الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ماذا حدث للمصريين فى الألفية الثالثة؟!

ومازلنا نبحث عن الإجابة..

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تغيرات كبيرة حدثت فى المجتمع المصرى، نتيجة للعديد من العوامل المختلفة، منها الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية، وهو ما تسبب فى ظهور تحولات فى سلوكيات المواطنين، وهذا يظهر جليًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان آخرها فتاة تروج لفستان عن طريق إعلان زواجها من كلبها، فى حيلة منها لكسب الشهرة والمال.

«البوابة نيوز».. ناقشت عددًا من العلماء والخبراء المختصين فى الاجتماع وعلم النفس والقانون، حول هذه الظواهر، التى طرأت على المجتمع، وتضر بالقيم والذوق العام.

 

اشتباكات وتنمر، وتحرش جنسي، ومشادات بين الأهالى، هذه الصورة متجسدة فى الشارع، هذا هو المشهد السائد الآن، فى معظم المناطق، خاصة الشعبية، بعدما كان يسودها الاحتكام إلى الكبير، والعطف على الصغير.

الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الجنائية، كشفت عن أن السبب فى هذا الأمر، حروب الجيل الرابع والخامس، التى تعرضت لها مصر، منذ عام ٢٠١١، وذلك فى ظل غياب دور المؤسسات الدينية، وعدم نزولها إلى أرض الواقع، واكتفائها بالأمور التعبدية فقط، وعدم التطرق إلى الضمير، والبناء القيمى، بالشكل الذى يؤثر فى وجدان وذوق المصريين.

وأشارت «فايد»، فى حديثها لـ«البوابة نيوز»، إلى أن هناك حالة كبيرة من انتشار الإدمان بين الشباب، وأيضا إعلاء القيم المادية على الأخلاق، تسبب فى تدنى السلوكيات والأخلاق؛ لافتًا إلى أن أجندة سياسية خارجية، تستهدف العقول المصرية، وتعمل على غسل دماغهم، وزرع قيم هدامة، وتجتهد فى إحداث الفوضى، من أجل السيطرة على المجتمع، دون دفع دولار واحد، فى الوقت الذى لا توجد ثقافة مضادة تواجه هذه الحروب، وتحمى الشباب من براثن الإدمان، والبلطجة.

وأضافت، أن هناك ألعابا تكنولوجية يتم تصديرها للأطفال، تزرع فيهم قيمًا بديلة، منها العنف والجنس، وكلها ليست لها علاقة بالأخلاق والمجتمع المصرى؛ لافتةً إلى أن كل هذه الأمور تحتاج إلى مواجهة وثقافة قوية، يتعاون فيها جميع المؤسسات الدينية والثقافية والأمنية والاقتصادية، عبر ضبط نفسى للشباب بتوفير احتياجاتهم، وأيضا ضبط اجتماعى عبر الالتحام مع أرض الواقع، وحل أساسيات المشكلة، وهو ما تنفذ الدولة جزءا منه الآن فى العشوائيات، التى توجد باحتكاكات كبيرة بين سكانها.

تحلل القيم الأخلاقية لصالح الشهرة والمال

فيديوهات صادمة، انتشرت مواقع التواصل الاجتماعي، لفتيات يقمن بإيحاءات جنسية، لحث الشباب إلى الانضمام إلى جروبات خاصة بدعوى الصداقة، وأيضا انتشرت فيديوهات لرجال وأزواجهن فى غرف النوم، يقمن بحركات أو تصرفات غريبة، بهدف جذب المشاهدات، وآخرهن سيدة تقوم بالطبخ فى غرفة النوم، والمفاجأة التى صدمت المجتمع مؤخرًا، ادعاء فتاة زواجها من كلبها، وخروجها بفستان زفاف بصحبة كلب، مما أثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي.

