السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عيد النيروز بين البلح والجوافة ورائحة الشهداء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يحتفل المواطنون المصريون الأقباط فى 11 سبتمبر الأحد أو «12 سبتمبر فى السنوات القبطية الكبيسة»، الموافق الأول من شهر توت، فى كل عام بذكرى الشهداء المصريين الذين بذلوا حياتهم حتى الموت من أجل محبتهم للوطن والمسيح من الرومان، فقد أرّخوا لسنة 284 ميلادية، وهى السنة التى اعتلى فيها الإمبراطور دقلديانوس عرش الإمبراطورية، ومنها يبدأ التقويم القبطى، لذلك ينقص التاريخ القبطى عن الميلادى بمقدار 284 سنة.. يحتفل المصريون بأكل البلح رمزا للون الأحمر، لون دماء الشهداء، والجوافة ذات القلب الأبيض، رمزًا لقلب الشهيد، ويعتقد المؤرخون أن العيد متوارث من الفراعنة، ارتباطًا بفيضان النيل، وفى العصر المملوكى كان المصريون جميعهم يحتفلون به فى شهر توت، يتجمعون ويرشون بعضهم البعض بالمياه، ويأكلون البلح والجوافة، ويغطسون فى النيل.. شهور السنة القبطية هى بالترتيب: توت، بابه، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى ثم الشهر الصغير «النسىء» وهو خمسة أيام فقط، أو ستة أيام فى السنة الكبيسة.
ومن الأمثلة التي ترتبط بالشهر الأول في التقويم "توت"، هي "توت ري ولا تفوت"، ويعني أن الفلاح الذي لا يستطيع أن يروي ارضة 
خلال هذا الشهر لن يستفيد من زراعتها، وهناك مثل آخر "توت يقول للحر موت"، ويقال بسبب انكسار موجة الحر خلاله.
وفي شهر بابة يقال "بابة خش واقفل البوابة"، وذلك حماية من البرد في الشهر، ويرتبط به أيضًا مثل "إن صح زرع بابة يغلب النهابة، وإن خاب زرع بابة ما يجيبش ولا لبابة"، أي أن المحصول في بابة مربح وفيه خير كثير.

ويرتبط شهر هاتور بالمثل الذي يقول" في هاتور أبو الدهب منثور" أي القمح.

أما في كيهك يُقال المثل "كياك صباحك مساك، شيل يدك من غداك، وحطها في عشاك، وذلك إشارة إلى قصر النهار في هذا الشهر وطول الليل.
ويقول المثل في شهر طوبة، "طوبة تخلي الشابة كركوبة"، بسبب البرد الشديد فيه.

أما  أمشير "يفصص الجسم نسير نسير"، و"أمشير أبو الزعابير الكتير ياخد العجوزة ويطير"، أي أن الهواء فيه شديد للغاية


ويقول المثل في برمهات "روح الغيط وهات"، وفي ذلك إشارة إلى موعد نضج المحاصيل الشتوية، أما  "برمودة دق العامودة"، أي دق سنابل القمح بعد نضجها.

وفي الشهر التاسع بشنس يقول المثل "بشنس يكنس الغيط كنس"، بينما الشهر العاشر بؤونة يشتهر بمثل بؤونة تنشف المياه من الماعونة، بسبب الحر الموجود فيه.

وفي شهر أبيب يقال "أبيب ابو اللهاليب"، نسبة إلى شدة الحر"، ويقال أيضًا "أبيب فيه العنب يطيب"، وهو موعد ظهور العنب.

و"مسرى تجرى فيه كل ترعة عسرة"، ويقال هذا المثل في شهر مسرى بسبب زيادة المياه في نهر النيل، أما شهر  النسي فيقال "تزرع أي شيء حتى لو في غير أوانه ينمو"
وما زالت هذه الشهور مستخدمة فى مصر ليس فقط على المستوى الكنسى، بل على المستوى الشعبى أيضًا، خاصة فى الزراعة، ولقد حذف الأقباط كل السنوات التى قبل الاستشهاد، وجعلوا هذا التقويم «المصرى». وقال المؤرخون إن عدد الشهداء الذين استشهدوا من مصر فاق عدد الشهداء المسيحيين فى كل العالم، وقد جرى المثل الشهير أن دم الشهداء كان هو بذار الكنيسة.. النيروز، أو عيد رأس السنة المصرية هو أول يوم فى السنة الزراعية الجديدة، وقد أتت لفظة «نيروز» من الكلمة القبطية «نى - يارؤو» وتعنى الأنهار، وذلك لأن ذاك الوقت من العام هو ميعاد اكتمال موسم فيضان النيل. إذن، فالمصريون يبحثون عن الفرحة من قلب الحزن، ومن ثم فهم أكثر الأمم احتفالًا بالأعياد «33 عيدًا» على مدى العام، أهمها الأعياد الدينية، مثل: رأس السنة القبطية والهجرية، عاشوراء، المولد النبوى الشريف، عيد الفطر، عيد الأضحى، عيد الميلاد المجيد، عيد الغطاس، عيد دخول المسيح مصر، عيد دخول المسيح القدس، نياحة العذراء «ذكرى وفاتها»، عيد العنصرة، عيد الصعود.
وما زالت الكنيسة تتذكر شهداءها بالقراءة اليومية فى «السنكسار»، وهو كتاب يحوى سير القديسين والشهداء، وتذكارات الأعياد، ومازال الأقباط يدفعون الشهداء من أجل الوطن جنبًا الى جنب مع أشقائهم من المواطنين المصريين المسلمين، فى القوات المسلحة والشرطة، ومن المدنيين ضد الإرهاب، وللكنيسة صلوات يومية من أجل الوطن، ومن أجل النيل، ومن أجل الجيش والجنود، والرؤساء، والكنيسة تعريفها الوطنى يسبق تعريفها العقيدى «القبطية الأرثوذكسية، أو الكاثوليكية، أو الإنجيلية» وكل سنة وشهداء الوطن والكنيسة الأبرار نبراسًا لنا على طريق النصر أو الشهادة.