الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

نصر "أكتوبر" زهرة ياسمين في قصائد الشعراء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأدب والشعر قبل وفي أثناء وبعد حرب أكتوبر 1973

أربعون عامًا مرت على حرب أكتوبر المجيدة، الحدث التاريخي الذي لن يتكرر في العمر مرتين، الحرب التي أعادت إلى المواطن العربي كرامته التي ظنها رحلت، وقضت على أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وساهمت في تغيير الكثير من المفاهيم العسكرية التي كانت سائدة حينها.

لم يخف على المهتمين بالأدب والثقافة أن هناك ندرة في الإبداع الروائي المتعلق بحرب أكتوبر، وما تم إنتاجه من أعمال لا يرقى إلى مستوى الحدث التاريخي، وعند ذلك تقام مقارنة ظالمة بين أعمالنا والأعمال الكبرى في الآداب الأجنبية كـ“,”الحرب والسلام“,” لتولستوي و“,”وداعًا للسلاح“,” لهمنجواي و“,”والدون الهادئ“,” لشولوخوف و“,”الأمل“,” لمارلو و“,”أفول القمر“,” لشتاينبك، وغيرها.


نفتقد إلى روايات الحرب

بالرغم من أن هناك أعمالا رائعة، ومعبرة عن الحرب مثل “,”الرفاعي“,” لجمال الغيطاني، و“,”الحرب في بر مصر“,” ليوسف القعيد و“,”نوبة رجوع“,” لمحمود الورداني و“,”أنشودة الأيام الآتية“,” لمحمد عبد الله الهادي و“,”السمان يهاجر شرقًا“,” للسيد نجم و“,”المرصد“,” لحنا مينا و“,”رفقة السلاح والقدر“,” لمبارك ربيع، وغيرها.

يأتي الأديب “,”يوسف القعيد“,” ليكون صاحب لوحة منفردة بالعديد من الروائع التي تناولت حرب أكتوبر ومنها “,”الحرب في بر مصر“,” و“,”في الأسبوع سبعة أيام“,” و“,”تجفيف الدموع“,” و“,”حكايات الزمن الجريح“,” و“,”أطلال النهار“,” وغيرها من الروايات التي لامست وجدان القراء والمثقفين.
أيضا أسماء عديدة قدمت روايات هامة تجسد تلك المرحلة، نذكر من بينهم: “,”جمال الغيطاني، محمود الورداني، فتحي إمبابي، شحاتة عزيز جرجس، معصوم مرزوق (شجر الصبار)، سمير الفيل (رجال وشظايا)، محمد النحاس (الخريف الدامي)، السيد الجندي (سبع حبات من الرمال)، السيد عبد العزيز نجم، (يوميات مقاتل قديم)، بهي الدين عوض (سنوات الحب والموت)، محمد السيد سالم (يوميات على جدار الصمت)، فوزي البارودي (عندما تشتعل النجوم)، وقاسم مسعد عليوة (حدود الاستطاعة). وهناك أيضا، محمود المنسي، إبراهيم العشري، عصام راسم فهمي، سمير رمزي المنزلاوي، عبد الحميد بسيوني عبد الحميد، مجيد سكرانة، أحمد ربيع الأسواني، سعد الدين حسن، مأمون الحجاجي، حسن علبة“,”، وأسماء أخرى كثيرة.

أجرت الباحثة “,”وداد عبد الفتاح خليفة“,” بجامعة الأزهر، دراسة تحت عنوان “,”أثر حرب أكتوبر على الاتجاه التعبيري في أدب الكاتب الروائي، أهارون ميجيد وجمال الغيطاني“,”، نالت عنها درجة الدكتوراة مع مرتبة الشرف الأولى.
وقامت من خلالها برصد تأثيرات هذه الحرب على الساحتين الأدبيتين الإسرائيلية والعربية، من خلال بعض أعمال الروائيين الكبيرين، اللذين يعتبر كل منهما نموذجا لأبناء جيله من الأدباء الذين عايشوا وتأثروا بتلك المرحلة الهامة من تاريخ مصر.

