الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

منير أديب يكتب: أمريكا وداعش وجهًا لوجه للمرة الثانية

.
.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق بارك أوباما في العام 2014 أنّ القضاء على داعش قد يأخذ وقتًا طويلًا، كما أنه ذكر على خلفية نجاح التنظيم في إقامة دولته التي أعلن عنها في 29 يونيو من العام 2014، أنّ هدف التحالف الدولي الذي أنشأته الولايات المتحدة هو الحد من قوة التنظيم وليس القضاء عليه.

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أعلن في 22 مارس من العام 2019 سقوط دولة التنظيم بعد مرور 5 سنوات على نشأته؛ انتصار يحمل في طياته الهزيمة، خاصة وأنّ واشنطن تأخرت كثيرًا في القضاء على داعش، فكيف لتحالف دولي مكون من أكثر من 80 دولة أنّ يفشل في تأدية مهمته في غضون 6 أشهر.

الانتصار الأمريكي يحمل في طياته الهزيمة، خاصة وأنّ التنظيم منذ أنّ تم القضاء عليه قبل أكثر من 5 سنوات وهو ينفذ عمليات نوعية في نفس المناطق التي سبق وأحتلها؛ وهو ما يطرح التساؤال بخصوص ماهية هذا الانتصار؟ وطبيعة الخطر الذي مازال يُمثله التنظيم حتى الآن؟ فالتنظيم مازال حاضرًا على الساحة ومازالت تهديداته تُمثل قلقًا لأمن العالم.

الأمر لم يقتصر على مجرد تهديدات تخرج عن التنظيم ولكنه نجح فعليًا في تنفيذ عشرات العمليات النوعية، ولعل آخرها هجوم فرع التنظيم في آسيا على قاعة الحفلات الموسيقية بضاحية موسكو والتي راح ضحيتها قرابة 144 وعشرات الجرحى والمصابين.

التنظيم هدد قبل أيام بتنفيذ عمليات ضد الدوري الأوروبي وربما طلب من خلاياة الخاملة إصابة الهدف، وهو ما أزعج فرنسا، التي طلبت الاستخبارات فيها من الحكومة تأجيل دورة الألعاب الأولمبية المقرر لها في شهر أغسطس القادم، خشية أنّ ينجح داعش في تنفيذ عمليات تستهدف الدوري والحضور.

القلق الفرنسي لف أوروبا بأكملها فأبدت دول أوروبية أخرى قلقها الشديد من تنامي تنظيم داعش؛ بعض هذه الدول رفعت درجة التأهب القصوى لمواجهة أي أخطار متوقعة من قبل داعش، وهو ما يُعني أنّ التنظيم لم ينتهي بعد حتى نتحدث عن عودته وأنّ شيء ما مرتبط بإعلان القضاء عليه.

أمر داعش لم ينتهي عند هذه المرحلة، فقد حذر مكتب التحقيقات الإتحادي، أف بي آي، أمس، من احتمال هجوم منظم على الولايات المتحدة الأمريكية، هجوم تقوم به أفراد أو مجموعات، وأنّ هذا الهجوم قد لا يقل عن الهجوم المماثل الذي شهدته روسيا نهاية الشهر الماضي، وكان الأقصى والأقوى الذي شهدته روسيا قبل 20 عامًا.

واشنطن تشعر بالخطر على أمنها من داعش بعد أنّ تم القضاء على التنظيم قبل 5 سنوات، وهو ما يُعني أنّ ثمة خطأ يتعلق بفكرة المواجهة الأمريكية للتنظيم سواء الأمنية أو العسكرية أو حتى الفكرية، فرغم ما بُذل من جهود إلا أنّ التنظيم يمثل خطرًا على أمن العالم.

دخول واشنطن في مواجهة مع التنظيم قبل عقد من الآن يحتاج إلى إعادة قراءة جديدة، خاصة وأنّ هذه المواجهة والتي تركزت عبر الضربات الجوية دون أنّ تقوم بدور ملحوظ على الأرض من خلال القوات البرية، وهذا قد يكون السبب وراء تأخر عملية التطهير.

ورغم الفشل الأمريكي في انفاذ مهمتها بدليل أنّ التنظيم مازال يمثل خطرًا على أمن العالم، وهو ما وصل إلى أنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي توقع تنفيذ عمليات ضد أمريكا مماثل للعملية النوعية قبل شهر من الآن على روسيا.

وهنا يمكن القول، إنّ فشل واشنطن مع أكثر من 80 دولة في القضاء على داعش، التي أحتلت أرضًا في الرقة والموصل، ربما يُضاعف الفشل الحالي لتوجهها، خاصة وأنّ التحالف قد تفكك بالفعل وهناك مفاوضات لخروج واشنطن من العراق، فضلًا على أنّ تهديد التنظيم وصل إلى واشنطن، بعدما كانت تًحاربة الأخيره في سوريا والعراق.

كانت واشنطن تواجه تنظيم أحتل أرضًا، أي أنه كان مرئيًا، وبالتالي كان يسهل استهدافه، أم الآن فقد بات في شكل خلايا بعضها نشط وأكثرها خامل، يتحرك قبل تنفيذ العملية بوقت بسيط، وهو ما يُهدد بتكرار نفس الخطر الذي مثلة التنظيم قبل 10 سنوات، وهو ما يُصعب معه المواجهة بصورة كبيرة.

باتت أمريكا في مواجهة داعش للمرة الثانية، فهل تعلمت الدرس من إخفاقها المرة الأولى؟ وما هي أدوات المواجهة المتوقعة في المرة الثانية؟ هذا ما سوف تُجيب عنه الأيام القادمات، وإنّ كنّا نرى إخفاقًا جديدًا يبدو في الأفق.