السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الرى الحديث مبادرة قومية.. لاستغلال أمثل للمياه وتحقيق أعلى إنتاجية.. 645 مليون جنيه تكلفة تأهيل الترع والقنوات في 6 محافظات.. يوفر لمصر 12 مليار متر مكعب سنويًا

ستاندر تقارير، صور
ستاندر تقارير، صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

دفعت الندرة المائية العديد من دول العالم للبحث عن سبل جديدة لاستغلال أمثل للمياه وبخاصة المياه العذبة ومن هنا ظهرت فكرة الري الحديث في ستينيات القرن الماضي عندما بدأت أولى المحاولات للري بالتنقيط، وفي ظل ما تعانيه مصر من عجز مائي يتجاوز الـ 20 مليار متر مكعب، تسعى مصر لتعميم نظم الري الحديث في أراضي الوادي القديم على ضفاف نهر النيل وكذلك في الدلتا.

وقبل أيام وقعت وزارات الموارد المائية والري والمالية والزراعة، وعدد من البنوك تحت إشراف البنك المركزي المصري، على بروتوكول تعاون لتنفيذ المبادرة القومية لتطوير الري والتحول إلى الري الحديث، بهدف تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المائية، والوصول إلى أعلى إنتاجية من المحاصيل الزراعية، من خلال توفير سبل وآليات التحول من استخدام الأساليب التقليدية في الري بالغمر إلى إتباع أساليب الري الحديثة بأشكالها المختلفة.

وتسعى الدولة لتوفير قروض ميسرة للمزارعين من أجل تطبيق نظم الري الحديث عبر توفير قروض بدون فوائد تسدد لمدة ١٠ سنوات، بجانب تيسير الإجراءات للحصول على القرض، حيث لا يتطلب القرض سوى صورة البطاقة وصورة الحيازة الزراعية، وتقديم طلب للبنك الزراعي باسم المالك أو مفوض من المستأجر.

وتتحمل وزارة المالية قيمة الفائدة المستحقة على التمويل الذي يمنح للجمعيات والمزارعين بمعدل ٣٪ سنويًا في حدود ١٠ مليارات جنيه خلال عشر سنوات تبدأ من انتهاء فترة السماح، وتتلقى البنوك الممولة طلبات الجمعيات الراغبة في التمويل مشفوعًا بالمستندات اللازمة لدراسة الطلبات من وزارتي الري والزراعة.

الري الحديث بالأرقام

بديلا للغمر.. فوائد الرى الحديث للأرض الزراعية والفلاح | مبتدا

ويستهدف المشروع القومي للتحول لنظم الري الحديث وتأهيل المساقي، تحويل زمام ٣،٧ مليون فدان من الأراضي القديمة من الري بالغمر لنظم الري الحديث خلال ٣ سنوات، من خلال عملية تطوير شاملة للمنظومة المائية، بداية من تأهيل الترع والمساقي بالتزامن مع تنفيذ أنظمة الري الحديث واستخدام تطبيقات الري الذكي.

ويجري تطوير٥٥٧ مسقي وقناة مائية بتكلفة ٦٤٣ مليون جنيه بأطوال ٤٦٢ كيلومترا وتم نهو التنفيذ في ٨،٥ كيلومتر في ٦ محافظات وهي: "القليوبية- الدقهلية- المنوفية- الإسكندرية- الفيوم- أسيوط"، بحسب بيان رسمي لوزير الموارد المائية والري الدكتور محمد عبد العاطي.

وبحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الموارد المائية والري، ودراسات لخبراء هندسة الري والاقتصاد الزراعي؛ فإن التحول للري الحديث يتكلف الفدان من ٣٥ إلى ٤٠ ألف جنيه تشمل تكلفة المساقي الخارجية، حيث يتم تبطينها أو استخدام مواسير لنقل المياه بمتوسط ١٥ ألف جنيه، والشبكة الداخلية لري الحقول بمتوسط ٢٠ ألف جنيه، حيث توفر نظم الري الحديث من ٢٠ إلى ٣٠ ٪ من كميات المياه المستخدمة في الزراعة.

