الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

شقاق حاد بين مجموعتي تركيا ولندن.. «الإرهابية» تحترق بنيران صديقة.. عبدالرحيم علي: تنظيم الإخوان يعاني الانهيار والتلاشي بعد لفظ الشعوب له وكشف وجهه القبيح

 الكاتب الصحفى عبدالرحيم
الكاتب الصحفى عبدالرحيم على
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ ثورة الشعب المصرى ٢٠١٣، على حكم الجماعة الإرهابية وإزاحتها من السلطة فى مصر، وتتلقى الجماعة ضربات فى معظم أماكن تواجدها سواء كان على المستوى الإقليمى أو العالمي، إلا أن التنظيم الدولى للجماعة كان ما زال به بعض من القدرة على التحور والتمدد فى أماكن غير التى انهزم فيها، أو ضاقت عليه سبلها، إلا أن هذا التنظيم فى ظل الضربات المتلاحقة بدأ منذ ٢٠١٤، فى الانقسام الداخلى بين المكاتب النوعية والتنظيم الدولى وكانت البداية فى مصر بين شيوخ الجماعة وشبابها، وبدأ الصراع من حينها فى تطور مستمر إلى أن حدث انقسام حقيقى بين الشيوخ بعضهم البعض، وتركز هذا الانقسام فى الآونة الأخيرة بين مجموعتى تركيا بقيادة محمود حسين ومجموعة لندن بقيادة إبراهيم منير، إلى أن وصلت ذروته أمس أمس الجمعة بإصدار جبهة أسطنبول بيانا رسميا نشر أجزاء منه فى العربية وبعض المواقع الإخبارية قالت فيه «إن مجلس الشورى اجتمع وقرر تشكيل لجنة مؤقتة باسم اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام من بين أعضائه، وتقوم بمهام المرشد العام للجماعة لمدة ستة أشهر، على أن يتم الإعلان عن هذه اللجنة فى الوقت الذى يحدده المجلس.»

وأكد المجلس فى البيان أن اللجنة بدأت فى ممارسة عملها وأعلنت تسمية الدكتور مصطفى طلبة ممثلًا رسميًا لها، ومن المعروف للعاملين فى مجال الإسلام السياسى أن مصطفى طلبة، هو نائب رئيس مجلس شورى الإخوان بتركيا ويحظى بعلاقات وثيقة مع السلطات التركية ويدير مجموعة ضخمة من استثمارات وأموال الجماعة».

وقد رصد الكاتب الصحفى عبدالرحيم على، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس ولندن «سيمو» ورئيس مجلسى إدارة وتحرير «البوابة نيوز»، الكثير من الخلافات والانشقاقات داخل الجماعة وتنظيمها الدولى وقال: إن تنظيم الإخوان وبعد ٩ عقود من الإرهاب بدأ فى الانهيار والتلاشى والتصدع من الداخل بعد لفظ الشعوب له وكشف وجهه القبيح، والتضييق عليه من دول العالم المختلفة.

وكان قد بدأ تصعيد الموقف بين الجبهتين «أسطنبول، لندن» قبل ستة أشهر حينما قرر القائم بأعمال المرشد العام للإخوان، إبراهيم منير، حل المكتب الإداري ومجلس الشورى فى تركيا، مع تأجيل انتخاباته ٦ أشهر.

وجاء هذا القرار بعد أن قررت الجماعة إخراج عناصرها من تركيا والرحيل إلى دول أخرى، على رأسها كندا وبريطانيا وهولندا وماليزيا وعدد من دول البلقان.

أسباب الحل:

وكان خلف قرارات منير مجموعة من الأسباب أهمها رفض مجموعة من الإخوان المقيمين فى تركيا التقارب المصرى التركي، وكذلك لقاء عدد من قيادات تلك المجموعة مع رئيس حزب السعادة المعارض للرئيس التركى رجب طيب أردوغان وعرضهم تمويله ماليا وسياسيا.

يضاف إلى المبررات السابقة وجود مخالفات مالية وإدارية فى مكتب الجماعة، كشفتها تسريبات صوتية سابقة للقيادى أمير بسام، الذى أكد تسجيل قيادات إخوانية لعقارات وممتلكات وأموال خاصة بالجماعة بأسمائهم وأسماء أبنائهم.

