن مفلح والذهبي وغيرهم، وكان ذلك إدراكا منهم ـ رحمهم ـ لقيمة التربية الإسلامية في الوقاية من التطرف والعنف.
إن القيم الإسلامية تتميز بأنها مستمدة من الوحي السماوي، والأحكام الشرعية قائمة على الأمر والنهي، كما أنها تتميز بالشمول والتكامل وتراعي عالم الإنسان ومافيه، وتستوعب حياة الإنسان من جميع جوانبها، كما أنها تتميز بالاستمرارية والعمومية، وتجمع بين الثبات والمرونة، وتتميز بالوسطية فهي لاتضاد الفطرة البشرية ولاتلغيها، بل توجهها وترشدها وتفجر طاقاتها فالمسلم مطالب بالتوسط في الإنفاق قال تعالى ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط) (الإسراء/29) وقال أيضا:( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولاتبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) (القصص/77) كما تتميز أيضا بأنها ترتبط بالجزاءات الدنيوية والأخروية، وتقوم على الضبط والتوجيه والتنمية التربوية.
إن قيم الإسلام تعطي المسلم تحقيق ما هو مطلوب منه في إطار رسالة الإسلام، وتحقق له الشعور بالأمان، وتساعده على فهم العالم من حوله، وتمكنه من التعبير عن الذات، وتعمل على إصلاحه نفسيا، وضبط شهواته ومطامعه، وتسمو به فوق المادة، وتحفظ على المجتمع تماسكه، وتعينه على مواجهة المتغيرات من حوله.
إن قيم الإسلام قادرة على مواجهة العنف والتطرف فهي تهتم بالسلم العام، وتدعو إلى مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، قال تعالى ( ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)(العنكبوت/ 46) كما أنها تدعو إلى عدم إثارة الحقد والكراهية قال تعالى ( ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) (الأنعام/108) كما أنها حال الحرب تحافظ على أمن المحايدين قال تعالى ( فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إلى كم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) (النساء/90) كما أنها تدعو إلى حسن الجوار، وترك المبادرة بالشر، قال تعالى (ولايجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا)(المائدة/ 2) كما أنها تأمر بعدم التعرض للمدنيين حال الحرب قال تعالى (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) (البقرة/190)
إن قيم الإسلام تؤمن بتعدد الحضارات، وتقرها، وترسخ الإيمان بذلك في قلوب المسلمين، والسيرة العطرة لرسول الله وصحبه الكرام، جسدت الإيمان بتعدد الحضارات وتنوع الثقافات، وتعاطت معها، واقعا عمليا و" التقاء الحضارات معلم من معالم التاريخ الحضاري للإنسانية، وهو قدر لا سبيل إلى مغالبته أو تجنبه، وقد تم دائما وأبدا وفق هذا القانون الحاكم التمييز بين ما هو مشترك إنساني عام وبين ما هو خصوصية حضارية" والخيار البديل لصدام الحضارات هو أن تتفاعل الحضارات الإنسانية بما يعود على الإنسان والبشرية بالخير والفائدة، والاتجاه نحو البناء والاستجابة الحضارية لتحديات الراهن، عكس نظرية (صدام الحضارات) التي تدفع الطرف المتسلح بـإمكاناته العملية والمادية لممارسة الهيمنة ونفي الآخر والسيطرة على مقدراته وثرواته تحت دعوى أن نزاعات العالم القادمة سيتحكم فيها العامل الحضاري، إن قيم الإسلام ترسخ في قلوب المسلمين"أن الانعزال والتقوقع والانغلاق على الذات في عالم اليوم الذي تحول إلى قرية صغيرة بحكم التطور التقني الهائل في تكنولوجيا الاتصال أمر مستحيل، كما أن الانسياق وراء الدعوة إلى حضارة عالمية واحدة هو بحد ذاته عملية تكريس لهيمنة الحضارة الكاسحة وهو طريق التبعية الحضارية الذي يفقد كل أمة خصوصيتها الحضارية ويحولها إلى مجرد هامش للحضارة الكاسحة".