وإختارت الباحثة لكل من الأديبين محل الدراسة روايتين إحداهما كتبت على خلفية حرب 1967 والأخرى كتبت على خلفية أكتوبر 1973، وتوصلت من خلالها إلى أن الغيطاني امتاز عن ميجيد بغلبة الموهبة، كما أوضحت أن الأدب العبري قبل حرب أكتوبر قد لعب دورا هاما وأساسيا في نشأة دولة إسرائيل، حيث استخدمته الصهيونية السياسية علي أوسع نطاق في خدمة حملاتها الدعوية وحملاتها السياسية والعسكرية.
أما بالنسبة للأدب العربي فإن موقفه لم يكن على المستوى المطلوب كمًا وكيفًا تجاه الخطر الصهيوني، كذلك لم يكن يزيد عن كونه موقفا عاطفيًا يتسم بسب اليهود واستثارة العرب وتذكيرهم بأمجادهم الماضية أو بالبكاء والنحيب.

الراحل “,”خيري شلبي“,”.. لا يوجد “,”أدب حرب“,” في الإبداع العربي

هكذا أقر الروائي الراحل وشيخ الحكائين “,”خيرى شلبي“,”، الذي استثني فقط السير الشعبية، معتبرا أن إبداعنا الحديث والمعاصر لم يعرف أدب الحرب، على الرغم من أننا خضنا ضد إسرائيل عدة حروب كبيرة في 48، 56، 67، 1973، قبل ذلك كانت مصر تحت الاحتلال الفرنسي ثم الإنجليزي.. لكن كل ذلك لم يطرح ما يمكن اعتباره أدب حرب.

شعر الحرب

لا بد أن نفرق أولاً بين الصراع مع إسرائيل، والحرب مع إسرائيل، ففي إطار الصراع هناك شعر كثير، هناك الشاعر الكبير الراحل “,”محمود درويش“,”، الذي ظهر وتكون ونما في ظل هذا الصراع، وكتب تجربته الرئيسية في إطار الصراع ذاته، وهناك أيضا “,”سعد الله ونوس“,” في المسرح.

على مستوى الحرب، هناك نمو شعري حدث في إطار تجربة الحرب، مثال ذلك الشاعر الراحل “,”أمل دنقل“,”، الذي نجد أن تجربته الشعرية تمت أساسًا في هذه المرحلة، مرحلة الحروب مع إسرائيل، و“,”دنقل“,” كان شاعرًا محرضًا على الحرب، لكن عندما جاءت الحرب، لم يكن هناك شعر.. وهذه مفارقة كبيرة.

يقول “,”أمل دنقل“,” برائعته “,”البكاء بين يدي زرقاء اليمامة“,” عن نكسة 67:

“,”عيد بأي حال عدت يا عيد؟
بما مضى؟ أم لأرض فيك تهويد؟
ونامت نواطير مصر عن عساكرها
وحاربت بدلا منها الأناشيد!
ناديت: يا نيل هل تجري المياه دما
لكي تفيض، ويصحو الأهل أن نودوا ؟
عيد بأي حال عدت يا عيد؟


