الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

لمن ينحاز اليهودي الفلسطيني.. وكيف رأى قضية بلاده؟!

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يهود فلسطينيون.. حملوا الجنسية الإسرائيلية كرها ودفعوا ثمن الولاء للوطن
* موشيه هيرش.. صديق ياسر عرفات المقرب الذى عينه وزيرا فى الحكومة الفلسطينية
* سلوم عمران.. خبأ «أبوعمار» فى بيته بعيدا عن أعين «الصهاينة»
* جوليانو مير خميس.. يقول عن نفسه «أنا فلسطينى مائة بالمائة»
* أورى ديفيس.. رفض الخدمة فى جيش الاحتلال وانضم لحركة فتح

لا يوجد أى إحصائيات حالية عن تعداد اليهود الفلسطينيين اليوم، فالإحصائيات الرسمية الإسرائيلية فقط تشير إلى عدد الإسرائيليين المولودين فى إسرائيل والأراضى التى تحتلها، من دون أن تفرق بين اليهود الفلسطينيين وبين أبناء الوافدين الذين وُلِدوا محليًا بعد وفود آبائهم.

الدستور والخطاب السياسى: فلسطينيون هم وأبناؤهم
بعد نكبة عام 1948، انصهر عدد من اليهود الفلسطينيين فى المجتمع الصهيونى انصهار ديمغرافى فقط ليس فكريا ولا سياسيا، واضطر كل من سكن منهم أراضى الداخل - أراضى 48 - أن يحملوا الجنسية الإسرائيلية كرها مثلهم مثل باقى العرب، فيما فضل البعض منهم الهجرة لأى دولة أخرى رافضا الفكر الصهيونى ويعتبره محتلا لأراضى ليست من حقه. وبحسب المصادر التاريخية ففى حدود نهاية فترة الحكم العثمانى، تمركزت المجتمعات اليهودية المحلية فى أربع مدن مقدسة - حسب الشريعة اليهودية - فى فلسطين، هى صفد وطبريا والخليل والقدس، فى الثلاث الأولى منها كان المجتمعات العربية والإسبانية (لادينو) تغلب على طابع تلك المجتمعات، بل لعلها كانت تشكل الأكثرية، ولم يكن للمجتمع اليهودى الييديشى اليد العليا إلا فى القدس بسبب هجرات العاطفة الدينية الأشكناز - يهود الغرب - من روسيا وشرق أوروبا. ازدادت حدة التوتر إلى أعلى مستوياتها بين الطوائف اليهودية المؤيدة للصهيونية وبين المعارضة لها فى فلسطين فى العشرينيات من القرن العشرين بعد اغتيال جاكوب دى هان المتحدث الرسمى باسم إسرائيل أغودات المعارضة لإقامة دولة يهودية.

