الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

المسلم بين الإيمان الحق.. والتأسلم (25)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وفى نهايات العشرينيات كانت الفاشية تتسلل إلى مصر ووجدت لنفسها مساحة واسعة وسط جالية إيطالية شديدة النشاط كثيرة العدد (قرابة 70 ألف شخص) وتمتلك 57 مدرسة تضم 10688 طالباً فى عام 1933 – 1934 . [عبد الحميد فهمى مطر – التعليم والمتعطلون فى مصر – صـ191] وفى أوساط هذه الجالية نشطت سفارة ايطاليا وشكلت فرقاً فاشية كانت تتهادى فى شوارع المدن المصرية بقمصانها السوداء، بما أثار مخاوف اليساريين الايطاليين . ثم أتت النازية الهتلرية واضطهادها لليهود بما أثار الفزع وسط اليهود فبدأوا هم أيضاً فى التحرك وربما كان الأكثر نشاطاً من اليهود ليون كاسترو [كان صديقاً لسعد زغلول وأصدر مجلة بالفرنسية ذات ميول وفدية أسماها Liberte [للمزيد حول دور ليون كاسترو وتحوله لخدمة الحركة الصهيونية راجع : أحمد محمد غنيم وأحمد أبو كف – اليهود والحركة الصهيونية فى مصر – كتاب الهلال . وأيضاً د. رفعت السعيد – اليسار المصري 1925- 1940] . وكان هناك مثقفون يهود ومصريون ارستقراطيون تعلموا فى المدارس الفرنسية وخاصة الليسيه [157 مدرسة تضم 1865 مدرساً و 32495 طالباً] وكان عديد من المدرسين الفرنسيين يساريين أو قريبين من اليسار . ولعل ما أفزع هؤلاء جميعاً هو الصدى الذى وجدته الفاشية والنازية فى المناخ المصري . ففي الصحافة كان هناك مديح كثير لهذا التيار يقال أنه كان مدفوع الأجر من سفارتي ألمانيا وإيطاليا فتقول أحدى هذه الصحف “,”لقد أتى موسولينى بأعمال مجيدة وجعل الشعب الإيطالي يقلع عن كثير من العادات القديمة التى كادت أن تؤدى بإيطاليا إلى الخراب“,” . [اللطائف المصورة – 28 - 2 – 1927] ونقرأ مديحا لموسولينى لأنه “,”أسكت المعارضة فى البرلمان الإيطالي وصان بذلك حياة المملكة التى كانت جرائدها ولسان معارضتها تقودها بخطوات سريعة نحو البلشفية“,” [قسطاكى إلياس عطاره – تاريخ تكوين الصحف المصرية – (1928)- صـ197] وحتى الأهرام تكتب “,”ولقد يكون مفيداً لمصر وهى تتسلح للدفاع عن كيانها إزاء الدسائس الشيوعية إلقاء نظرة على الحرب العوان التى أعلنها الفاشست فى ايطاليا على العدو المشترك“,” [الأهرام 8-9-1927] وحتى “,”السياسة“,” جريدة حزب الأحرار الدستوريين التى كانت وحتى وقت قريب ليبرالية خالصة كتبت تقول : “,”لعلنا لا نخطئ إذا قلنا أن الروح الفاشستية تلقى تأييداً أشد حرارة من الروح البرلمانية“,”[السياسة – 31-8-1936] ثم كانت هناك القوى المنظمة التى جعلت من نفسها سنداً للفاشية ومنها أحمد حسين [حزب مصر الفتاة] الذى كان يصرخ بأعلى صوت “,”نكره هذا النظام البرلماني الذى يقوم على تعطيل الإعمال وتعويق الإنتاج والذى يحول البلاد إلى مسارح للخطابة ونحن نريد فى نهاية الأمر نظام لا تكون فيه الكلمة للجهال وهم فى كل مكان الأكثرية“,” [الصرخة – 7-10-1933] ثم لا يلبث أن يقول “,”الفاشية فيها كثير من الإسلام“,” [الصرخة 