الدكتور وليد رشاد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، كشف عن أن بعض مستخدمى السوشيال ميديا، لديهم هوس كبير للبحث عن الشهرة، والحصول على الأموال، وبالتالى يقدمون محتوى غير هادف، فى ثوانٍ قليلة، بأساليب صادمة، وأكثر غرابة، لجذب الانتباه بأسلوب، بهدف تحقيق «التريند»، وكسب أكبر قدر من المتابعين والمتفاعلين، دون الاكتراث بالقيم فى المجتمع.

وأشاررشاد، إلى أن أهم الدوافع هى التقليد للمشاهير، والحصول على الأموال، والتسويق أحيانا للمهن والحرف؛ لافتا إلى أن البعض استخدمه كتجارة غير أخلاقية «دعارة إلكترونية» تضر بالمجتمع، منها ما ظهر إلى السطح، واتنشر فى قضايا حنين حسام ومودة الأدهم، وغيرهما، وهذا أدى إلى ضبط المحتوى عقب الحكم عليها فى قضايا الاتجار بالبشر، والتحريض على الفسق، خاصة بعد تدخل الآباء لعمل سيطرة على أبنائهم، خوفا من الملاحقة القانونية والسجن.

وأضاف أن التكولوجيا عام لديها وجهان إيجابى وهو تقويم المجتمع، وآخر سلبى وهو ما حدث من نشر الحياة العامة، وظهور صور خادشة للحياء، وتسويق لأعمال غير أخلاقية، وهو ما انتشر بصورة شكل ملحوظ فى الفترة الأخيرة، بالخروج عن المألوف، والقيم والأخلاقية فى المجتمعية، من أجل تحقيق أموال طائلة.

وكشف أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن أن المركز يعمل على دراسة ظاهرة انتشار هذا المحتوى، الذى يعتبر تقليدًا لأمور ليس لها علاقة بقيم المجتمع، خاصة بعد انتشاره بصورة كبيرة خاصة وسط الشباب.

وهو ما يؤيده؛ الدكتور محمود عبدالله، خبير علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، والذى قال إن أهم أداة للتوعية هى التعليم، وبالذات للناشئة والأطفال، ويعتبر المحتوى الإعلامى والدرامى المقدم فى القنوات الرسمية والخاصة المصدر الأساسى لتغيير السلوك، خاصة لدى الشباب، وبطبيعة الحال فإن إنفاذ القانون هو أهم أداة للتغيير، ودونه يصبح أى محاولة للتغيير بلا جدوى.

 

تجمد قيم الأسرة وغياب القدوة الأبوية

"متربى على طبلية أبوه"..تلك الجملة التى تقال عن قوة القيم الأخلاقية والأسرية، التى تربي عليها الفرد فى المجتمع، إلا أن هذا أصبح غير موجود، بشكل واضح فى المجتمع، نتيجة العديد من العوامل، منها: زيادة حالات الطلاق، التى تجاوزت ٢٢٥ ألف حالة فى عام ٢٠١٩، وأيضا ترأس الأم لـ١٨٪ من الأسر وغياب الأب، أو وجود نزاعات مستمرة بين الوالدين أمام أبنائهم، تؤدى إلى تشوه الطفل نفسيا.

الدكتور شحاتة زيان، أستاذ علم النفس، رئيس قسم الجريمة بالمركز القومى للبحوث الجنائية، أكد أن الأسرة أساس خلق الهوية الوطنية المصرية، وهى من تحافظ عليه، رغم وجود العديد من العوامل التى أصبحت تهددها، منها الانفتاح التكنولوجى التكبير، وأيضا الأنماط الاجتماعية المختلفة شديدة البذخ، التى تتباهى بما تملكه، لاسيما أيضا برامج السوشيال ميديا، التى تعتبر الإنسان السلعة فى الترويج لما تريد ترويجه، من معلومات وأفكار وأيضا منتجات يريد تسويقها.