وتستهدف خطة تطوير منظومة الري نحو ٦.١ مليون فدان وهي الأراضي القديمة في الوادي والدلتا ومعظمها تعمل بنظام الري بالغمر، حيث يتميز الري الحديث بجانب ترشيد استخدام المياه، زيادة الإنتاجية المحصولية لما يقرب من ٣٠-٤٠٪، وتوفر الأسمدة المستخدمة في الزراعة بواقع ٣٠ ٪ مما يسهم في تقليل تكاليف الإنتاج مما يسهم في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمزارعين. وتنقسم الأراضي التي تروى بنظام الغمر إلى نوعين: الأول يتعلق بالأراضي الجديدة بمساحة ٥٠٠ ألف فدان؛ والثانية الأراضي القديمة بمساحة ٣.٧ مليون فدان، وبدأ التطوير في الأراضي الحديثة حيث تم الانتهاء من ٣٩٠ ألف فدان ويتبقى ٩٠ ألف فدان سيتم الانتهاء منهم منتصف أكتوبر، وفقا للموارد المائية والري.

وتعاني مصر من فجوة بين الموارد المائية والاستخدامات الحالية تقدر بنحو ٢٠ مليار متر مكعب سنويًا، خاصة في الزراعة التي تستهلك ٨٢٪ من حصة مصر من المياه، وتعمل وزارة الري على سد احتياجاتها باستخدام مياه الصرف الزراعي والصحي والمياه الجوفية الضحلة، وتحلية مياه البحر.

وتستهدف منظومة الري الحديث رفع كفاءة الري الحقلي وترشيد استخدام المياه المستخدمة في الري في محافظات المنيا والجيزة وبني سويف والواحات البحرية وقنا والإسماعيلية والسويس والشرقية كمرحلة أولى.

وأجمع خبراء الاقتصاد الزراعي على أن التحول لنظم الري الحديث أصبح ضرورة حتمية في ظل نقص المياه الذي تعاني منه مصر في السنوات الأخيرة، بالإضافة على أن الري الحديث يجنب النباتات العديد من الأمراض التي كانت الطرق التقليدية مثل الري بالغمر أهم أسبابها، كما أن طرق الري الحديثة توفر للمزارعين من تكاليف الإنتاج وعلى رأيها السماد بنسبة ٣٠ ٪ وتزيد في الإنتاجية بنسب تتراوح من ١٥ إلى ٥٠ ٪.

د جمال صيام يكتب:11 نصيحة لوزير الزراعة الجديد | Agri2day / اجري توداي
 الدكتور جمال صيام

وفي هذا الشأن؛ قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، إن الفرق بين استهلاك الفدان، في حالتي الري التقليدي بالغمر والري الحديث، نحو ٢٠ ٪، وهو ما يوفر قدرا كبيرا من المياه يبلغ على الأقل ١٢ مليار متر مكعب سنويًا.

ولفت، إلى أن أنه بحساب تكلفة الفدان للتحويل إلى الري الحديث؛ يتكلف ٤٠ ألف جنيه، ومصر لديها ٥ ملايين فدان تروى بالغمر، مما يكلف الدولة ما لا يقل عن ٢٠٠ مليار جنيه، وحيث إن الزراعة في مصر تستهلك ٦٠ مليار متر مكعب سنويا، وبخصم ٢٠٪ أجل توفير من ١٢ إلى ١٥ مليار متر مكعب من مياه مصر سنويًا، مما يجعل مصر لا تتأثر بأي تحديات تتعلق بسد النهضة.

وأضاف "صيام"، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إلى أن مصر تمتلك من الموارد المائية٦٠مليارا من حصة مصر في مياه نهر النيل والمياه الجوفية، بالإضافة إلى ٢٠ مليارا، من إعادة التدوير والمعالجة، بإجمالي ٨٠ مليار متر مكعب تقريبًا، وهي المعروفة بموارد المياه التقليدية، ولدينا فجوة أصلية ٢٠ مليارا، إلا أن العجز الكلي ما يوازي ١١٤ مليار متر مكعب مصر تحتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المياه والغذاء.

