الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

«الفاو» تحيي اليوم العالمي للتربة غدًا

«الفاو» تحيي اليوم
«الفاو» تحيي اليوم العالمي للتربة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحيي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، غدا السبت، اليوم العالمي للتربة 2015 تحت شعار "التربة السليمة هي التربة الحية"، حيث يسلط الاحتفال على أن التربة السليمة نظام إيكولوجي حي ودينامي يزخر بكائنات دقيقة وكائنات أكبر تؤدي الكثير من الوظائف الحيوية التي تشمل تحويل المواد الميتة والمتحللة وكذلك المعادن إلى عناصر مغذية للنبات، ومكافحة الأمراض النباتية والحشرات والآفات العشبية، وتحسين بنية التربة وما يترتب على ذلك من آثار إيجابية على قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء والعناصر المغذية، وتحسين إنتاج المحاصيل في نهاية المطاف. 
والتربة السليمة تساهم أيضًا في التخفيف من أثر تغير المناخ عن طريق الحفاظ على محتواها من الكربون أو زيادته. وتشير أحدث الإحصائيات العلمية إلى أنه ما يزيد عن نسبة 33٪ من التربة على مستوى العالم تتراوح حالتها بين متوسطة التدهور إلى متدهورة للغاية، والطلب على الغذاء يزداد والوقت ينفد. ففى 20 ديسمبر 2013 اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 232/68 للاحتفال يوم 5 ديسمبر باليوم العالمى للتربة لأول مرة. وسوف يصدر في نفس يوم الاحتفال باليوم العالمي للتربة تقرير "موارد التربة العالمية" في مقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في روما، وكذلك الاختتام الرسمي للسنة الدولية للتربة 2015.
وأشار بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة، إلى أن إدارة التربة بما يستوفي الاستدامة عامل أساسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي يعكس كثير منها ما للتربة من مكانة محورية في بقاء الحياة والغذاء والمياه. ونحن بحاجة إلى ضمان الاستخدام المستدام للنظم الإيكولوجية الأرضية بينما نكافح تغير المناخ والآثار الناجمة عنه. وللتربة دور أساسي في التخفيف من آثار تغير المناخ بالنظر إلى قدرتها على حجز الكربون. 
وأضاف مون إلى أن التحدي الماثل أمامنا واضح للعيان. فمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة تقدر أن نحو 33 % من التربة في العالم في حالة متدهورة بالفعل. ولابد من تغيير هذا المسار من خلال ممارسات الإدارة المستدامة للتربة. إن التربة هي الأساس الذي تقوم عليه النظم الغذائية. فإن لها دورا حاسما في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير التغذية. ووحدها التربة المعافاة تنتج الأغذية الصحية التي لها أفضل قيمة غذائية ممكنة. والتربة أيضا هي الأساس في إنتاج المستحضرات الصيدلية والموارد الجينية، وتساهم في تخزين المياه وتنقيتها. 
ودعا مون إلى العمل على الترويج للإدارة المستدامة للتربة، إدارة تمتد جذورها في الحوكمة اللائقة والاستثمارات السليمة. فإنه بوسعنا، يدا في يد، أن ننهض بقضية التربة، الأرضية الصلبة التي عليها تقوم الحياة.
في حين أشار جوزي غرازيانو داسيلفا، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إلى أن التربة السليمة ضرورية للإنتاج الغذائي لكننا لا نولي العناية الكافية لهذا "الحليف الصامت، وأن التربة السليمة ليست قاعدة للغذاء والحطب والنسائج والمنتجات الصيدلية فحسب بل هي ضرورية لأنظمتنا البيئية لأنها تؤدي دورا هاما جدا في دورة الكربون وتخزن وتصفي الماء وتساعد في مقاومة الفيضانات والجفاف. وأنه يعاني أكثر من 805 ملايين شخص اليوم من الجوع وسوء التغذية. كما أن نمو سكان العالم يستوجب زيادة الإنتاج الغذائي بنحو 60 %. 
