الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

سليمان شفيق يكتب: حلم الجنوبى.. عبد الرحيم على و30 عامًا من المقاومة بالمقالات والأبحاث.. أول من قاوم الإرهاب والتطرف فى الصعيد.. ولم يخف الموت.. ولم يتسلح سوى بالقلم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بدأت فى إعادة قراءة الأعمال الكاملة للكاتب الصحفى عبدالرحيم علي.. سبعة أجزاء تجسد كما كتب فى المقدمة: "خمسة وثلاثون عامًا أو يزيد.. وما زلت ألهث خلف حلمي".
وبعد ٣٦ عامًا معرفة وصداقة من بين طيات تلك الأعوام أقدم شهادة يستحقها الصديق الكاتب المستنير والباحث الرصين متعدد المواهب من المنيا (فى الجنوب حيث صعيد مصر) للقاهرة وصولًا لباريس، أشهد طوال ٣٦ عاما بأن عبدالرحيم لم يتخل عن مهمته فى مقاومة الإرهاب ومضى فى ذلك فى مواجهة مباشرة مع التيارات الظلامية حيث كان المسكن فى حى بالمنيا يسيطر عليه التيار الإسلامى من الاخوان والجماعة الاسلامية.
كان عبدالرحيم أول من قاوم الإرهاب والتطرف فى الصعيد وشرفت بصحبته فى بعض الموضوعات، تلك المقاومة الصحفية عبر صحيفة "الأهالى"، صحيفة مصرية تصدر عن حزب التجمع اليسارى، وأذكر كيف واجه عبدالرحيم الإرهابيين ١٩٩٠ حينما هوجمت كنائس أبوقرقاص (إحدى مدن محافظة المنيا) وحرقها الإرهابيون وواجههم فى قلب النار كصحفى فى الأهالى وكتب حملة من الموضوعات أدت إلى تغيير محافظ المنيا ومدير الأمن وغيرهم من المسئولين.
كان ذلك على حساب حياته ولكنه استمر فى مواجهتهم صحفيا عشرة سنوات فى جميع أنحاء مصر، وواصل عبدالرحيم كتاباته وأبحاثه وإن تحولت كتاباته إلى مدرسة فرضها قلمه على الصحافة والإعلام المصرى والعربى وكان الأوضح صوتًا لتكشف عن عمق تلك الأزمات وتقدم الحلول.


ولخطورة ما يكتبه ويفضح فيه الإخوان والإرهاب كان لا بد أن يهجر مدينة المنيا إلى العاصمة القاهرة ويحمل معه حلمه فى المقاومة، وبدأ مشروع عبدالرحيم على فى غرفة منذ ثلاثين عامًا فى وسط البلد وكنت شاهدًا على ذلك مع الأساتذة مصطفى بيومى وعادل الضوى، وبإمكانيات قليلة تحول حلم الجنوبى إلى أن أصبح مؤسسة كبيرة فى مصر وفرنسا، وصولا إلى إدارة حوار بين الشرق والغرب.
من المخاطرة إلى عمق الصدام مع الحكومة والإسلام السياسى منذ أوائل تسعينيات القرن الماضى نزحت وعبدالرحيم إلى القاهرة، كان دائما عبدالرحيم فى المقدمة، ثلاث سنوات صحفية لا أستطيع أن أنسى بطولة عبدالرحيم وأوكد أنه لولا بطولة عبدالرحيم ما استطاعت صحيفة الأهالى أن تتقدم الجميع فى مكافحة الإرهاب.
الفارس لم يتوقف منذ نهاية الثمانينيات
ومن نهاية ثمانينيات القرن الماضى بدأ عبدالرحيم على العمل الدراسى فى مكافحة التطرف والإرهاب وتنقل بإمكانيات مادية قليلة من شقة إلى أخرى بوسط القاهرة وتتحقق أفكار عبدالرحيم ويكتب هذه الأبحاث التى أحدثت ولا تزال دويًا فى الحياة الفكرية والسياسية.
لا أستطيع أن أنسى مواقف عبدالرحيم من وسط البلد إلى الدقى (أحد أحياء محافظة الجيزة المتداخلة مع القاهرة) فى تعامده مع شارع السودان.. كعادته، دعانى عبدالرحيم وطبعا لم أندهش أن وجدت مصطفى وعادل وتحاورنا طويلا حتى ولدت مؤسسة "البوابة" لننتقل إلى شارع مصدق فى نفس الحى.
من عمق الصعيد وشارع مصدق إلى باريس حيث يكمل عبدالرحيم دور الرواد الأوائل رفاعة الطهطاوى ومحمد فريد وطه حسين فى العبور "من النيل إلى السين" دفاعا عن مصر ضد الإرهاب، ومساندا لثورة الشعب المصرى فى ٣٠ يونيو بالدعوة والبحث والفاعليات.
