السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

النجار وأردوغان والإصرار على خلط المفاهيم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحت عنوان «ماذا فعل بنا الانقلاب التركى؟»، كتب مصطفى النجار فى مقاله المنشور الأسبوع الماضى «مرة أخرى يعود الزخم للنقاش السياسى فى مصر، لكنه نقاش يتخطى الحدود ويتعلق بالشأن التركى عقب محاولة الانقلاب العسكرى الفاشل الذى انتهى بعد ساعات من بدايته تحت وطأة الإجماع الشعبى على رفضه، والتصدى له وتضافر جهود مؤسسات الدولة التركية التى لم تصبها آفة الانشقاق والتآمر للحفاظ على الديمقراطية فى تركيا، وعدم العودة لتجارب مريرة وقاسية صنعتها الانقلابات العسكرية التى عرفتها تركيا قبل ذلك».
النجار يتحدث عن وطأة الإجماع الشعبى الذى لم أر منه غير مشهدين فى لقطات ثابتة بالقرب من جسر البوسفور وميدان تقسيم بعد نداء أردوغان لعشيرته من خلال شاشة موبايل، ويتحدث عن مؤسسات الدولة التركية التى لم تصبها آفة الانشقاق والتآمر للحفاظ على الديمقراطية التركية، ولا أعرف بماذا يفسر انشقاق الجيش وتمرد جانب منه وهو مؤسسة كبيرة من مؤسسات الدولة، ولا بماذا يفسر اعتقال وتوقيف وطرد ٢٧٤٥ من مؤسسة القضاء التركى فى ساعة واحدة بدون تحقيق أو إثبات إدانة غير أنهم لهم علاقة بالانقلاب المزعوم والقضاء مؤسسة من مؤسسات الدولة؟، ولا بماذا يفسر النجار غلق ١٣ جامعة وآلاف المدارس من مؤسسة التعليم التركية، ولا بماذا يفسر اعتقال وتوقيف الصحفيين والإعلاميين، ولا بماذا يفسر توقيف عدد من النواب العامين من مؤسسة النيابة العامة، ولا بماذا يفسر توقيف المئات من جهاز الشرطة لضلوعهم فى الانقلاب؟ ومع ذلك يصر النجار على متانة المؤسسات التركية ورسوخ الديمقراطي؟
النجار يرصد فى كلامه واقعة الانقلاب التركى باعتبارها كاشفة لأفكارنا فى مصر تجاه الديمقراطية عقب خمس سنوات من ثورة يناير، ويتجاهل ثورة ٣٠ يونيو فيقول «نحن الآن فى مصر ثلاثة فرق.. الفريق الأول المؤيد للسلطة على طول الخط، وهو الفريق الذى رأيناه يتراقص فرحًا على الشاشات، شماتة فى النظام التركى واعتبروه انتصارًا للسلطة فى مصر التى تعادى النظام التركى، بسبب موقفه من شرعيتها وخلفيته الإسلامية المتماهية مع جماعة الإخوان».
النجار يخلط المفاهيم على طريقة دس السم فى العسل، لذا وجب التصحيح. فالفريق الأول الذى يتحدث عنه هو الفريق المؤيد للدولة التى حاول الإخوان اختطافها وليس المؤيد للسلطة، وللرد على الكذب المفضوح فإن النظام التركى هو الذى بدأ العداء للسلطة فى مصر وليس العكس بسبب خلع الإخوان والقضاء على مشروعهم وحلم أردوغان فى عودة الخلافة العثمانية!
النجار يقول إن انكسار الانقلاب بيد الشعب التركى سبب صدمة للفريق المؤيد للسلطة فى مصر، وأفقده توازنه وحوله إلى نشطاء لحقوق الإنسان ينتقدون إجراءات السلطة التركية ويصفونها بالوحشية بما يعنى أن الناشط السياسى قد تخلى عن نشاطه الثورى والحقوقى والحنجورى ويرى ما يفعله أردوغان هو عين الصواب.. وأن المصريين عندما يتناولون ما يحدث فى تركيا لا يليق وغير جائز ويعتبر تدخل فى الشأن التركى غير مبرر!
يصل النجار إلى غايته من المقال فيقول «الانقلاب التركى أيقظ التيار الثالث فى مصر وأعطى لحلم الديمقراطية والمدنية جرعة أمل، وأن الكثيرين الآن يدركون أن كل معضلة اقتصادية وراءها فشل سياسى يجب علاجه لكى يتحسن الاقتصاد ويستعيد عافيته»، تلك هى الرسالة التى يريد إطلاقها للداخل والخارج أن الثورة ما زالت مستمرة، وأن ٣٠ يونيو ليست إلا موجة ثورية يجب أن تعقبها موجات، وأن الانتقال من الثورة إلى الدولة ما زال بعيدًا طالما لم تنجح المؤامرة التى نتابع فصولها حتى الآن.. رسالة تحريض واضحة». 
فى النهاية يتحدث عن أهمية صناعة الوعى، وهو يمارس تغييب الوعى عامدًا متعمدًا قلب الحقائق والمفاهيم، ويشيد بالمعارضة التركية ودورها فى مواجهة الانقلاب، ولا يدرى أنه الخوف من البطش والاعتقال والتنكيل بينما يحرم ذلك على المعارضة فى مصر عندما يطلب منها الوقوف خلف الدولة فى مواجهة الإرهاب ومحاولات إسقاط الدولة.. الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور كتلك التى كتبها النجار.