وأشار «زيان»، فى تصريحات لـ«البوابة»، إلى أن هناك حالة من شغل الناس بأمور وأفكار تافهة لا قيمة لها، وتسويقها على أنها «تريند»، مما يتسبب فى تغيير وجدان الناس؛ لافتا إلى أن وظائف الأسرة تعتمد على التنشئة والتعليم والأكل والشرب، والطمأنة والدفء والحب، ومعظم هذه الوظائف غير موجودة.

وتابع، بأن هناك حالة من الغربة بين الأبناء والوالدين، ولا يوجد نقاش هادئ حول احتياجاتهم وطموحاتهم المستقبلية، فى كل الأمور، وأيضا فقد روح الترابط فى تناول الطعام فى جو أسرى، فى الوجبات المختلفة، وغياب القدوة بين الآباء والأبناء، وبالتالى يلجأ الأبناء إلى البحث عن قدوة، وهى متمثلة فى الإنترنت، والحصول على خبرة ذاتية كلها مخاطر، تؤدى إلى الكثير من المشكلات والانقسام الأسرى.

وشدد «زيان»، على ضرورة الالتفات لخطورة تخثر القيم الأسرية، ومواجهة الأمر بالحفاظ على الأبناء بالتفهم والتقريب دون إفراط فى تدليل، والرقابة عليهم بوعى دون تضييق وترهيب؛ لافتا إلى أن ترك هذه الظاهرة يؤثر على الانتماء للوطن، ويخلق هوية مشوهة، وجيلا مضطربا نفسيا وفكريا، وهو ما يظهر جليا الآن فى بعض تصرفات الأطفال حيال المرافق العامة، بإلقاء الحجارة عليها، أو تشويه المنشآت، أو التنمر بكبار السن، وعدم احترام الآخرين.

 

التزويغ من العمل وعدم إتقانه

غضب جم بين المواطنين أمام المصالح الحكومية أو الشركات الخاصة، بسبب غياب موظف أو عدم وجوده أو ضغطه على المواطنين من أجل الحصول على رشوة، أو تحقيق منفعة عام، الدولة واجهت هذه الظاهرة بشكل كبير خلال الفترة الراهنة.

الدكتورة رحاب العوضى، أستاذ علم النفس، كشفت عن ازدياد ظاهرة التزويغ من العمل، بسبب انعدام الضمير، وعدم التربية السليمة على مراعاة الضمير، أو اكتساب الأمر من الموظفين السابقين، ومنهم الرؤساء فى العمل، فهذا الأمر يؤدى إلى حالات كبيرة من الإهمال فى مرافق مهمة فى الدولة، تمس حياة المواطنين، وتعبر عن رضاهم عن وصول الخدمات إليهم، منها الصحة والنقل والتعليم.

وأشارت «العوضى»، إلى أن الموظفين لديهم مبررات غير منطقية بأنه يزوغ من العمل، لارتباطه بعمل أكثر لتحسين مستوى دخله، وهذا أمر فى غاية الخطورة لأن هذا يمكن أن يترتب عليه ضياع حقوق الناس، أو السبب قتلهم، مثلما حدث فى مرفق السكك الحديد، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة ضد الموظفين عديمى الضمير، وأن هذا إرث ٦٠ عاما من التسيب، فى العديد من المرافق.

وتابعت، بأن هناك قصورا شديدا من قبل الدور الدينى، وعلماء الدين إما يتحدثون فى السيرة النبوية، وهذا أمر جيد إلا أنه غير مفيد على أرض الواقع، أو يدخلون فى معارك وهمية منها زواج الجارية؛ لافتةً إلى أن غرس قيم الضمير والإرشاد الدينى حول اتقان العمل أصبح ليس موجودا، إلا من قليل من علماء الدين، وهذا يكون جنبا إلى جنب مع الإرشاد النفسى والاجتماعي، وأيضا بالعقوبة الرادعة لتقويم الموظفيين، والقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.

