الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

لماذا يخشى قيس سعيد على تونس من المهاجرين الأفارقة ؟

الرئيس التونسي قيس
الرئيس التونسي قيس سعيد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تتعرض تونس لهجمة شرسة في الآونة الأخيرة، من بعض المنظمات الدولية بعد خطاب الرئيس التونسي قيس سعيد، بشأن المهاجرين الأفارقة القادمين من دول جنوب الصحراء، إلى البلد العربي الواقع على البحر المتوسط، والقريب من السواحل الأوروبية مقصد المهاجرين غير الشرعيين.
تغيير ديموغرافي مُمنهج
وأبدى سعيد خشيته من أن يؤدي التدفق المستمر للاجئين إلى تونس إلى تغيير الطبيعة العربية الإسلامية لبلاده، مؤكدا وجود "ترتيب إجرامي تم إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس" من أجل "توطين المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء" في البلاد، بحسب بيان للرئاسة التونسية.
واعتبر الرئيس التونسي خلال ترؤسه اجتماعًا لمجلس الأمن القومي في قصر قرطاج في ٢١ فبراير الماضي أن "هذه الموجات المتعاقبة من الهجرة غير النظامية الهدف غير المعلن منها هو اعتبار تونس دولة أفريقية فقط ولا انتماء لها للأمتين العربية والإسلامية"، مشددًا على وجوب اتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده.
حملة ضد المهاجرين في تونس
وجاءت تصريحات سعيد بعد أيام قليلة على تنديد أكثر من عشرين منظمة حقوقية تونسية بما وصفته "خطاب كراهية" تجاه المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، حيث قبض على ما يقرب من ٨٤٠ مهاجرًا من ساحل العاج وغينيا والكاميرون ودول أفريقية أخرى، واتهموا بالبقاء بشكل غير قانوني في البلاد منذ منتصف فبراير، بحسب زينب مروكي، مديرة في منظمة محامون بلا حدود غير ربحية في تونس.

احتجاجات في تونس ضد قيس سعيد


وبعد خطاب "سعيد" اعتقلت السلطات التونسية مئات المهاجرين المنتمين لدول أفريقيا جنوب الصحراء، وهاجمت مجموعات من الرجال التونسيين المهاجرين ذوي البشرة السمراء، واعتدوا على بعضهم وطردوا الكثيرين من منازلهم، وفر أكثر من ١٠٠ مهاجر إلى مبنى منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة في تونس العاصمة.
ويعيش حوالي ٢١٠٠٠ مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء غير المسجلين في تونس، وفقًا للأرقام الرسمية، من عدد سكان يبلغ ١٢ مليون نسمة، بدأت عدة دول أفريقية بما في ذلك مالي وساحل العاج وغينيا في إعادة مواطنيها استجابة لتزايد الاعتقالات والهجمات.
غضب دولي من خطاب سعيد
خطاب الرئيس التونسي، أثار غضب عدد من المنظمات الدولية أبرزها الاتحاد الإفريقي والبنك الدولي، وقالت مفوضية الاتحاد الأفريقي بعد أيام قليلة من خطاب سعيد في بيان إنها دعت ممثل تونس إلى اجتماع عاجل لتسجيل "صدمة وقلق عميقين من شكل ومضمون" التصريحات، نيابة عن الكتلة القارية.
وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، في بيانه يوم ٢٤ فبراير الماضي، أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ملزمة "بمعاملة جميع المهاجرين بكرامة، من أي مكان أتوا منه، والامتناع عن خطاب الكراهية العنصرية الذي يمكن أن يعرض الناس للأذى، وإعطاء الأولوية لسلامتهم وحقوق الإنسان".

رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد


وردت الخارجية التونسية في اليوم التالي على بيان المفوضية الأفريقية رافضة ما وصفته بأنه "اتهامات لا أساس لها" أساءت فهم موقف الحكومة.
في السياق نفسه، قرر البنك الدولي تعليق برنامج الشراكة مع تونس، وسحبه من مراجعة لمجلس إدارة الهيئة المالية العالمية كانت مقررة في ٢١ مارس الجاري، وذلك حتى إشعار آخر، وهو ما يعني تجميد أي تمويل جديد كرد فعل على اعتداءات طالت مهاجرين أفارقة بالبلاد.
صعوبات اقتصادية في تونس
ويأتي قرار البنك الدولي في ظل صعوبات اقتصادية تواجه تونس التي تبلغ نسبة مديونياتها ٨٠٪ من إجمالي ناتجها القومي، وفي يناير الماضي حذر محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي من أن سنة ٢٠٢٣ ستكون "صعبة" في ظل ضعف النمو وارتفاع التضخم "أكثر من ١٠٪" ومعدل البطالة "أكثر من ١٥٪"، في حال عدم التوصل الى اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي على قرض. 
تراجع تونسي
تسببت ردود الأفعال الغاضبة من خطاب سعيد، إلى البدء في اتخاذ عدد من الإجراءات لتدارك الموقف في مسعى لتقليل حدة الغضب، وأعلنت الحكومة التونسية جملة من الإجراءات، قالت إنها تستهدف "تيسير الإجراءات على الأجانب المقيمين بها وحماية مختلف الجاليات"، شملت تسليم بطاقات إقامة لمدة سنة لفائدة الطلبة من البلدان الأفريقية، والتمديد في وصل الإقامة من ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر، وتسهيل عمليات المغادرة الطوعية لمَن يرغب في ذلك في إطار منظم وبالتنسيق المسبق مع السفارات والبعثات الدبلوماسية للدول الإفريقية بتونس.
وتعهدت الحكومة في مستهل مارس الجاري، بردع "كل أنواع الاتجار بالبشر والحد من ظاهرة استغلال المهاجرين غير النظاميين من خلال تكثيف حملات الرقابة، وتخصيص رقم أخضر على ذمة المقيمين من مختلف الدول الأفريقية الشقيقة للإبلاغ عن أي تجاوز في حقهم".
إلى جانب ذلك، قررت الحكومة إعفاء المهاجرين غير النظاميين من دفع غرامات التأخير في مغادرة البلاد، كما شددت على التزامها بالعمل على تعزيز الإحاطة وتكثيف المساعدات الاجتماعية والصحية والنفسية اللازمة للمهاجرين.

الرئيس التونسي قيس سعيد


قيس سعيد: أنا أفريقي وأفتخر
الرئيس التونسي عاد واستخدم مصطلحات من شأنها تقليل حدة التوتر بعد خطاب ٢١ فبراير، حيث أكد أن أفارقة جنوب الصحراء هم "إخوتنا"، مضيفا "أنا إفريقي وأفتخر"، خلال استقباله رئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو امبالو، مساء الأربعاء الماضي بقصر قرطاج.
الهجرة والتغيير الديموغرافي
على الرغم من الغضب الكبير من خطاب الرئيس التونسي، وخشيته من تغيير التركيبة الديموغرافية لبلاده إلا أن الهجرة هي أحد الأوجه التي يمكن أن تحدث تغييرًا ديموغرافيًّا في بنية المجتمعات، ففي شهر مارس من العام الماضي، أشارت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إلى احتمالية أن يصبح العنصر الأبيض أقلية داخل المجتمع الأمريكي في المستقبل، بسبب تباطؤ معدل نمو سكان الولايات المتحدة البيض وزيادة النمو السكانى من الهجرة.
وأوضحت فورين بوليسى، في تقرير لها أن التحولات الديمغرافية التى يشهدها المجتمع الأمريكى من حيث تباطؤ معدل نمو السكان البيض وزيادة النمو السكانى من الهجرة، وهو ما يعني أن تتحول الأغلبية البيضاء إلى أقلية، خلال عام ٢٠٤٤ وأشارت المجلة إلى دراسة ركزت على ٦ مجتمعات وصلت إلى مرحلة الأغلبية الأقلية والتى أسهمت فيها أيضًا موجات الهجرة، والمجتمعات هي: البحرين وهاواى وموريشيوس وسنغافورة وجمهورية ترينيداد وتوباجو والجزر التى كانت تشكل مدينة نيويورك فى القرن التاسع عشر.
وفي فرنسا، أعلن وزير الدولة السابق في حكومة فرانسوا فيون الفرنسية أن ٤٠٪ من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ٤ سنوات هم أبناء مهاجرين أول من أصول مهاجرة، وفقا لآخر تعداد سكاني، أصدره تقرير للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية يعود إلى يوليو ٢٠٢٠.

وأوضح الوزير الفرنسي السابق، في سياق تقرير نشرته صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية نشرته أكتوبر الماضي، أن "هناك تغييرًا عميقًا في عدد سكان فرنسا وفي عدد طلاب المدارس، لأن غالبية هؤلاء السكان ينحدرون من أفريقيا السوداء والمغرب العربي".

أما أصول هؤلاء الأطفال، فهي إفريقية في الغالب، منهم 10.9% من المغرب الكبير و5.6% من بقية إفريقيا، مقابل 1.3% من إسبانيا وإيطاليا والبرتغال.