وتابع بقوله: "أنا أحبذ صرف ٢٠٠ مليار على تحويل الري للنظم الحديثة، لأن مصر رصدت١٣٠مليارا من أجل تحلية مياه البحر وهي تكلفة عالية جدا ولن توفر المياه على المدى القريب بل ستوفر ٤ أو ٥ مليارات متر مكعب من المياه في ٢٠٣٧ المدى الزمني لخطة الموارد المائية لوزارة الري".

وأكد "صيام" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أنه يجب أن نضع في الحسبان، إلى جانب توفير المياه، يضاف ميزة زيادة الإنتاجية

 بنسبة ١٥ ٪على الأقل، فالزراعة الحديثة ليست مجرد شبكة ري بل تشمل تسوية الأرض بالليزر والاستخدام الأمثل لكل قطرة مياه، والري الحديث يعد مرحلة أولية من الري الذكي وهي نظم الري التي تعمل بتقنيات تكنولوجية وأجهزة استشعار على أعلى مستوى تدير عملية الزراعة بأكملها كما تدير شبكة الري وتوفر المياه وقت الحاجة.

وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن الري الذكي يرصد حاجة النبات للمياه والأسمدة، وهو الأمر الذي يمثل التحول الرقمي في الزراعة، ولكن لتطبيق كل هذه النظم الحديثة والمتطورة في الزراعة والري تحتاج إلى جمعيات تعاونية قوية وكذلك تفعيل دور الإرشاد الزراعي ولا يتوقف الأمر عن الإقراض.

ودعا إلى العمل على التطوير الكامل للنظام الزراعي، ومواكبة النظم الحديثة في الزراعة، والتي حققت نتائج مبهرة في الآونة الأخيرة ولعل مصر كانت لها تجربة مهمة للغاية بعدما نجحت جهود مجموعة من أساتذة هندسة الري بمعهد البحوث الزراعية في تطوير نظام للري الحديث في العديد من محافظات صعيد مصر.

ونجحت في زيادة الإنتاجية بنسبة ٥٠ ٪ أعلى من المعدل الطبيعي في محاصيل مثل القصب والقمح، وذلك بعد تمهيد الأراضي وتسوية الأراضي بالليزر، وزراعة المحاصيل المناسبة لهذه الأراضي، الأمر الذي انعكس على زيادة الإنتاجية بشكل كبير، فالتجربة أثبتت أن النتائج ليست في توفير المياه فقط، بل توفير في كل مستلزمات الإنتاج وأهمها الأسمدة، ورفع الإنتاجية بنسب عالية، مما يرفع من الجدوى الاقتصادية.

وطالب "صيام"، بضرورة عمل دراسات في هذا الشأن توضح المزايا التي تحققهانظم الري الحديث على جميع الأصعدة، ومردود ذلك على الإنتاجية، بالإضافة إلى التوسع في نظم الري الحديث والذكي بدلا من إنفاق ١٣٠ مليار على تحلية مياه البحر والتي لن توفر كميات مياه تتناسب مع كل هذه الاستثمارات الضخمة، ولن يستفيد منها سوى قطاع صغير من الفنادق والمناطق الساحلية، والزراعة هي الأهم اقتصاديا.

ولفت إلى أن تبطين الترع خطوة نحو التحول للري الحديث، ويعد مرحلة تمهيدية للانتقال إلى الري الحديث، حيث كانت في الماضي تعتمد على جهود ذاتية بين المزارعين، حيث كانت الجمعيات التعاونية للمزارعين تقوم بتبطين الترع والقنوات بالأسمنت أو الأنابيب أو الخراطيم داخل الحقول.

