رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

جمال رشدي يكتب: البابا تواضروس في الفاتيكان

جمال رشدي
جمال رشدي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

للمرة الأولى في التاريخ المسيحي سيتحدث البابا تواضروس بابا وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بصحبة البابا فرنسيس بابا روما ويلقى كلمة للمؤمنين في لقاء الأربعاء 10 مايو 2023، بالإضافة لهذا الحدث التاريخي سيحتفل البابا تواضروس أيضا بالقدس الإلهي في بازيليك القديس يوحنا لإيران، وهو القدس الأول لغير الكاثوليك في هذه الكنيسة.

ويعود جذور هذا التاريخ "10 مايو" إلي عام 1973م، حيث كانت الزيارة الأولى في التاريخ التي جمعت بين بابا كنيسة الأسكندرية المتمثلة في الراحل البابا شنوده وبابا الفاتيكان المتمثل في البابا بولس السادس، وذلك بعد تلقي البابا شنودة دعوة إلي روما من بولس السادس بمناسبة احتفال الفاتيكان بمرور 1600 عام على وفاة القديس أثناسيوس الإسكندري.

ونتج عن هذه الزيارة توقيع اتفاقية كريستولوجية التي وضعت حدًا للجدل الذي نشأ حول مجمع خلقيدونية والذي أدى إلى قطيعة بين روما والعديد من الكنائس الشرقية، بما في ذلك الأقباط. أكد هذا الإعلان المشترك لعام 1973 أن المؤمنين يشاركون بالفعل نفس الإيمان بالمسيح  بعد غياب دام لـ 15 قرنًا من الزمان منذ انفصال خلقيدونية، واستعاد البابا شنودة أيضًا رفات القديس البابا أثناسيوس الرسولي أشهر بابوات الإسكندرية، ولما كانت القسطنطينية هي عاصمة الدولة البيزنطية التي تحكم مصر في ذلك الوقت فقد استغلت القسطنطينية نفوذها فأمرت بنقل الجسد إلى القسطنطينية، وكان ذلك في القرن الثامن ثم نقل بعد ذلك إلى فنيسيا في القرن الخامس عشر.

وما أود الإشارة إليه، هو ما حدث من البعض بعيد الإعلان عن موعد الزيارة، وتناولها من، زاوية مغلقة ضيقة متجمدة رجعية غير روحية، وأصحاب تلك الزاوية يستحقون الشفقة والاحتواء وليس المقاومة والتحارب، لأن بصيرتهم الروحية فريسية لم تتحرر بعد من البعد المادي لترى السيد المسيح غير المحدود وهو يجول يصنع خيرا وحبا، مع الأممي، اليوناني، السامري اليهود، تلك أيديولوجيات وثقافات مختلفة، اخترقها السيد ليتواجد بداخلها ولم يقاطعها أو يقومها أو يتهمها بأنها مختلفه مع رسالة تعاليمة أو ثقافته اليهودية، سافر على الأقدام من مدينة إلى أخرى ليصنع سلاما مع الجميع وفي قصة السامرية خير دليل على ذلك.

وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا. (1كو2:13)، ما ذكره بولس الرسول هو دستور الإيمان المسيحي القائم على المحبة، تلك المحبة غير مشروطة، بل غير محدودة ممنوحة للجميع، لأن مصدرها هو السيد المسيح "الله محبة" وهو غير المحدود، وأطالب إخوتي المساكين والذين يظنون أنهم يدافعون عن الإيمان أن يقرأوا بتأني ما ذكره بولس الرسول، ليعلموا في من كلماته القليلة أن إيمان بدون محبة "ميت" تلك المحبة هي العاملة الباذلة التي تحتوي وتحضن الجميع، لأن مصدرها هو خالق الجميع.

لن أدافع عن قداسة البابا تواضروس في الهجوم الذي يتعرض له دائما، لأن محبته الكبيرة للجميع ستشفق حتما عن من يهاجمونه وستصلي من أجلهم، لأنه ممسوح بالمحبة من مصدر تلك المحبة، وأعلم أن كل خطواته تسوقها المحبة، ذلك الرجل سيكشف عنه التاريخ، إنه رجل الله حقا، ومن يعرفني جيدا، يعلم أنني لا أجامل على الإطلاق خصوصا رجال الدين، كفى منذ وقت جلوسه على الكرسي البابوي منذ ما يقرب من 10 سنوات إلى الآن وهو يتعرض لهجوم شرس كاسح، لم ينطق بكلمة واحدة ولم يدافع عن نفسه، بل صامت صامد بقوة المحبة المسموح بها من الله ليكون خادم لتلك المحبة.

وكلمتي الأخيرة إلى المؤيد والمعارض، علينا أن نصلي من أجل بعضنا البعض، حتى نتحرر من تباعيات الفكر المادي وندخل جميعا دائرة الإيمان الحقيقي وهو المحبة، محبتنا لبعضنا البعض، محبتنا للكنيسة، محبتنا للوطن، محبتنا للإنسان أينما كان، فيا أخي إن كنت ترى أن كنائس الغرب كما أراها أنا قد تفرغت من الإيمان السليم بالمسيح، فلنصلي من أجل أن يحررها المسيح من اختطاف الشيطان لها عن طريق أفكار وثقافات وسياسيات، ابتعدت الإنسان هناك وأبعدته عن حضن الإيمان السليم.

وأخيرا كلمتي لسيدي قداسة البابا، سِر على علامات خطوات السيد الرب الذي كان يجول يصنع خيرا ومحبة، صلى من أجلنا جميعا، صلى من أجل الذين يهاجمونك لكي يتحرروا بالمحبة التي تسير بها.