الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

عودة «أبناء الإرهاب» إلى أوطانهم.. أزمة تؤرق الغرب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عودة المتورطين في الإرهاب للوطن تشكل واحدة من المشكلات الأساسية التى تواجه عددًا من الحكومات الغربية فى السنوات الأخيرة، ولمناقشة هذه المشكلة استضاف معهد واشنطن فى ١٩ أبريل الجارى ضمن سلسلة محاضرات مكافحة الإرهاب، وشارك فيه إيان موس مسئول وزارة الخارجية الأمريكية. حيث ناقش نائب منسق مكافحة الإرهاب فى وزارة الخارجية الأمريكية كيفية تعامل الحكومات مع تحديات إعادة المحتجزين فى المعسكرات السورية ومحاربة التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية.
وقال إيان موس في مقدمة كلمته: شكرًا لـ«معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» ولماثيو ليفيت لدعوتى للانضمام إليكم اليوم لمناقشة التقدم الذي أحرزناه فى إعادة معتقلى تنظيم «الدولة الإسلامية» وأفراد عائلاتهم من شمال شرق سوريا، وعملُنا لمواجهة التطرف العنيف على نطاق أوسع. اسمى إيان موس، وأعمل كنائب منسق مكافحة الإرهاب المسئول عن اعتقال الإرهابيين ومكافحة التطرف العنيف فى «مكتب مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية».
وأضاف «موس»: تستدعى مجموعة التحديات المعقدة التى يطرحها السكان المحتجزون فى مخيمَى الهول والروج فى شمال شرق سوريا إجراءات عاجلة ودعمًا من المجتمع الدولي. وتشمل هذه التحديات المساعدة على تحقيق الاستقرار فى شمال شرق سوريا ودعم مجتمعات العودة فى العراق وشمال شرق سوريا، وتقديم الدعم المنهجى لفك الارتباط وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج، والأهم من ذلك، الإعادة إلى الوطن.
وفيما يتعلق بالإعادة إلى الوطن، أجرينا اتصالات دبلوماسية مكثفة وشهدنا نتيجة ذلك تقدمًا ملحوظًا خلال العام الماضي. فقد أُعيدَ أكثر من ٣٠٠٠ فرد- أكثر من العامين الذين سبقاه مجتمعين- إلى عدد من البلدان المختلفة، من بينها ألبانيا وبربادوس وكندا وفرنسا والعراق وكوسوفو وقرغيزستان وهولندا والنرويج والسودان وإسبانيا وسلوفاكيا.
ويستمر هذا الجهد، ونتوقع هذا العام قيام ٢٥ دولة على الأقل من مناطق مختلفة من العالم بإجراء عملية إعادة واحدة على الأقل. وبالفعل فى عام ٢٠٢٣، استعادت عشر دول أكثر من ١٣٠٠ من مواطنيها إلى أوطانهم.
نشكر جميع شركائنا على دعمهم، لا سيما الكويت، التى تواصل القيام بدور لا غنى عنه فى عمليات الإعادة إلى الوطن من خلال عملها كمركز عبور لعمليات الإعادة إلى الوطن بمساعدة الولايات المتحدة. وبسبب هذه الجهود، أصبح مئات الأطفال بعيدًا عن الأذى وقادرين على عيش حياة أكثر أمانًا يستحقونها - أى العيش بعيدًا عن التهديد اليومى للأيديولوجية العنيفة لتنظيم "الدولة الإسلامية". وبدلًا من ذلك، باستطاعة هؤلاء الأطفال العيش أخيرًا حيث يمكنهم الوصول إلى التعليم والفرصة لبناء حياتهم وتحقيق أحلامهم.
وقال: بالإضافة إلى ذلك، أود أن أشير إلى القيادة التى أظهرها شريكان- كوسوفو والعراق اللتان أعادتا مئات المقاتلين إلى أوطانهم فى عام ٢٠٢٢. وبينما تشكل إعادة النساء والأطفال إلى أوطانهم أمرًا مهمًا وعاجلًا، إلّا أن الحقيقة الصعبة هى أنه يجب على الدول أيضًا إعادة الرجال والشباب المتواجدين فى مراكز الاحتجاز والتأهيل إلى أوطانهم.
