الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

الوجه الآخر لـ"يهوذا الإسخريوطي".. ثائر ورجل الخلاص الثاني

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يهوذا الإسخريوطي هو الشخصية المحورية التي يدور حولها، وجودا وعدما، صلب السيد المسيح، ولم لا، فلولا خيانة يهوذا لسيده ومعلمه ما استطاع اليهود القبض على المعلم ومحاكمته وصلبه، لكن هناك العديد من علامات الاستفهام التي تقفز أمامنا فى رواية خيانة يهوذا للسيد المسيح، تطرح فى مجموعها إشكاليات كبيرة لا تجد لها إجابة حتى عند أعتى اللاهوتيين فى العالم. 
الثلاثون من الفضة
تخبرنا قصة يهوذا أنه اتفق مع كهنة اليهود كى يسلمهم السيد المسيح، على أن يكون المقابل «ثلاثين من الفضة»، هذا المبلغ هو مبلغ «بخس»، لا يتناسب مع ضخامة الشخص المطلوب، وليس هو بالمبلغ المغرى لكى يبيع يهوذا سيده، خاصة أنه كان بمثابة وزير مالية المسيح وتلاميذه، وأمين صندوقهم، وهو ما يؤكد لنا أن يهوذا عزم على التخلص من سيده سواء كان بمقابل أو دون مقابل، وحتى بثمن بخس. 
يهوذا ثائرًا
يخبرنا التاريخ أن أورشليم، فى ذلك الوقت كانت واقعة تحت الاحتلال الرومانى، وهو الاحتلال الوثني لأرض الله، التي وعد بها اليهود.
وعلى الرغم من أن المستعمر الروماني قد أوكل إدارة الشئون الدينية فى أورشليم لكهنة اليهود، إلا أنه كان هناك غليان بين الشعب للتخلص من هذا الاحتلال.
وتكونت خلايا ثورية لتنفيذ هذا الهدف، وكان يهوذا الإسخريوطي عضوا نشطا فى إحدى تلك الخلايا، والتف ومعه الكثير من الثوار حول السيد المسيح، فقد رأوا فيه قائدا ثوريا يمكن أن يخلصهم من الاحتلال. 
الملكوت الثوري
كان جمع كبير من الثوريين الذين تبعوا المسيح، وأعلنوا ولاءهم له كتلاميذ وأتباع يتطلعون لملكوت الله، الذى سوف يملكهم على العالم كله.
ورأوا فى حديث المسيح عن الملكوت ملاذا ثوريا لهم وحاولوا مرارا وتكرارا أن يستنطقوا المسيح بأنه يعدهم بهذا الملكوت الأرضى، لكنهم أصيبوا بخيبة الأمل، لأن ملكوت المسيح ملكوت روحى، وليس أرضيا، ومن ثم كان لا بد من التخلص من المسيح. 
التخلص من المسيح
لم يكن تسليم يهوذا للمسيح، هو أولي محاولات تخلص العامة والدهماء اليهود من المسيح، لكن سبق أن طاردته الجموع وحاولوا أن يلقوا به من فوق الجبل، لكنه نجا من تلك المحاولة، وهو ما يطرح سؤالا عرضيا، وهو إن كان المسيح قد جاء ليموت، فلماذا لم يستسلم لمحاولة قتله تلك وهرب منها واستسلم للصليب؟ هناك تغير نوعى طرأ على شعبية المسيح بعد اكتشاف أن ملكه هو ملك روحى، وليس ملكا أرضيا؟ فلو قارنا عدد الحاضرين فى الموعظة على الجبل، والذى بلغ خمسة آلاف، بالحاضرين معه فى العشاء الأخير وهم تلاميذه الاثنا عشر، لعرفنا أن التخلص من المسيح كان رغبة شعبية، وليست مؤامرة، وهو ما يفسر لنا سبب إجماع الشعب على صلبه أمام بيلاطس البنطى، وصرخوا فى وجهه «اصلبه اصلبه»، وعندما خيرهم الوالي بين أن يطلق لهم المسيح أو بارباس، فاختاروا بارباس. 
العشاء الأخير
كبرى الإشكاليات التي تطرحها رواية يهوذا، كانت فى العشاء الأخير حيث أخبر السيد المسيح تلاميذه أن أحدهم سوف يسلمه ليصلب، ولما سألوه عن مسلمه أجاب بأن من يغمس «اللقمة» معه فى الصحفة التي يأكل منها، هو مسلمه وهنا غمس يهوذا اللقمة، وخرج من المكان، والرواية هنا تكسر كل قواعد المنطق، فبداية ليس هناك أي مبرر لكى يفصح المسيح عمن سوف يسلمه إلى الصلب، لأن المسيح قد جاء ليصلب، فالإفصاح عن مسلمه قد يعرضه لغضب بقية التلاميذ، وهو ما يمكن أن يعطل صلب المسيح، كما أن غمس يهوذا للقمة هو تحدٍ للمسيح وتلاميذه غير مبرر أيضا، فعلى الرغم من أن التلاميذ كان بينهم من هو حاد الطباع، مثل «بطرس» الذى قطع أذن عبد رئيس الكهنة، عندما جاء اليهود ليقبضوا على المسيح، ومع ذلك لم يحرك «بطرس» ساكنا عندما علم أن يهوذا سوف يسلم المسيح.
شنق يهوذا
قيل إن يهوذا قد شنق نفسه عقب صلب المسيح، ندما على فعلته، لكن هذا الفعل لا يوجد له ما يبرره، فيهوذا خطط ودبر للتخلص من المسيح، ومن ثم يجب أن يكون فرحا ومزهوا بما أنجز، والحقيقة أن عملية صلب المسيح لم تتم بصلب السيد بين لصين فقط، لأن المتبع فى تلك الأيام كان أن يصلب كل من تورط فى محاولة الثورة ضد الرومان، وكان جبل الجلجثة يحفل بالعشرات من الثوار المصلوبين، فالمسيح «أحصى وسط أثمة»، وهو ما يشهد به الكتاب المقدس.