رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

واشنطن تعزز تواجدها الاستخبارى و تقلل تواجدها العسكرى في العراق

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شكلت التطورات الامنية الحادثة الأن فى العراق مفاجأت كبرى لكافة تقديرات الموقف التى تقوم بها اجهزة الاستخبارات الغربية العاملة فى العراق ، وعلى نحو هادىء كشفت مصادر امريكية مطلعة عن قيام واشنطن بتعزيز تواجدها الاستخباراتى فى العراق التى احتلتها القوات الامريكية ما بين عامى 2003 و 2011 ويتواجد فى بغداد الان فريق من قيادات البنتاجون يتشاورون مع قادة الاستخبارات العراقية حول الصراع السنى الشيعى الناشب فى العراق الان.
وطبقا لوكالة رويترز الاخبارية فان المؤسسة العسكرية الامريكية تضغط لابقاء تواجد امريكى من نوع ما فى العراق حتى وان كان هذا التواجد لا يرقى الى صورة التدخل المباشر ، لكن البيت الابيض و المؤسسة السياسية الامريكية لا تحبذ هذا الاتجاه وترى ان البديل عن ذلك هو تعزيز التواجد المخابراتى الامريكى واستمرار الدعم العسكرى للعراق فى مقابل تخفيف التواجد العسكرى المباشر فى العراق .
ونفت واشنطن نيتها ارسال قوات برية الى الساحة العراقية وذلك على الرغم من عدم استبعاد الرئيس الامريكى باراك أوباما معاودة اللجوء الى اسلوب الضربات الجوية وذلك بحسب ما نشرته مجلة النيويورك تايمز الامريكية واسعة الانتشار ناقلة عن مسئولين امريكيين تأكيدهم على انه ليس من مصلحة الولايات المتحدة استيلاء الجهاديين على الدولة العراقية ، وفى الوقت ذاته قال جين باسكاى الناطق باسم الخارجية الامريكية ان الانسحاب العسكرى الامريكى من العراق فى 2011 لم يكن قرارا خاطئا وان اتفاقات امنية مع السلطة العراقية قد تم ابرامها قبل هذا الانسحاب ، ويتوقع وزير الخارجية الامريكى جون كيرى نزوح نصف مليون عراقى عن ديارهم فى حالة توغل مقاتلى داعش فى مدن رئيسية ، و اعتبر كيرى فى تصريحاته على مدار الايام الماضية ان داعش لا تشكل خطرا على العراق وحده بل على الشرق الاوسط و الولايات المتحدة واوروبا ذاتها .
كذلك اكدت الادارة الامريكية ان تدهورالموقف الامنى على نحو خطير فى العراق لن يعرقل خطط الولايات المتحدة للانسحاب عسكريا من افغانستان بنهاية العام الجارى بعد توقيع اتفاق امنى مع حكومتها يسمح بالابقاء على عدد بسيط من القوات الامريكية هناك لاغراض التدريب و العون الفنى للحكومة الافغانية حتى نهاية العام 2016 ، و تتواجد قوات عسكرية امريكية فى افغانستان حيث معاقل القاعدة التى تعد داعش فرعا منها قوامها 36 الف جندى سيتم تخفيضهم الى 9800 جندى بنهاية العام الجارى و خفضهم الى نصف هذا العدد بنهاية العام 2015 .
و اعرب البيت الابيض عن مواصلته دعم قدرات القوات العراقية وتنفيذ برامج تدريبها وذلك استمرارا للدعم الامريكى للعراق منذ انسحاب القوات الامريكية منه فى العام 2011 ، وحتى الان تشير التقارير الامريكية الى تقديم مساعدات عسكرية للعراق بقيمة 15 مليار دولار امريكى وكان اخرها ارسال شحنة صواريخ بعدد 300 صاروخ هيل فاير و منصات استطلاع جوى و ذخائر المدرعات كما صادق الكونجرس الامريكى على توريد 200 سيارة هامر قتالية الى العراق تصل قيمتها الى مليار دولار امريكى ، و ذلك فضلا عن 12 مليار دولار امريكى من المساعدات الاغاثية التى قدمتها الادارة الامريكية للعراقيين .