وفى النهاية، تشكل إعادة هؤلاء الأفراد خطرًا أقل بكثير من تركهم فى شمال شرق سوريا. ولا يزال عشرة آلاف من مقاتلى تنظيم «داعش» رهن الاعتقال هناك، وهو أكبر تجمع للإرهابيين المعتقلين فى أى مكان فى العالم. ويواصل تنظيم «الدولة الإسلامية» البحث عن فرص جديدة لتجديد صفوفه من خلال محاولة إطلاق سراح هؤلاء المقاتلين المحتجزين. وإذا هربوا، فلن يشكلوا تهديدًا لشمال شرق سوريا والمنطقة فحسب، بل لأوطاننا أيضًا.
وأكد أن أفضل طريقة لمنع ذلك هى إعادة هؤلاء الأفراد إلى أوطانهم لكى يُمكن إعادة تأهيلهم وإعادة دمجهم، وعند الاقتضاء، مقاضاتهم. إن الوضع هش على أرض الواقع، وقد تتكرر مجددًا محاولات الهروب من السجن مثل تلك التى حدثت فى معتقل الحسكة فى يناير ٢٠٢٢.
وتشكل رعاية النازحين فى المخيمات وإدارة المقاتلين المحتجزين ضغطًا على "قوات سوريا الديمقراطية"، شريكنا المحلى فى محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية». أريد أن أضيف أن تقليل عدد السكان فى كل من المخيمات ومراكز الاحتجاز لا يجعلنا أكثر أمانًا فحسب، بل يجعل المشكلة أكثر قابلية للإدارة أيضًا، بما فى ذلك من خلال تسهيل وصول المنظمات الإنسانية لتقديم الخدمات اللازمة للأفراد الذين ينتظرون العودة إلى مجتمعاتهم الأصلية.
أما عن التحدى الرئيسى فقال: أريد أيضًا أن أتطرق مباشرة إلى التحدى الرئيسي، الذى هو سياسى بطبيعته وليس تقني. نسمع مرارًا وتكرارًا القادة يقولون إن جماهيرهم المحلية تُعارض الإعادة إلى الوطن، ويعتبرون أن المقاتلين قد يُعرّضون نزلاء السجون لخطر التطرف، إذا نجحت محاكمتهم.
وأضاف: وتتعلق هذه المشكلة بالعمل الجماعي، فإذا عملنا معًا، يمكننا تقليل المخاطر التى نواجهها جميعًا، ونملك الأدوات اللازمة للقيام بذلك. ولا يمكننا التخفيف من المخاطر التى تواجهها كل دولة على حدة فى إعادة مواطنيها إلى الوطن فحسب، بل التقليل أيضًا من مخاطر عودة تنظيم «الدولة الإسلامية» التى تهددنا جميعًا.
لقد رأينا العديد من الأمثلة على التحقيقات والمحاكمات الناجحة. فقد أكدت "محكمة العدل الفيدرالية الألمانية" مؤخرًا الحكم الصادر على طه الجميلى بالسجن المؤبد فى نوفمبر ٢٠٢١ بتهم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة ضد الضحايا الإيزيديين.
كما أدانت ألمانيا زوجته جينيفر وينيش، المنتمية إلى تنظيم «الدولة الإسلامية»، بتهمة المساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية لتورطها فى استعباد فتاة إيزيدية تبلغ من العمر خمس سنوات وإساءة معاملتها وقتلها، فضلًا عن استعباد والدة الطفل وإساءة معاملتها. وحكمت عليها «المحكمة الإقليمية العليا» فى ميونيخ بالسجن عشر سنوات وتنظر فى زيادة مدة العقوبة بسبب خطورة الجريمة.
وأضاف: وفى ١٠ يناير ٢٠٢٣، أعادت إسبانيا ثلاثة عشر طفلًا وإمرأتين من شمال شرق سوريا. واعتقلت النساء اللواتى كن عرائس لمقاتلى تنظيم "الدولة الإسلامية" لدى وصولهن إلى قاعدة توريخون الجوية خارج مدريد. وأمر القاضى باحتجازهن قبل المحاكمة دون كفالة بتهمة «الانضمام إلى تنظيم إرهابي»، أى «داعش». وأكد القاضى أن الإمرأتين شاركتا فى أنشطة دعم تنظيم «الدولة الإسلامية» قبل وبعد انتقالهن إلى منطقة الصراع السورى العراقى مع أزواجهن فى منتصف عام ٢٠١٤.
وفى فبراير ٢٠٢٣، أعلنت هولندا أنها تخطط لمحاكمة إمرأة هولندية، حسناء عرب - أعيدت من سوريا مع ١١ إمرأة أخرى فى نوفمبر ٢٠٢٢- بسبب عضويتها فى منظمة إرهابية. كما ستواجه اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية لاستعبادها امرأة يزيدية.