كتب- أحمد سعد
تحدّث الخطاب السياسى الفلسطينى عن اليهود الفلسطينيين فى عدّة سياقات، فمثلا ورد فى الميثاق القومى الفلسطينى الصادر عام ١٩٦٤:
«اليهود الذين هم من أصل فلسطينى يعتبرون فلسطينيين إذا كانوا راغبين بأن يلتزموا العيش بولاء وسلام فى فلسطين».
أما الميثاق الوطنى الفلسطينى الصادر عام ١٩٦٨ فنصت المادة السادسة منه «اليهود الذين كانوا يقيمون إقامة عادية فى فلسطين حتى بدء الغزو الصهيونى لها يعتبرون فلسطينيين».
الخطاب الرسمى الإسرائيلى تجاهل استعمال مصطلح 'اليهود الفلسطينيين' لأسباب سياسية وإيدولوجية، فالصهيونية تعتبر الهوية الدينية اليهودية هى القومية وهى الهوية الوطنية، ولأنه كان يريد إدماج اليهود الوافدين حديثًا كمواطنين أصليين إذًا لا فرق بينهم وبين اليهود المحليين.
وفى المحافل والمواثيق الرسمية عندما توجه ممثل العرب الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة، جمال الحسينى سنة ١٩٤٧، وافق على بقاء اليهود الذين عاشوا فى فلسطين قبل صدور وعد بلفور فى ٢ نوفمبر (تشرين الثاني) ١٩١٧. (بلغ عدد اليهود فى فلسطين عشية صدور وعد بلفور ٤٧٠٠٠)
ينص الميثاق الوطنى الفلسطينى لمنظمة التحرير الفلسطينية فى مادته السادسة على أن: «اليهود الذين كانوا يقيمون إقامة عادية فى فلسطين حتى بدء الغزو الصهيونى لها يعتبرون فلسطينيين». ولكنه لا يحدد تأريخه لبدء «الغزو الصهيوني» أهو سنة ١٨٨١ أم ٢ نوفمبر ١٩١٧. والمادة الرابعة تقول: «الشخصية الفلسطينية صفة أصيلة لازمة لا تزول وهى تنتقل من الآباء إلى الأبناء وأن الاحتلال الصهيونى وتشتيت الشعب العربى الفلسطينى نتيجة النكبات التى حلت به لا يفقدانه شخصيته وانتمائه الفلسطينى ولا ينفيانها»، إذن هو يؤكد أن هؤلاء اليهود ونسلهم من بعدهم يعتبرون فلسطينيين بالرغم من الصهيونية وقيام دولة إسرائيل.
المؤرخة الإسرائيلية الدكتورة إيلانة شمير، تقول إن اليهود الذين عاشوا فى فلسطين قبل نشوء الصهيونية لم يعرفوا شيئا عنها. هناك مجموعة واحدة من اليهود قدمت إلى فلسطين لدوافع دينية صرفة، هم يهود اليمن. فهؤلاء قدموا بدفعات غير كبيرة خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر لأنهم رأوا فى «أرض إسرائيل، أرض الميعاد التى وعد الله بها اليهود من دون غيرهم».
مع بداية الهجرات الصهيونية، صار انتماء اليهود الفلسطينيين للصهيونية بمثابة انتماء قومى، وعدم الانتماء صار تهمة وأصبح صاحبه يدفع ثمنا باهظًا من النبذ والمقاطعة، بل وفى مرحلة معينة كانت الوكالة اليهودية تستطيع طرده.
على عكس الوافدين اليهود (الذين يستأجرون أراضيهم وبيوتهم من الوكالة اليهودية) هؤلاء الإسرائيليون اليهود من أصل فلسطينى يتملكون أراضيهم وبيوتهم.
لا يوجد أى إحصائيات حالية عن تعداد اليهود الفلسطينيين اليوم، فالإحصائيات الرسمية الإسرائيلية فقط تشير إلى عدد الإسرائيليين المولودين فى إسرائيل والأراضى التى تحتلها، من دون أن تفرق بين اليهود الفلسطينيين وبين أبناء الوافدين الذين وُلِدوا محليًا بعد وفود آبائهم.
مع قيام دولة إسرائيل فى ١٩٤٨ وبكونها قامت كوطن قومى لليهود من جميع أنحاء العالم، مُنِح اليهود الفلسطينيون الجنسية الإسرائيلية فأصبحوا مواطنين إسرائيليين كاملى الحقوق. غير أن بعض هؤلاء اليهود كانوا ضد الصهيونية ورفضوا الجنسية الإسرائيلية مما ولّد خللا وفراغا قانونيا بالنسبة لإقامتهم فى إسرائيل ما فتأت الحكومة الإسرائيلية بالضغط عليهم حتى أجبرتهم على التجنّس فى الثمانينيات من القرن العشرين.