و على مادر العام الماضى سعت حكومة نور الدين المالكى لدى واشنطن لتزويدها بطائرات بدون طيار لاستهداف معاقل الجماعات المسلحة المتشددة الى جانب تزويد القوات العراقية بالمقاتلات و المروحيات والذخائر وهو ما استجابت له الادارة الامريكية جزئيا فى اطار بناء توازن بين السنة و الشيعة فى العراق الذين ينتمى المالكى اليهم ، وقد اتهمت الولايات المتحدة فى وقت سابق من العام الجارى وزير النقل فى حكومة المالكى هادى الاميرى وهو شيعى بالسماح للطائرات الايرانية بنقل الدعم الى سورية عبر الاجواء العراقية وهو ما اثار غضب الولايات المتحدة وصدته اجهزة استخباراتها فى العراق ، ويذكر فى هذا الصدد ان وزير النقل فى حكومة المالكى كان قائدا سابقا لقوات بدر الشيعية التى كانت تأتمر بأمر ايران .
وفى الخامس من يونيو الجارى اعلن لقمان فايلى سفير العراق لدى واشنكن ان الولايات المتحدة قررت توريد اول سرب من المقاتلات / اف – 16 / الى العراق و بحلول سبتمبر القادم لتكون طليعة قواته الجوية و اضاف ان تلك المقاتلات ستتمركز فى قاعدة " البلد " الجوية و ان الصفقة ستشمل 36 طائرة / اف – 16 / وسيستمر توريدها على دفعات حتى العام 2017 وستكون مهمتها الرئيسية هى حماية الحدود العراقية مع سوريا واستهداف معاقل القاعدة فى غربى العراق ، كما يتدرب 11 طيار عراقى فى قاعدة توسكون الجوية الامريكية على قيادة هذا النوع من الطائرات تمهيدا لاستلامهه بموجب اتفاق تدريبى ابرامته واشنطن و بغداد فى مارس 2012 .
كانت قاعدة بلد هي إحدى القواعد الأمريكية الرئيسية خلال الحرب وواحدة من أكثر المطارات ازدحامًا في العالم في منطقة واحدة. والآن تساعد الحكومة الأمريكية العراقيين للتأكد من أن القاعدة ستكون جاهزة للدفعة الأولى من طائرات F-16، والتي من المتوقع أن يتم تسليمها في سبتمبر، وفقًا لما ذكره “لقمان الفيلي” السفير العراقي لدى الولايات المتحدة.
ويقول المراقبون ان تدهور الموقف الامنى الراهن فى العراق قد يعجل من بدء توريد تلك المقاتلات المتطورة الى العراق لا سيما بعد ان تحدثت تقارير اخبارية عن اتصالات جرت بين رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى و نظيره الامريكى لتوجيه ضربات جوية الى عناصر داعش المسلحة وهو المطلب الذى قوبل برفض امريكى تفاديا للدخول مجددا فى مستنقع العراق ، ويأتى هذا الرفض الامريكى برغم استمرار الضربات الجوية الامريكية بالطائرات التى تعمل بدون طيار لعناصر التطرف المسلح فى اليمن .
ومنذ مايو الماضى تقوم اطقم تدريبية من القوات الخاصة الامريكية بتدريب قوات عراقية على العمليات الخاصة و مكافحة الارهاب وذلك فى دورات منتظمة تستضيفها الاردن على اراضيها ، ونقلت وكالة رويترز الاخبارية عن مسئولين امريكيين فى العاصمة الاردنية عمان ان المدربين الامريكيين يدربون قوات خاصة اردنية على انشطة مكافحة الارهاب اعتبارا من اول يونيو الجارى وذلك فى اطار علاقات التعاون العسكرى بين البلدين ، كما قدمت الادارة الامريكية طائرات الاباتشى المروحية للعمليات التكتيكية الى حكومة المالكى فى فبراير من العام الجارى باجمالى 24 مروحية قتالية وذلك فى اطار برنامج العون العسكرى الامريكى للعراق الذى كان قد حاول رئيس وزرائه ابرام صفقة اسلحة مع ايران بقيمة 195 مليون دولار امريكى خارقا بذلك الحظر الدولى المفروض على ايران مطلع العام الجارى كما زار بغداد فى فبراير الماضى مسئولون فى شركاات انتاج سلاح من روسيا و الصين لمحاولة فتح سوق فى العراق ، وبسبب تدفق السلاح الامريكى على العراق وتحت وطأة الضغط الامريكى دبلوماسيا عدلت حكومة المالكى عن اتمام صفقة الاسلحة مع ايران التى تقدم الكهرباء و الغاز الى العاصمة العراقية ، ويقول المراقبون انه على الرغم من ارتباط المالكى عقائديا و سياسيا بالايرانيين و دعمهم له للفوز بمنصب رئيس الوزراء فى العام 2010 الا ان صفقة الاسلحة التى تراجع عنها مع طهران لم تكن سوى مناورة سياسية لاستمالة الجانب الامريكى الذى يعتبره المالكى " بطيئا " فى الاستجابة لمطالب التسلح العراقية ، و تعد المدرعات من طراز " ام -1- ابرامز " من بنود التوريد العسكرى الامريكية الرئيسية للعراق منذ 2003 .
