الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

خبير آثار يرصد صناعة كعك العيد بمصر القديمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن المصرى القديم صوّر صناعة الكعك فى مقابر طيبة ومنف ومنها على جدران مقبرة (رخمى – رع) من الأسرة الثامنة عشر بالأقصر، وتشرح كيف كان يخلط عسل النحل بالسمن ويقلّب على النار ليضاف على الدقيق ويقلّب حتى يتحول لعجينة يسهل تشكيلها ثم يرص الكعك على ألواح من الإردواز ثم يوضع فى الفرن.
وأضاف خبير الآثار، أن صناعة الكعك عرفت منذ عصر الدولة القديمة ولكنها ازدهرت فى الأسره 18 وأخذ الشكل الدائرى شكل قرص الشمس وبه خطوط مستقيمة منقوشة تأحذ شكل أشعة الشمس على حد اعتقاد المصرى القديم كما صوّر المصرى القديم القمح والذرة كحبوب تدخل فى صناعة الكعك وذلك من خلال الدراسة الأثرية للباحث الآثارى إسلام زغلول عضو اتحاد الآثاريين المصريين.
وأشار ريحان إلى أن دراسة لإسلام زغلول أكدت أن صناعة كعك العيد فى الأعياد من أقدم العادات التى عرفت عند المصريين القدماء حيث نشأت مع الأعياد ولازمت الاحتفال بأفراحهم مشيرا إلی أنهم صنعوا أنواعاً عديدة من الكعك وكانت صناعة الكعك لا تختلف كثيراً عن صناعته الحالية مما يؤكد أن صناعته امتداداً لتقاليد موروثة.
ويضيف د. ريحان إلى أن هناك أنواعاً من الكعك كانت تقلى فى السمن أو الزيت وكانوا يشكلون الكعك على شكل أقراص وبمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية كما كان يشكّل بعض الكعك بأشكال الحيوانات وأوراق الشجر والزهور ويتم حشو الكعك بالتمر المجفف (العجوة) أو التين ويزخرف بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب وقد صنع المصرى القديم الفطير المخصص لزيارة المقابر فى الأعياد والذى يطلق عليه حالياً "الشريك" وكانوا يشكلونه على شكل تميمة ست (عقدة إيزيس) وهى من التمائم السحرية التى تفتح للمتوفى أبواب الجنة فى المعتقد المصرى القديم وذلك طبقاً لما ذكر فى كتاب الدكتور سيد كريم " لغز الحضارة المصرية " .
ويشير د. ريحان إلى أن الكعك عرف فى تاريخ الحضارة الإسلامية منذ عهد الدولة الطولونية الذى أسسها أحمد بن طولون 254هـ وكان يصنع فى قوالب خاصة مكتوب عليها كل وأشكر ثم تطور فى عهد الدولة الإخشيدية الذى أسسها محمد بن طغج الإخشيدى 323هـ وأصبح من مظاهر الاحتفال بالعيد .
ويحتفظ متحف الفن الإسلامى بالقاهرة بالعديد من هذه القوالب التى كتب عليها كل هنيئاً وأشكر وكذلك كل وأشكر مولاك وفى العصر الفاطمى كانت تخصص مبالغ كبيرة لصناعة الكعك وكانت المصانع تبدأ فى صناعته منذ منتصف شهر رجب وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه كما أنشئت فى عهده أول دار لصناعة الكعك " دار الفطرة " وذلك طبقاً للدراسة الأثرية للدكتور على أحمد الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة.
كما أشارت الدراسة الأثرية للدكتور على أحمد الطايش إلى أن العصر الأيوبى شهد شهرة أمهر صناع الكعك من العصر الفاطمى ومن أشهرهن حافظة والذى عرف كعكها باسم كعك حافظة واهتم المماليك بالكعك وتوزيعه على الفقراء وكانت هناك سوقاً للحلاويين بالقاهرة ذكرت فى الوقفيات ومنها وقفية الأميرة تتر الحجازية توزيع الكعك الناعم والخشن على موظفى مدرستها التى أنشأتها عام 748هـ 1348م
وبخصوص العيدية يوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن العيدية كلمة عربية منسوبة إلى العيد بمعنى العطاء أو العطف وترتبط بالعيد والعيدية لفظ اصطلاحى أطلقه الناس علي كل ما كانت توزعه الدولة أو الأوقاف من نقود فى موسمي عيد الفطر وعيد الأضحى كتوسعة على أرباب الوظائف وكانت تعرف في دفاتر الدواوين بـالرسوم ويطلق عليها التوسعة فى وثائق الوقف وترجع هذه العادة إلى عصر المماليك وكان اسمها "الجامكية" وتم تحريفها إلى كلمة العيدية وكان السلطان المملوكى يصرف راتبًا بمناسبة العيد للأتباع من الأمراء وكبار رجال الجيش ومَن يعملون معه وتتفاوت قيمة العيدية تبعًا للرتبة فكانت تقدم للبعض على شكل طبق مملوء بالدنانير الذهبية وآخرون تقدم لهم دنانير من الفضة وإلى جانب الدنانير كانت تقدم المأكولات الفاخرة وذلك طبقاً لما جاء فى دراسة أثرية لعالم الآثار الإسلامية الدكتور على أحمد الطايش أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة .
ويضيف د. ريحان بأن الدراسة ألقت الضوء على عادة توزيع العيدية منذ العصر الفاطمى وكانت توزع مع كسوة العيد خارجا عما كان يوزع على الفقهاء وقراء القرآن الكريم بمناسبة ختم القرآن ليلة الفطر من الدراهم الفضية وعندما كان الرعية يذهبون إلى قصر الخليفة صباح يوم العيد للتهنئة كان الخليفة ينثر عليهم الدراهم والدنانير الذهبية من منظرته بأعلى أحد أبواب قصر الخلافة وقد أخذت العيدية الشكل الرسمى فى العصر المملوكى وأطلقوا عليها الجامكية وحرفت بعد ذلك إلى كلمة عيدية وفى العصر العثمانى أخذت العيدية أشكالاً أخرى فكانت تقدم نقودًا وهدايا كما يحدث اليوم
ويتابع بأن احتفالات عيد الفطر اتخذت صوراً شعبية ورسمية وفى العصر المملوكى كانت مظاهر الاحتفال بالعيد فى صباح اليوم الأول اجتماع أهالى الحى أمام منزل الإمام الذى سيصلى بهم صلاة العيد فى المسجد فإذا خرج إليهم زفوه حتى المسجد وبأيديهم القناديل يكبرون طوال الطريق وبعد انتهاء الصلاة يعودون به إلى منزله على نفس الصورة نفسها التي أحضروه بها وكان الناس يخرجون فى أول أيام العيد فى القاهرة والمدن الأخرى إما إلى القرافات لتوزيع الصدقات رحمة على موتاهم أو للنزهة فى النيل وركوب المراكب ويذهب البعض الآخر لزيارة أقاربهم وأهلهم لتقديم التهنئة لهم كما كان المصريون فى العصر المملوكى يفضلون أكل السمك المشقوق أي السمك المجفف البكلاه .
ويشير للاحتفال الرسمى بالعيد بصعود ناظر دار طراز الخاصة فى آخر أيام رمضان إلى القلعة فى موكب كبير وبصحبته عدداً عظيماً من الحمالين يحملون خلع العيد لحملها إلى السلطان وفى ليلة العيد يدخل الأمراء جميعا على السلطان لتهنئته وفى صباح يوم العيد ينزل السلطان إلى الحوش السلطانى لتأدية صلاة العيد ويسمع الخطبة بجامع الناصر بن قلاوون بالقلعة ويعود إلى الإيوان الكبير المشيد عليه حالياً جامع محمد على حيث يمد سماط حافل للطعام بلغت تكاليفه فى بعض السنوات خمسين ألف درهم وأخيرا يخلع السلطان على الأمراء وأرباب الوظائف كما يفرج عن بعض المساجين .
أما فى العصر العثمانى فكان يبدأ الاحتفال الرسمى بعد فجر يوم العيد حيث يصعد كبار رجال الدولة إلى القلعة ويمشون في موكب أمام الباشا من باب السرايا (قصره) إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون فيصلون صلاة العيد ويرجعون ثم يهنئون الباشا بالعيد وينزلون إلى بيوتهم فيهنئ بعضهم بعضا .
وفي ثان أيام العيد ينزل الباشا للاحتفال الرسمى بالعيد حيث يجلس في الكشك المعد له بقراميدان (ميدان القلعة) وقد هيئت مجالسه بالفرش الفاخروالمساند الجميلة والستائر الفخمة وتقدم القهوة والمشروبات وقماقم العطور والبخور ويأتى رجال الدولة للتهنئة.