الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الدكتور جورج شاكر يكتب: أليس في عالمنا مَنْ يصنع سلامًا..؟!

الدكتور القس جورج
الدكتور القس جورج شاكر نائب رئيس الطائفة الإنجيلية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نعم! عار الشعوب الخطية، وفى ضوء الحروب الضارية والدامية التى تدور رحاها بين روسيا وأوكرانيا والتى يشهدها العالم كله يمكننا القول: "عار الشعوب الحروب".

  يا خسارة كنا نتخيل أن عالمنا المعاصر قد ودع الحروب بدون عودة، وأن الصراعات والنزاعات بين الشعوب قد انتهت واختفت، وأخذت مكانها فى ذاكرة التاريخ، وان العالم المتقدم المتحضر قد نسي مآسى الحروب العنيفة الشرسة السابقة، وملايين البشر الذين ماتوا بسببها وتركوا وراءهم ملايين الأرامل والأيتام يذرفون الدمع السخين فى وادى الآلام والأحزان فى المدن والبلاد التى دمرتها الحروب بين الشعوب وحولتها إلى تراب ورماد وأطلال.

  كنا نحلم بمستقبل يحمل فى أحشائه للبشرية سلاماً وأماناًوإستقراراً وإزدهاراً، وكنا نتوق إلى عالم ينعم بسلام دائم قائم على العدل، وعلى ديمقراطية حقيقية، واحترام لحقوق الإنسان، والعيش المشترك فى سلام.

وكنا نعتقد أن العلم والحضارة والتقدم سوف يقضى على دوافع الشر التى تدعو الشعوب إلى القتال والنزاع والموت والدمار،وبالفعل بدأ العالم يستفيد من التكنولوجيا الحديثة ويحقق إنجازات غير مسبوقة وفرت للإنسان الكثير من حياة الرخاء والرفاهية والراحة والسعادة.

لكن من أسف شر الإنسان انتصر على مبادئه وإنسانيته. وأصاب الشر الإنسان بفقدان الذاكرة، ونسى الدروس الثمينة التى تعلمها من ويلات الحروب والدمار.

نعم! كم هو مؤسف أن تنتشر أنيميا الحب على أرضنا، وكم هو مؤلم أن يتفشى فيروس الكراهية فى أحشاء المسكونة، وعاد شبح الموت يطل بوجهه القبيح من نافذة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والتى يدعمها أصحاب المصالح التى تتسم بالأنانية والتى شعارها " أنا وبعدى الطوفان "، ومرضى الجشع والطمع، ومحبى الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب، وأدعياء السلام الزائف، والحرية الكاذبة، والحقوق المسلوبة.

نعم! كم من الحروب والصراعات تقف من ورائها الأنا والذات ... عار على الشعوب التى تّبذر أموالها وتهدر إمكاناتها على إشعال نيران الحروب والدمار، كان بالأجدر أن تقدمها للفقراء والمعوزين والمهمشين الذين يكدحون ويئنون تحت خط الفقر، أو أن تقدمها للبحث العلمى لتقدم البشرية، ولكى تعين المرضى الذين يعانون من الأمراض التى تفتك بأجسادهم.

حقاً! لو توقف العالم المعاصر عن تبذير الأموال الطائلة علىالأسلحة الفتاكة وأدوات الدمار ، لأمسى ممكناً حل جميع المشكلات المادية والفقر والقضاء على الأمراض والأوبئة المنتشرة فى الكرة

الأرضية.

إننا نناشد ضمير العالم ممثلاً فى كل الهيئات والمنظمات العالمية، والمجتمع الدولى وكل القادة والحكام الحكماء أن يعملوا بكل طريقة للوصول فى أسرع وقت إلى قرار حازم وحاسم لوقفنزيف الدماء على الأراضى الأوكرانية... فمَنْ يتصور أن مَنْ يدمر غيره يوفر السلام لنفسه هو شخص فاقد الذاكرة، فمَنْيدرس ويتأمل التاريخ الإنسانى يتعلم أن مَنْ يفكر فى الإنتقام يحرم نفسه من السلام، وأن الحقد يخّرب ويدمر والحب يبنى ويعمر، وأن نفوذ الحب أقوى بكثير من حب النفوذ، وإذا إستمر العنف يُقابل بالعنف فمتى ينتهى العنف.

عبرة في عبارة: مَنْ يفكر أن يحفر لعدوه قبرًا عليه أن لا ينسى أن يحفر لنفسه قبرا آخر.