الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عفواً.. إقالة المحافظ ليست الحل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سيول مدمرة تغرق الإسكندرية في "شبر مية" .. كان هذا هو العنوان الأبرز الذي سيطر على جميع وسائل الإعلام بل والأحاديث الجانبية بين المصريين خلال الأيام الماضية .
حيث شهدت "عروس البحر المتوسط" أمطاراً غزيرة بصورة غير مسبوقة أدت إلى وقوع كوارث إنسانية خطيرة بدأت بمصرع 6 أشخاص صعقاً بالكهرباء إثر سقوط كوابل كهرباء ترام الإسكندرية العتيق في مياه الأمطار وبالتالي حدوث ماس كهربائي أدى لمقتل هؤلاء الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى وجودهم وسط منظومة متكاملة للفوضى والإهمال .
كما ارتفع منسوب مياه الأمطار في الشوارع المنخفضة إلى نحو 3 أمتار مما تسبب في غرق المنازل والمحال والسيارات على نحو غير مسبوق وكأنها فيضانات عارمة أو تسونامي مدمر .. مما نتج عنه تشريد آلاف المواطنين بعدما اجتاحت المياه بيوتهم وخربت الأثاث وجميع المحتويات .
حتى أن أحد أقسام الشرطة عجز ضباطه وأمناؤه ومأموره "وبابا غنوجه" عن إنقاذ أنفسهم من المياه الجارفة فما كان منهم إلا أن غادروا القسم ليستغيثوا بأجهزة الإنقاذ المدنية تاركين المساجين يصرخون في الزنازين لا يدرون مصيرهم .
على هذا النحو ظهر المشهد المأساوي لمدينة الإسكندرية، العاصمة الثانية لمصر المحروسة، وبطبيعة الحال بذلت أجهزة المحافظة ما بوسعها في محاولة لتدارك المأساة وتدخل رجال القوات المسلحة للمشاركة في جهود الإنقاذ .
لكن على الطرف الآخر راح "نوشتاء" الفيس بوك وتويتر يمارسون هوايتهم البذيئة في "الألش" والاستهزاء بمحافظ الإسكندرية واصفين إياه بـ"رجل التاتوه" وأخذوا يتندرون على مظهره المرفه وعلى زوجته التي كانت تصحبه في بعض المناسبات الرسمية .. فتحولت المسألة إلى استظراف وخفة دم وتريقة انتهت بتقديم د. هاني المسيري محافظ الإسكندرية استقالته .
وبدون التقليل من حجم الكارثة الطبيعية والإنسانية التي شهدتها المحافظة السياحية الأولى في مصر فإن السؤال الذي يفرض نفسه بعنف .. هل اقالة أو استقالة المسئول هي الحل الأمثل في مواجهة مثل هذه المشكلات ..
أعتقد أنه لو كانت الإجابة بنعم سيصبح الوضع كما وصفه لنا الزعيم عادل إمام في مسرحيته "شاهد ما شافش حاجة" حين قال للقاضي : " يا بيه لو كل واحد عزل من سكنه علشان تحته رقاصة البلد كلها هتنام في الشارع " .. وبالقياس مع الفارق لو كل وزير أو محافظ أو مسئول استقال أمام أول أزمة فإننا على الأرجح لن نجد أي مسئول في مكانه .
ثم من الذي يملك محاكمة هذا المسئول دون الوضع في الاعتبار ما فعلته الثلاثون سنة العجاف التي تراجعت خلالها مصر إلى ذيل الأمم في جميع المجالات وليس في الخدمات فقط .
ولمن لا يعلم فإن المحافظ المستقيل طلب عدة مرات من الحكومة 300 مليون جنيه للبدء في اصلاح البنية التحتية للمحافظة وكالعادة الحكومة عملت «ودن من طين وودن من عجين»، وبررت فشلها فى قبول استقالته (هو اللي استقال)
انني هنا لا أدافع عن المحافظ الذي صان كرامته وحفظ ماء وجهه وغادر منصبه اعترافاً منه بفداحة الكارثة ولكنني فقط أود التذكير بأنه قبل محاسبة أي مسئول عن أزمة هنا أو كارثة هناك فلا بد من إصلاح ما أفسده العهد المباركي وزبانيته الذين عاثوا في الأرض مفسدين وأصابوا جميع مناحي الحياة بالضمور بل الموت .. وبالمناسبة لا أريد أن أكون متشائماً لكنني أعدكم أن هذه لن تكون الكارثة الأخيرة وبالتالي فإنها لن تكون الاستقالة الأخيرة .. فما زال المشوار طويل .. وربنا يستر .