الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ماكسيم شاييه يكتب| كشف الحقيقة.. لماذا يشارك الغرب في حرب أوكرانيا؟

ماكسيم شاييه
ماكسيم شاييه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الولايات المتحدة وحلفاؤها فى «الناتو» متآمرون فى هذا الصراع
واشنطن قدمت معلومات عن وحدات الجيش الروسى سمحت للأوكرانيين باستهداف وقتل العديد من الجنرالات الروس وقدمت معلومات ساعدت سلطات كييف فى تحديد موقع الطراد موسكفا وضربه
المحكمة الجنائية الدولية فى يوليو 1999: أى اشتباك عسكرى غير مباشر لأى دولة كالمشاركة فى تخطيط العمليات العسكرية لدولة أخرى والإشراف عليها من المرجح أن يدخل تلك الدولة فى النزاع المسلح
توماس فريدمان: تسريبات تؤكد أننا لم نعد فى حرب بالوكالة مع روسيا بل نتجه إلى حرب مباشرة بدون تحضير الشعب الأمريكى أو الكونجرس لهذه النتيجة

 


فى النقاش العام حول الصراع فى أوكرانيا، يستمر طرح سؤال منذ دخول روسيا فى حرب مباشرة فى هذا البلد الشهيد. وبعبارة أخرى، هل الدولة الفرنسية وحلفاؤها الغربيون يشاركون فيما أصبح، منذ ربيع عام ٢٠٢٢، حربًا واسعة بالنيابة عن الناتو ضد الجيش الروسى؟ فيما أعلن وزير الخارجية الألمانى أن القوى الغربية تشن «حربًا ضد روسيا»، وسارع المستشار شولتز والخارجية الفرنسية إلى إنكار أى تورط فى هذا الصراع. وتحدثت إحدى المحللات فى قناة  LCIعن تلك المشاركة فى الحرب دون تجاوز الخط الأحمر فقالت «خلال عملية التوازن التى يقوم بها الغرب منذ ما يقرب من عام كان ماكرون قد حدد لنفسه هدف «وقف» الحرب فى أوكرانيا «دون أن نشارك فيها ونصبح طرفًا رئيسيًا» وهذ المبدأ يسمح لرئيس الدولة بتبرير إتخاذ إجراءات اقتصادية استثنائية بشكل متزايد وإرسال أسلحة ثقيلة بشكل متزايد. ولكن مع احتمال تسليم دبابات لوكليرك إلى كييف، هل سيتم تجاوز هذا (الخط الأحمر) الذى تحدده باريس؟».

وبينما يتم اعتبار هذه الدبابات على أنها الحل المعجزة لهزيمة الغزو الروسي، تتساءل محللة أخرى (تدى ماريان) عن مدى تورطنا كفرنسيين فى أوكرانيا؛ وبشكل أكثر قطعية، ودعمت فى تحليلها فى صحيفة لوفيجارو على وجهة نظر الخارجية الفرنسية، قائلة إن «تسليم الدبابات الغربية ليس عملًا من أعمال القتال». ولإثبات ذلك، تستند تلك المحللة إلى مذكرة من جوليا جرينيون، المديرة العلمية فى معهد إيرسيم، التى قالت فى مايو الماضى إن «الدعم المقدم من عدد كبير من الدول إلى كييف، خاصة من خلال إيصال الأسلحة، لا يجعل هذه الدول مشاركة فى الحرب». وهنا نرى أن الدعم الغربى لأوكرانيا ليس جوهريًا فقط، فإن هذه المذكرة من السيدة جرينيون تحتوى على حجة قانونية تسمح لنا باستنتاج العكس تمامًا وهو أن قوى الناتو هى بالفعل تتآمر فى هذا الصراع. واستنادًا إلى حكم أصدرته المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة فى يوليو ١٩٩٩، ذكرت أن «أى اشتباك عسكرى غير مباشر لأى دولة كالمشاركة فى تخطيط العمليات العسكرية لدولة أخرى والإشراف عليها من المرجح أن يدخل تلك الدولة فى النزاع المسلح». وبعبارة أخرى، فإن حجة المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة التى لخصتها السيدة جرينيون تعنى أن الولايات المتحدة - وبالتالى حلفاؤها فى الناتو - متآمرون فى هذه الحرب، كما سنقوم الآن بتوثيق كل ذلك.