إلى ذلك، كشف عدد من المصادر وجود اعتراضات كثيرة داخل الإخوان على أداء المجموعة وتوجهاتها، لاسيما أنها انتخبت من قبل ٤ مكاتب فقط من مكاتب الإخوان فى الخارج، وفور انتخابها ألغت ما عرف بمكتب الخارج وسيطرت بزعامة محمود حسين على مقاليد الأمور المالية والإدارية.

فيما حظى المقربون منها بامتيازات مالية تمثلت فى رواتب شهرية تجاوزت ٣٥٠٠ دولار لكل فرد، والحصول على جنسيات وإقامات دائمة فى تركيا، ومنح تعليمية وجامعية مع حرمان غير المقربين والمحسوبين على الفريق الآخر الذى يتزعمه عمرو دراج وعلى بطيخ والدكتور أحمد عبدالرحمن، من كل تلك التقديمات.

كما رأت المصادر أن قرار حل مكتب الجماعة ومجلس الشورى هدف كذلك للتغطية على مخالفات تلك المجموعة وتورطها فى اختلاسات مالية ونهب ممتلكات وأموال الإخوان، وتخصيص استثمارات بأسمائهم وأسماء أسرهم وأبنائهم.

وأكدت أن كل تلك العوامل كانت وراء التوجيهات بإلغاء المكتب الإدارى وإجراء انتخابات بعد ٦ أشهر، لاختيار وجوه جديدة يمكنها جمع شمل الجماعة، وعدم توريط النظام التركى فى أزمات مع مصر.

كما أضافت أن إبراهيم منير وقيادات التنظيم الدولى استجابوا لتلك التوجيهات وصدر القرار بتوقيع القائم بعمل المرشد.

يؤكد هذا أن تنظيم الإخوان يعيش أسوأ أيامه منذ مجيئهم إلى أنقرة، بعد أن سيطر عليهم الخوف والقلق، خاصة مع الإشارات العديدة باقتراب رحيلهم من تركيا إلى بلد ثالث، إضافة إلى تقليص دور مساحات منصاتها الإعلامية.

وأن قرارات «منير» تعكس عدم وجود مكان لهم بتركيا فى المستقبل القريب، وينتظرون ترحيلهم فى أى لحظة، وأن عناصر عديدة فى التنظيم قد تهيأت للمغادرة.

وقد أغلقت قيادات إخوانية «من الصف الأول» عددًا من مكاتبها الرئيسية فى اسطنبول خلال سبتمبر الماضي. وقد حذّر الأمن التركى عددا من قيادات الإخوان من عقد اجتماعات، وذلك بعد لقاء تم بين عدد من القيادات لمناقشة سبل التعامل مع الأزمة التى يواجهها إخوان مصر فى تركيا.

كما قام الأمن التركى باستدعاء عدد من المتورطين فى أعمال عنف فى مصر، وأجرى تحقيقات مصغرة معهم، وحصل على بعض البيانات والمعلومات، كما طلب منهم عدم تغيير محل إقامتهم فى تركيا إلا بعد الرجوع له.

وقام عدد من قيادات الإخوان ببيع عقارات وممتلكات خاصة بهم فى تركيا إلى رجال أعمال سوريين وأتراك وذلك بهدف مغادرة البلاد.

كما قرر قياديو الإخوان تشكيل لجنة مصغرة «لإدارة الأعمال الخاصة» بهم فى تركيا، وكذلك للتنسيق مع الجهات التركية.

كذلك، أغلق قياديو الإخوان عددا من مكاتب الإغاثة والمنظمات الخيرية التى كانت مخصصة لنقل «مساعدات» إلى سوريا وإلى عائلات الإخوان فى مصر.

وكانت جبهة إسطنبول قد عقدت مؤتمرًا قبل أيام لعناصرها فى كافة أنحاء تركيا بمشاركة إدارة القطر المصرى المعنية بالتحضير للانتخابات، تمهيدًا لتعيين قائم بأعمال مرشد الجماعة، وبحضور عدد كبير من قيادات الجبهة وأعضاء مجلس الشورى العام.