أول تصريح من الدكتور أحمد فوزي دياب بعد اختياره سفيرًا للنوايا الحسنة | المصري اليوم
 الدكتور أحمد فوزي دياب

من جهته؛ قال الدكتور أحمد فوزي دياب، أستاذ المياه واستصلاح الأراضي بمركز بحوث الصحراء، إن توفير مياه الري أصبحت ضرورة حتمية في ظل العجز المائي الذي تعاني منه مصر، خلال السنوات الماضية، وأكبر مستهلك للمياه في مصر هي الزراعة نتيجة اعتماد مصر على الزراعات المروية.

وأوضح "دياب" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن هناك العديد من العوامل التي تتحكم في نظم الري وأولها طبيعة التربة والعوامل المناخية، التركيب المحصولي الموجود، وبناء على هذه العوامل تحدد الاحتياجات المائية؛ لافتًا إلى أن الاحتياجات المائية واحدة أي كانت نظم الري.

وأشار، إلى أن هناك نوعين من أنواع الترشيد في الاحتياجات، أولهما التوفير في الاحتياجات المائية والري، والثانية الترشيد في الاحتياجات الغسيلية وهي المطلوبة لغسيل التربة من الأملاح الموجودة بها، وكل دول العالم تلعب على النوع الثاني والتحكم في معدلات البخر في النبات عن طريق الهندسة الوراثية.

أرقام وحقائق

ولفت دياب إلى أنه نظرا لندرة المياه وبخاصة المياه العذبة وأكثر من مليار فرد بحاجة للمياه النقية وأكثر من ٢ مليار بحاجة للمياه من أجل الزراعة، لذا تعمل الدول على التحكم في استهلاك المياه لتقليل الفاقد والاستفادة من كل نقطة مياه، وبالنظر إلى الوضع في مصر فإن الزراعة في مصر تستهلك ٨٤ ٪ من المياه الموجودة، وهو الأمر الذي يدفعنا لإعادة استخدام بعض مياه الصرف نتيجة للحاجة للمياه، كما أن مصر تعمل على معالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها.

وتابع: "ربنا حبا مصر التربة الطمية والطينية الخفيفة في جنوب الدلتا والطينية الثقيلة في شمال الدلتا، والذي يستهلك ٧ كيلو متر مكعب في المتوسط، وتزيد هذه الكمية في جنوب مصر نتيجة لطبيعة التربة، كما أن الجزء الشمالي من مصر أو ما يعرف بموطن زراعات الأرز، والأنسب لمصر التوقف عن نظم الري والغمر والتحول تدريجيا للري الحديث عن طريق الري المطور أو المحسن بتبطين الترع والقنوات ثم التحول للري بالرش أو بالتنقيط أو الري المحوري كأحد نظم الري الحديث.

ومن ثم التحول في مراحل متقدمة إلى الري الذكي الذي يعد الأفضل على الإطلاق والذي تتجه إليه معظم دول العالم في السنوات العشر الأخيرة، والذي يخفض احتياجات الفدان من المياه من ٧ آلاف متر مكعب للفدان سنويا إلى ٢٠٠٠ إلى ٢٤٠٠ متر مكعب للفدان سنويا، وهو رقم كبير، ويعتمد على الاحتياجات الفعلية للنبات من المياه، مما يمنع العديد من المشكلات التي تتعلق بالري بالغمر.

مشكلات الري بالغمر

عبد العاطي: غرامات مالية على من يستمر في اتباع نظام الرى بالغمر - بوابة الشروق - نسخة الموبايل

وأشار "دياب"، إلى أنه من أبرز مشكلات الري بالغمر هي تعفن الجذور وانتشار الأمراض في جذور النباتات لتصل إلى المحاصيل والثمار وتؤثر على عمر النبات بالإضافة إلى تراكم السماد في جذور النبات وهو الأمر الذي يؤثر بشدة على الإنتاجية حيث تقل إنتاجية المحاصيل بسبب اتباع نظم الري بالغمر.