فى نفس اليوم الذى نُشرت فيه مذكرة «أيرسم»، قال كاتب العمود الشهير توماس فريدمان فى صحيفة نيويورك تايمز إن الصراع فى أوكرانيا أصبح «خطيرًا بشكل متزايد على الولايات المتحدة». فى بداية مقاله، استشهد بتسريبين تم نشرهما فى الأيام السابقة وكشفا المشاركة المباشرة للخدمات الخاصة لإدارة بايدن فى التخطيط والإشراف على المجهود الحربى الأوكرانى وهو ما يعد خيانة للرأى العام..وأشار فريدمان إلى أن صحيفة «التايمز» كشفت أن الولايات المتحدة «قدمت» معلومات عن وحدات «العدو»، مما سمح للأوكرانيين باستهداف وقتل العديد من الجنرالات الروس خلال الحرب فى أوكرانيا، وذلك وفقًا لكبار المسؤولين الأمريكيين. واستشهد بما بثته قناة إن بى سى ونقلًا عن مصادر أخرى رفيعة المستوى فى واشنطن، والتى أكدت أن الولايات المتحدة «قدمت معلومات ساعدت السلطات الأوكرانية فى تحديد موقع وضرب موسكفا، معقل تجمع الأسطول الروسى فى البحر الأسود. هذه المساعدة المستهدفة «ساهمت فى الغرق الأخير» لهذا الأسطول الروسى بسبب قصف بصواريخ كروز أوكرانية». 