موشيه هيرش.. صديق ياسر عرفات المقرب الذى عينه وزيرا فى الحكومة الفلسطينية
"موشيه هيرش» كان أحد أبرز المدافعين عن الحق الفلسطينى رغم أنه يهودى الديانة، وظل رافضا وجود إسرائيل إلى أن توفى فى فى الثانى من مايو عام ٢٠١٠، بعد صراع طويل مع المرض.
ولد هيرش عام ١٩٣١ فى مدينة نيويورك الأمريكية من أب وأم فلسطينيين من يهود البدتز، وهو صهر مؤسس حركة «ناطورى كارتا» (حراس المدينة)، كاتزنيل بوغين.
عاش هيرش فى حى «ميا شعاريم» اليهودى المتشدد فى مدينة القدس، وأصبح أحد زعماء «ناطورى كارتا » عام ١٩٧٤ بعد وفاة الحاخام امرام بلو، وبعد هزيمة يونيو ١٩٦٧، واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة.
كان فى ذلك الوقت محظور على أى إسرائيلى لقاء شخصيات من منظمة التحرير الفلسطينية طبقا للقانون الصهيونى آن ذاك، ولكن هيرش لم يمتثل لذلك القانون وكان مقربا جدا من الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات وفى زيارة دائمة له، ولكن لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية أى إجراء ضده، بل إن الإعلام الإسرائيلى والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاهلت هيرش وجماعته بشكل تام.
طور موشيه هيرش علاقاته مع قادة منظمة التحرير الفلسطينية، ووثق علاقته مع ياسر عرفات، وفى العام ١٩٩٥، عينه ياسر عرفات «وزير الشئون الدينية لليهود» فى حكومته الأولى.
حزن هيرش كثيرا وقت وفاة عرفات ولم يخف ذلك متحديا حكومة الاحتلال بل صرح وقتها قائلا «أنا أصلى من أجله لأن عرفات كان رجلًا كرس حياته كلها لشعبه».
وتابع «أنا حزين جدا لأنه كان قائدا عظيما كان دائما يفرق بين الشعب اليهودى والصهيونية».
فى أوقات الهدوء والتوتر، كان هيرش يزور عرفات بانتظام فى المقاطعة، كما يُعرف بمقره، حتى بعد أن وضعت إسرائيل الزعيم الفعلى قيد الإقامة الجبرية منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.
وعن أحد وأهم المواقف التى جمعتهما سويا يقول الحاخام قائلًا: «اتصلنا بعرفات لأول مرة منذ نحو ٣٠ عامًا عندما كان يعيش فى الخارج، بعد سلسلة من الهجمات الفلسطينية التى أودت بحياة ضحايا فى المجتمع الأرثوذكسي».
ويضيف هيرش: «طلبنا منه تجنيب مجتمع كان قد نأى بنفسه عن المشروع الصهيونى، ووعد بفعل ذلك». واستشهد كدليل على التزام عرفات بأن معظم الهجمات الأخيرة ضد اليهود الأرثوذكس فى القدس ارتكبتها جماعات إسلامية متشددة، وليس من قبل الفروع المسلحة من حركة فتح التى يتزعمها عرفات. وفى مارس ٢٠٠٦، بعد فوز حماس فى انتخابات المجلس التشريعى الفلسطينى، أعلن أعضاء من الحركة «ولاءهم للنظام الجديد الذى تشكله حماس» فى الأراضى الفلسطينية، وقام وفد من الحركة على رأسه موشيه هيرش بزيارة مقر المجلس التشريعى فى رام الله للتعبير عن هذا الولاء والتأكيد على أنهم فلسطينيون يعيشون تحت الاحتلال الصهيونى.

سلوم عمران.. خبأ «أبوعمار» فى بيته بعيدا عن أعين «الصهاينة»
ولد سلوم عمران إسحق الكاهن فى ١٣ يناير عام ١٩٢١، فى حارة الياسمينة فى البلدة القديمة لمدينة نابلس، ودرس الصفوف الأولى فى مدرسة «فلشر» - المدرسة المسيحية الوطنية - الملاصقة لكنيسة القديس فيلبس وسط المدينة
عاش سلوم الكاهن مشرفًا على شئون طائفته، ومعلمًا ومحفظًا للتوراة واللغة العبرية القديمة لتلاميذه، وإمامًا لصلاة السامريين لعشرات السنوات، تربطه علاقة خاصة بالرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات؛ حيث خبأه فى بيته بعيدًا عن عيون الاحتلال بعد عام ١٩٦٧.
انتخب سلوم الكاهن عضوًا فى المجلس التشريعى الفلسطينى الأول فى العام ١٩٩٦ عن المقعد المخصص آنذاك للسامريين، والذى تنافس عليه ثلاثة منهم؛ ليكون السامرى الأول والوحيد الذى شغل هذا المقعد، وكان عضوا فى «لجنة القدس» و«لجنة الموازنة العامة». تولى سلوم منصب الكاهن الأكبر للسامريين فى ٢٣ مايو ٢٠٠١، ليصبح ترتيبه المائة والثلاثين من بين الذين استلموا الكهانة العظمى وفق التقليد السامري؛ وتوفى فى ٩ فبراير عام ٢٠٠٤ إثر نوبة قلبية عن عمر يناهز ٨٣ عامًا.
نعاه الرئيس الفلسطينى فى ذلك الوقت «ياسر عرفات» بقوله: «إن وفاته تمثل خسارة كبيرة للشعب الفلسطينى وللطائفة السامرية، ولكل قوى السلام الفلسطينية والإسرائيلية».