وأضاف داسيلفا، بما أن قسما كبيرا من غذائنا يعتمد على التربة، فمن الأهمية بمكان أن نحافظ عليها سليمة ومنتجة،وأن 33 % من موارد التربة العالمية تدهورت للأسف مع بلوغ الضغط البشري مستوى حرجا، قلص الوظائف الأساسية للتربة بل وقضى عليها في بعض الأحيان. 
وتقدر الفاو أن ثلث الأراضي تدهور بفعل التآكل والتراكم والتصلب والملوحة وانخفاض المادة العضوية وزيادة التحمض والتلوث، إضافة إلى ظواهر أخرى تسببها ممارسات الإدارة غير المستدامة للأراضي. وإذا لم يتم تبني مقاربات جديدة على المستوى العالمي، فإن مجموع الأراضي الصالحة للزراعة والمنتجة لن تمثل في 2050 سوى ربع المستوى الذي كانت عليه سنة 1960.
واعتبر داسيلفا أنه ربما يكون استصلاح سانتيمتر واحد من التربة يتطلب نحو ألف سنة. وبالنظر إلى أن 33 % من الموارد العالمية من التربة تدهورت وأن الضغط البشري يزداد كثافة، فقد وصل الأمر إلى العتبات الحرجة ما يحتم معالجة القضية بصفة عاجلة. ودعا إلى مزيد من الاستثمار في إدارة التربة المستدامة، لأنها أقل كلفة من إعادة تشكيلها ولأنها "ضرورية لتحقيق الأمن الغذائي وللتكيف مع التغير المناخي وتخفيف آثاره وللتنمية المستدامة بوجه عام.
إن التربة هي الأساس الذي تقوم عليه التنمية الزراعية والوظائف الأساسية للنظام الإيكولوجى والأمن الغذائى، ومن ثم فالتربة عامل أساسى لاستمرار الحياة على وجه الأرض، وإذ تسلم بأن استدامة التربة عامل أساسى في مواجهة الضغوط الناجمة عن تزايد أعداد السكان، وأن الاعتراف بأهمية الإدارة المستدامة للتربة والدعـوة إلى تعزيزها ودعمها، يمكن أن يسهم في تهيئة تربة صحيحة، مما يسهم بالتالى في إيجاد عالم ينعم بالأمن الغذائى ونظم إيكولوجية مستقرة ومستغلة على نحو مستدام. 
وتعتبر التربة عنصرا أساسيا وهاما في نجاح ما يتم زراعته من نباتات، وذلك لتأثيرها المباشر على نمو النبات.. ومن الضرورى توفير التربة الزراعية الجيدة الغنية بالعناصر الغذائية لضمان نمو النباتات المزروعة.. لذا فإنه يجب دراسة خواص التربة ومنسوب المياه السطحية في المواقع المزمع زراعتها ويشترط في التربة الزراعية الجيدة أن تكون بالمواصفات التالية: درجة تركيز الحموضة نحو 7 درجات، التوصيل الكهربائى للأملاح الذائبة في محلول التربة أقل من 2500 ميكروموز/سم عند درجة 25 درجة مئوية، الكلوريدات أقل من 200 جزء في المليون، كربونات الكالسيوم أقل من 5% من وزن التربة المجففة. 
وتعتبر التربة الزراعية هي الوسط الذي تنبت فيه النباتات وتثبت جذورها وتحصل منه على ما تحتاج لنموها من ماء وغذاء، والتربة الزراعية عبارة عن صخور أساسية أو ما تسمى بالصخرة الأم المتفتتة إضافة إلى المواد العضوية والصخور الأساسية تتفتت إلى ذرات ناعمة وهذه الذرات هي التربة التي يستعملها البشر في الزراعة وتفتت الصخور بواسطة العوامل المختلفة. 
