رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

المستشار محمد ناجي شحاتة في حواره لـ"البوابة": لست ضد "الإخوان" وأراعي الله في أحكامي

المستشار محمد ناجي
المستشار محمد ناجي شحاتة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هناك تقصير أمنى في اغتيال النائب العام وتركت منزلي بعد الحادث لـ«مكان مجهول»

القوانين الحالية «تكبل القاضي» والعدالة المتأخرة «ظلم» وأحكم بـ«الأوراق»

القاضي الذي يعمل حسابًا لكلام الناس يروح بيتهم أحسن.. والتهديدات لا تخيفنى

  «بتاع البطاطا» يتكلم فى القانون ويسخر من «القضاء الشامخ»

عملت «ضابط صاعقة» 6 سنوات وحكمت على مسئول «الجناح العسكري» لـ«الإرهابية» عام 1992

قال المستشار محمد ناجى شحاتة، رئيس محكمة جنايات الجيزة صاحب أحكام الإعدامات الشهيرة بحق عدد من قياديى وعناصر جماعة الإخوان، إن «القاضى دائما مظلوم لأن الأدلة تحكمه، فإذا توافرت يحصل المتهم على حكم بالإدانة»، مشيرًا إلى أن «الأدلة فى قضايا الإرهاب المنظورة حاليًا دامغة، ومسألة حصول المتهم على براءة أو إدانة ترجع للقاضى الذى يدرس القضية المنظورة أمامه جيدًا».

وأضاف «شحاتة»، فى حوار خاص لـ«البوابة»، أن الشائعات التى تروج بأن قضايا «الإخوان» مسيسة ليست من فراغ، بل هى نتاج قلة الثقافة القانونية لدى المجتمع المصرى، مؤكدًا أنه «ليس ضد الإخوان ويراعى الله فى أحكامه، ومثلهم مثل أى متهم عادى».

بداية.. نريد التعرف على جانب من السيرة الذاتية للقاضى ناجى شحاتة؟

- حصلت على ليسانس الحقوق جامعة القاهرة عام ١٩٧٢ بتقدير جيد جدا، وعقب التخرج التحقت بالقوات المسلحة (ضابط صاعقة) لمدة ٦ أعوام، وقضيت مدة خدمتى بأكملها فى منطقة أبوسلطان بالإسماعيلية، وبعد انتهاء خدمتى بالجيش، عينت فى نيابة الأحوال الشخصية لمدة ٣ أعوام، وبعدها تدرجت فى جميع مراحل النيابة.

أما العمل الفعلى فى القضاء، فكان عام ١٩٨٢ حيث بدأت «قاضى جنح صغير»، وخدمت فى المنيا وأسيوط، وتخصصت فى قضايا الإرهاب عام ١٩٨٩، ووقتها كنت مستشارًا وعضوًا فى إحدي الدوائر، ونظرت قضايا تنظيم «الشوقيين» وعملت رئيسًا لمحكمة جنايات أسيوط، وأنا الآن رئيس محكمة جنايات الجيزة.

هل هناك خلفيات فى علاقتك بجماعة الإخوان المسلمين غير إصدارك أحكامًا مؤخرًا بإعدام بعض قيادات وعناصر الجماعة؟

- عام ١٩٩٢ حكمت على أحد المتهمين منهم، وكان مسئول الجناح العسكرى، بتهمة الشروع فى قتل ضابط أمن دولة، ومن وقتها وضعونى فى حساباتهم، وأصبحت شخصية مستهدفة من قبلهم.

واختيارى لنظر قضايا الإرهاب ضمن ٥ دوائر متخصصة يرجع لمعرفتى بـ«الإخوان»، وطبيعة عملى السابقة كضابط صاعقة لا أخاف سوى الله، وقضايا «الإخوان» مثلها مثل أى قضايا لكنها تحتاج شجاعة، بسبب تعرضنا لتهديدات، ويوجد قضاة كثيرون يعتذرون عنها.

حدثنى عن التهديدات التى تلقيتها؟

- تعرضت لأكبر قدر من التهديدات، عندما كنت فى أسيوط، فكانت الجماعات تصل إلى منزلى، وتكتب على باب شقتى وعلى سلم العقار تهديدات بالقتل مثل «الموت للخائن»، لكن مثل هذه الأمور لا تهمنى.

وأول التهديدات التى تلقيتها فى القاهرة، عندما توليت نظر قضية قتل المتظاهرين أمام قسم كرداسة ٢٠١١، وكان المتهمون فى القضية ضباط شرطة، وعندما حكمت ببراءة جميع المتهمين، لأنهم كانوا فى حالة دفاع شرعى عن نفسهم اعتبرتنى الجماعة ارتكبت جريمة لا تغتفر، فكنت من أوائل القضاة الذين كسر عليهم قاعة المحاكمة بمحكمة جنوب القاهرة.

