رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

غزة بين 7 أكتوبر وبعد أن تسكت المدافع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا شك أن عملية حماس في السابع من أكتوبر هزت الكيان الصهيوني وأفزعت الولايات المتحدة والغرب.. ولمدة خمسين يوماً تقريباً من المذابح، تم تدمير ثلث الوحدات السكنية حتى الآن، واستشهاد ما يزيد على ثلاثة عشر ألفًا أغلبيتهم من النساء والأطفال، وهناك جرحى ومصابون يزيد عددهم على العشرين ألفًا، والعدد مرشح للزيادة، ويغيب حصر كامل للمفقودين جراء القصف المستمرّ. أُبيدت عائلات بأكملها، واختفت منها ثلاثة أجيال، ودمرت المدارس والجامعات والمستشفيات، وتم الاتفاق علي هدنة ــ لم تعد قائمة ـ ولكن في كل الأحوال كما يقول الباحث في الشئون الاسلامية هشام جعفر: هل تتحوّل غزة إلى مخيم كبير؟ ومن يتحمل عبء الإعمار فيها؟ أشارت بعض الدراسات إلى أنها تحتاج من سنتين إلى ثلاثٍ لتعود إلى مستوى الخدمات التي كانت عليها قبل الحرب، وهي بجميع المؤشرات كانت متدنية للغاية.

تم تدمير التجارة والتصنيع والزراعة، وغيرها بشكل كامل، ما يجعل سكان غزة يعتمدون بشكل رئيسي على المساعدات الإنسانية. وقد يتعرّض الحكم في غزة إلى تقويض خطير إلى الحد الذي يجعل التفكك السياسي المصحوب بالتدهور الاجتماعي والاقتصادي أكثر ترجيحًا من أي ترتيبات مثالية لليوم التالي (أو حتى يمكن التحكم فيها).

وحماس حركة أيديولوجية يمكن إضعافها، لكن لا يمكن إنهاؤها؛ وتضم غزة واحدًا من أكثر التجمعات السكانية شبابًا – مع أكبر عدد من الأطفال والشباب- مقارنة بأي منطقة (أو بلد) في العالم. تميل الصراعات الكبرى إلى ارتفاع معدل الزيادة السكانية بعد الصراع. ماذا سيفعل هؤلاء الشباب وقد وجدوا أنفسهم بلا مستقبل، وفي أي اتجاه سيتجه غضبهم؟

ماذا لو فشلت ترتيبات اليوم التالي في السيطرة على مجمل الأرض، وتوفير الأمن، كما فعلت حماس ومن قبلها السلطة الفلسطينية؟ هل تتحول غزة إلى بؤرة للتطرف العنيف الذي يتجه إلى الجميع، وفي مقدمتهم مصر، وباستثناء إسرائيل، كما شهدنا من قبل في ولاية سيناء والسلفية الجهادية؟

عجزت الولايات المتحدة - التي تقود الحديث عن اليوم التالي- عن بناء الدولة في العراق وأفغانستان بعد غزوهما.

ترى ما نوع حماس التي ستظهر؟.. أبرزت عملية "طوفان الأقصى" فجوة السياسة والمقاومة المسلحة. بادر السلاح بالحديث، وظلت السياسة -حتى الآن- ضعيفة واهنة.

ففي حين يتحدث أبو عبيدة دائمًا وينتظره الجميع؛ فإن خالد مشعل وهنية لا يتحدثان إلا حديثًا فاترًا لا يقدم خطابًا سياسيًا، ولا يطرحان أفقًا سياسيًا إستراتيجيًا لا تكتيكًا لعمليات غير متوقعة أدّت إلى عواقبَ غير مقصودة، وفرصٍ لم يتم انتهازها، على حد قول خالد الحروب في جريدة "المونيتر" والمختص في شئون الحركة الاسلامية .

من جهة أخرى، طرحت أفكار حول المستقبل عن حل الدولتين، وهناك أطروحات كثيرة تتداول في مختلف الأروقة ولكن القضية الفلسطينية صارت بعد 7 أكتوبر أكثر تعقيداً.. فمن جهة انقسام بين غزة والسلطة ومن جهة ثانية، محاولات الجيش الصهيوني تقسيم غزة بين شمال تم تفريغ أغلب سكانه ودفعهم بالمذابح نحو الجنوب، مما يجعل إشكالية التهجير لمصر تطل برأسها حتى الآن، كما أن السلطة الفلسطينية التي تحكم في الضفة وبيت لحم وأجزاء من القدس بشكل رمزي التخلي عنها ليس بالسهل وهي تضم حوالي 70 ألف مسلح على الأقل وحوالي مئة ألف موظف لهم مرتبات ومرجعية دولية وتنسيق أمني مع دولة الاحتلال، وبالطبع لايمكن إهمال منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد حتى الآن للشعب الفلسطيني، بمعنى أنه بعد أن تسكت المدافع آجلاً أم عاجلاً سوف نجد أن أراضي فلسطين لم يتبق منها الآن سوى حوالي 20% من الأراضي المتفرقة مابين الكيان الصهيوني والسلطة وحماس في أراض لا تقبل الجمع، ترى إلى أين سوف تتجه الأمور خاصة بعد أن انقسم الكيان الصهيوني إلى كتل متناقضة ولأول مرة يهاجر من المستوطنات أكثر من 300 ألف مستوطن أصبحوا يقدمون أنفسهم ليسوا بصفتهم إسرائيليين بل رعايا دول أخرى؟.ناهيك عن خسائر الحرب التي تخطت المليارات وإغلاق العديد من المدارس والمصانع وتكلفة إيواء ما تبقي من مستوطنين.

أى أن طرفي الحرب والصراع يعانون من أزمات تجعل الحرب مكلفة للطرفين وتهدد مستقبل نتنياهو من جهة وأيضاً إشكاليات مستقبل حماس والجهاد والمقاومة وسط حالة النازية الغربية تجاههم.

 وفى ظل الضغوط المكثفة الغربية على مصر والحالة الصهيونية بدفع الغزاوية للجنوب بلا أى مساعدات حقيقية، ومن ثم لو توقفت الحرب رغم أن ذلك غير وارد وأيضاً استمرارها غير ممكن، فإن كل ما يطرح من حلول سياسية سوف يتوه وينتظر الانتخابات الأمريكية وقدرة الغرب علي تحمل أجندات حربين (أوكراينا والكيان)، وسط رهان صهيوني بمحاولة الضغط على مصر من الجنوب بالتهجير أو تفجير الوضع في غزة عبر التناقض بين الجناح العسكري والسياسي ورغبة العسكري في عدم التخلي عن السلاح ورغبة السياسي في الحفاظ على الذات، ومن جهة أخرى يخشي البعض من توجه البعض إلى إثارة الفوضى فى الضفة ودخول القضية منحنى خطر .

ربي لا أسألك رد القضاء بل أسألك اللطف فيه .