لا ينسى موقف عبدالرحيم على فى مقاومة الإخوان أثناء حكمهم وكان أول من كشف خيانة محمد مرسى مما أدى الى تعقبه وتعرضه لمحاولة الاغتيال وتعقب "البوابة" واقتحامها، ولكنه لم يتراجع وكان فى مقدمة الداعين الى فضح الاعتصامات الإرهابية فى النهضة ورابعة، وظل يقاوم الإرهاب من قبل ثورة ٣٠ يونيو وكان أحد أركانها حتى انتصرت.
لذلك نحن لا نستعرض اعمال كاملة أكاديمية فحسب بل تكاد تكون بلورة خبرة بحثية أكاديمية من خلال قلب ميدان المقاومة ضد الإرهاب والإرهابيين، وأتوقف بشكل خاص امام الكتاب النبؤة: "المخاطرة فى صفقة الحكومة وجماعات العنف مايو ٢٠٠٠"، حيث كانت حكومة الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك ووزير داخليته يقومون بالحوار والمصالحة مع الإرهابيين.
ورغم الحيرة والتردد فى جميع الأوساط البحثية والسياسية إلا أن عبدالرحيم على فضح تلك المبادرة وكشف عن حقيقة تلك المبادرات وطرح أسئلة موضوعية: هل التفاوض يتم بين الأمن والجماعات أم يجب أن يكون بين الجماعات والمجتمع؟.. وكتب ذلك فى عدة تحقيقات صحفية فى جريدة الأهالى الأمر الذى أثار ضده كثيرين من الإسلام السياسى وحتى من بعض الكتاب الذين يطلق عليهم مستنيرين!
ولكن تمر السنوات وتصدق نبوءة عبدالرحيم على تجاه من أفرج عنهم من الإرهابيين ويكتب عبدالرحيم: "وتمر السنون وعقب وصول الجماعة الأم (الإخوان المسلمون) لسدة الحكم، وجلوس مندوبها على كرسى الرئاسة، عاد (التائبون) من رموز الجماعة الإسلامية حلفاء الإخوان فى تلك المرحلة، ليعلنوا وبوضوح "أن الرصاص والهرس بالأحذية" مصير أى مخالف أو معارض لحكم محمد مرسى وجماعته وحلفائه"!.
بل وصار ما يسمى بـ"التائبين" هم ترسانه الإرهاب ضد مصر والمصريين وكلفنا عشرات الآلاف من الضحايا.
أمام هذا الكتاب، أشهد كيف كان عبدالرحيم على مهددًا بالقتل من الإرهابيين أو الاعتقال من وزارة الداخلية، وكيف عاش فى زهد وبطولة وفقر فى مواجهة أعتى الإرهابيين.
هكذا كان كتاب "المخاطرة فى صفقة الحكومة وجماعات العنف مايو ٢٠٠٠"، نبوة تحققت فى سنوات قليلة حيث قام هؤلاء "التائبون" بحرق الأقسام واقتحام السجون ٢٠١١ وتم فرار مرسى المسجون آنذاك.
وننوه بمواقف وكتابات عبدالرحيم فى فضح ذلك وتكذيب "مرسي" وتعرض عبدالرحيم على للمساءلة أمام النائب العام إضافة إلى محاولات قتله واقتحام مقر البوابة التى أسسها وأصبحت علامة بارزة فى الصحافة المصرية، ومن كتاب إلى كتاب مضى عبدالرحيم على فى السير على طريق المقاومة البحثية.
كانت رحلة عصفورنا الذي انتقل من الشرق للغرب قد بدأت بإطلاق عبدالرحيم على فى باريس عام ٢٠١٧ مركز دراسات الشرق الأوسط "CEMO" ليكون جسرًا للتواصل بين الشرق والغرب والتحدث مع الغرب باللغة التى يفهمونها، والذى يعتبر مؤسسة مستقلة تهدف لنشر رسالة سلام من خلاص صوت مصرى مترجم بجميع اللغات من مصر البلد الذى يعد مهدًا لحضارة من أعرق الحضارات فى تاريخ الإنسانية.
وقد أسسه الكاتب والباحث وصاحب مؤلفات كثيرة عن الإسلام السياسى ورئيس مجلس إدارة مؤسسة "البوابة"، عبدالرحيم علي، وتكون رسالته فى أوربا إيصال وجهة نظر الإسلام المعتدلة، توضيح أن الإسلام ليس الإخوان المسلمين، خلق البوابة تجسيد للمقاومة.
ليست الأعمال الكاملة نهاية الطريق بل بدايته كما أنها ليست أبحاثا فحسب بل صناعة مقاومين، هنا فى "البوابة" مئات الزهور الصحفية تتفتح وتنمو فى بلاط صاحبة الجلالة، وأضاف عبدالرحيم على عشرات المنابر داخل المركز العربى للأبحاث وبوابة الحركات الإسلامية التى قدم عشرات الباحثين الذين يشار لهم بالبنان فى ربوع مصر والعالم عبر تقديمهم تحت اشرافة آلاف الدراسات والأبحاث عن الإسلام السياسي... أشهد أنى عشت تجربة عبدالرحيم على فى كل ذلك.