الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

شبكة النظام السحرية لصيد المعارضين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن الرجل سوى مستشارا ثائرًا.. متمردًا.. غاضبًا.. على الأوضاع السياسية المتردية والفاسدة التى كانت تحاول دائمًا أن تلوث مهنة العظماء.. بجعلها تابعة للمؤسسة الحاكمة، ضاربة عرض الحائط بكل القيم والمبادئ التى تحكم المهنة وتحلق بها بعيدًا عن الأهواء والضمائر الخربة، فهى مهنة استقلالها سر عدالتها وهو طبعًا ما كان نظام «مبارك» غير راض عنه، وعندما تحرك القضاة دفاعًا عن استقلال المهنة وحرية الوطن أرادت السلطة إجهاض تحركهم بسبل شتى، ومن ضمن الثائرين رجل شريف بكل ما تحمله الكلمة من معني.. مثقف.. نزيه.. ذو وطنية مفرطة.. وإخلاص صادق.. ولديه من الوعى ما يكفى لتغيير حال بلد بائس إلى وطن يضع كرامة المواطن فى أعلى الدرجات.
والسلطة هنا كانت تجيد الإيقاع بالشرفاء عن طريق الزج بهم فى حكايات رخيصة.. بما لا يخالف شرع نظام مبارك، حتى تستطيع ابتزازهم بعد تصويرهم فى غرف النوم.. أو فضحهم فى حالة عدم الاستجابة للابتزاز، ولأن الرجل كان متزوجًا وملتزمًا وليس معروفًا عنه أنه زير نساء نهائيًا، فقد تم رسم سيناريو محكم للإيقاع به، ولم تكن طبعًا فكرة الزج به فى مسألة أخلاقية بالسهلة تمامًا بل إنها كانت فى غاية الصعوبة، ولذلك فإن الخطة كانت تشمل أن يتم وضع امرأة فى طريقة لها مواصفات خاصة جدًا، حتى ينجذب إليها رجل مثله، فكانت سيدة جميلة وراقية وعمرها قريب من عمره فكانت أربعينية فى ذلك الوقت، لأن رجلًا فى مثل رجاحة عقله لا يمكن أن ينجر بفتاة صغيرة بل إن الفتاة الصغيرة فى مثل هذه الحالة من الممكن أن تهدم فكرة الإيقاع به من الأساس، لأنه بالتأكيد كان سيتجنبها تمامًا مهما بلغت درجة إعجابه بها، ولذلك كان من الأفضل أن تكون سيدة فى سن قريبة من سنه.
وكانت أيضا على درجة عالية من الثقافة ولها اسم معروف فى الأوساط الثقافية والصحف العريقة، فهو ليس رجلًا عاديًا لذلك يحتاج أيضا إلى امرأة ليست عادية، بل لها من الخبرات والتجارب ما يمنحها فرصة كبيرة لتورط الهدف، تعرفت عليه من خلال أحد المؤتمرات الصحفية وقدمت له نفسها وكان هو يعرفها من قبل من خلال مقالاتها فى الصحف وأيضا ظهورها القليل فى بعض البرامج التليفزيونية كضيفة، وبخبرة السيدة من ناحية، والمعلومات التفصيلية التى عرضت عليها من حراس الخزينة من جهة أخري، علمت جيدًا أن الطريق لهذا الرجل لا بد أن يكون عن طريق قلبه، واستطاعت السيدة الجميلة أن تصل إلى هدفها فعلًا فى وقت قصير ووقع فى حبها، خاصة أنه كان شخصًا عاطفيًا ورومانسيًا وحالمًا على الرغم من قوة شخصيته، ثم حان الوقت للخطوة الثانية والمطلوبة أولا، وهو لقاء حميم يجمع بينهما فى غرفة النوم، واستطاعت أن تستدرجه لمكان خارج القاهرة حيث الماء والخضرة والوجه الحسن، ولكنها فوجئت به يرفضها ليس لأنه لا يرغبها ولكن لأنه لا يريد أن يحدث ذلك بشكل غير شرعى، وهو لم يفعل ذلك من قبل فى حياته ولن يفعله اليوم وهو فى هذه المكانة وهذا العمر، وطبعًا أدركت المرأة أن خطتها أوشكت على الفشل وعلى الفور عرضت عليه الزواج عرفيًا فى السر لأن إعلان الزواج لن يناسب الطرفين، ولكنه أيضا رفض لأنه لا يريد أن يخدع زوجته التى ارتبط بها عاطفيًا منذ سنوات الجامعة، وهى بالفعل رفيقة عمره، وكان هذا هو فصل النهاية وانتهت قصة المستشار مع السيدة المثقفة بعد شوط واحد فقط من مباراة انتهت مبكرًا، ولم تستطع السلطة أن تزج به فى قضية أخلاقية، حيث كانت هذه هى فرصتها الوحيدة لابتزازه، لأن الرجل لم يكن فاسدًا ومن المستحيل الإيقاع به فى قضية رشوة أو فساد.. وبالتالى لم يستطع نظام مبارك تشويه الرجل نهائيًا.. وظل الرجل على مبادئه التى لم تتبدل حتى يومنا هذا. 
صحيح أن الخطة فشلت هذه المرة.. ولكنها نجحت مع الكثير، وأحيانا كانت السلطة لا تبذل المجهود الذى بذلته فى الحالة السابقة، لأن بطل الحالة السابقة كان شخصًا صعب المنال، ولكن الغالبية العظمى من البشر متاحين بنسب تختلف فى كل حالة عن الأخرى، والغريب أن الرجل الذى تحدى الرئيس نفسه كانت خطة دخوله للسجن أسهل من الإيقاع به عن طريق غرفة نومه، لأنه كان من الأساس مناضلا وهميا وغير حقيقى وكانت السلطة تعرف ذلك جيدا، ورغم أيضا أنها اتبعت نفس الطريقة وزرعت له فتاة من بلد عربى تعمل فى مكتبه إلا أن الإيقاع به لم يكن عن طريقها بشكل مباشر، بل بشكل غير مباشر، فقد استطاعت أن تعرف كل أسرار عمله، وأنه سوف يزور بعض الأوراق الرسمية، وتم الانتظار حتى حدث ذلك بالفعل، كما دست عليه هى بعض الأوراق الأخرى المزورة أيضا، ودخل السجن، ولكن الخطة انحرفت عن مسارها حيث صنعت منه الأزمة بطلا، وقال لى ذات مرة مصدر قريب من السلطة فى هذا الوقت إنه حذرهم من ذلك أن هذه الطريقة سوف تصنع منه بطلا مغوارا وعليهم تغيير الخطة ولكنهم رفضوا، ثم أراد حراس الخزينة الذين علموا أن خطتهم جعلت من «النصاب» فارسا مغوارا.. ومن الشخص الوهمى شخصا حقيقيا فتم الإفراج عنه بعفو رئاسى، وبعدها تم الزج بفتاة جامعية صغيرة وجميلة فى طريقه، ولم تكن مهمتها صعبة بل فى غاية السهولة وتم تصوير اللقاء الحميم بينهما فى غرفة نومه، ونشر ذلك على الملأ، خاصة بعد أن تركته زوجته وطلبت الطلاق.. وتم حرقه تماما ولم يظل البطل فى نظر مؤيديه بعد ذلك.