 

غياب الحوار المثمر وعدم قبول الآخر وانتهاك الخصوصية

ظاهرة منتشرة بصورة كبيرة، على مواقع التواصل الاجتماعي، وهى غياب قواعد الحوار المثمر، وانتشار النقد الهدام، والخوض فى أعراض الآخرين، ونشر الشائعات، والسخرية من الآخرين، بالسب والشتيمة، وكل هذا لمجرد الاختلاف فى الرأى أو الفكر، وهذا كله يتحول إلى العديد من القضايا أمام المحاكم خاصة بين ما يصفون بالنخبة.

الدكتور ماهر الضبع، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، كشف عن أن مواقع التواصل الاجتماعي، مجرد أداة لكشف سلوكيات البعض من عدم قبول الآخر والنظرة الدونية، وانتهاك الحياة الخاصة للآخرين والتنمر والسخرية والتعصب؛ لافتا إلى هذه السلوكيات موجودة منذ فترة فى المجتمع، لكنها لم تكن ظاهرة بهذه الصورة الواضحة.

وأشار «الضبع»، إلى أن هذه السلوكيات نتاج التعليم السيئ، أو التربية الخاطئة للأبناء، وأيضا الفهم الخاطئ للأديان، لافتا إلى أن أخطر أمر والمشكلة الرئيسية فى هذه السلوكيات، هو تفسير الدين من قبل بعض الطوائف أو الجماعات التى تتخذ الأمر وسيلة لكسب المال، بصورة خاطئة تزود التعصب وتغذى الكراهية بين الناس، وهذا على الرغم من أن الأديان أساسها الإنسانية واحترام الآخر.

وأضاف، أن التعصب فى كل دول العالم، حتى أمريكا، نابع من مفاهيم دينية خاطئة، حتى التعصب للفرق الرياضية مرتبط بالتعليم والتربية الأسرية الخاطئة، مما جعل الانتماء للأندية الرياضية معناه الحرب ضد المختلفين عن انتمائك.

وعن علاج هذه الظواهر؛ أكد أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، أن هناك حلا على المدى البعيد ويستغرق وقتا طويلا، وهو تطوير التعليم، الحل الأمثل، ووضع مواد تعليمية، تواجه التعصب الدينى والاجتماعى والرياضى، وأيضا تطوير الخطاب الدينى، بصورة معاصرة إنسانية، تناسب الوضع الراهن، والحل السريع وضع قيود على انتهاك حقوق الآخرين والتنمر، على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

الرعونة وتعريض حياة الآخرين للخطر

الرعونة فى قيادة السيارات خاصة الأجرة، واستهتار وتصرفات طائشة، تظهر بشكل كبير فى كثير من المناطق، رغم جهود الدولة لتحسين المرافق، خاصة الطرق الداخلية التى قامت العديد من المحافظات بتوسيعها، طبقا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، لوقف الاختناقات المروري، إلا أن هذه الظاهرة أثبتت أن أزمة المرور وحوادث السيارات، تتعلق بالأخلاق.

عـدد حوادث السيارات على الطرق، خلال عـام ٢٠١٩، بلغ ٩٩٩٢ حادثا مقابل ٨٤٨٠ حادثا عام ٢٠١٨ بنسبة ارتفاع ١٧.٨٪، وارتفع عدد الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات إلى ٣٤٨٤ متوفى عام ٢٠١٩ بزيادة ١٢.٩٪.

وأرجع الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، السبب الرئيسى لحوادث السيارات، إلى العنصر البشرى، حيث بلغت نسبته ٧٩.٧ ٪، يليه عيوب فنية فى المركبة ١٣.٥٪ من إجمالى أسباب الحوادث على الطرق عام ٢٠١٩.

الدكتور عبده العشرى، خبير القانون بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أوضح أن الكثير من حوادث المرور، تحدث نتيجة رعونة السائقين، وعدم الالتزام بقواعد المرور وآدابه، وهى مشكلة كبيرة فى المجتمع، يقع بسببها الكثير من الضحايا، فتجد سائقا يسير فى الاتجاة المعاكس، ومن يستخدام الموبايل أثناء القيادة، ومن يتجاوز السرعة المسموح بها، ورغم خطورة هذه التصرفات نجد الكثير من السائقين يرتكبونها ولا يعبأون بنتيجة تصرفهم.