أما “,”صلاح عبد الصبور“,” فكتب مخاطبا أول جندي يرفع العلم المصري في سيناء

تملّيناك، حين أهلَّ فوق الشاشة البيضاء،
وجهك يلثم العلما
وترفعه يداك،
لكي يحلق في مدار الشمس،
حر الوجه مقتحما
ولكن كان هذا الوجه يظهر، ثم يستخفي.
ولم ألمح سوى بسمتك الزهراء والعينين
ولم تعلن لنا الشاشة نعتا لك أو اسما
ولكن، كيف كان اسم هنالك يحتويك؟
وأنت في لحظتك العظمى
تحولت إلى معنى، كمعنى الحب، معنى الخير، معنى النور، معنى القدرة الأسمى.
تراك،
وأنت في ساح الخلود، وبين ظل الله والأملاك
تراك، وأنت تصنع آية، وتخط تاريخا
تراك، وأنت أقرب ما تكون
إلى مدار الشمس والأفلاك
تراك ذكرتني،
وذكرت أمثالي من الفانين والبسطاء
وكان عذابهم هو حب هذا العلم الهائم في الأنواء
وخوف أن يمر العمر، لم يرجع إلى وكره
وها هو عاد يخفق في مدى الأجواء.
فهل، باسمي وباسمهمو لثمت النسج محتشدا
وهل باسمي وباسمهمو مددت إلى الخيوط يدا
وهل باسمي وباسمهمو ارتعشت بهزة الفرح
وأنت تراه يعلو الأفق متئدا
وهل باسمي وباسمهمو همست بسورة الفتح
وأجنحة الملائك حوله لم تحصها عددا
وأنت ترده للشمس خدنا باقيا أبدا
هنيهات من التحديق،
حالت صورة الأشياء في العينين
وأضحى ظلك المرسوم منبهما
رأيتك جذع جميز على ترعة
رأيتك قطعة من صخرة الأهرام منتزعة
رأيتك حائطا من جانب القلعة
رأيتك دفقة من ماء نهر النيل
وقد وقفت على قدمين
لترفع في المدى علما
يحلق في مدار الشمس،
حر الوجه مبتسما.
(9 أكتوبر 1973)




كذلك الشاعر “,”محمد إبراهيم أبوسنة“,”، يصف وقع الحرب عليه في قصيدته “,”خفقة علم“,” ويقول فيها:

أفديك يا سيناء.
وزغردت من قلبها السماء.
وانهمر الجنود. يسابقون الريح والأحلام.
وترسم الدماء. خرائط النهار والمساء.
على صحائف التاريخ والجبال.
في الماء كانت النجوم تعبر القناة.
وفي الرمال قالت المارعات لا.
وفي ذؤابات الشجر.
ابتسم الحمام ثم فك قيده وطار للسحاب.
وفوق صخرة عالية الإباء.
رفرفت أيها العلم.
يا قلبنا المليء بالأشواق والغضب.
كل خفقة تقول مصر.
نسيجها الضياء والظفر.

وفي شعر العامية، نجد أن حرب أكتوبر هي من انتشلت رائد هذا المجال الشاعر الراحل “,”صلاح جاهين“,” من بحر أحزان النكسة، التي انتشلت الفرحة من حياته، ليبدأ في الخروج من عزلته واكتئابه، ويكتب قصيدة رائعة بعنوان أكتوبر تقول:

وحياة عيون مصر اللي نهواها.
واكتوبر اللي كما النشور جاها.
بلاش نعيد في ذنوب عملناها.
وحياة ليالي سود صبرناها.
واتبددت بالشمس وضحاها.
نكبح جماح الغرور، مع أنه
مـن حقنا، ونحمي النفوس منه.
و لو (العبور) سألونا يوم عنه
تقول: مجرد خطوة خدناها!


وحين قامت حرب أكتوبر 73. كتب أحمد فؤاد نجم عددًا من القصائد التي تمجد النصر وتحيي أبناء الفلاحين الذين انتزعوه. حيث كتب: ضليلة فوق رأس الشهيد، منشور علني رقم واحد، دولامين، عطشان يا صبايا.

ويقول أحمد فؤاد نجم: في “,”ضليلة فوق رأس الشهيد“,”

خبر بالنكته لوجيا
الحداقه والتكنولوجيا
والتاريخ
هجم الزناتي ع الخواجه
ولبسه العمه بصاروخ
“,”جود“,” عليوة
“,”باد“,” مائير
كل عام فانتوم بخير

نزار قباني: “,”تطفو على مياه القمر زهرة لوتس اسمها مصر“,”

شاعرنا الكبير الراحل نزار قباني، رأى أن طلقة النصر سبقت طلقة الشعر بمراحل، فلجأ إلى أن يخرج ما في جعبته في صورة نثرية أقرب إلى القصيدة حين قال:

