رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الهجمات الإرهابية.. والدروس المستفادة "2-2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تناولنا في مقال الأسبوع الماضى مجمل الهجمات الإرهابية التي شنها التكفيريون على تونس والكويت وفرنسا وأخيرا شمال سيناء وحادثة اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات؛ وأكدنا أنه يجب الاستفادة من تجربة مواجهة الهجمات المباغتة التي تشنها التنظيمات الإرهابية، مبدئيا يجب أن نعترف أن الحرب على الإرهاب هي حرب طويلة المدى وأن الحرب على الإرهاب ستحدد مستقبل شعوب هذه المنطقة بل وشعوب العالم بأثره، وأن أطراف هذه الحرب متعددة ما بين محليه وإقليمية وعالمية؛ وأن هناك إصرارا شديدا من قبل هذه الأطراف على الحفاظ على استمرار حالة الحرب بالمنطقة لتجنب أي مسارات ثورية خاصة بعد أن فوجئ العالم بثورات الربيع العربي؛ وحتى قبل اندلاع الربيع العربى حيكت مخططات (ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد)، والذي بموجبه تتم إعادة صياغة وتشكيل المنطقة لدويلات صغيرة تقوم على أسس دينية وطائفية وهو ما يعرف بالمشروع الأمريكانى في الشرق الأوسط، ولكى يتحقق هذا المشروع على الأرض كان لا بد من تعاون قوى الرجعية بالمنطقة، ووجدت قوى الإسلام السياسي بكافة أطيافها مرشحة للعب هذا الدور، ولقد تعاونت هذه القوى في تقويض ومصادرة واغتيال أحلام الشعوب العربية، وبقيادة أمريكية عملت على تدمير مؤسسات الدولة خاصة الجيش والأمن، ودعمت تنظيمات مسلحة على رأسها داعش وجبهة النصرة وفجر ليبيا... إلخ، وفيما عدا النموذج المصرى الذي استطاع أن يتجاوز المشروع الإخوانى - الأمريكانى بفضل تلاحم قوى الشعب المصرى مع القوات المسلحة والشرطة والقضاء والإعلام، ولكن آثار هذه المرحلة خلفت وراءها قوى الإسلام السياسي الجهادى التكفيرى خاصة في شمال سيناء، تلك التنظيمات الإرهابية التي دشنها الإخوان خلال فترة حكمهم؛ وبدعم من التنظيم الدولى للإخوان ودعم دولى من أمريكا وتركيا وقطر وحماس، وقد ظهر هذا الدعم بوضوح خلال العملية الإرهابية الأخيرة في سيناء سواء من حجم الأسلحة المستخدمة ونوعيتها التي وصلت إلى أسلحة مضادة للطائرات وكذلك أسلوب الهجوم ومحاولة احتلال جزء من الأرض في مدينة الشيخ زويد، إن التدريب على استخدام الأسلحة وخطط الهجوم بالتأكيد لم يتم على أرض سيناء وفى الأرجح أن يكون قد تم التدريب عليها في سوريا والعراق، وأن دخول الأسلحة جاء عن طريق حماس، إضافة إلى دخول العناصر الإرهابية عبر الأنفاق خاصة أن معظم العناصر المشاركة عناصر أجنبية حيث أكدت صور جثث القتلى التي نشرت عبر بيان الإدارة الإعلامية للقوات المسلحة وبناءً على ما سبق فإنه يجب التأكيد على مجموعة من الأسس والقواعد المكتسبة طوال فترة مواجهة الإرهاب أهمها:
أولًا: يجب أن تفهم شعوب المنطقة أن الحرب ضد الإرهاب هي حرب طويلة المدى قد تستغرق عدة سنوات وبالتالى فكل طرف من أطراف المعركة حتما سيطور من آلياته العسكرية والاستخباراتية والدعم المادى واللوجستى مع الاستفادة من جيل الحرب الرابعة، وهى الحرب الإعلامية والتي يجب التعامل معها باحترافية شديدة وعلى القيادة السياسية أن تطور من خطابها الإعلامي وأن تسارع في تغطية الأحداث تجنبا لحالة التخبط الإعلامي خاصة بعد ما حدث من تجاوزات وأخبار مغالطة لواقع الأحداث إبان الهجمات الإرهابية الأخيرة في سيناء.