وقد أكد الإسلام لأتباعه أن التعدد والتنوع من سنن الله في كونه، وأن جوهر رسالته عدم إكراه الناس على دين واحد فالتعدد سنة من سنن الله تعالى: في الكون، قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات} (المائدة/48). وقال أيضا ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) (هود / 119، 118) وقال أيضا (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) (البقرة/256) وقال أيضا:( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) (الغاشية/ 21، 22)
إن قيم الإسلام لا تعادي الأديان السماوية وقد نص القرآن الكريم على أن الإيمان بالرسل والكتب السماوية شرط كمال إيمان المسلم، في قوله ـ تعالى: ـ (آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) (البقرة/285) "بيد أنه لا يجوز أن يفهم هذا التسامح الإنساني الذي جعله الإسلام أساسا راسخا لعلاقة المسلم مع غير المسلم على أنه انفلات أو استعداد للذوبان في أي كيان من الكيانات التي لا تتفق مع جوهر هذا الدين. ،فهذا التسامح لا يلغي الفارق والاختلاف ولكنه يؤسس للعلاقات الإنسانية التي يريد الإسلام أن تسود حياة الناس، فالتأكيد على الخصوصيات العقائدية والحضارية والثقافية، لا سبيل إلى إلغائه، ولكن الإسلام لا يريد لهذه الخصوصيات أن تمنع التفاعل الحضاري بين الأمم والشعوب والتعاون فيما بينها".
إن دعوة الإسلام مرتكزة على تنوع الشعوب والتعدد المجتمعي، ولا سبيل إلى الالتقاء إلا بالتعارف والتعاون وقد جاء ذلك في قوله: ـ تعالى: ـ ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) (الحجرات/13).
إن دعوة الإسلام وقيمه ترتكز على التسامح، والحوار لا الصدام، والتعايش لا التناحر، وقد جاءت نصوص القرآن والسنة المطهرة معلنة عن ذلك بكل وضوح من ذلك، فقد أمر الله نبيه بالعفو والصفح عن غير المؤمنين به قال الله تعالى:" وقيله يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون "(الزخرف89، 88) كما أمره بالصفح الجميل ( فاصفح الصفح الجميل ) " الحجر: 85" ويقول: ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض على الجاهلين )" الأعراف:199" وقوله ـ تعالى: ـ ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون ) " الجاثية:14".
ومن قيم الإسلام ثقافة التعايش التي أكد الإسلام عليها بقاء الآثار والكنائس والمعابد حتى ما يخص أتباع الديانات غير السماوية، وذلك في البلاد التي فتحها المسلمون على مر التاريخ، في كل البلاد، ومن يفعل غير ذلك من داعش وغيرها يبرأ منه الإسلام، وهو ناتج عن فهم مغلوط مشوه عن الإسلام.
وليس من هدف الإسلام ولا من رسالته تحويل غير المسلمين للإسلام، وإنما هدفه شرح حقيقة الإسلام، وإن دوره هو الحفاظ على نقاء شريعة الإسلام والدفاع عنها.
إن الإسلام لايحمل عداء للعقائد الأخرى، إنه يدين العنف والإرهاب، إن الناس جميعا قد أوجدهم الله من نفس واحدة، والاختلاف في العقائد من طبيعة البشر، والعقائد لاتباع ولاتشترى، ولا إكراه على العقائد، وإن الاختلاف لايمنع التعاون ولا التعارف، إن جميع الأديان السماوية اتفقت على أمرين هما إخلاص العبادة لله وحده والتحلي بمكارم الأخلاق، ولم يختلف أحد على أهمية الكلمة الطيبة في حياتنا جميعا.
إن قيم الإسلام تدعونا جميعا إلى بناء السلام بين بني البشر جميعا إن المشتركات بين بني الإنسان كبيرة فلنستثمرها في وقف شلالات الدماء، فلنتعاون جميعا على تنقية الشعور الديني من الضغائن والأحقاد التي كلفت البشرية ثمنا باهظا ومرهقا، فلنتكاتف جميعا أيها السادة لمواجهة العنف، والجوع، والفقر، ولنتعاون معا لإسعاد البشرية، شكرا لكم جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.