ما آخر التهديدات التى تلقيتها؟

- آخرها كان التهديد باستهدافى بواسطة «آر بى جى» أثناء ذهابى لمحكمة أكتوبر، وتم اكتشاف الموضوع عن طريق المصادفة، عندما استدعى المستشار معتز خفاجى أحد المتهمين فى قضية «ألتراس ربعاوى» لمواجهته بأدلة الإدانة فى القضية، فقال له المتهم: «زنزانتى بها ٤ من الإخوان وسمعتهم يرددون أسماء بالتحديد معتز وناجى وعاوزين يضربوكم بالـ«آر بى جى» قبل وصولكم المحكمة».

هل تلك التهديدات غيرت من موقفك أو جعلتك تفكر فى الاعتذار عن نظر قضايا الإخوان؟

- بالطبع لا، فالتهديدات لا تستحق، ثم إننا متعودون على ذلك ولا يوجد جديد.

ما أهم قضايا الإرهاب التى تنظرها؟

- هناك قضايا عديدة منها خلية الماريوت، وغرفة عمليات رابعة، وأحداث مسجد الاستقامة، وألتراس ربعاوى.

ماذا عن الحراسات الخاصة بك؟

- منذ أن توليت قضايا الإرهاب خصصت لى حراسة أمنية، لكن بعد اغتيال النائب العام أصبحت الحراسة مضاعفة، وأهم ما جد بعد الحادث ترك منزلى وانتقالى إلى هذا المنفى الذى لا يعلم سوى الله إلى متى سنظل فيه.

ما سر الأحكام الكثيرة التى تصدرها ضد ضباط وصحفيين أثناء نظر القضايا؟

- الناس تظلمنى لمجرد الانطباع الأول على شكلى، أنا أحب أن تكون جلستى منضبطة جدا، وعلى سبيل المثال عندما أرى ضابطا (ملازم أول) يشرب سيجارة فى الجلسة ماذا تتوقعين أن أفعل؟.. لابد أن أحبسه حتى يتعلم كيف ينضبط داخل الجلسة، ولا عذر له عندى لحداثة سنه أو قلة خبرته، فإذا كان ذلك عذر فلا يأتى إذن إلى محكمة الجنايات، بل يتدرب فى محاكم الجنح الصغيرة حتى يكتسب الخبرة و«يشتد عوده».

البعض يرى أن القضايا الخاصة بجماعة الإخوان مسيسة.. ما تعليقك؟

- إطلاقا.. لا أحد يستطيع أن يفتى أو يحكم فى شىء إلا من عاش فيه.. أقسم إنه لا يوجد أحد حدثنا فى ذلك الأمر وقال لنا اعملوا كذا أو كذا أو احكموا الحكم الفلانى.

لكن توجد مقارنة بين الأحكام الصادرة بحق نظامى مبارك والإخوان؟

- القاضى دائما مظلوم لأن الأدلة تحكمه، فإذا توافرت الأدلة يحصل المتهم على حكم إدانة، وإذا لم تتوافر فلماذا أعطى حكمًا؟.. وفى قضايا الإرهاب عادة تكون الأدلة دامغة، ومسألة أن المتهم يحصل على براءة أو إدانة، فهذه ترجع للقاضى نفسه الذى يدرس القضية التى أمامه جيدًا، وأى قاضٍ يعلم جيدا أنه ليس مخلدًا فى الدنيا فأسبقية الحكم لـ«محكمة السماء»، والشائعات التى تروج بأن قضايا «الإخوان» مسيسة ليست من فراغ، بل هى نتاج قلة الثقافة القانونية لدى المجتمع المصرى، حيث تشاهدين نماذج عديدة من فئات المجتمع مثل بائع ذرة وشخص يشوى بطاطا وأشخاص غيرهم يجلسون فى ميدان التحرير، ويتحدثون عن القضاة وأحكام القضاء ويسخرون أن قضاءنا المصرى شامخ، ويشككون الناس فى نزاهة القضاة وما يصدرونه من أحكام، وللأسف الكل يتبعهم ويتحدث بذات الأسلوب ولا أحد يعرف عن طبيعة عملنا شيئا، فيوجد أناس كثيرون يقولون لنا: «والنبى شدوا حيلكم شويه واعدموا مرسى.. طب إحنا مالنا».. نحن نصدر حكما إنما التنفيذ ليس من اختصاصنا، وأريد أن أسجل ملحوظة أن «القاضى الذى يعمل حساب الناس لا يستحق أن يكون قاضيا».