كما أن التحليل الكيمياوى يحلل ذرات الصخور ويرسبها على شكل أتربة ناعمة وأعظم من هذا في تفتت الصخور الأساسية هي التعرية الجوية، ويتم ذلك بسبب تغيرات الحرارة الجوية فعندما تكون درجة الحرارة مرتفعة تتكدد الصخور وعندما تنخفض درجة الحرارة تتقلص الصخور، مما يؤدى إلى تشققها وتفتتها، وكثيرا ما نرى هذه الحادثة في فصل الشتاء البارد إذ نرى أن كثيرا من الأحجار الكلسية تتهشم ويتفتت وسبب ذلك هو تسرب الماء إلى داخل الصخر من المسام، وعندما يتجمد الماء داخل الصخر بعد البرد الشديد يزداد حجمه مما يؤدى إلى زيادة الضغط على الصخر من الداخل مما يؤدى إلى تفتته وهذا يحدث أيضا عقب التبدلات الفصلية في الصيف والشتاء حيث تشتد الحرارة في الصيف وتشتد البرودة في الشتاء.
ويشير التقرير الذي سوف تصدره الفاو إلى تقييم أكثر من 200 عالم بيئي بوضع المعارف الراهنة حول موارد التربة وتغير التربة. ويتناول التغييرات الكبرى التي تمس التربة بشكل عام، وبمزيد من التفاصيل يتناول التغيرات الإقليمية. 
ويقدم التقرير بيانات علمية موثوقة عن تآكل التربة، وتغيير الكربون العضوي في التربة، وتغيرات التنوع البيولوجي للتربة، والتحمض، وانضغاط التربة، وتصلبها، وتملحها، وتجمدها، وتلوثها، وتغير مغذياتها وتشبعها بالمياه. 
وتشير أحدث الإحصائيات العلمية إلى أنه ما يزيد عن نسبة 33٪ من التربة على مستوى العالم تتراوح حالتها بين متوسطة التدهور إلى متدهورة للغاية، والطلب على الغذاء يزداد. إن إنتاج 2-3 سم فقط من التربة يمكن أن يستغرق ما يصل إلى 1000 سنة، وحتى الآن يتم فقدان ما يصل إلى 50 ألف كيلومتر مربع من التربة وهي مساحة تقارب حجم كوستاريكا كل عام بسبب إزالة الغابات، والاستخدام غير المستدام للأراضي والممارسات الإدارية والرعي الجائر وتغير المناخ. 
ويشير التقرير إلى أن 11 هكتارا من التربة تختفي تحت توسع المدن كل ساعة في أوربا. وفي معظم البلدان، بنيت المدن قرب الأراضي الخصبة وحيث كانت الزراعة مزدهرة. أما الآن تتوسع المدن على حساب أفضل أنواع التربة. 
ويرتكز تخطيط استخدام الأراضي حاليًا على اعتبارات بسيطة جدًا متعلقة بالجوانب العملية للبنى الأساسية. ولا يتم إيلاء أي اعتبار لجودة التربة وقدرتها على القيام بوظائف مختلفة. وقد يشكل أخذ جودة التربة بعين الاعتبار في سياق إدارة الأراضي من التحسينات الممكن القيام بها. 
ومن المنطقي على سبيل المثال، القيام في العديد من المناطق بأعمال البناء على الأراضي الملوثة. ويتعين على مخططي استخدام الأراضي أن يحسنوا فهم وظائف التربة. ومن شأن تحديد سمات التربة بشكل أفضل أن يعزز الإدارة المستدامة للأراضي. 
وتمثل مشاكل التلوث هائلة في أوربا الشرقية بسبب تاريخها الصناعي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أوربا الغربية حيث لا يدرك السكان كيف تستخدم المواد الكيمياوية في الأنشطة الصناعية. 
ويشكل الحد من التلوث الحالي وإعادة تأهيل المواقع الملوثة قضايا أساسية. وتبذل جهود الآن لتطهير التربة وإعادة تأهيلها. وفي آسيا الوسطى، تعاني بعض المناطق من التصحر والتآكل المرتبطين بإفقار التربة وتدهورها. وتشهد المادة العضوية والنشاط البيولوجي تراجعًا مما يعني أن التربة تفقد هيكلها وتصبح أكثر عرضة للتآكل بفعل الرياح أو المياه. 
