الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

مئة بيت من الشعر العربى.. عصير الحب والموت والحكمة “مالك بن الريب”

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى تراث الشعر العربى، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسى، كنوز وجواهر لا ينبغى للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، فى محاولة لتحقيق التواصل الضرورى والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.
 مالك بن الريب

«يقولون لا تبعد وهم يدفنونني وأين مكانُ البعدِ إلا مكانيا؟»
عند وقوف الإنسان على حافة الموت، دون ذرة من الأمل فى النجاة والإفلات من براثنه، يبدو الكذب والادعاء والافتعال من الأفعال المستحيلة. لا متسع فى لحظة كهذه للحسابات صانعة الكذب، ولا شيء إلا الصدق المتوهج ونزيف الروح التى تتهيأ للمغادرة بلا عودة. ليس الموتى وحدهم من لا يكذبون، فكذلك الأمر مع الذين يتهيأون لركوب حافلة الموت.
مرثية مالك بن الريب ليست كغيرها من آلاف قصائد الرثاء فى سجل الشعر العربى، ويكمن تفردها فى أنه يرثى نفسه، ويقدم وجبة شهية طازجة من عصير الشجن والحكمة. فى سياق كهذا، يندمج القارىء مع النص ويذوب، فما أكثر الأسئلة التى لا تنتظر الإجابات، لكن السؤال فى ذاته مفتاح أساس لفهم بعض جوانب غموض الوجود، أو الاقتراب من الفهم، دون نظر إلى أن المباراة تقترب من نهايتها.
قصيدة مالك حوارية من طراز رفيع غير معهود، واللوحة المقدمة فى البيت لا تخلو من السخرية المريرة التى تمثل ملمحا مهما فى التجربة الاستثنائية. لم يبق فى حياة الشاعر المحتضر إلا أقل القليل، وما أعظم الاحتياج إلى مشاركة حميمة مع محاور مفترض، فى زمنه وغيره من الأزمنة، يصغى ويهز رأسه ويعلق ويواسى، ويمنح الشعور بأن لحن الوداع تصاحبه مشاركة روحية، ولا يقتصر على أنغام الوحدة والخواء.