الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

رسائل الإمام محمد عبده.. فضيلة الحوار

الإمام محمد عبده
الإمام محمد عبده
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في مسيرة الإمام محمد عبده، الذي اتخذ من أخلاق الإسلام المتسامحة طريقا له، ومن تأدب نصوصه؛ خطابا اجتهد طوال تلك المسيرة العامرة أن يُصدره حتى يُعتمد على المستوى الجماهيري والرسمي، لتنقية الشوائب العالقة بدين الإسلام الذي انشغل به المستشرقون، وكانت ضمن هذه الاهتمامات العالمية بالإسلام أشياء مغلوطة كان يواجهها دائما تلميذ جمال الدين الأفغاني بفضيلة الحوار.
ولد الإمام محمد عبده سنة ١٨٤٩ ميلادية بقرية محلة نصر بمركز شبراخيت في محافظة البحيرة لأبٍ كان جَدّهُ من التركمان، وأم مصرية تنتمي إلي قبيلة بني عدي العربية، وتقلد العديد من المناصب منها: قاض سنة ١٨٨٩ بمحكمة بنها، في ١٨٩٠ عين عضوا في مجلس شورى القوانين، وفي ٣ يونيو سنة ١٨٩٩ صدر مرسوم للخديو عباس حلمي الثاني بتعيينه مفتيا لمصر.
وأكثر ما يميز خطاب محمد عبده هو صفاء يخلو من الشخصنة، ولا تتصل وشائجه بأيدلوجيات تقطع مسافة النقيض عن الخطاب الديني المتسامح مع ذاته ومع الآخر، لا لشيء سوى أنه خطاب راق، ويبتعد عن فكرة الصراع مع أي آخر يخالفه الرأي أو العقيدة، تلك المخالفة التي يتخذها التيار الإسلامي ـالمتشددـ ذريعة لصراع يُنشئه ويحافظ على تفعيله واستمرار سيطرته بوسائل متباينة تصل إلى إراقة الدماء إذا لزم الأمر.
وجاء اختيار الرسالة الأولى من رسائل الإمام محمد عبده تحت عنوان فضيلة الحوار على أساس رده البالغ من العقلانية والموضوعية مبلغا نفتقده اليوم، على مقال هانوتو وزير خارجية فرنسا وقتذاك، الذي كتب مقالا في جريدة الجرنال الباريسية بعنوان الإسلام والمسألة الإسلامية، ونشر في جريدة المؤيد فيما بعد باللغة العربية.
واتسم هذا المقال بلغته المتعالية والفهم الخاطئ لحقيقة الإسلام المتسامحة حيث قال: إن ذلك الشعب المنتشر في الأرجاء الفسيحة والأصقاع المجهولة، والمتبع لتقاليد وعادات، غير تلك التي نحترمها، هو الشعب الإسلامي السامي الأصل الذي يحمل إليه الشعب الآري المسيحي روح المدنية، كما اتهم الإسلام في موضع آخر بأنه سبب تخلف الدول الإسلامية.
وبتوضيح التباس لاحظه الإمام محمد عبده في تصور هانوتو قال: إن الشريعة الإسلامية تختلف عما علق في ذهنه من تاريخ الكنيسة، وسلطاتها المطلقة التي كانت مسلّطة على رقاب الناس تقيم لهم محاكم التفتيش، وتحرق علماءهم ومفكريهم وتقاسمهم أرزاقهم دون وجه حق.
وقد جمع الإمام محمد عبده ردوده المنطقية على هؤلاء المستشرقين الأوروبيين، في كتاب تحت عنوان الإسلام بين العلم والمدنية، أدعوك لقراءته، ليبين حجم الافتراءات التي علقت بالإسلام في عصره، كما حاول فيه أن يقدم صورة حية وحقيقية للدين الإسلامي، كما أن الإسلام بين العلم والمدنية سيكون ضيفا على مائدة رمضان الثقافية على صفحات «البوابة نيوز» طوال الشهر الكريم وكتب أخرى لمؤلفها الإمام محمد عبده.