1-3-1935] ووجدها القصر الملكي والذى كان يسيطر عليه ثالوث من الشيخ المراغي – على ماهر – كامل البندارى الفرصة ليستخدم هذه القوى السياسية ذات النزعة والعلاقات الفاشية في صراعه ضد الوفد، وتكتب جريدة المصري الوفدية وهى تتحدث عن الفاشست المصريين “,”فالديكتاتورية إذا كانت شراً فى صورتها الشعبية كما هى فى ايطاليا وألمانيا فإن شرها يتجاوز الحدود والقيود إذا تولاها رجال السراي، وقد صدق زعيم الأمة إذ قال “,”ليس أو أسوأ من حكم رجال السراي فى أي بلد من البلاد“,” [المصري -3-7-1938].. ويتحدث النحاس عن ذلك كله معلناً فى البرلمان عندما كان رئيساً للوزراء “,”أن جمعية مصر الفتاة تعمل لحساب دولة أجنبية ضد مصلحة البلاد“,” [مجلس النواب – الهيئة النيابية السادسة – مضبطة جلسة 22-7-1936 – صـ97] وألمحت الصحف الوفدية إلى إن هذه الدولة هي ايطاليا وقالت آخر ساعة “,”لقد أنفقت إيطاليا فى عام 1935 مبلغ 20 ألف جنيه على الدعاية وتضاعف هذا المبلغ فى عام 1936“,” [آخر ساعة – 19-7-1936] وتكتب مجلة The communist international “,”إن القاهرة هي أحد المراكز الرئيسية للدعاية الفاشستية وللتجسس لحساب ايطاليا وألمانيا، والدعاة الفاشست يرددون للجماهير المسلمة أكاذيب تقول أن الكثيرين من الألمان والايطاليين قد اعتنقوا رسالة محمد وهم يوزعون كتاب “,”كفاحي“,” لهتلر كأنه قرآناً جديداً .
[ Vol . xvll No . 6 (1939) P 476 ]
ولعل هذه المجلة كانت تتابع كغيرها ما كتبه الأستاذ البنا فى مجلته النذير “,”ذكرت بعض الصحف أن إيطاليا تفكران فى اعتناق الإسلام . وقررت ايطاليا تدريس اللغة العربية فى مدارسها الثانوية بصفة رسمية وإجبارية، ومن قبل سمعنا عن تفكير اليابان فى إشهار الإسلام“,” . [النذير – 4 ذي القعدة 1357 – العدد 30- مقال للأستاذ حسن البنا] وتسارع شعب جماعة الإخوان إلى الترويج لقصة تقول أن هتلر قد أسلم وقام بالحج سراً وأسمى نفسه الحاج محمد هتلر . وتتحول الشائعات إلى تقارير رسمية ونقرأ “,”ففي لقاء بين السير والتر سمارت المستشار الشرقي السفارة البريطانية مع وكيل وزارة الداخلية . قال وزير الداخلية أن حسن البنا يتلقى أموالاً من ألمانيا وإيطاليا والقصر [محسن محمد – مقتل حسن البنا – صـ88] ثم نكتشف نحن وثيقة مترجمة بالانجليزية عن أصل بالألمانية ضبطت لدى مدير مكتب الدعاية الألماني Herr wilhelm Stellbogen وهى عبارة عن مذكرة مكتوبة بالاختزال تقول “,”لقد أرسلت البعثة إلى حسن البنا مرة أخرى ذات المبلغ بذات الطريقة لكنهم طلبوا مزيداً من المال رغم أنني سلمتهم ألفى جنيه [المتحف البريطاني – وثائق الخارجية البريطانية – “,”F.0. 371 – 23342 – 22-1-1939 ووثيقة أخرى تقول “,”إن دفعة جديدة من الأموال لجماعة الإخوان المسلمين قد أصبحت فى اعتقادي ضرورية جداً“,” [مكتب الأمن العسكري – مصر [ F.0371 – 23342 ] . وفى ظل مناخ كهذا .. يكون من المنطقي أن يتجمع الليبراليون من كل صنف بحثاً عن حماية لأشخاصهم [إن كانوا يهوداً أو سعياً للدفاع عن أفكارهم المناهضة للفاشية] .