وعلى الصعيد المحلي، تواصل الولايات المتحدة مقاضاة أعضاء تنظيم «الدولة الإسلامية». ففى قضية «البيتلز» التاريخية فى أبريل ٢٠٢٢.
وبالإضافة إلى التصدى للتهديد من قبل المنظمات الإرهابية الإسلامية مثل تنظيم «الدولة الإسلامية» وتنظيم «القاعدة» والجهات التابعة لهما، فقد وضعنا مكافحة إرهاب الهوية البيضاء ومعاداة السامية، وهو ما نُشير إليه بالتطرف العنيف القائم على دوافع عنصرية وعرقية، على رأس أولوياتنا. لقد رأينا جميعًا كيف يمكن أن تلهم حوادث التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية حركات مماثلة فى بلدان أخرى.
ويشكل اقتحام مكاتب الحكومة البرازيلية فى يناير واعتقال مدبّرى الانقلاب فى ألمانيا فى ديسمبر مثالَين على التأثير المباشر وغير المباشر للتحركات الأمريكية، سواء كانت قائمة على أيديولوجية التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية أو المناهضة للحكومة أو نظرية المؤامرة. ولهذا السبب أقدمنا على دعم عمليات الحوار عبر الأطلسي من خلال «شبكة المدن القوية». ومثل هذه المناقشات بين صانعى السياسات والممارسين المحليين من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، تساعدنا فى تحديد الاتجاهات العابرة للحدود الوطنية وأفضل الممارسات لمواجهة التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية.
وفى مايو الماضي؛ أطلقت وزارة الخارجية ووزارة العدل الأمريكيتين «منتدى إنفاذ قانون مكافحة الإرهاب»، الذى استضافته حكومة ألمانيا بصورة مشتركة فى برلين. وجمع هذا الحدث الذى دام يومين أكثر من ١٠٠ من مسؤولى إنفاذ القانون والمدعين العامين وغيرهم من ممارسى العدالة الجنائية من أكثر من أربعين دولة لبناء تحالف عالمى غير رسمي، مع التركيز على المناطق المحلية التى نشطت فيها مجموعات التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية والشبكات والجهات الفاعلة. وسوف يجتمع «منتدى إنفاذ قانون مكافحة الإرهاب» مجددًا فى أوسلو هذا الصيف.
وفى صيف عام ٢٠٢١، أطلق «المعهد الدولى للعدالة وسيادة القانون» دليل ممارسة العدالة الجنائية لمعالجة التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية. ولتنفيذ هذا الدليل، يعقد «المعهد الدولى للعدالة وسيادة القانون» سلسلة من الموائد المستديرة لممارسى العدالة الجنائية وغيرهم من صانعى إنفاذ القانون والسياسات. وفى الأسبوع المقبل، سأشارك فى إحدى هذه الموائد المستديرة فى مالطا، والتى تركز على معالجة التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية فى قطاع الأمن.
وفى سبتمبر الماضي، أعدّت الولايات المتحدة بالشراكة مع النرويج «مجموعة أدوات التطرف العنيف القائم على دوافع عنصرية وعرقية»، وهى مبادرة أطلقها «المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب» وتُشكّل موردًا مفيدًا للمجتمع الدولى فى مواجهة التحديات المرتبطة بالتطرف العنيف القائم على الدوافع العنصرية والعرقية، وذلك من خلال اتباع مقاربة تشمل المجتمع بأسره، وتستند إلى وجهات نظر السلطات الحكومية، والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والأوساط الأكاديمية وقادة المجتمع المحلى والمؤسسات المدنية مثل المدارس ودور العبادة.
يجب أن نعمل معًا جميعًا من أجل إبقاء الدول الأخرى والولايات المتحدة فى مأمنٍ من الإرهاب، وقد أحيينا مؤخرًا الذكرى السنوية العاشرة لهجوم «ماراثون بوسطن»، الذى أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح المئات. وبينما نتذكر أولئك الذين فقدناهم فى ذلك اليوم، يجب علينا أيضًا تشجيع صمود الناجين وعائلات الضحايا وأصدقائهم.