فى مواجهة هذه الاكتشافات النارية، اتخذت إدارة بايدن سياسة الإنكار، ونفت أى دور فى التخطيط والإشراف على هذه الهجمات الأوكرانية ضد الجنرالات الروس وموسكفا.
ومع ذلك، فقد علمنا منذ أوائل عام ٢٠٢٢ أن الأجهزة السرية الأمريكية قد أنشأت آليات تبادل استخباراتى تكتيكية وتلعب، وفقًا لإدارة بايدن، دورًا رئيسيًا فى رد أوكرانيا على العدوان الروسي. كما صرح المتحدث باسم البيت الأبيض فى مارس ٢٠٢٢، «لقد شاركنا باستمرار ومنهجية مع الحكومة الأوكرانية بتقديم قدر كبير من المعلومات التفصيلية فى الوقت المناسب حول خطط روسيا وأنشطتها لمساعدة الأوكرانيين على الدفاع عن أنفسهم. وهذا يشمل المعلومات التى من شأنها أن تساعدهم على تشكيل وتطوير ردهم العسكرى على الغزو الروسى». وأضاف مدير المخابرات الوطنية أفريل هينز خلال نفس الفترة أن الأجهزة الأمريكية كانت تقدم «قدرًا هائلًا من المعلومات لأوكرانيا»، كما قال مدير وكالة الأمن القومى إن تبادل المعلومات هذا مع كييف رفع عملياتها القتالية «إلى مستوى آخر»، وأنه » خلال ٣٥ عامًا من العمل، لم ير قط مشاركة أفضل للمعلومات الدقيقة والقابلة للتنفيذ فى لحظات الحسم المناسبة». فى ذلك الوقت، وصف مدير المخابرات العسكرية فى البنتاجون هذا التعاون بأنه «ثورى».
وتعنى عمليات التبادل المكثفة للمعلومات هذه انخراطًا مباشرًا للأجهزة السرية الأمريكية وحلفائها فى الناتو مع نظرائهم الأوكرانيين. فى ديسمبر ٢٠٢٢، أكدت صحيفة وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة زودت قوات الرئيس الأوكرانى بأطنان من البيانات حول موقع وتحرك القوات والمعدات الروسية، بالإضافة إلى معلومات تشغيلية أخرى. وتم إنشاء هذا التعاون كجزء من اتفاقية تبادل معلومات استخباراتية موسعة بشكل كبير، وهو أمر غير مسبوق تقريبًا بالنسبة لحليف الولايات المتحدة من غير الناتو. وقال مسؤول كبير فى البنتاجون إن العديد من هذه التغييرات تتضمن تغيير القواعد حتى يتمكن الموظفون الأوكرانيون والغربيون من جمع وتحليل المعلومات جنبًا إلى جنب على المواقع السرية. ووفقا لمعيار «السيطرة العالمية» الذى وضعته المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ولخصه المجلس فى مايو الماضي، «من المرجح أن أى تدخل عسكرى غير مباشر لأى دولة  كالمشاركة فى تخطيط العمليات العسكرية لدولة متحاربة والإشراف عليها، يعتبر بمثابة إشراك دولة فى نزاع مسلح». بعبارة أخرى، الولايات المتحدة وحلفاؤها فى الناتو هم بالفعل متآمرون على الأراضى الأوكرانية، إذا تم اتباع حكم المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة لعام ١٩٩٩. ببساطة، تسمح الطبيعة السرية لهذه الحرب لقوى الناتو بإنكار تورطها فى هذه الحرب من خلال تركيز انتباه رأيها العام على الجانب المادى لدعمها للجيش الأوكراني.
فى الواقع، بينما تتباهى الدول الغربية بنقل الأسلحة بشكل كبير إلى أوكرانيا، فإن قادة هذه الدول أكثر ترددًا فى إعطائنا تفاصيل حربهم السرية. وفقًا لتوماس فريدمان المطلع، فإن «تسريبات مايو ٢٠٢٢ حول تقديم المساعدات لإسقاط الجنرالات الروس وموسكفا لم تكن جزءًا من أى استراتيجية للاتصالات التابعة للبيت الأبيض وكان الرئيس بايدن غاضبًا من ذلك. أبلغتنى مصادرى العليا أنه اتصل بمدير المخابرات الوطنية ورئيس وكالة المخابرات المركزية ووزير الدفاع لتوضيح أن مثل هذه التسريبات كانت غير حكيمة وأنه كان عليهم التوقف مباشرة قبل أن نضع أنفسنا فى حالة حرب مع روسيا». وفقًا لفريدمان، «الاستنتاج من هذه التسريبات هو أنها تشير إلى أننا لم نعد فى حرب بالوكالة مع روسيا، بل نتجه إلى حرب مباشرة. ولم يقم أحد بتحضير الشعب الأمريكى أو الكونجرس لمثل هذه النتيجة».
ولا تزال الشعوب الغربية، الذين يتم استغلالها من قبل النخب، تعتقد أن دولهم لا تشارك فى إدارة حرب الظل المعادية لروسيا فى حين تقوم هذه الدول بالمشاركة فى التخطيط لهذه الحرب وتزداد سوءًا بشكل خطير لمدة عام تقريبًا. وفى الحقيقة الأسلحة الثقيلة التى تم تقديمها لأوكرانيا ما هى إلا تتويج لثلاثة عقود من الاستفزاز من قبل الصقور الأمريكيين لجذب موسكو إلى الفخ الأوكراني، كما أوضح مؤخرًا الأدميرال والباحث والقائد السابق للغواصة الهجومية جان دوفورك.
فى أوروبا، حان الوقت لإدراك هذه الحقيقة قبل فوات الأوان فى حين تجسد وكيلة وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند ورئيسها أنتونى بلينكين المناهض لروسيا توجهات قوى المحافظين الجدد التى أيدت الإطاحة برئيس الوزراء فيكتور يانوكوفيتش بين عامى ٢٠١٣ و٢٠١٤. وهذه القوى لها تأثير كبير فى عهد الرئيس بايدن، وتشددهم يؤدى إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا تستمر لفترة طويلة جدًا.

معلومات عن الكاتب 
ماكسيم شاييه.. خبير متخصص فى الحروب السرية.. يطرح رأيه المهم على عكس غالبية الخبراء الغربيين الذين يرون أن قوى الناتو ليست متحاربة فى أوكرانيا.. ويؤكد، هنا، وجهة نظره من خلال توثيق العدوان السرى للخدمات الخاصة الأمريكية وحلفائها بدقة فى التخطيط المشترك والإشراف على الرد الأوكرانى على العملية العسكرية الروسية.
لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:

 

https://www.ledialogue.fr/