وأشار «العشرى»، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إلى ضرورة تطبيق القانون، بكل حزم، مع من يرتكبون مثل هذه التصرفات، لافتا إلى أهمية إجراء فحص المخدرات على السائقين، وعمل حملات توعية لهم، وأكد أهمية التنشئة الاجتماعية فى هذا السياق، وضرب مثلًا بالأب الذى يقود السيارة وبجواره ابنه الصغير، عندما يستخدم حزام الأمان فقط عند اقترابه من إحدى لجان المرور خوفًا من الغرامة، ثم يخلع حزام الأمان بعد عبوره اللجنة، فقد يكون لهذا التصرف انعكاسات سلبية على الطفل، فيما يتعلق بتنشئته على مراعاة قواعد المرور وآدابه.

 

تحول أذواق الفن والموضة

مشهد يثير الاشمئزاز، من كلمات أغانٍ تحوى إيحاءات جنسية، من قبل مجموعة يطلق عليهم مطربى المهرجانات، يظهرون بملابس غريبة فاقدة للذوق، وقصات شعر غريبة، انعكس هذا على الشارع أو ملابس غير لائقة لبعض الشباب.

الدكتورة هند فؤاد، أستاذ علم الاجتماع المساعد، بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، كشفت عن أن هناك فئة من الشباب، يسعون بكامل حيويتهم لتقليد كل ما هو جديد أو ابتكار منهم، وهذا ما يميز مرحلة الشباب، حيث يحتاجون لإبراز ذواتهم وخلق هوية مختلفة تعبر عنهم. 

وأضافت «فؤاد»، فى حديثها لـ«البوابة»: "نجد شبابا منهم لا يسعى لتقليد الأنماط القديمة بل هناك الكثير الذين يطورنها وهناك من يتطرف فى إبراز خصوصيته وهويته الجديدة فيبدع فى تأليف موسيقاه ويحولها لضجيج لا معنى له وكلها محاولات تعبر عنهم وكان لسان حالهم يقول نحن هنا لسنا توابع بل متفردين ولنا خصوصية وهوية ولغة تخصنا».

وتابعت:"لا يقتصر ذلك على الموسيقى ونوع الغناء فقط بل يمتد لكل شىء الملبس فنجد ابتكارات فى الملابس التى تحوز إعجاب الشباب (الذكور والإناث)، ونجدها تتميز بالألوان الصارخة اللامعة، المليئة بالاستراس، وكل ما هو لامع لجذب الانتباه". 

 

الإيمان بالسحر والشعوذة

إعلانات فى الطرقات عن العلاج بالقرآن، وفك السحر، ورد المطلقة، وجلب الحبيب، ليس هذا فقط، وإنما تظهر أيضا على شاشات بعض الفضائيات، فقرات إعلانية للمشعوذين وقدراتهم، ليس هذا فقط بل هواتف للتواصل معهم على الهوا.

الأمر لم يقف عند هذا الحد، وإنما هناك جرائم ترتكب منها البحث عن الآثار، ووقوع جرائم قتل نتيجة الضرب أثناء إخراج الجن، وهذه الحوادث تكررت كثيرا خلال الفترة الأخيرة، خاصة فى ظل بث مباشر على مواقع التواصل، لمن يزعمون إنهم مشايخ لفك السحر، فى حفلات يحضرها مئات المواطنين.

وفى دراسة أجراها الباحث محمد عبدالعظيم، بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، كشفت عن أن المصريين كغيرهم من شعوب العالم، مؤمنون بالخرافة ومنساقون وراءها، وأثبتت أن ٦٣٪ من المصريين يؤمنون بالخرافات، بينهم ١١٪ من المثقفين والرياضيين والفنانين والسياسيين، وتوصلت إلى أن معدل إنفاق العرب على الدجل والشعوذة يفوق ٥ مليارات دولار سنويا، ينفق المصريون وحدهم ١٠ مليارات جنيه سنويا.