قبل السادس من أكتوبر 1973 كانت صورتي مشوشة وغائمة وقبيحة، كانت عيناي مغارتين تعشش فيهما الوطاويط والعناكب، وكان فمي خليجا مليئا بحطام المراكب الغارقة، وكانت علامتي الغارقة المسجلة في جواز سفري هي أنني أحمل على جبيني ندبة عميقة اسمها حزيران (يونيه)، أما عمري في جواز سفري القديم. فقد كان مشطوبا لأن العالم كان يعتبرني بلا عمر. واليوم (6 أكتوبر 1973)، يبدأ عمري. لا تستغربوا كلامي، فأنا ولدت تحت الطوافات، والجسور العائمة التي علقها مهندسو الجيش المصري على كتف الضفة الشرقية وخرجت من أسنان المجنزرات السورية التي كانت تقرقش الصخور في مرتفعات الجولان، أعترف لكم بأن ولادتي كانت صعبة.

ويكاد نزار في مقال “,”خاتم مصر“,” الذي كتبه عقب نصر أكتوبر أن ينطق كلماته شعرا على رغم نثريتها فيقول:
تجمع مصر حروف اسمها الجميل وتعيد تطريزه على حواشي منديلها المبلل بالدموع، تكتبه بالخط الكوفي العريض على جدار النهار، تسترده من قاع البحر، وأسنان سمك القرش، وحطام المياه الغارقة، تلصق الميم إلى جانب الصاد. تلصق الصاد إلى جانب الراء. وفجأة تتدلى من سقف العالم نجفة من الزمرد الأخضر اسمها مصر.
تستعيد مصر خاتمها من تحت الماء وتعيد تركيب الفيروزات الثلاث التي سقطت من خاتمها وهي تغسل يديها بماء قناة السويس في صيف العام 1967، تمسح ما تراكم عليه من صدأ وحشائش بحرية، وتعيده إلى مكانه في المتحف المصري، فيطمئن التاريخ على نفسه، وتطفو على مياه القمر زهرة لوتس اسمها مصر.

مؤلفات عن حرب أكتوبر

“,”مئة كتاب عن حرب أكتوبر“,” تأليف: ماهر الكيالي وماجد نعمة، “,”حرب أكتوبر“,” تأليف: سعد الدين الشاذلي

“,”الشرارة: قصة حرب أكتوبر 1973 “,” ترجمة، تحقيق: أنطوان بطرس، “,”ستة أكتوبر في الإستراتيجية العالمية“,” تأليف جمال حمدان.

“,”حرب رمضان الجولة العربية الإسرائيلية الرابعة“,” حسن البدري، طه المجدوب والعميد ضياء الدين زهدي، “,”حرب أكتوبر في محكمة التاريخ“,” عبد العظيم رمضان، “,”وثائق حرب أكتوبر“,” بقلم موسى صبري.

“,”حرب أكتوبر عام 1973 دراسة ودروس“,” محمد فوزي، “,”مذكرات الجمسي حرب أكتوبر 1973“,” مشير محمد عبد الغنى الجمسي، “,”حرب أكتوبر والمفاجأة الإستراتيجية“,” تأليف عبد القادر ياسين.

عن مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1993 صدر كتاب “,”أكتوبر 1973، السلاح والسياسة“,” للكاتب محمد حسنين هيكل، في 883 صفحة، والكتاب هو الجزء الرابع من مجموعة “,”حرب الثلاثين سنة“,”، أيضا “,”عند مفترق الطرق حرب أكتوبر.. ماذا حدث فيها.. وماذا حدث بعدها!“,” محمد حسنين هيكل.

“,”العمليات الحربية على الجبهة المصرية“,” تأليف جمال حماد، و“,”لا حرب في أكتوبر ولا سلام“,” أنيس منصور.

“,”البيت والدخان“,” قصص ومذكرات عن حرب 73، تأليف القاص السوري يحيى خضور، وتنتمي هذه المجموعة إلى أدب الملحمة يكتبها “,”خضوري“,” ويهديها إلى رفاقه في السلاح، من جنود الجيش العربي البواسل الذين شاركوه في حرب 6 أكتوبر 1973.



حمدي