الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

الاستقرار يغادر السنغال بعد إدانة «سونكو» وغموض موقف «سال» من انتخابات الرئاسة

أزمة في السنغال
أزمة في السنغال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قبل بداية شهر يونيو الجاري، كان ينظر إلى السنغال بصفتها نموذجا للاستقرار في غرب أفريقيا، إلا أن الاحتجاجات التي اندلعت بسبب الحكم الصادر ضد المعارض عثمان سونكو "٤٨ عاما" تسببت في اضطرابات دموية أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من المتظاهرين.
وطرحت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية سؤالا بشأن تلك الأزمة مفاده "هل انتهت استثنائية السنغال؟" في إشارة إلى تفرد داكار بميزة الاستقرار وسط قارة مضطربة وأصبح الهدوء عملة نادرة خاصة خلال السنوات القليلة الماضية.
وقالت "فورين بوليس" إن الدفاعات التي جعلت البلاد فريدة من نوعها تتهاوى واحدة تلو الأخرى حيث تغيرت الأجواء في العاصمة داكار، مع تصاعد العنف مضيفة "تظهر أعمدة من الدخان الأسود من نقاط إستراتيجية حول المدينة، وفي شوارع ساحلية رملية تشتهر بأسلوب حياتهم المريح، اشتبك الناس مع الشرطة بعد الحكم في ١ يونيو على عثمان سونكو، الخصم الأول للرئيس السنغالي ماكي سال، بتهم التشهير والاغتصاب، موضحة أنه إذا تم تأييد حكم سونكو في الاستئناف، فإنه سيجعله غير مؤهل كمرشح للرئاسة السنغالية المزمع إجراؤها في العام المقبل ٢٠٢٤. 
في السياق نفسه؛ قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن الغضب يتصاعد ضد الرئيس السنغالي ماكي سال، خلال السنوات القليلة الماضية بسبب عدة عوامل أبرزها انتشار البطالة بين الشباب والتصورات بشأن الفساد الراسخ، إلى جانب غموض موقف "سال" من الترشح مجددا إلى ولاية رئاسية ثالثة للسنغال وهو الأمر الذي يخالف دستور البلاد.
ومع تصاعد الغضب من قوات الأمن بسبب الدماء التي سالت، أشاد الرئيس "سال" بكفاءتها وتعاملها مع التظاهرات، في الوقت الذي ألقى وزير الداخلية السنغالي أنطوان فيليكس باللوم على "التأثير الأجنبي" في أعمال الشغب، وقال إن عدد القتلى كان يمكن أن يكون أسوأ بكثير لو لم تتحل الشرطة بضبط النفس.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، في تقريرها المنشور منتصف الأسبوع الماضي، أن اللقطات والصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لما يحدث في السنغال، هو أمر مغاير تماما لتصريحات الرئيس ووزير داخليته، إلى جانب شهادات من أقارب الضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان، مؤكدة أن "نيويورك تايمز" حصلت على وثائق الوفاة تثبت أن الموت حدث بسبب جروح ناجمة عن الإصابة بالذخيرة الحية، ولم يذكر مصدر الرصاص في شهادات الوفاة.
ورفضت الحكومة السنغالية الاتهامات بأن الشرطة أطلقت النار على المتظاهرين وقالت إنها ألقت القبض على ٥٠٠ شخص بعضهم يحمل أسلحة نارية.
وخرج آلاف المتظاهرين إلى شوارع مختلف المدن السنغالية في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن حكم على عثمان سونكو، بالسجن لمدة عامين بتهمة "إفساد الشباب" وبرأته من تهمة الاغتصاب وغيرها من التهم، ولم يعتقل إلى الآن، ودعا إلى مزيد من التظاهرات. 
وبرز إسم سونكو، بعدما احتل المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية السنغالية عام ٢٠١٩ وقد كان أصغر مرشح يخوض الانتخابات وهو رئيس الحزب الوطني السنغالي من أجل العمل والأخلاق والأخوة، ومسؤول ضرائب سابق برز من خلال فضح الممارسات الفاسدة بين النخبة السنغالية. 
ويقول أنصار سونكو وعدد متزايد من المفكرين والمراقبين السياسيين إن القضية كانت محاولة لمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية العام المقبل.
ومع انتشار أنباء الحكم ضد سونكو، أشعل المتظاهرون النيران في السيارات، ورشقوا قوات الأمن بالحجارة ونهبوا الممتلكات والمتاجر، ولا تزال الجامعة المركزية في داكار، وهي واحدة من أفضل الجامعات في غرب أفريقيا، مغلقة حتى إشعار آخر بعد أن أحرق مثيرو الشغب العديد من المباني.
واعتقل سونكو في عام ٢٠٢١، بعد اتهامات بالاغتصاب من قبل موظف في صالون للتدليك، لتندلع المظاهرات آنذاك التي خلفت ١٤ قتيلا على مدار ستة أيام، إلا أن تعامل الشرطة السنغالية مع التظاهرات الجارية كانت أكثر عنفا، وفقا لمنظمات حقوق الإنسان، وقد دعت منظمة العفو الدولية إلى إجراء تحقيق مستقل.
ونشرت الحكومة السنغالية الجيش للرد على الاحتجاجات كما قيدت الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمدة أسبوع تقريبا.
ونقلت الصحيفة الأمريكية بعض الوقائع التي قتل فيها مواطنون سنغاليون، من بينها "خباز" تلقى رصاصة في صدره توفى على إثرها، وأصيب طالب جغرافيا يخطط لمواصلة دراسته في كندا برصاصة قاتلة في ظهره، ووجدت العديد من العائلات أن أقاربهم لقوا حتفهم متأثرين بأعيرة نارية، مما أثار الشكوك بأن الشرطة السنغالية أطلقت النار على المتظاهرين.
وكانت منظمة العفو الدولية، أحصت ٢٣ حالة وفاة، قالت إن معظم الضحايا لقوا حتفهم برصاص الشرطة أو مسلحين مجهولين يعملون بجانبهم، في الوقت الذي أكد فيه الصليب الأحمر السنغالي أنه عالج أكثر من ٣٥٠ شخصا، ١٠٪ منهم من بين قوات الأمن.
وقال عيسى سار، الذي توفي شقيقه في ٢ يونيو الجاري، بعد إصابته برصاصة في رأسه في بيكين، إحدى ضواحي العاصمة داكار: "قتلت الدولة أخي"، وقال أقاربه إن شقيقه، باسيرو سار، ٣١ عاما، كان يعمل خياطًا استثمر وقت فراغه في الحي الذي يسكن فيه، حيث كان يرسم ويزرع الأشجار وينصب الإضاءة لجعل المنطقة أكثر أمانا.
وتقول العديد من العائلات إن الشبان الذين فقدوهم لم يشاركوا حتى في الاحتجاجات.