وقد أسس أحد المتسابقين المصابين فى ذلك اليوم، وهو ديف فورتييه، منظمة «عالَم واحد قوي» «One World Strong» من أجل إنشاء صلة وصل بين الناجين من الإرهاب حول العالَم. وقد أرسلنا ديف إلى أكثر من اثنى عشرة دولة لمشاركة قصته وتوسيع شبكته من الناجين والممارسين. كما دخلنا مؤخرًا فى شراكة مع منظمة «عالم واحد قوي» ومع بعثتنا فى كندا ضمن حدث دبلوماسى رياضى شارك فيه أكثر من ٢٠٠٠ شاب وشابة من مدينة كيبيك. وتُسلّط مثل هذه المشاركات الضوء على الشراكات الديناميكية التى نعمد إلى بنائها حول العالَم. كما تبرز هذه الأمثلة، والعديد من الأمثلة الأخرى، حقيقة مدى أهمية شراكاتنا، خاصة مع المجتمع المدني، فى منع التطرف العنيف.

٦٠٪ من ضحايا الإرهاب فى أفريقيا فقط
يكشف مؤشر الإرهاب العالمى لهذا العام أن ٦٠٪ من الوفيات المنسوبة إلى الجماعات المتطرفة العنيفة فى عام ٢٠٢٢ حدثت فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. يساهم العنف الطائفى وانعدام التماسك الاجتماعى فى التجنيد من قبل الجماعات فى القارة، وعلى الرغم من جهود المنع العديدة، لا يزال تهديد الإرهاب قائمًا.
وحول هذا الموضوع ناقش معهد الدراسات الأمنية الأفريقية الاجابة عن السؤال الأهم، وهو: هل حان الوقت لإعادة تقييم ما يجب القيام به لمنع التطرف العنيف وبالتحديد التجنيد فى الجماعات الإرهابية فى إفريقيا؟.
ويحدد تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائى الأخير عن رحلة إلى التطرف فى أفريقيا نوعين من العوامل الكامنة وراء التجنيد الطوعى أو التعرض للتجنيد من قبل الجماعات الإرهابية.
وحسب المعهد؛ تشمل العوامل الاجتماعية التهميش الاقتصادي، وعدم الوصول إلى الخدمات الأساسية، والإقصاء السياسي، وانتهاكات حقوق الإنسان. تغطى العوامل السلوكية كيفية تفاعل الفرد أو المجتمع مع هذه الدوافع الاجتماعية. يمكن أن تؤدى الردود إلى الشعور بالانفصال عن هوية الفرد أو مجموعته العرقية أو الدينية؛ الشعور بعدم الثقة تجاه المجموعات العرقية والدينية الأخرى؛ أو الشعور بمشاعر قوية من الكراهية أو الغضب أو الانتقام تجاه مجموعة أو حكومة.
وتحمل العديد من الأفارقة وطأة عقود طويلة من انعدام الأمن. تعانى المجتمعات المحلية من صدمة مستمرة ناجمة عن حركات التمرد والهجمات الإرهابية والعنف السياسى والتهميش الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والدينى والعرقى والإبادة الجماعية والحروب الأهلية.
بالنسبة للكثيرين؛ أصبحت الصدمة قضية مشتركة بين الأجيال نادرًا ما تحظى بالأولوية فى التدخلات الإنمائية والإنسانية. ونتيجة لذلك، يوصى الخبراء الآن بدمج الصحة العقلية والدعم النفسى الاجتماعى «MHPSS» فى برامج التنمية الحالية لمعالجة الصدمات والمظالم العميقة الجذور. يمكن أن يؤدى القيام بذلك أيضًا إلى منع التطرف العنيف.
تعرف اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة «IASC»- أقدم وأعلى مجلس تنسيق إنساني- الصحة النفسية والدعم النفسى الاجتماعى على أنها دعم متعدد الطبقات لمعالجة المشاكل النفسية ذات الطبيعة «مثل الحزن والاضطراب العقلى الشديد والاكتئاب والقلق وما بعد اضطراب الإجهاد الرضحي» ومشاكل الطبيعة الاجتماعية «مثل الفقر المدقع والقمع السياسى والانفصال الأسرى وتدمير المجتمع». قد يشتمل دعم الصحة النفسية والدعم النفسى الاجتماعى على التدخلات الصحية أو التعليمية أو المجتمعية.
وتصنف اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى الصحة النفسية إلى ثلاثة أنواع؛ أولًا: القضايا التى أثرت على المجتمع قبل النزاع، مثل الفقر والتمييز. ثانيًا: القضايا الاجتماعية الناجمة عن الصراع، مثل الانفصال الأسري، وانقطاع الشبكات، وانهيار التماسك والثقة. وثالثًا: القضايا الاجتماعية الناجمة عن الاستقرار بعد الصراع وجهود المساعدات الإنسانية، مثل تقويض الهوية الاجتماعية والهياكل المجتمعية.
ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن تدخلات الصحة النفسية والدعم النفسى الاجتماعي لها أهداف مختلفة، اعتمادًا على الفرد والمجتمع. يمكن أن يشمل ذلك تقديم المشورة بشأن الصدمات بعد الأحداث الصادمة، وحل الأعمال العدائية بين الطوائف والمظالم، وتعزيز التعافى والقدرة على الصمود، وتوفير العلاج الشامل للمساعدة فى صنع القرار وفهم عواطف المرء.
يجب أن يعالج الصحة النفسية والدعم النفسى الاجتماعي الصدمات بين الأجيال، وبناء الثقة والمرونة، والسماح بالمناقشة والتحقق من المظالم التى تواجه العديد من المجتمعات الضعيفة فى جميع أنحاء أفريقيا. يمكن أن تتم هذه الأساليب على المستوى الفردي، مع مجموعات خاصة بالجنس «خاصة عند مناقشة الموضوعات الحساسة مثل الصدمات الجنسية»، أو فى إعدادات مجموعات مختلطة.
وهناك العديد من دراسات الحالة حيث تم دمج أنشطة الصحة النفسية والدعم النفسى الاجتماعى فى الوقاية المستمرة وتدخلات ما بعد الصراع. فى شمال شرق نيجيريا، يواجه السكان مشاكل اجتماعية حادة ناجمة عن أزمة المناخ واستنفاد الموارد الطبيعية، فضلًا عن الهجمات وعمليات الخطف التى تقوم بها جماعة بوكو حرام والجماعات التابعة لها.
المجتمعات التى تعتبر الأكثر تهميشًا موجودة فى ولايات بورنو وأداماوا ويوبي. يتم تنفيذ تدخلات الصحة النفسية والدعم النفسى الاجتماعي فى هذه الدول فى الغالب من قبل مجموعات المجتمع المدنى المحلية والمنظمات الدولية، بما فى ذلك المنظمة الدولية للهجرة وصندوق إنقاذ الطفولة. بسبب انعدام الأمن المستمر، فإن معظم هذه المنظمات لديها الحد الأدنى من الموارد البشرية واللوجستية، والوصول المحدود إلى المجتمعات التى تحتاج إلى دعم الصحة النفسية والدعم النفسى الاجتماعي.
وفى كينيا، تقوم شبكة الخيوط الخضراء بتنفيذ أنشطة الصحة النفسية والدعم النفسى الاجتماعى فى المناطق الساحلية والعاصمة لعدة سنوات. أدت جهود مكافحة الإرهاب إلى انعدام الثقة الشديد فى جهاز أمن الدولة، نظرًا لانتهاكات حقوق الإنسان من قبل الجيش والشرطة والتمييز ضد مجموعات عرقية معينة، مثل الصوماليين. أظهر تقييم ما بعد البرنامج الذى أجرته شبكة Green String Network أن المشاركين فهموا بشكل أفضل الصدمات التى تعرضوا لها وكيف تؤثر على حياتهم اليومية، وتحسين التماسك الاجتماعي داخل المجتمعات.
تتمثل إحدى وظائف الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي التى غالبًا ما يتم تجاهلها فى إعادة تأهيل وإعادة دمج المنشقين أو الأفراد المحررين من الأسر من قبل الجماعات المتطرفة العنيفة. تحدد استراتيجية الاستقرار الإقليمي لحوض بحيرة تشاد الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي على أنها مدمجة فى أنشطة إعادة التأهيل وإعادة الإدماج وإعادة الإدماج الأوسع. وهذا يساعد على منع عودة المنشقين إلى الجريمة ويضمن عودة أكثر استدامة إلى المجتمع، إلى جانب إعداد المجتمعات لعودة هؤلاء الأفراد.
فى حالة رواندا، أثبتت برامج الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي التى تم تنفيذها بعد الإبادة الجماعية عام ١٩٩٤ أنها لا تقدر بثمن. لقد جمعوا مجتمعات من مجموعات عرقية مختلفة معًا للتوسط فى المظالم وإصلاح التماسك الاجتماعي.
إن جعل أنشطة الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي جزءًا من الجهود الحالية لمنع الإرهاب يمكن أن يوفر الإغاثة التى تشتد الحاجة إليها من الصدمات والآثار السلوكية الناتجة عن نشاط المتطرف العنيف. كما يمكن أن يساعد المجتمعات على منع الأنواع الأخرى من الصراع فى المستقبل وتحملها.