ويلعب التصحر في المناطق شبه القاحلة دورًا مهمًا جدًا، إلى جانب التملح، لا سيما عندما يتم ري الأراضي بمياه رديئة الجودة. أن غالبية موارد التربة هي في حالة سيئة وتتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة. فخسارة مزيد من التربة الإنتاجية ستضر إنتاج الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي، وستزيد في تقلبات أسعار المواد الغذائية. ولكن يمكن تجنب هذه الخسارة في موارد التربة ووظائفها. فباستخدام الأساليب والتقنيات المتطورة، قد تزيد إدارة التربة إدارة حصيفة، في الإمدادات الغذائية، وتوفر وسيلة قيمة للضغط من أجل تنظيم المناخ وحماية خدمات النظام الإيكولوجي. ولتحقيق ذلك، من اللازم على الحكومات التعجيل بتنفيذ الميثاق العالمي للمحافظة على التربة الذي اعتمدته منظمة الأغذية والزراعة.
ويمثل تغير المناخ تهديدا خطيرا للأمن الغذائي العالمي. يتعرض القطاع الزراعي بشكل خاص لآثار تغير المناخ وتقلبه؛ لذا فالتربة أساسية في النقاش حول كيفية معالجة قضية تغير المناخ. ويمكن للتربة الصحية أن تلعب دورا هاما في التخفيف من آثار تغير المناخ عن طريق تخزين الكربون (عزل الكربون) وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. في نفس الوقت، الزراعة تسهم بشكل كبير في تغير المناخ من خلال انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. فإذا تمت إدارة التربة إدارة سيئة أو زراعتها من خلال الممارسات الزراعية غير المستدامة، يساعد ذلك على إطلاق الكربون من التربة في الغلاف الجوي على شكل غاز ثاني أكسيد الكربون والذي يمكن أن يسهم في تغير المناخ. 
وبسبب تكثيف إنتاج المحاصيل، عانت تربتنا من العواقب. والتحويل الثابت للأراضي من مراعي وغابات إلى أراض زراعية، أسفر عن خسائر تاريخية للكربون في التربة في جميع أنحاء العالم. وأن تحويلات استخدام الأراضي وانجراف التربة العضوية للزراعة مسئولان عن نحو 10٪ من مجموع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومن خلال استعادة التربة المتدهورة واعتماد ممارسات الإدارة المستدامة مثل تناوب المحاصيل، ومنع الحرث، والزراعة التي تراعي حفظ الموارد، والحراجة الزراعية والزراعة الإيكولوجية، فهناك احتمال لخفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري من الزراعة، وزيادة تخزين الكربون وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ. وإذا ما أديرت التربة على نحو مستدام، يمكن أن تكون جزءا من الحل عندما يتعلق الأمر بتخفيف آثار تغير المناخ. وتعمل الفاو على استخدام الزراعة الذكية مناخيًا، وهي نهج موحد تروج له المنظمة لتطوير الظروف التقنية وظروف السياسات والاستثمارات التي تدعم البلدان الأعضاء في تحقيق الأمن الغذائي في ظل تغير المناخ. وتسهم ممارسات الزراعة الذكية مناخيًا في زيادة الإنتاجية والقدرة على الصمود في وجه تغير المناخ (التكيف) بصورة مستدامة، في نفس الوقت الذي تحد فيه كم غازات الدفيئة وتزيلها كلما أمكن ذلك (التخفيف). وفي إطار المشروعين الرائدين في تنزانيا وكينيا، تم في إطار برنامج المنظمة للتخفيف من وطأة تأثيرات تغير المناخ في الزراعة اختيار وتشجيع استيعاب مختلف الممارسات القائمة اعتمادًا على التقييمات التي يجريها الخبراء والتقييمات التي يشارك المزارعون في إجرائها. وتلقى نحو 9000 مزارع في كلا البلدين، تمثل النساء 40 % منهم، تدريبًا على الزراعة الذكية مناخيًا، وأسفر ذلك عن استخدام 736 موقدًا من مواقد الطهي التي تتميَّز بكفاءة استهلاك الطاقة وذلك للحد من إزالة الغابات. وأنشئ 79 مشتلًا للأشجار، ويجري غرس 417 ألف شتلة أشجار، وإنشاء 6 هكتارات من المدرجات (في 204 مزرعة) لحفظ التربة والمياه. وتم أيضًا تركيب وحدتين هاضمتين للغاز الحيوي لإنتاج الطاقة المتجددة من روث الأبقار.
