السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أصبحت ابنة شرعية لقواتنا المسلحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثيرا ما نشعر بالإحباط واليأس من تغول الفساد فى مؤسسات الدولة وسيطرة أناس لا يعلمون عن الوطن إلا انتهاك حرمته ونهب ثرواته والتلذذ بالعبث بمصائر العباد.. وفى أثناء مرورى بلحظة من تلك اللحظات المحبطة امتدت لى اليد الحانية الكريمة المعطاءة بلا حدود يد الله عز وجل وجنوده على الأرض من النبلاء، وذلك بترشيحى للحصول على درجة الزمالة من كلية الدفاع الوطنى التى تعد أحد قلاع العلم السياسى والعسكرى فى العالم، ورغم صعوبة الدراسة وعمقها إلا أنها أخذت بيدى إلى رحابة العالم بتاريخه ومشكلاته وكيفية وضع الاستراتيجيات والسيناريوهات لمواجهة كل التهديدات والتحديات.. سعدت بتلك الدراسة أيما سعادة رغم الاستيقاظ فى الخامسة صباحا -على الأكثر- وقلة النوم الذى كان لا يتعدى أربع ساعات يوميا طوال العام كى أستطيع إنجاز التقارير والأوراق البحثية والمهام الإضافية.. أمضيت عاما كاملا فى أكاديمية ناصر العسكرية العليا هذا الصرح العلمى والعسكرى العظيم الذى يمتلئ برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يسهرون من أجل حماية الأمن القومى بالدراسة والبحث والتوعية، لقد علمت وتعلمت شرف العسكرية المصرية الذى تحرم منه الشابات المصريات بسبب عدم تجنيدهن، وبعد معايشتى للحياة العسكرية شعرت بالفخر والكبرياء، رأيت العسكريين فى حياتهم اليومية شديدة الانضباط، وطريقة تعاملهم مع الآخرين ومع بعضهم البعض التى تتسم بقمة الاحترام والالتزام والتواضع والأدب الجم، دائما يؤثرون غيرهم على أنفسهم بقناعة ورضا، وهو المناخ النادر الحدوث فى حياتنا المدنية التى تمتلئ بالصراعات والأحقاد والتكالب على الكراسى والسلطة والنهم فى الحصول على المال!! المقارنة شديدة القسوة والصعوبة.. فحياتهم الممتلئة بالبذل والعطاء حياة ممتعة بوضوحها ونزاهتها وقدسية عقيدتها.. ربما يساعدهم فى ذلك تفعيل القوانين التى تسرى على الجميع وسياسة الحساب «الثواب والعقاب» كذلك وضوح الرؤية فى الترقى بمعايير ثابتة يخضع لها الجميع، ما أجمل الحياة العسكرية رغم صعوبتها وشدتها، وما أعظم الانتساب إلى القوات المحببة لقلوب المصريين.. لقد نلت شرفا عظيما سأظل أتباهى به ما حييت، وسيظل هذا العام الذى فر سريعا من أجمل أيام وساعات حياتى.. ولا أعلم كيف سأستطيع العودة إلى الحياة المدنية وقد انتهت دراستى بحصولى على الزمالة!! فكم تمنيت أن تطول فترة الدراسة، لأظل فى قلب المؤسسة العسكرية مع أبطال مصر من كل أسلحة وإدارات القوات المسلحة سواء قادة أو هيئة تدريس، أم زملاء الدراسة من العقداء والعمداء الذين شرفت بزمالتهم وأخوتهم، وكنت أشعر بكل الفخر والاعتزاز لدراستى وعملى معهم فى الأبحاث والأنشطة الجماعية، لعلمى بقيمتهم ودورهم وتضحياتهم، سواء قبل الدراسة أو بعدها، فكل منهم سوف يذهب بعد انتهاء فترة الدراسة مباشرة إلى عمله الأصلى، ليعودوا حاملين أرواحهم على أكفهم فداء للوطن وذرات ترابه.. تمنيت لو أرتدى الزى العسكرى «الأفرول» وأذهب معهم لأهب روحى فداء لبلدى وجيشها القوى.. ولكن عزائى أننى خرجت بعد هذا العام بعلم غزير وفكر مستنير وروح مقاتلة، وأخوة من يحمون حدود مصر وسمائها وبحارها.. يا ليت هذا العام لم ينته ويا ليته امتد أعواما وأعواما لأظل داخل تلك المؤسسة المعطاءة.. وكم أتمنى من جهلاء المجتمع أصحاب هسهس «العسكر» أن يمنحوا أنفسهم فرصة تنقية عقولهم بحضور دورات أكاديميتى العظيمة «أكاديمية ناصر العسكرية العليا»، فلا يعلم الكثيرون أنهم يفتحون أبوابهم للمدنيين للالتحاق بدورات لا تتعد الشهر ونصف الشهر، ورغم قصر مدة الدراسة إلا أنها شديدة الأهمية بما تمنحه من توعية سياسية بالمخاطر المحيطة بالدول ودراسة حروب الجيل الرابع وما تليها من حروب، وهى الحروب التى أنهكت أمتنا العربية وما زالت قائمةّ!!.. فربما لو اقتربوا من ضباطنا وجنودنا وتعاملوا معهم يعودون عن غيهم وينيرون بصيرتهم.. رجال العسكرية المصرية أبناء مصر البارون الأبرار الذين يبهرون العالم كل يوم، بانتمائهم ووطنيتهم وتفانيهم فى الحروب والسلام، فلا تثنيهم الحرب عن القيام ببناء المجتمع وحمايته فى الداخل والخارج، ورغم أنهم القوة الصلبة إلا أنهم أيضا استطاعوا أن يجعلوا من إمكانياتهم وقدراتهم قوة ناعمة تجتذب الشعب حولهم بالعطاء والتفانى والحماية والرعاية، كما قدموا صورة رائعة أمام العالم أجمع بعد يناير ٢٠١١ بتقديمهم للمعاونة والمساندة وكل الخدمات لكل قطاعات الشعب.. فهم وبكل أمانة الرئة التى يتنفس منها المصريون.. لذلك يحاول المتربصون بنا التحريض عليهم والتشكيك فيهم من الضعفاء والجهلاء، بالمطالبة بإعلان ميزانيتهم ومشاريعهم وإثارة المشاعر السلبية ضدهم، ورجالنا الأقوياء منغمسون فى حماية الأمن القومى بالتدريب والتحديث والتفانى، وجميع مشاريعهم لحمايتنا من تحكم أو تغول يضر بمصالح الشعب المصرى.. أتمنى من القائد العام للقوات المسلحة (سيادة الفريق أول/ صدقى صبحى) إصدار أوامره بوضع مناهج دراسية مبسطة ومتدرجة عن عملهم، والتوعية بالمخاطر المحيطة بالأمة ودورهم العظيم وتضحياتهم اليومية وتواضعهم الكريم، وذلك لتضييق فجوة الجهل.. فكما اتسعت مداركى وزادت معرفتى زاد حزنى عمن يجهلون، فأشعر أننى جلست على مائدة ممتلئة بكل ما لذ وطاب من نعم الله وحولى من يموتون جوعا للمعرفة ولا يدركون!!