الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

في ذكرى وفاتهما.. قصة القديسين الشهيدين كيرياكوس وأمه يوليتة

ارشيف
ارشيف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفل الكنيسة الكاثوليكية، اليوم، بذكرى وفاة القديسين كيرياكوس وأمه يوليتة الشهيدان.

حيث قسّم الرومان منطقة آسيا الصغرى (تركيا) إلى عدة أقاليم رومانية مثل ليكاؤنية وكيليكية وكبادوكية وبيسيدية وفريجينية وجاليتا ولكل إقليم عاصمته.

وُلدت القديسة يوليتة في مدينة أيقونية عاصمة ليكاؤنية. وهي تنحدر من سلالة ملوك آسيا، لها مركزها الاجتماعي المرموق بجوار غناها وجمالها وتقواها. 

وكانت محبة لخدمة الفقراء والمحتاجين.
تزوّجت رجلًا تقيًا يخاف الله وأنجبت منه طفلًا بهي الطلعة حسن المنظر أسمياه كيرياكوس، وهي مشتقة من غريغوريوس أو جريجوري.
توفي الزوج في ريعان شبابه وترك كيرياكوس مع الأرملة الشابة يوليتة.

عندما شدّد دقلديانوس اضطهاده على المسيحيين هناك أرادت ترك مدينتها طلبًا للسلام لتذهب إلى مكان آمن حيث لا يعرفها أحد. فقد بدأ الحاكم الروماني دومتيانوس في نشر الاضطهاد في جميع مدن الإقليم بكل وحشية وخشيت الأم لئلا إذا قُتلت يقع طفلها الصغير في أيدي الوثنيين فلا يتمتع بالإيمان المسيحي إلى سلوكية ثم إلى طرسوس:
أخذت طفلها كيرياكوس الذي كان عمره ثلاث سنوات، وكان جميلًا جدًا وجذابًا، مع اثنين من خدمها وذهبت أولًا إلى سلوكية بسوريا، حيث وجدت حاكمها الروماني أشد عنفًا وقسوة من حاكم ليكاؤنية في تعذيبه للمسيحيين، ومن ثمّة تركت المدينة وذهبت إلى طرسوس عاصمة كيليكية. كان وصولها إلى المدينة مع وصول الحاكم إسكندر وحاشيته معه، فتعرّفوا عليها وفى الحال قادوها إلى السجن. أما الجاريتان فهربتا من وجه الجنود، ولكنهما كانتا تتبعان يوليتة وابنها وتنظران إليهما من بعيد.

بعد هروبها من وجه الاستشهاد مرتين خوفًا علي إيمان طفلها شعرت حين أُلقي القبض عليها بسلامٍ داخلي. أدركت أن عناية الله التي دعتها للاستشهاد كفيلة برعاية ابنها والحفاظ علي إيمانه.
محاكمة يوليتة:
لما أحضروها لتُحاكم، وقفت أمام إسكندر ممسكة بيد ابنها. اندهش الحاكم الروماني لجمالها الفائق وصغر سنها، وتعجّب لهذا الطفل البهي الطلعة، فنزل من كرسيه ودنا منها ودار بينهما الحوار التالي:
• ما هو اسمك أيتها الحسناء؟ ومن أين أتيت؟
أنا مسيحية
مسيحية! هل أنت من أتباع المصلوب؟
نعم أنا مسيحية!
ألا تعلمين أن ملكنا المعظم قد أمر بتعذيب جميع المسيحيين وقتلهم؟
نعم أنا أعلم ذلك.
كيف إذن تجاهرين وتعترفين أنك مسيحية؟! ألا تخافين الموت؟ ألا تنظرين إلى جمالك؟
• اعلم أيها الوالي أن جميع المسيحيين مستعدون للعذاب والموت من أجل مسيحهم القدوس. وثق أن تعذيبكم وقتلكم لهم يزيدهم شجاعة وعددًا. 
ألا ترهبون الموت؟
كلا! لأن الموت هو طريقنا للحياة مع إلهنا الحي يسوع المسيح، وجميعنا نشتاق إلى هذا اليوم.
ثار الحاكم جدًا وحكم عليها بالتعذيب، وأُخذ كيرياكوس من بين يديها بالرغم من دموعه وتوسلاته. وحمله الحاكم على ركبتيه في محاولة لتهدئته، لكن عيني الطفل وأذنيه كانت متجهة فقط نحو أمه. وأثناء تعذيبها كانت يوليطة تردد: "أنا مسيحية" فصرخ كيرياكوس بشدة: "وأنا أيضًا مسيحي".
استشاط الحاكم غضبًا، وأمر بتجريد القديسة يوليتة من ثيابها وجلدها حتى يتمزق جسمها.
استشهاد الطفل كيرياكوس:
بينما كان الجلادون يضربون القديسة يوليتة بكل وحشية أمام ابنها، كانت تصرخ: "أنا مسيحية!" كانت تحتمل الألم بإيمان وفرح وهي تنظر إلى ابنها كمن تسنده للثبات علي إيمانه.
كان الوالي يلاطف الطفل وأراد أن يقبّله، لكن الطفل لم يعره اهتمامًا بل كان متجهًا نحو أمه.
أخيرًا في محاولة الطفل للتخلص من يديْ إسكندر للذهاب إلى أمه، ركله ونشب أظافره في وجهه، فاستشاط إسكندر غضبًا وأمسك برجل الطفل وقذفه من على السلم، فكُسرت جمجمته واستشهد في الحال. وبدلًا من أن تتأسف أمه على موته، قدمت الشكر لله لأنه وُهب لابنها إكليل الاستشهاد.
استشهاد القديسة يوليتة:
ضاعف موقفها هذا من غضب الحاكم الذي شدّد عذاباتها حتى قُطع جنبيها، وأخيرًا أمر بقطع رأسها بحد السيف وإلقاء جثمانها وجثمان ابنها في الموضع الذي تُلقي فيه قمامة المدينة. ربط الجلادون حبلًا في رقبتها وسدّوا فمها حتى لا تنطق بعبارة: "أنا مسيحية"، ثم ساقوها إلى ساحة الاستشهاد.
هناك سألتهم أن يصبروا عليها قليلًا ثم ركعت تصلي  قائلة:
."أشكرك يا إلهي القدوس لأنك دعوت ابني الحبيب كيرياكوس قبلي
وبأخذك إياه من هذه الحياة الفانية وضعته مع مصاف ملائكتك وقديسيك في فردوس النعيم.
الآن أتوسل إليك يا مخلصي الصالح أن تقبل روح أَمتك يوليتة.
وأن تجعلني مع العذارى الحكيمات اللواتي دخلن إلى المساكن العلوية النقية البهية الطاهرة، حيث أباركك يا يسوع إلهي مع أبيك الصالح وروحك القدوس إلى الأبد آمين".
إذ أكملت صلاتها رشمت ذاتها بعلامة الصليب المقدس وسلّمت رقبتها للجلادين فقطعوا رأسها. وألقوا بجسدها مع ابنها خارج المدينة، وكان ذلك حوالي سنة 304 م.