وأضاف التقرير أن التربة السليمة تؤدي دورًا هامًا في توفير المياه النقية والقدرة على الصمود في وجه الفيضانات والجفاف. وتنقية المياه من خلال التربة عملية تحتجز الملوثات وتمنعها من الرشح إلى المياه الجوفية. وعلاوة على ذلك، تجمع التربة المياه وتخزنها، وبالتالي يمكن للمحاصيل امتصاصها، ويحد ذلك من التبخر السطحي ويزيد من كفاءة استخدام المياه والإنتاجية. إن التربة السليمة التي تحتوي على قدر كبير من المادة العضوية قادرة على تخزين مقادير كبيرة من المياه. 
والواقع أن المادة العضوية يمكنها الاحتفاظ بكمية من المياه تزيد 20 مرة تقريبًا على وزنها. ولا تقتصر فائدة ذلك على فترات الجفاف عندما تكون رطوبة التربة حاسمة لنمو النبات، بل يمتد أيضًا ليشمل فترات الأمطار الغزيرة لأن التربة تقلل من فيضان المياه وجريانها السطحي عن طريق إبطاء تصريفها في المجاري المائية. 
إن تحسين إدارة رطوبة التربة حاسم بالتالي لإنتاج الأغذية وتوفير إمدادات المياه بصورة مستدامة. ومن شأن تقليص قدرة التربة على تجميع الماء والاحتفاظ به وتصريفه ونقله أن يحد من الإنتاجية، سواءً إنتاجية المحاصيل أو أنواع المرعى، أو الشجيرات أو الأشجار. ويكمن التحدي الكبير في العقود المقبلة في مهمة زيادة إنتاج الأغذية باستخدام مياه أقل، لا سيما في البلدان التي تكون فيها موارد المياه والأراضي محدودة. ومن أجل التقليل إلى أدنى حد من أثر الجفاف على الأمن الغذائي، لا بد أن تكون التربة قادرة على تجميع مياه الأمطار التي تنهمر عليها، وتخزين أكبر قدر منها لاستخدام النبات في المستقبل، والسماح لجذور النبات باختراقها والانتشار فيها. وتؤدي المشاكل أو القيود في أحد تلك الظروف أو في عدد منها إلى أن تكون رطوبة التربة عاملًا رئيسيًا يحد من نمو المحاصيل. والواقع أن تدني غلات المحاصيل يرتبط في الأغلب بعدم كفاية رطوبة التربة وليس بنقص هطول الأمطار.
ويمكن للمزارعين، من خلال تنفيذ الممارسات الزراعية المستدامة، التأثير على بنية التربة ومحتواها من المادة العضوية لتحسين تنقية المياه والاحتفاظ بها. وتفرض تقنيات إدارة الأراضي السيئة وغير المستدامة، مثل الزراعة المفرطة، والرعي الجائر، وإزالة الغابات، ضغوطًا كبيرة على التربة وموارد المياه عن طريق تقليل التربة السطحية الخصبة وتقليص الغطاء النباتي، ويؤدي ذلك إلى زيادة الاعتماد على الزراعة المروية. وتشمل ممارسات الزراعة وإدارة الأراضي المستدامة التي يمكن أن تساعد على تحسين قدرة التربة على الاحتفاظ بالرطوبة، تغطية التربة بمخلفات المحاصيل، واستخدام محاصيل التغطية، وفرش القش فوق التربة؛ والحرث الذي يحافظ على التربة؛ وعدم تقليب التربة؛ والزراعة المحافظة على الموارد؛ واستخدام المحاصيل العميقة الجذور والمقاومة للجفاف والتي تتطلب كميات أقل من المياه؛ ووقف الجريان السطحي؛ وتجميع مياه الأمطار، والري الدقيق القائم على المعرفة. وتعمل منظمة الأغذية والزراعة على تدعم الحكومات والمزارعين في جميع أنحاء العالم من أجل تعظيم الموارد المائية والحفاظ عليها من خلال الممارسات الزراعية المستدامة وتحسين إدارة المياه. وتشمل المبادرات الرئيسية شراكة مياه الزراعة لأفريقيا، والمبادرة الإقليمية بشأن ندرة المياه في الشرق الأدنى، ومشروع حلول إدارة مياه الزراعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفي الهند.