وأوضح أن التحول من الري بالغمر إلى نظم الري الحديث بمختلف أنواعها تجعل الفلاح يتحمل تكاليف كبيرة متمثلة في تكلفة شبكات الري الحديث، وبالتالي لا يستطيع الفلاح تحملها في عام واحد ومن هنا ظهرت المبادرة القومية للتحول للري الحديث، والتي تقدم قروضا للفلاحين عن طريق البنوك، بدون فوائد حيث تمنح البنوك تيسيرات في السداد وفائدة تكاد تكون معدومة، من أجل سد الفجوة في احتياجات مصر المائية وكذلك سد الفجوة الغذائية في بعض المحاصيل، لأن مصر تعاني بشدة من نقص المياه، وفي حال حدوث نقص جديد تعاني منه الزراعة في مصر.

"دياب"، إن مبادرة التحول للري الحديث هي محاولة للسيطرة على استهلاك المياه في مصر وتوفير المياه والاستفادة منها في مناطق جديدة؛ مشيرًا إلى أن الاثر على إنتاجية المحاصيل كما ذكرنا يعتمد على العديد من العوامل، ولا شك أن الري الحديث يقلل من الأمراض التي ترتبط بنظم الري بالغمر.

وبالتالي في ظل الري الحديث يتحسن النبات تدريجيا وبالتالي تزيد أيضا الإنتاجية تدريجيا حتى نصل إلى أفضل النتائج خلال سنوات قليلة مع رفع كفاءة شبكة المياه والتربة، وحسن إدارة نظم الري الحديث، وهو الأمر الذي يرفع إنتاجية المحاصيل لنسب تصل إلى ٣٠٪.

"البوابة نيوز" تحدثت مع الدكتور مصطفى محمود، أستاذ هندسة الري المتفرغ بمعهد البحوث الزراعية، التابع لوزارة الزراعة، والمشرف على العديد من مشروعات الري الحديث في الصعيد، خلال العقود الثلاثة الأخيرة، الذي أكد أن طرق الري الحديثة، بالإضافة إلى أهميتها في ترشيد استهلاك المياه، إلا أنها حققت نتائج مبهرة في إنتاج العديد من المحاصيل في محافظات "أسوان وقنا والمنيا وبني سويف"، وانعكس ذلك على توفير في الأسمدة بنسبة ٣٠ ٪ وزيادة في إنتاجية المحاصيل بنسب متفاوتة وفقا لكل محصول.

واستهل أستاذ هندسة الري حديثه لـ"البوابة" قائلًا: "هناك العديد من نظم الري الحديث والتي يتم استخدامها وفقا للعديد من المحددات والعوامل وأهمها الري السطحي المطور والري بالرش أو التنقيط، ونظم الري الحديثة توفر في المياه بشكل كبير، ولكن الأهم هو كيفية تصميم شبكات الري واختيار نظم الري الأنسب لكل منطقة حسب نوع التربة والعوامل المحيطة من المناخ والمحاصيل التي تتناسب مع كل منطقة جغرافية.

كما أن نظم الري الحديث تسمح بالتسميد ضمن منظومة الري وبالتالي رفع كفاءة التسميد وبالتالي توفير الأسمدة بنسبة لا تقل عن ٣٠ ٪، والتي تمثل توفيرا للفلاح في مستلزمات الإنتاج وعلى رأسها السماد الذي يستحوذ على النصيب الأكبر من تكاليف الإنتاج".

وأضاف "محمود"، أن هناك ميزة نسبية أيضًا ألا وهي المحافظة على البيئة وصحة الإنسان، إذ إن الأسمدة لا تتسرب إلى مياه الصرف، وبالتالي التقليل من تلوث المياه والتربة بالأسمدة والوقاية من العديد من الأمراض التي تؤثر على النباتات والثروة السمكية في القنوات المائية، وكذلك الحفاظ على صحة الإنسان، وتوفير أموالا طائلة كان المواطنون يصرفونها على العلاج من المشكلات المتعلقة بالمياه الملوثة، وبالتالي فهذا يعد استثمارا أكبر في صحة المواطنين".

