الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حكايات الولاد والأرض.. والدة الشهيد كريم فؤاد: أصعب حاجة على الأم تحكي عن ابنها الشهيد.. لكني فخورة وراضية

الشاهد الوحيد على تعذيب الإرهابيين والإخوان لضباط الشرطة بقسم مطاى

الشهيد كريم فؤاد
الشهيد كريم فؤاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كريم فؤاد ابنى وحبيبي وكل حياتي طبعا أصعب حاجة على الأم أنها تكتب وتتكلم عن ابنها وهو مش معاها وراح بعيدا عنها، بس أنا حبيبى بعيد عن عينى، بس عايشة بيه وليه، كل نفس وكل كلمه كريم موجود فيها معانا أنا وإخواته، لأنه ابن ليا وأب لإخواته علشان يا حبيبى اتربى يتيم.
بتلك الكلمات سعت والدة الشهيد "كريم فؤاد" لتعريف المصريين بنجلها الذي استشهد خلال أداء واجبه في الدفاع عن البلاد ضد الإرهابيين في حديثها لـ"البوابة".
وتابعت أن كريم باختصار بطل من نوع خاص من صغره مؤدب ومحترم وحمول لكل الآلام كان حلم حياته يكون ضابط شرطة أو جيش المهم عنده إنه يخدم بلده، والحمد الله اتحقق حلمه والتحق بكلية الشرطة ٢٠٠٦، وملفه لم يحمل ولو مرة واحدة أي جزاء ولا حتى لفت نظر، واتخرج من أوائل دفعته، الدفعة اللى اتخرجت باسم "ثورة يناير" وما تبعها ما هو أسوأ منها دفعة ٢٠١٠ التي اشتهرت بدفعة الأبطال والشهداء، لكثرة من استشهد منها، واختار بنفسه العمل في مديرية أمن المنيا، وعمل بقسم شرطة مطاى، وكان بشهادة الجميع مثالا للضابط المحترم المجتهد، فكسب حب جميع من حوله، وحب الناس، وبعد سنتين عمل التحق كما كان يتمنى كضابط مباحث بنفس القسم، ومن شجاعته وجرأته الزائدتين، ومراعاة الناس أصيب لأول مره بطلق ناري في الكف اليسرى خلال فض مشاجرة بين أهالي بلدتين، وظل يُعالج أكثر من ٣ شهور ورجع شغله.
وتابعت، لم يستكمل علاجه على مسئوليته الشخصية، لحبه الشديد لعمله وإحساسه بحاجة بلده له في هذا التوقيت، وعندما كان البلد في حالة فوضى خلال يناير ٢٠١١ كان كريم في راحته الدورية، ولكن مأمور القسم اتصل به وأخبره أنه محتاج له لأن في عدد كبير من الضباط اضطروا تحت تهديد الهجمة الشرسة على الداخلية لترك مكان خدمتهم.
وقاله: يا كريم أنت في الراحة، يعنى لو مش عايز تيجي دا حقك، وما فيش أي عقوبة عليك، وفى خطورة عليك في الطريق لو اتعرف إنك ضابط، كريم حبيبى فاكرة يومها رد قاله: أنا جاي حالا لحضرتك وتحت أمر الناس كلها احنا شغلتنا نحافظ على بلدنا في كل وقت، وكلنا نتحايل عليه وخايفين عليه، ورفض تماما، وصمم أنه يسافر، وكان وقتها ملازم أول، وراح بقوة صغيرة جدا مسك نقطة شرطة في الصعيد في عز الأحداث، وكل الدنيا عارفة أن أقل نقطة في الصعيد يمسكها نقيب وقديم كمان، وسيطر على الأمن مش بالقوة بالحب والتفاهم مع أهل البلاد التابعة لها النقطة، لدرجة أن لما الوضع تحسن ورجع نقيب زميل له يتولى النقطة الأهالى كانوا رافضين إن كريم يمشى.
وأضافت، كريم أصيب للمرة الثانية أثناء إزالة تعد على النيل في الكتف واستقرت الرصاصة، ولم تستخرج حتى استشهاده، وهذه المرة أيضا عولج لفترة وعاد مسرعا لعمله إلى أن جاء يوم فض اعتصام رابعة وما تبعه من هجوم منظم من الإرهابيين على معظم مديريات الأمن وأقسام الشرطة، وكان للمنيا النصيب الأكبر حيث استشهد في هذا اليوم فيها ١١ من رجال الشرطة، وفى قسم مطاي من شدة الهجوم عليه نفدت الذخيرة، إلا أن كريم ونائب المأمور العميد مصطفى العطار رفضا الخروج أو الاستسلام، وظلا يدافعان عن القسم حتى اقتحموا واعتدوا عليهم ومثلوا بهما بالسحل والضرب بالمطاوي والسيوف وإلقاء مياه النار إلى أن استشهد البطل مصطفى العطار، وظل كريم يتعرض لكل أنواع التنكيل لمدة ٤ ساعات متواصلة.
وتتوقف الأم وكأنها ترى وليدها يتعذب على أيدى هؤلاء التكفيريين وتتجمد دموعها وترتفع هاماتها فخرا وتستكمل: "ولو كتبتوا على النت سحل وضرب كريم فؤاد ضابط مطاي هتشوفوا مدى قسوة وإجرام الإخوان الإرهابيين مع حبيبى".
