الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القويُ الأمين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثبت الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه القويُ الأمين الذي انتخبه الشعب المصري ليقوم بأعباءٍ تنوء بها العُصبة أولي القوة، وقوة السيسي ليست في عضلاته أو في قبضة يده، أو في جيشه، أو في ركوبه الدراجة وهو يلوح بكلتا يديه للجماهير المُحبة له، وهى حركة لا يستطيع كثيرون من الشباب الإتيان بها، إن قوة السيسي في رأيي تتمثل في أمرين مهميْن هما رزانةُ عقله وأمانته.

والرئيس السيسي يختلف في هاتين الصفتين عن الرئيس المعزول محمد مرسي، بل إن الاثنين يقفان على طرفي نقيض؛ فرزانةُ عقل السيسي يقابلها التخبط بل "التخبيط" الذي مارسه مرسي طوال عامٍ في مصر والمصريين بدايةً من وعوده للمصريين بـ 100 مليار دولار لدى انتخابه للرئاسة وبتحقيق كل أحلام المصريين في ظل اقتصادٍ متهالك، ووعوده بتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، وحتى عندما أدرك متأخراً المشكلات الاقتصادية عندما أصدر قراراً جمهورياً برفع الضريبة على بعض السلع ، فإنه لم تمضِ سوى ساعاتٍ حتى تراجع عن قراره، وأنا أعتقد أن الرجل لم يفهم لماذا اتخذ القرار ولم يدرك لماذا قام بإلغائه، لأن الرجل كان يأتيه الخبرُ من السماء؛ سماءُ المقطم من أعلى بقعة في المبنى الفخم لمكتب إرشاد الجماعة، إن مشكلة الرئيس المخلوع محمد مرسي أنه كان "حافظ مش فاهم".

وعلى النقيض تماما من مرسي، فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي هو بحق "راجل فاهم مش حافظ"، لأنه لم يعِد حتى وهو يحشد المصريين للتصويت له في الانتخابات الرئاسية الماضية.. لم يعدهم ويمنيهم كما فعل مرسي، لم يعدهم بأنهم سيأكلون السمن والعسل ولم يمنيهم بحياةٍ وردية اللون، بل طالبهم بأن يكونوا عوناً له ولمصر حالَ فوزه، وطالبهم بالعمل معه لأنه لايملك إلا العمل من أجل هذا البلد مهما بلغت التضحيات التي سيقدمها فداءً للوطن، وقد أنجز الرئيس السيسي في شهر ما لم ينجزه مرسي في عام كامل، لقد فتح السيسي آفاقاً جديدة للتعاون الخارجي مع السعودية ودول الخليج علاوة على الجزائر والسودان، وفتح بشجاعة ملف سد النهضة مع الرئيس الإثيوبي مباشرةً ليضع الملف على أولى خطوات الحل، وهو ما يُشعر كل المصريين الشرفاء بالأسى من تلك الجلسة التي عقدها مرسي على الهواء مباشرة– دون أن يعلم الحاضرون- لمناقشة أزمة سد النهضة في مشهد عبثي غير مسبوق.

لقد اقتحم السيسي المناطق المحرمة التي لم يكن يجرؤ أن يقتحمها أىَ رئيسٍ سابق، وإن اقترب منها كان سرعان مايتراجع ويبتعد عنها إيثاراً للسلامة، وحفاظاً على الشعبية، لقد فتح الرئيس بجرأةٍ وقوةٍ ملف دعم الطاقة على اختلاف أشكالها من بنزين وسولار وكهرباء وغاز، وهو الدعم الذي كانت تنال معظمه المصانع ويحصل على أغلبيته الأغنياء، صحيحٌ أن الشعب سيتأثر بهذه القرارات ، ولكن علاج الاختلالات الهيكيلة في الاقتصاد المصري هو علاجٌ مؤلمٌ لابد منه لتحقيق الانطلاق الاقتصادي وتخفيض عجز الموازنة وتخفيض حجم الدين الداخلي، كما اقتحم السيسي عالم الأغنياء ورجال الأعمال الذين يحصدون الملايين والمليارات من خير هذا الوطن؛ فأقر ضريبة البورصة وأقر الحد الأقصى للأجور، وبدأ بالتبرع بنصف ثروته لكي يقدم القدوة والنموذج لرجال الأعمال الذين تضخمت ثرواتهم ، وأكاد أجزم أنها تكفي للإنفاق إلى مابعد الجيل العاشر من أحفادهم..! وأعتقد أن جعبةَ الرئيس ما زالت مليئة بالقرارات التي تحفظ حقَ الدولة في ثروات رجال الأعمال.

كما أن أمانة السيسي يقابلها خيانة مرسي وجماعته للوطن، هذا على افتراض أن مرسي وجماعته يعرفان معنى كلمة وطن، لأن قاموسهم لا توجد فيه هذه الكلمة، وكادت الجماعة أن تفرط في أجزاء عزيزة من أرض الوطن شمالاً وجنوباً وفي العمق المصري أيضاً (قناة السويس)، في حين أن السيسي بدا منذ اليوم الأول من حكمه وهو يصون الأمانة التي حمَلَها له المصريون؛ فما أسهل على الرجل من أن يخدع المصريين بكام علاوة ويبُقي أسعار الوقود كما هى ، في مقابل الحصول على معونات خليجية أو قروض من هنا وهناك تثقل كاهل الأجيال القادمة من أجل الحفاظ على شعبيته، لكن الرئيس رفض هذه الحلول السهلة لأنه رآها خيانةً للأمانة، واتخذ القرارت الصعبة لأنه رأى أن مشرط الجراح قد يستأصل آلام الاقتصاد المصري للأبد ، ففضل المواجهة؛ وهى صفة المحارب أكثر منها صفة للسياسي . لقد فضل الرجل أن يغامر بشعبيته في مقابل صوْن الأمانة التي استأمنه المصريون عليها.

سيادة الرئيس: "لقد قلت إن مصر في حالة حرب في الداخل والخارج"، وقلت للمصريين: "أعينوني بقوة"، وأعلم أن المصريين جميعاً هم خيرُ أجنادِ الأرض، ولن يخذلوك، ولن يقولوا لك مثلما قال بنو إسرائيل لنبيهم موسى "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون"، بل إن المصريين جميعاً يقولون لك اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما محاربون.. يقولون لك ذلك لأنهم انتخبوك .. ويدفعون لك راتبك الذي تبرعت بنصفه لمصر طوال فترة رئاستك، يقولولون لك ذلك ويعلمون أنك القوى الأمين الذي استأجروه ليرعى شئون الوطن.