الري المصرية: نبحث مع عدة أطراف لتوفير مكونات مشروع الري الحديث في البلاد. دار الحياة - اخبار فلسطين اخبار المملكة العربية السعودية اخبار العالم

وأوضح الخبير بمعهد البحوث الزراعية، إلى أن الري الحديث يحسن من جودة النبات فلا يترك النبات تحت تأثير العطش فيمرض ويتأثر بذلك، بل يوفر مياه للنبات على مدى اليوم موزعة على عدد ساعات اليوم كل ٣ ساعات على سبيل المثال، وبالتالي الحفاظ على المياه وتوفير كميات مناسبة من احتياجات النبات، وكذلك منع العديد من المشكلات مثل إجهاد الجذور بالمياه والسماد والذي يخلف العديد من الأمراض التي تصيب النباتات مثل تعفن الجذور.

وشدد الخبير على أن "إدارة شبكات الري الحديث هي مفتاح الحل لكل المشكلات، حيث إنه من الممكن أن أكون مصمم شبكة الري على أعلى مستوى ولكن بدون إدارة لن يكون هناك استفادة، ومن هنا نقول إن العمل على تطوير نظم الري والمشروعات الزراعية المختلفة يجب أن يبدأ بحساب الجدوى الاقتصادية فهي الخطوة الأولى للانطلاق في المشروعات الزراعية المختلفة.

من أين نبدأ؟

وأكد "محمود" أن نجاح مشروعات الري الحديث بتوقف على العمل اتباع الطرق السليمة، عن طريق عمل دراسة جدوى لكل مشروع وضع المواصفات الفنية اللازمة لكل مشروع من أجل ضمان إنجاح منظومة الري الحديث، ومن هنا يجب عمل دراسة ومسح شامل لكل أراضي مصر.

وبالتالي فإن البداية من تسوية الأرض بالليزر ووضع المواصفات الفنية لشبكات الري وتحديد نوع الري الواجب استخدامه من ري بالتنقيط أو الرش أو غيره من الأنواع، ونحن مستعدون كمتخصصين ومراكز البحوث الزراعية للتطوع والمشاركة في هذا المشروع القومي".

وتابع: "وبعد دراسة الجدوى والمواصفات الفنية السليمة يأتي دور الإرشاد الزراعي، فتفعيل دور الإرشاد الزراعي نقطة لا تقل أهمية عن دراسة الجدوى، والفلاح لن يضحى بلقمة عيشه من أجل تجربة قد تنجح وقد تفشل ومن هنا يجب العمل على التوعية الجيدة للمزارعين من خلال الإرشاد الزراعي، والذي سيكون له الدور الأبرز في إدارة منظومة المياه، من خلال المتابعة والتقييم المستمر لشبكات الري الحديث لضمان استدامة المشروع واستمراره، وهو شرط أساسي لنجاح مشروعات الري الحديث.

قصة نجاح

وانتقل أستاذ هندسة الري للحديث عن قصة نجاح في تطوير منظومة الري، قائلا: "في بداية الثمانينيات كانت لنا تجربة مع مشروع تسوية الأراضي بالليزر وبعض المزارعين كان لديهم تخوف من تجريف لأراضي والتقليل من كفاءتها.وأضاف:"ومن هنا توجهنا لكبار 

المزارعين وكانت التجربة في محافظة المنيا حيث اجتمعنا مع كبار المزارعين وعملنا نماذج غاية في الكفاءة وحققت نجاحا لافتا آنذاك، مما دفع المزارعين للمسارعة في تقديم طلبات لتسوية أراضيهم بنفس الطريقة، والدرس المستفاد هنا أن نجعل الفلاح يشعر بالتطوير وتفعيل دور الإرشاد الزراعي وإقناع المزارعين بفائدة المشروع على المدى القريب والبعيد، والجدوى الاقتصادية من المشروعات.