رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

بعد انهيار نفوذهم في الشرق الأوسط.. هل يتجه "القاعدة" و"داعش" إلى إفريقيا للبدء من جديد؟

أرشيفية
أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بينما ينهار تنظيما "القاعدة" و"داعش"، في أماكن نفوذهما التقليدية، مثل: منطقة الشرق الأوسط كسوريا والعراق، وجنوب شرق آسيا كأفغانستان وباكستان، تتسارع التساؤلات حول مستقبل التنظيمين، ومدى قدرتهما على إيجاد أرض جديدة، يستعيدان عليها قوتهما، ليقوما من جديد.
ويتجه الخبراء، والمحللون، إلى دراسة أبعاد التحركات الأخيرة لقادة تنظيمي داعش والقاعدة، بعد الخسائر التي مني بها كلاهما، في محاولة للتعرف على البديل الذي يمكن أن يتجها إليه ـ معا أو كل على حدة ـ من أجل دق ناقوس الخطر قبل أن يفاجأ العالم بتوغل جديد للتنظيمين.
الحالة العالمية 
الحالة التي تسود العالم حاليا، تطرح وفقا للمؤشرات عددا محدودا من البدائل لدى تنظيمي القاعدة وداعش، لكي يبدءا من جديد، بفرض نجاحهما في تجاوز الخلافات الداخلية، وأزمات التمويل، وتلقي الدعم اللوجيستي، بعد أن أدت الخسائر الأخيرة، إلى تراجع الدعم من قبل القوى التي وقفت خلف كل منهما على مدار السنوات الأخيرة.
تطورات الأزمات الاقتصادية العالمية، فرضت على القوى الكبرى الممولة للتنظيمين أن تتراجع عن هذا التمويل ليس فقط بسبب حالة العوز التي صارت تضرب هذه الدول، وإنما أيضا لخوفها من انفلات زمام السيطرة على التنظيمين، وعمل كل منهما لحساب نفسه، في ظل انشغال أوروبا، والولايات المتحدة، بما يجري بين روسيا، وأوكرانيا، ومحاولات التخفيف من تداعياته، وتوجيه الأزمة برمتها لتحقيق أكبر فوائد ممكنة.
ومع استمرار الصراع الروسي الأوكراني، بما له من تداعيات على جميع نواحي الحياة في العالم الغربي، لا يبدو أي مكان في أوروبا صالحا لأي حركة للتنظيمين الإرهابيين الأكثر شهرة في التاريخ، ومع اتجاه الأوضاع في أفغانستان لصالح حركة طالبان، التي باتت تفرض على التنظيمات الإرهابية التي تمتلك علاقات معها، أن تتحرك في حدود مصالح الحركة بعد أن تحولت إلى نظام حاكم، ومع جمود الأوضاع في بنجلاديش، والفلبين، وغيرهما من مناطق النفوذ التقليدي للجماعات الإرهابية، وتشابه هذه الأوضاع مع الشرق الأوسط، من حيث تقليم أظافر الجماعات الإرهابية، وفقدانها للقدرة على التحرك بحرية، يبدو من المناسب الانتباه إلى القارة الإفريقية، والتساؤل عن مدى إمكانية أن يتوغل فيها تنظيمي القاعدة وداعش، واقتسام مساحات من النفوذ المؤثر.