وأكدت الدراسة، أن الاعتقاد بالجن والعفاريت أصبح من المعتقدات الأساسية فى حياة المصريين، الذين يعتقدون بسيطرة الجن على تصرفاتهم، وهناك أكثر من مليون و٢٠٠ ألف مواطن فى مصر يعتقدون بتصنيف الجن إلى أزرق وأحمر، وبقدرة الزئبق الأحمر على تصريف الجن أو تسخيره، كما يعتقدون أن الحذاء القديم الملقى بالشارع هو الدواء الوحيد الناجح للوقاية من الجن والعفاريت الذين يسكنون المقابر والمنازل المهجورة، وأن ٧٥٪ من المصريين يتحاشون ضرب القطط والكلاب ليلا لاعتقادهم أن العفاريت تتشكل فى أشكال هذه الحيوانات، كما يعتقدون أن الجان قادر على الزواج من النساء والإنجاب منهن والعكس.

وأكدت الدراسة أن ٣٠ ألف شخص فى مصر يدعون علم الغيب وقراءة الفنجان والكف، كما يؤمن ٧٠٪ من المصريين بقدراتهم الخارقة فى معرفة ما يخبئه لهم القدر من أحداث، فضلا عن قدرات أخرى منها علاج المرضى بالأرواح.

وكشف الدكتور أحمد عبدالله، خبير الطب النفسى، عن أن السبب وراء انتشار الدجل والشعوذة فى المجتمع، هو الجهل بالثقافة النفسية، فمعظم الناس لا يعرفون كيف يعمل المخ ولا الخلايا العصبية؟، أو ما هو المرض النفسى وما أعراضه؟؛ لافتا إلى أن هناك عدة عوامل تغذى عند الناس الذهاب للدجال، وهى توافر وكثرة المشعوذين وإعلاناتهم فى كل مكان حتى الطرق، بالإضافة إلى قلة خبرة بعض الأطباء النفسيين فى التعامل مع المريض الذى يدعى أن الجن يحدثه أو يظهر له، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الكشف والعلاج النفسى.

وأضاف «عبدالله»، لـ«البوابة»، أن الثقافة السائدة فى المجتمع، عبر كل الوسائل الاجتماعية والدينية، تغذى الشعور بأن الجن وراء ما يحدث للبشر، فى حين أن أعراض كل الأمراض الذهنية، تنحصر فى العيش فى عوالم أخرى وهوالس سمعية وبصرية، وظهور أشخاص يحدثونه، أو الحديث بلغة غير مفهومة، أو تغيير صوته، أو تشنجات.

ولفت خبير الطب النفسى، إلى أنه يعمل طبيبا نفسيا منذ ٣٠ عاما، وعالج آلاف الحالات، منهم الكثير ممن كانوا يعتقدون أن الجن يحدثهم ويكلمهم، وتلقوا العلاج بالأدوية المعترف بها فى علاج الأمراض النفسية؛ لافتا إلى أن بعض الأطباء النفسيين فى مصر، لا يعرفون التعامل مع المريض المقتنع أن الأمر بسبب الجن، وبالتالى يلجأ المريض إلى الدجالين والمشعوذين، بعدما يشعر أن الطبيب يهزأ به.

وأشار عبدالله إلى أن العرب يتهمون الجن على ما يصيبهم من أمراض نفسيبة، فى حين أن الغرب لا يعرفون الجن فى حالة مرضهم، وهذا بسبب أن ثقافتهم، التى تربوا عليها لا تعرف هذا الأمر، فهم يذهبون إلى المصحات النفسية للعلاج، فى حين أن العرب فقط يقتنعون بأن السحر ومس من الجن.