جوليانو مير خميس.. يقول عن نفسه «أنا فلسطينى مائة بالمائة»
ولد جوليانو مير خميس فى الناصرة، وهو ابنا للمناضلة الراحلة آرنا مير، الناشطة اليهودية التى ناضلت من أجل حقوق الفلسطينيين، وابن الراحل صليبا خميس، المناضل والصحفى والكاتب الفلسطينى، أحد قادة الحزب الشيوعى الإسرائيلى فى الخمسينيات. يقول عن نفسه: «أنا فلسطينى مائة بالمائة ويهودى مائة بالمائة».
عام ٢٠٠٣ قام مير بإنتاج وإخراج، جنبا إلى جنب مع دانيال دانيال، أول فيلم وثائقى له، «أولاد آرنا». ويدور الفيلم حول أمه التى عملت لتأسيس مسرح الأطفال فى جنين خلال الثمانينيات بعد سبع سنوات من وفاة والدته، وبعد المعركة فى جنين فى عام ٢٠٠٢، عاد مير إلى جنين للقاء ومقابلة الأطفال الذين شاركوا فى المسرح. فى ٢٠٠٦، فى أعقاب موجة من الدعم الدولى الذى تلاه فيلمه، فتح مير مسرح المجتمع للأطفال والكبار فى جنين، وسمّاه «مسرح الحرية». فى عام ٢٠٠٦، تابع مير خميس مسيرة والدته عن طريق تأسيس «مسرح الحرية» جنبا إلى جنب مع زكريا الزبيدى، القائد العسكرى السابق لـكتائب شهداء الأقصى فى جنين ومع Jonatan Stanczak، الناشط الإسرائيلى السويدى، ودرور فايلر، الفنان الإسرائيلى السويدى، وهو مسرح ومجمع يوفر الفرص للأطفال والشباب فى مخيم جنين للاجئين لتطوير مهاراتهم، ومعرفة الذات والثقة واستخدام العملية الإبداعية بوصفها نموذجا للتغيير الاجتماعى.

أورى ديفيس.. رفض الخدمة فى جيش الاحتلال وانضم لحركة فتح
"أورى ديفيس» من مواليد القدس عام ١٩٤٣ لأبوين يهوديين مهاجرين، حيث هاجر والده من بريطانيا إلى القدس فى ثلاثينيات القرن الماضى، وارتبط بوالدته المهاجرة من تشيكوسلوفاكيا حيث أقاما فى حى قطمون فى القدس، قبل أن ينتقلا معا إلى ساحل فلسطين شمال تل أبيب. ودوما ما يؤكد أورى أن والداه هاجرا من بلديهما «لأسباب عائلية أساسًا وليست سياسية» كما أن والده كان من مناصرى مدرسة «الصهيونية الروحانية» التى تعارض إقامة دولة يهودية فى فلسطين.
نشأ أوريى فى مستعمرة كفر شمارياها المبنية على أراضى القرية الفلسطينية المهجرة قسريا فى نكبة ١٩٤٨، قبل أن ينضم بعد نحو ٤٠ سنة إلى حركة فتح فى ثمانينيات القرن الماضى، وهو أستاذ وباحث أكاديمى فى جامعات بريطانيا. وقد اعتنق الإسلام بعد زواجه من الفلسطينية ميسرة أبو على.
قاد أورى فى ستينيات القرن الماضى حملة تصدى للمشروع الحكومى الاستيطانى لـ «تهويد الجليل»، ونظم تظاهرات تضامن مع عدد من القرى الفلسطينية » دير الأسد وبعنة ونحف فى الجليل الأعلى» احتجاجا ضد مصادرة أراضيها الخاصة لإقامة المدينة الاستيطانية - «كرميئيل».
واعتقل عدة مرات وحكم عليه بالسجن فى المحكمة العسكرية فى الناصرة لمدة ثمانية أشهر على خلفية ذلك، بتهمة الدخول إلى منطقة عسكرية من دون تصريح، حيث كانت المواقع العربية التى نجت من نكبة ١٩٤٨ آنذاك تخضع للحكم العسكرى الإسرائيلى. وفى مقابلة معه أجرتها صحيفة «إندبندنت عربية » أكد أنه فى عام ١٩٧٤ واجه صعوبة شديدة فى إيجاد فرصة عمل فى إسرائيل بسبب تاريخه المناهض للصهيونية، ليبدأ العمل وقتها كمحاضر جامعى فى إحدى الجامعات البريطانية.
وفى عام ١٩٨٤ شارك كعضو مراقب فى اجتماعات المجلس الوطنى الفلسطينى فى عمان بدعوة من الزعيم الفلسطينى السابق ياسر عرفات، على الرغم من تحذير محاميته له من مواجهته محاكمة سياسية فى إسرائيل بسبب ذلك.