ثم إن المقارنة هنا بين النظامين لا تصح، لأن العبرة بأوراق القضية، فلا يجوز أن أقدم أناسا للمحكمة لمجرد إرضاء الرأى العام.. ماذا أقول لربي عندما ألقاه فى يوم الموقف العظيم؟

تردد أن هناك طمسا لأدلة اتهام رموز نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك.. نريد توضيحا؟

- أنا أتحدث عن القضايا التى أنظرها ولا أستطيع التعليق على قضايا ينظرها زملائى، لأن كلًا منا له وجهة نظر، وما أقوله إن جميع القضايا التى قدمت لى الأدلة بها كافية جدًا لإدانة المتهمين.

كيف تنظر إلى حادث اغتيال النائب العام؟

- لا تعليق.. لكن مما لاشك فيه أنه كان هناك تقصير فى عملية التأمين، وليس هناك عذر أو مبرر لما يتردد من أقاويل من أن بعض الجهات حذرت الرجل أكثر من مرة بترك منزله لصعوبة تأمين خط سيره ورفضه ذلك، فأبسط الأشياء أنه كان يجب تمشيط المنطقة بشكل كامل قبل تحركه.

ماذا دار بينكم وبين الرئيس فى جنازة النائب العام؟

- الرئيس يعلم جيدا ما يعانى منه القضاة فى مصر، وطلب منا أن نفتح صدورنا له ونقول له ما يعطلنا عن نظر القضايا، وهذا ما حدث بالفعل فقلنا له: «إحنا بنشتغل بقوانين لا تصلح للعصر الحالى، فقوانين الإجراءات الجنائية تكبل القاضى».

وعلى سبيل المثال من الممكن أن نجعل سماع الشهود أمام المحكمة جوازيًا فيجوز أن تسمع أو لا حسب وجهة نظر القاضى، لكن ما يحدث الآن أنه يجب للمحكمة سماع الشهود فهو شرط إلزامى للقاضى، وأحيانًا يكون هناك ١٥٠ شاهدًا يضطر القاضى لسماعهم لأن الدفاع يطلب شهادتهم، وتعد تلك النقطة من الثغرات فى القانون التى يستغلها بعض المحامين لإطالة القضية لصالح موكله مما يضر بالمجنى عليه، وهذا الوضع تنطبق عليه المقولة الشهيرة: «العدالة المتأخرة هى والظلم واحد أو الحق الذى يصل لصاحبة متأخرا هو والظلم واحد».

وطرحنا حلًا يتمثل فى تفعيل القانون ١٠٥ لسنة ١٩٨٠ الخاص بقانون الطوارئ، وفى هذه الحالة تكون جميع القضايا الخاصة بالإرهاب قضايا أمن دولة عليا خاضعة لقانون الطوارئ، فالحكم التى تصدره المحكمة يكون نهائيًا ولا يعود للنقض مثلما يحدث الآن، فالقضية تعود لنقطة الصفر مرة أخرى، وتأخذ ٦ سنوات فى المحاكم، وطبعا ذلك لا يرضى ربنا، فلابد من إجراء تعديلات تشريعية، وسن قوانين جديدة تتيح للقاضى سرعة إنجاز القضية، وهى تعديلات بسيطة جدا لا تأخذ وقتا أو مجهودا كبيرا مثل جعل النقض مرة واحدة، بمعنى إذا نقضت محكمة النقض الحكم تتصدر له هى ولا تعيد القضية مرة أخرى لدائرة جنايات جديدة.

ما الإجراءات عملية اتخذت فى هذا الشأن؟

- إلى الآن لم يتم اتخاذ أى إجراء، ولا يزال الأمر محل نظر فقط، وحتى الآن نحن نطبق القوانين القديمة فنجد أغلب الناس تقول: «القضاء المصرى متباطئ»، لكن القضاء ليس متباطئًا فالقانون هو الذى يحكمنى، فالقاضى مثل الجندى، مسئول عن كلمة الحق أيًا كانت الظروف، أنا لست ضد الإخوان لكن أراعى ربنا فى أحكامى.. فهم مثل أي متهم عادي، الجميع أمام القانون سواء.. هذا ما يحكمنا كلنا، فإذا أخطأت يكون الخطأ غير مقصود، لأننا فى الأول والآخر بشر نخطئ ونصيب، فالكمال لله وحده، لكن أن أكون متعمدًا الخطأ مجاملة لأحد أو إرضاء لطرف على حساب طرف آخر، فذلك لم ولن يحدث مطلقًا.