ثانيا: إن نهاية هذه الحرب لن تكون الانتصار، إرادة شعوب المنطقة بتحقيق حلم الوحدة في مواجهة المشروع الغربى الأمريكى الرامى لتقسيمها لدويلات على أسس طائفية وقبلية مما يسمح بمشروعية الكيان الصهيونى بالمنطقة ويستبدل الصراع الطبقى (بين معظم شعوب المنطقة المغلوبة على أمرها ضد أنظمة الحكم المتوحشة) بصراعات طائفتيه غير محدود الأفق والمدي.
ثالثا: يجب تفعيل الدور الشعبى في الحرب، خاصة دور القبائل والعشائر في المنطقة ومحاولة احتوائها داخل مؤسسات الدولة وتقديم الدعم المادى واللوجستى حتى تتمكن من القيام بدورها في توجيه وحشد شعوب المنطقة لمواجهة الإرهاب وحتى تفقد التنظيمات الإرهابية الحاضنات الشعبية بدعوى الانتصار على أنظمه حكم كافرة.
رابعا: يجب أن يفهم أن الحلين الأمنى والعسكري غير كافيين لمواجهة الإرهاب، وأن ظاهرة الإرهاب هي في الأساس ظاهرة فكرية، وأن المواجهات الفكرية للإرهاب قد تحد من تدفق آلاف الشباب للكيانات الإرهابية، وأن المواجهة الفكرية لن تتم إلا من خلال مشروع ثقافى قومى مكوناته الأساسية حرية الفكر والعقيدة واحترام الآخر وتحقيق مبدأ المساواة والعدالة في الحقوق والواجبات.
خامسا: اعتبار الأنظمة التي تدعم تنظيمات إرهابية مسلحة هي أنظمة معادية لشعوبها، فقد تلجأ بعض الأنظمة العربية لدعم تنظيمات مسلحة سنية لمواجهة التمدد الشيعى بالمنطقة وبالتالى تتزايد حدة الصراع في المنطقة، والأجدر هو دعم الشعوب ومؤسسات الدول، وعلى سبيل المثال لو أن دول التعاون الخليجى قامت بضم اليمن في أطر منظومتها والعمل على تطوير هذا البلد الفقير لاختلف الحال عما يقبع فيه اليمن الآن من ضعف شديد لمؤسسات الدولة التي تعج بكافة التنظيمات المسلحة.
سادسا: اتخاذ موقف حاسم من مناورات جميع أطياف الإسلام السياسي بالمنطقة وعلى سبيل المثال في مصر كيف يمكن أن نثق بمشروع السلفيين وهم الذين أرسوا في عصر الإخوان سلوكا رجعيا بمحاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي إضافة إلى اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، ولم نجد لهم أي حشود تندد بالإرهاب فضلا عن مرجعيتهم الفكرية التي تقوم على مبدأ نبذ الآخر.
سابعا: أن تشارك جميع مؤسسات الدولة في الحرب على الإرهاب وألا تختزل الحرب على مؤسستى الجيش والشرطة، بل يجب أن تكون المواجهة شاملة، وأن تقوم كل مكونات المجتمع بدورها الإيجابى في تلك المواجهة، خاصة مؤسسات الشباب والرياضة والثقافة والإعلام والتربية والتعليم.
ثامنا: المشاركة الفعالة للإعلام مع ضمان حرية النشر والتعبير وحرية تداول المعلومات وعدم فرض أي قيود على حرية الصحافة وإرهاب الصحفيين، وفى هذا الصدد لا يمكن أن يصدر قانون لمكافحة الإرهاب يحتوى بعض بنوده مواد تعاقب الصحفيين بالسجن الأمر المخالف للدستور الذي قد يعيدنا للمربع رقم صفر للحريات، وهو انتهاك صريح للدستور.