وأوضح التقرير أيضًا إلى الطرق الإيكولوجيا الزراعية التي تستعيد أداء النظام الإيكولوجي عن طريق الحفاظ على صحة التربة، وهي إستراتيجية فعالة لتحقيق الأمن الغذائي في مناطق العالم التي تشتد الحاجة إليها فيها. وتشير التوقعات حاليًا إلى أن السياسة الزراعية ستواجه بصورة متزايدة تحديات إنتاج ما يكفي من الغذاء للعدد المتزايد من السكان مع ضمان إصلاح البيئة وبما يشمل سلامة التربة والنظم الإيكولوجية. ولذلك يسأل مقررو السياسات في كثير من الأحيان عن كيفية تلبية الحاجة الملحة إلى استعادة التربة وإصلاح البيئة في وقت لا يزال فيه ملايين الناس يعانون الجوع. وبالرغم من أن المناطق الريفية تستضيف كل إنتاج الأغذية تقريبًا فإنها تحتفظ أيضًا بأغلبية من يفتقرون إلى الأمن الغذائي من سكان العالم. ويقع 40 % من هذه التربة في أفريقيا وأما النسبة المتبقية فتوجد في معظمها في مناطق منكوبة بالفقر وانعدام الأمن الغذائي. وتتطلب العلاقة القوية بين التربة والصحة والأمن الغذائي إجراءات إستراتيجية وفورية، خاصة على المستوى المحلي، لوقف تدهور التربة من أجل زيادة إنتاج الأغذية والتخفيف من حدة انعدام الأمن الغذائي في المناطق التي تشتد فيها الحاجة إلى الأمن الغذائي وفي سياق تغير المناخ.
ومن خلال فهم التفاعلات بين التربة والنباتات والحيوانات والبشر والبيئة داخل النظم الزراعية والعمل معها، تنطوي الإيكولوجيا الزراعية على أبعاد متعددة من أبعاد نظام الأغذية، بما في ذلك الإصلاح الإيكولوجي، والاستقرار السياسي والاجتماعي، والاستدامة الاقتصادية. ويبدأ النهج الإيكولوجي الزراعي باستعادة حياة التربة من أجل إعادة تأسيس أو تعزيز العمليات البيولوجية المتعددة في التربة. ويتطلب ذلك زيادة المادة العضوية في التربة ورصدها؛ وتيسير التنوع البيولوجي في التربة ورصده؛ والاستفادة من معارف المزارعين من خلال مدارس المزارعين الحقلية وسائر النُهُج العلمية التشاركية. وتطبق الإيكولوجيا الزراعية إستراتيجيات من قبيل نُظم الزراعة المتعددة، والحراجة الزراعية، ومحاصيل تغطية التربة، وتناوب الإنتاج المحصولي والحيواني، وهو ما يضمن استقرار وتنوع الإنتاج والدخل المحليين على مدى السنة. ويدرك كثير من المزارعين في جميع أنحاء العالم ما تعنيه تربتهم المحلية إدراكًا عميقًا مستمدًا من التجربة العملية. وهؤلاء المزارعون هم العنصر الرئيسي الذي يدير النظم الإيكولوجية ويدخلون في صلب الإيكولوجيا الزراعية. ولدى هؤلاء المزارعون ممارسات زراعية مجربة ومكيفة ومكتشفة تستعيد حياة التربة وخدمات النُظم الإيكولوجية المتصلة بها. والتربة التي تدار إدارة جيدة من جانب المزارعين الأُسريين تساعد على ضمان تحقيق الأبعاد الأربعة للأمن الغذائي وتحافظ في الوقت نفسه على التربة من حيث التوافر عن طريق توفير العناصر الغذائية اللازمة لنمو المحاصيل؛ وسهولة الوصول عن طريق تحسين دخل المزارع الأُسرية من خلال زيادة المحاصيل التي يمكن التعويل عليها؛ والاستقرار عن طريق الحفاظ على المياه لدعم زراعة المحاصيل على مدى السنة؛ والاستخدام عن طريق جني أغذية مغذية صحية من تربة سليمة.