وكانت صفقة الاسلحة التى طلبتها حكومة المالكى من ايران فى مطلع العام الجارى تشمل ذخائر للاسلحة المتوسطة و الخفيفة بقيمة 75 مليون دولار و ذخائر للمدرعات بقيمة 1ر57 مليون دولار ومنصات اطلاق قذائف المورتر بقيمة 4ر25 مليون دولار ومقذوفات المدفعية من عيار 155 مم بقيمة 3ر16 مليون دولار امريكى و معدات وقاية من الضربات الكيمائية بقيمة 6ر6 مليون دولار و اجهزة رؤية نهارية وليلية و تحديد مسافات بقيمة 3ر7 مليون دولار اضافة الى منظومات اتصال بقيمة 7ر3 مليون دولار .
و تتابع الادارة الامريكية تطورات الموقف السياسى و الامنى فى العراق ، و اتخذت الادارة الامريكية قرارا بتعزيز اجراءات الحماية و التأمين لسفارتها فى العاصمة العراقية من خلال الدفع بمائة من مشاة البحرية الامريكية للدفاع عنها فى حالة تعرضها لاية اعتداءات وتأمين محيطها ، ويعمل فى السفارة الامريكية فى بغداد خمسة الاف موظف امريكى وهو ما يجعلها اكبر سفارة للولايات المتحدة فى العالم .
ونقلت الولايات المتحدة عددا من العاملين فى سفارتها فى العاصمة العراقية الى القنصليات الامريكية فى البصرة و اريبل باقليم كردستان حيث الاوضاع الامنية اهندأ بعض الشىء كما نقلت بعضهم الى الاردن وحذرت الخارجية الامريكية المسافرين الى العراق بتوخى الحذر و عدم السفر الا فى حالة الضرورة القصوى .
ويتابع الرئيس الامريكى تطورات الموقف فى العراق من خلال مستشاره لشئون الامن القومى ، وعقد وزير الخارجية الامريكى جون كيرى فى العاصمة الاردنية اجتماعا عاجلا مع شركائه الاقليميين لتقييم الموقف فى العراق فيما امر تشاك هاجيل وزير الدفاع الامريكى بتوجيه حاملة الطائرات يو اس اس بوش الى منطقة الخليج العربى للاسهام فى تنفيذ اية خيارات عسكرية مرنة قد تتخذها الادارة الامريكية لحماية الامريكان و المصالح الامريكية فى العراق .
وكان مسلحوا داعش قد استولوا على مدينة صغيرة على مشارف مدينة ديالى العراقية الواقعة على مسافة 60 كيلوا مترا الى الشمال من العاصمة العراقية ، وذكرت قناة البغدادية العراقية ان 750 الفا من المسحين الشيعة يتمركزون الان فى بغداد للدفاع عن العاصمة وجميعهم من انصار اية الله السيستانى ذو الاصول الايرانية فى الوقت الذى اعلنت فيه الحكومة العراقية انها استردت تكريت من ايدى مسلحى داعش واعربت الامم المتحدة عن قلقها بشأن الاوضاع الراهنة فى العراق .
وقد ضغط المسؤولون الأمريكان على الحكومة العراقية لمنع إيران من استخدام المجال الجوي العراقي لنقل الأسلحة وغيرها من الإمدادات إلى قوات الرئيس بشار الأسد في سوريا.