الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ذبح المصريين بخناجر أمريكية..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن من يشاهد فيديو مذبحة المصريين في ليبيا يدرك حجم المؤامرة التي يتعرض لها الوطن من قِبل قوى كثيرة لا تريد الخير لمصر، وأقلها خطرا على الإطلاق هو تنظيم داعش الإجرامي، إن هذا التنظيم لا يمثل في حد ذاته سوى أداة في يد قوى عديدة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وقطر وإسرائيل.
فلا شك أن الولايات المتحدة قد تضررت كثيرا بإسقاط الشعب المصري لحكم جماعة الإخوان في مصر، تلك الجماعة التي كانت تتبنى استراتيجية أمريكية لحل المشكلة الفلسطينية إسما والإسرائيلية حقيقةً على حساب مصر من خلال منح الفلسطينيين دولة في قطاع غزة وجزء من سيناء المصرية مع التنازل للإسرائيليين عن الضفة الغربية، وعلاوة على ذلك، كان من بين الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية تفكيك الجيش المصري الذي يقف حجر عثرة أمام مشروع الإخوان الصهيوني، لأن الجيش المصري لن يرضى بذلك، وهو ما كان الإخوان يعلمونه جيدا.
ورغم بعض الزيارات الباهتة لبعض المسئولين وأعضاء الكونجرس الأمريكيين للقاهرة بين الحين والآخر، إلا أنه يتضح بجلاء أن هذه الزيارات تعكس مدى برودة العلاقات بين الجانبين، حيث تحافظ الولايات المتحدة على الحد الأدني من العلاقات مع مصر، لأنها لا تستطيع إبعادها عن دورها الاسترتيجي في منطقة الشرق الأوسط، ولاشك أن الولايات المتحدة غير سعيدة بتحرك مصر في الفترة الأخيرة شرقا نحو الصين وروسيا من جهة، وغير سعيدة كذلك بصفقة الأسلحة التي تعاقدت عليها مصر مع فرنسا.
ووضعية تركيا وريثة الإمبراطورية العثمانية المنهارة ليس بأفضل حالاً، حيث تحطم حلمها على صخرة إرادة المصريين، ذلك الحلم الذي راود أردوغان بأن يعيد بناء إمبراطورية دولته المنهارة تحت لافتة الخلافة الإسلامية في دولة تمثل الدعارة أحد أهم مواردها، وعندما تم إسقاط وكيل العثمانيين الجدد المتمثل في جماعة الإخوان التي تأسست كما يقول التاريخ كردة فعل على سقوط دولة الخلافة المتخلفة التي لم ترسخ في مصر سوى الجمود والتخلف والجهل وتجريف الكفاءات المصرية ونقلها إلى الأستانة، ولم نجد دولة تجاهر مصر العداء بهذه الحدة قدر تركيا، وربما يكون العداء الشديد بحجم المصالح المفقودة لدى الدولة التركية التي كانت ستعيد إمبراطوريتها المنهارة، وتصبح مفتاحا للسوق العربية وهو ما كان سيفتح أمامها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي تجاهد منذ سنوات عديدة للانضمام إليه، ولم تكن أقرب إلى ذلك إلا في أثناء حكم الإخوان لمصر، ولم تكن أبعد من ذلك إلا بعد سقوطهم وعودتها إلى حجمها الطبيعي الذي لا يغري الأوربيين بضمها لاتحادهم في ظل ما يعانيه هذا الاتحاد من مشكلات.
أما بالنسبة لإسرائيل وقطر ربيبتيْ الولايات المتحدة الأمريكية، فعداؤهما لمصر وتآمرهما عليها مبرر، حيث تقف مصالح هاتين الدولتين الصغيرتين وراء هذا العداء والتآمر، فلا شك أن تقسيم مصر وإنهاك جيشها ومحاولة تفكيكه سوف يدعم المشروع الصهيوأمريكي القطري، حيث تكون إسرائيل وقطر هما وكيلتا الولايات المتحدة في المنطقة ويكون لهما النفوذ الأكبر فيها بعد تفتيت المنطقة إلى دويلات صغيرة يعمها الفوضى والضعف والتناحر فيما بينها. وقد أغرى تقسيم السودان الولايات المتحدة وعملائها تكرار التجربة من خلال تدمير الدول من داخلها مع دعم الفصائل المتناحرة حتى تأتي بعضها على البعض الآخر، وهو ما حدث بشكل أكثر سرعة في سوريا، وبشكل أكثر حدة في اليمن.
ومن هنا فقد تآمرت كل هذه القوى على مصر للنيل منها ومن لُحمتها الوطنية في مشهد هو الأكثر دموية، يقصد منه تفتيت الوحدة الوطنية التي تؤرق أعداء مصر، وهى الوحدة التي حاول الإخوان تمزيقها أثناء حكمهم ولم يفلحوا في ذلك، ويعتقدون أنهم بصنيعهم هذا سوف يخرجون الأقباط من معادلة القوة التي يتمتع بها النظام المصري وتحالف ثورة الثلاثين من يونيو، ولكنهم نسوا أمراً مهماً وهو أن الأقباط هم مصريون قبل أن يكونوا أقباطا، لذا فقد هالهم هذا التوحد غير المسبوق عقب تلك المذبحة البشعة التي ارتكبها ذلك التنظيم الإجرامي اللعين.
يجب أن نعي جيدا أن المصريين ذبحوا في ليبيا بخناجر أمريكية الصنع، وربما بأيدٍ أمريكية أيضا، حيث حلل بعض العالمين ببواطن الأمور بأن الملثمين الذين ظهروا في الفيديو من طوال القامة ويتمتعون بالبنيان الجسدي المبالغ فيه ليسوا سوى عناصر من البحرية الأمريكية (المارينز)، كما أن هذه الحرفية المتقدمة في التصوير والمونتاج لايمكن أن تتوافر لتنظيم إرهابي دون مساعدة مباشرة من قناة تليفزيونية محترفة ومنحرفة كقناة الجزيرة القطرية، ولايمكن أن ننسى في زمرة هذا كله دور المخابرات الإسرائيلية والقطرية في الترتيب لعملية كبيرة بهذا الحجم، من حيث الإعداد للعملية وإخراج المشهد بهذا الشكل الذي يمكن أن يزلزل الدولة المصرية، ويبذر فيها بذور الفتنة بين المسلمين والأقباط.
أما بالنسبة لداعش، فأقول لهم أيها الإرهابيون الجبناء، مصر ليس لها رقبة لكي تُذبح منها، ولكن لكم رقاب سوف تسقط عن كواهلكم عندما تتلقون الضربات المصرية الضربة تلو الأخرى، لقد أعلنتم الحرب على مصر وخلفكم تلك القوى التي تستخدمكم، ولكن مصر أرض العزة والكرامة سوف تلقنكم جميعا درسا لن تنسوه، كما لقنت غيركم من الهكسوس والتتار والمغول والصليين والفرنسيين والإنجليز دروسا لا تزال مكتوبة بحروف من نور في تاريخ مصر والمصريين.
حمى الله مصر وحمى شعبها وجيشها ومسلميها وأقباطها ومساجدها وكنائسها ومآذنها وأجراسها من كل سوء، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.