أفريقيا مجددا
هل تصلح إفريقيا للبدء من جديد؟ يطرح هذا السؤال نفسه بقوة، في ظل مجموعة من المعطيات، التي تمنح القاعدة وداعش إغراءً حقيقيا للتوجه إلى إفريقيا، فإذا كان التنظيمان قد خسرا نفوذهما في شمال إفريقيا، كما خسرا الدعم المعتاد الذي كانا يتلقيانه من جماعة الإخوان، على أثر انهيار وجودها في معاقلها التاريخية، إلا أن الأوضاع الإفريقية ولا سيما في الأدغال الجنوبية، مازالت مناسبة.
إن نظرة بسيطة على الأوضاع التي مازالت متهاوية في ليبيا، وتشاد، ومالي ـ خاصة بعد مغادرة فرنسا ـ وأيضا في نيجيريا غربا، والصومال شرقا، تجعلنا أمام خريطة واضحة المعالم، للمناطق التي يمكن لتنظيمي القاعدة، وداعش أن يرسخا فيها وجودا قويا ومؤثرا، يكون قادرا على جذب أنظار القوى الممولة مرة أخرى.
ويكشف مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية، عن معلومات تؤيد التحليل السابق، ومنها أن تنظيمي داعش والقاعدة، مسؤولان عن أكثر من 5110 أحداث عنف في إفريقيا العام الماضي، والتي وقعت في  الصومال، ومنطقة الساحل الغربي، وحوض بحيرة تشاد، وشمال موزمبيق.

ملحق المعلومات الإحصائية، الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2020، يشير بدوره إلى نشاط مكثف لجهات موالية للإرهاب وداعش والقاعدة خاصة، في الصومال، وليبيا، ووسط إفريقيا، والصحراء الكبرى، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وموزمبيق وتنزانيا، والكونغو الديمقراطية، وأوغندا، وداعش، وغرب إفريقيا، وبالطبع في نيجيريا، والنيجر، والكاميرون، فضلا عن جماعات تجاهر بالانتماء لتنظيم القاعدة وهي: جماعة نصر الإسلام والمسلمين، وحركة الشباب، وجماعة الأنصار. 
ووفقا للتقرير نفسه، بلغ عدد الهجمات التي نفذها إرهابيون في عام 2020، نحو 400 حادثة في منطقة الساحل، وكانت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وداعش في الصحراء الكبرى أكثر الجماعات نشاطًا.
وتشير المعلومات أيضا إلى أن تنظيم القاعدة يعزز حاليا من نفوذه في إفريقيا، متخذا من حركة الشباب الموجودة في الصومال، مرتكزا ونقطة انطلاق، حيث تعمل حاليا على مد نفوذها إلى كينيا المجاورة للصومال، وبالطبع مد أواصر التعاون مع المجموعات الجهادية التي تعمل في منطقة الساحل الإفريقي، ومالي بالتحديد، بالإضافة إلى بوركينا فاسو، والنيجر، وتوجو وبنين، حيث انخرطت الجماعة في اشتباكات مع جيشي البلدين.

ثغرات أمنية
ويعد انتشار الفكر الجهادي في إفريقيا سببا مهما آخر، لاتجاه أنظار قادة القاعدة وداعش إلى إفريقيا، خاصة التجهيز المتميز الذي تتمتع به الجماعات المتطرفة هناك، وامتلاكها أسلحة متطورة من الناحية التكنولوجية، وأيضا وجود ثغرات أمنية في بعض هذه الدول تسمح بتسهيل الحصول على الأموال، فعلى سبيل المثال يعبر مسلحو الجماعات المتطرفة، بسهولة بين حدود دول غرب إفريقيا لتهريب المال والسلاح.
أيضا هناك التوترات الأمنية التي تصل حد الاشتباكات بين الجماعات العرقية، المنتشرة في هذه المناطق، ما يخلق أجواء تصعب على الأجهزة الأمنية في هذه الدول أن تواجه تحركات الجماعات الإرهابية، الأمر الذي يعزز من قدرة هذه الجماعات على التحرك.  
كما أن الحكومات المحلية في النصف الجنوبي من القارة الإفريقية، تفتقر إلى القدرات والموارد اللازمة لتحقيق نصر على هذه التنظيمات المتطرفة. كل هذه العوامل تجعل العالم أمام ضرورة ملحة للانتباه إلى القارة الإفريقية، والعمل على وأد فرص عودة تنظيمي داعش والقاعدة، من خلالها.