وانعقد المؤتمر الذى شهد تواجدا نسائيا ملحوظا فى أحد فنادق إسطنبول، لبحث كيفية التحضير للانتخابات وتعيين لجنة لإدارة الجماعة فى تركيا، بدلا من اللجنة التى تم انتخابها مؤخرا ونالت ثقة جبهة لندن بقيادة منير.

وطالبت العناصر الإخوانية الموالية لجبهة حسين بمنح القائم الجديد بعمل المرشد صلاحيات واسعة مع تحديدها، وإعلانه بها رسميًا من جانب أعضاء مجلس الشورى العام، وأن يصدر مجلس الشورى قرار تكليف رسمى باسم القائم الجديد، وإخطار صفوف الجماعة به.

فيما دعت عناصر الجماعة إلى تشكل لجنة أساسية تكون داعمة للقائم الجديد، ولمدة ٣ شهور لحين تثبيت أركان عمله، وتزويدها بالخبراء من الاستراتيجيين والسياسيين والإعلاميين، مع إنشاء مركز إعلامى قوى يكون داعما لعمل القائم، ومشرفا على تمرير رسائله إلى صفوف الجماعة فى الداخل والخارج، وكذلك قادة وحكومات دول العالم.

فى سياق آخر، قررت الجماعة إعادة نشاطها الإعلامى المعارض لمصر من فضائيات تبث من العاصمة البريطانية لندن، بعد قرار السلطات التركية بوقف تلك الأنشطة من أراضيها. وتقرر أن يبدأ المذيع الإخوانى معتز مطر بث برنامجه من لندن بداية الشهر المقبل، كما سيقوم الإعلامى محمد ناصر بإعادة بث برنامجه من لندن أيضا، وقد يلحق بهما الفنان الهارب هشام عبدالله وآخرون ممن طالبتهم بوقف أنشطتهم الإعلامية.

وكان معتز مطر قد أعلن عودته للإعلام مجددا، حيث بث فيديو على صفحته على موقع تويتر أعلن فيه أنه سيعود لنشاطه الإعلامي، بعد غياب بسبب التعليمات التركية التى طالبته بوقف برنامجه على قناة الشرق، وعدم بث أى برامج تنتقد مصر والحكومة المصرية من منصاته على مواقع التواصل من إسطنبول.

وقبل شهور جمدت السلطات التركية نشاط معتز مطر وعدد من مذيعى الإخوان وهم محمد ناصر وحمزة زوبع وهشام عبد الله، وطالبتهم بعدم مهاجمة النظام المصرى من أراضيها سواء من خلال القنوات أو مواقع التواصل.

وفى ظل هذه الانقسامات خصوصا بين أكبر مجموعتين قياديتين فى التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية يرجح عدد من الخبراء فى مجال الإسلام السياسى أن الجماعة وتنظيمها الدولى ربما يلجأون لحالة كمون طويلة لإعادة ترتيب البيت من الداخل، والا سوف تنهار الجماعة وتنظيمها الدولى فى ظل الضربات المتلاحقة من خارج الجماعة وتنظيمها الدولى أو من الداخل، يؤكد هذا فشل عدد من القيادات التاريخية والمرجعيات التى تكاد أن تكون مقدسة داخل الجماعة فى رأب الصدع ومنع الانشقاق والانقسام على رأسهم القرضاوي.

وهناك احتمال آخر ربما يكون هو الاحتمال الرابع فى لعبة الاحتمالات، بأن تقوم الجماعة ببعض أجنحتها النشطة فى ليبيا أو اليمن أو حتى تونس، بممارسة بعض أعمال العنف لاستعادة شيء من التواجد الإعلامى على الأقل خصوصا بعد وصول طالبان للحكم فى أفغانستان مما أعطى بارقة أمل لحركات وجماعات الإسلام السياسي، لكن هذا الاحتمال يظل بعيدا خصوصا وأن الانقسام الحادث فى القيادة العليا للجماعة سوف يؤثر بشكل كبير على حركة الأموال فى الجماعة وسوف يكون هناك وقت طويل حتى يحق لأحد الطرفين التصرف فى أموال التنظيم الدولي.