حسبي الله ونعم الوكيل، ترددها السيدة المؤمنة وتستكمل حكاية شهيدها البطل:" وبرضه انتقل للعلاج، وتماثل للشفاء وتم نقله لمباحث التموين خوفا على حياته من تهديدات الإرهابيين بقتله، ولأنه كان الشاهد الوحيد في قضية الاعتداء على المركز، إلا أنه بشجاعته المعهودة وتفانيه في عمله رفض تماما الانتقال من المنيا، وصمم على أن يعود مطاي ويعمل هناك بكل قوة ويواجه ويسترد كرامته وكرامة كل رجل شرطة ممن استشهدوا وأصيبوا في الأحداث، وقال لرؤسائه: أنا مش خايف العمر واحد والرب واحد ومابيخدش الروح الا اللى خالقها.
وتتابع، ورجع واشتغل في إدارة عمليات البحث في المنيا لمدة ٩ شهور، وأدلى بشهادته أكثر من مرة في القضية، إلى أن حكم القاضي فيها بإعدام ٥٢٨ واحدا من الإرهابيين، ووقتها ثار الرأي العام الخارجي، والملاعين النشطاء على مصر وعلى حكم الإعدام بالجملة، كما سموه وروجوا ضده إعلاميا، فطلبت وزارة الداخلية من كريم الظهور إعلاميا لشرح ما حدث من قتل وتعذيب بصفته الشاهد الوحيد وخيروه لعلمهم أنه سيزيد ذلك من استهدافه من قبل الإخوان والموالين لهم، إلا أنه وافق أيضا وبكل شجاعة وظهر في العديد من الحوارات ودافع عن بلده وعن قضائها بكل شدة، ولم يخش فى الحق إلا الله.
وتشير الأم إلى أن ذلك زاد إصرارهم على قتله ورصدوا مبالغ كبيرة لتصفيته، وقامت الوزارة بنقله من المنيا بقرار وزاري حفاظا عليه، وتركت له حريه اختيار المكان ونصحه الجميع باختيار مكان متميز وبعيد عن الأخطار، إلا أنه رفض أيضا هذه المرة، وقال: أنا اتخلقت علشان أبقى ضابط مباحث وأشتغل مع الناس ولخدمتهم، أنا ماعرفش أقعد على مكتب، وحذره الجميع من أنه على قائمة الاغتيالات، فقال: العمر واحد والرب واحد، وانتقل لمديرية أمن مطروح وهناك تم استقباله كبطل أدى ما عليه، وقرر مدير الأمن بقاء كريم في إدارة العمليات خوفا عليه، إلا أنه أصر أن يعمل كضابط مباحث، وعمل معاون مباحث قسم شرطه العلمين بمطروح استمر عمله ٧ أشهر و١٤ يوما فقط، ضبط فيها أكثر من ١٢ قضية متنوعة ما بين جرائم سلاح ومخدرات وإرهابيين، وآخر قضية ويعتبر بمجهود فردى ضبط ٥٦ بندقية والآلاف من الأقراص المخدرة وأنواع أخرى من المخدارات، ولم يخف أيضا من تهديدات تجار السلاح إلى أن جاء ميعاد شهادته الأخيرة في قضية إعدام المنيا وتأييد الحكم بإعدام ٣٧ منهم، وشهد أيضا بكل جرأة.
وأوضحت والدموع في عينيها، ولكن بعد أسبوع فقط وأثناء عودته برفقة ضابط زميل له، وفرد شرطة من معاينة لمسرح جريمة قتل وفى منطقة صحراوية بنجع أولاد جمعة فوجئوا بسيارة ملاكي تحمل لوحات شمال سيناء يستقلها ٣ مسلحين فقاموا بمطاردتهم وعند استيقافهم نزل كريم بسرعة من عربة الشرطة للتعامل معهم وللقبض عليهم، إلا أنهم اطلقوا النار مباشرة وبكثافه فأصيب بطلق ناري في الصدر، وفرد الشرطة أصيب بطلق ناري في الذراع، وبقى كريم وفرد الشرطة يصارعان الموت وينزفان بغزارة وتم نقلهم للمستشفى، إلا أن كريم اختاره ربه إلى جواره شهيدا بعد عدة عمليات لاستئصال لأجزاء من أعضائه الداخلية المتهتكة من الطلقة.
ولفتت إلى أن تحقيقات الأمن الوطني أثبتت أن السيارة كانت تنتمى لعناصر بيت المقدس وتحتوى على قنابل وخرائط لتفجير عده كمائن للشرطة وتمركزات للجيش والشرطة بمطروح، ومطاردة كريم واستشهاده كشفت معظم أعضاء التنظيم والقبض عليهم، وتكريما له ظل قطاع الشمال يواظب الوقوف دقيقة حدادا على روحه في طوابير الصباح في الوحدات وقال رئيس الأركان في زيارته لقطاع الشمال بعد استشهاده نقف دقيقة حدادا على روح شهيد الشرطة اللي فدا كثير منكم باستشهاده".
وتنهى البطلة أم البطل حكايتها بالحمد لله والنصح لزملائه الأبطال:" حمدا لله على سيرته وتاريخه المشرف رغم قصر مده عمله، إلا أنها مليئة بالشرف والبطولة، وكل أملى أن ألقاه عند الله علشان مالحقتش أشبع منه، ولا أفرح بيه، وأشوف ولاده، ونفسى بلده تاخد حقك يا بنى وحق زمايلك الأبطال بالله عليكم خدوا حقهم، يا رب رحمتك وعفوك ورضاك.