ويمكن لتصميم نظم إيكولوجية زراعية متنوعة متجذرة في المعرفة الإيكولوجية المحلية ومستندة إلى تنوع النظم والتآزرات الإيكولوجية أن يحسن كثيرًا من جودة التربة ويوقف تدهورها في نفس الوقت الذي يزيد فيه من الإنتاج وتوافر الأغذية المغذية. وتشكل الإيكولوجيا الزراعية الإطار الإستراتيجي للمنظمة، لا سيما الأهداف الإستراتيجية التي ترمي إلى جعل الزراعة والحراجة ومصايد الاسماك أكثر إنتاجية واستدامة، وزيادة مرونة سُبل المعيشة والحدّ من الفقر الريفي. ويجري العمل حاليًا في عدد من مشاريع المنظمة في مجال الإدارة المستدامة للأراضي وصون التربة في جميع أنحاء العالم. وتشمل هذه المشاريع تعزيز زراعة الحفاظ على التربة في ليسوتو، وتعزيز قدرة الزراعة العضوية المستدامة في بالاو، وزراعة الحور من أجل الأمن الغذائي في الصين.
وتشير السيدة كلير تشيني رئيسة المجلس العلمي التابع للبرنامج الوطني الفرنسي للبحوث عن التربة واستاذة في علوم التربة في جامعة باريس للتكنولوجيا الزراعية، والسفيرة الخاصة للسنة الدولية للتربة 2015، بأن حياتنا تتوقف على التربة. وقد لا نعي أن التربة أمر أساسي لتلبية احتياجاتنا من الأغذية والألياف والمياه وغيرها. وتثير التربة اهتمامي على صعيد شخصي لأنها مفعمة بالحياة. وهي تعتبر من آخر التخوم الحامية للتنوع البيولوجي في العالم. وتبدو التربة من السطح بنية اللون وبسيطة الشكل، ولكننا نرى إذا أمعنا النظر أنها تتمتع بهندسة بالغة التعقيد بمسامها وثقوبها وقنواتها. أنه عالم ثلاثي الأبعاد يضم مجموعة متنوّعة من الكائنات الحية التي قد لا تكون كلها فاعلة إنما يصمد العديد منها بانتظار حلول الظروف المؤاتية.
وأضافت تشيني إن إحدى أهم العبر التي استخلصتها والتي لا تزال تذهلني تتعلق بتعدد وظائف التربة. فعلى المستوى القاعدي، تشكل التربة الوسيلة التي تنمو بفضلها النباتات ونحن بحاجة إليها لإنتاج الأغذية والطاقة والألياف. غير أنها تلعب أيضًا دورًا كبيرًا في دورة المياه وتتسم بأهمية بالغة على مستوى تنظيم كمية المياه وجودتها. كما أن التربة تشكل المكان الذي نتخلص فيه من مخلفاتنا. والعديد من المضادات الحيوية تأتي من جراثيم وفطريات تم عزلها في التربة. وأعتبر أن أمن التربة يشكل قضية من القضايا العالمية الأساسية اليوم إلى جانب الأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة وصيانة التنوع البيولوجي والتغير المناخي. وترتبط كل هذه المسائل ببعضها البعض ارتباطًا وثيقًا غير أن التربة لا تحظى بنفس التغطية مقارنة بغيرها وحان الوقت لتغيير هذا المنحى. فتربطنا جوانب أساسية عديدة من حياتنا اليومية بالتربة. ولا يكمن هدفي في تزويد علماء التربة بالمعلومات بل توعية الناس الذين لا يعرون لها عادة أي انتباه، أي أصحاب المصلحة وصناع القرارات والمواطنين.