قال المفتي العام لدولة كازاخستان ناوريزباي اونغاروف، إن رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توقاييف قد أصدر قرارًا خاصا بشأن الاحتفال على مستوى الدولة بالذكرى 1150 عاما لميلاد العالم الفيلسوف أبو ناصر الفارابي، وعلى أساس هذا القرار تم تشكيل لجنة حكومية في العام الماضي، برعايتها تم إجراء كثير من الأبحاث حول حياة وأعمال العالم الكبير، وأحد أشهر مفكري أوترار وأكثرهم شهرة.
وقال خلال كلمته بمؤتمر الأزهر حول إسهامات الفارابي والمنعقد الآن بمقر المشيخة، إن الفارابي اشتهر باسم أرسطو الشرق، أي المعلم الثاني بعد أرسطو. وما زالت الدراسات مستمرة في هذا الاتجاه، لافتًا إلى أن هذا العالم الشهير وعن أفكاره ومساهمته في الحضارة الإنسانية لا يسع الحديث طويلًا أمام إنجازاته.
وُلد الفارابي في أوترار، المركز الثقافي القديم لآسيا الوسطى. تقع أوترار في الجزء الجنوبي من جمهورية كازاخستان الحالية. درس في البداية في مدرسة أوترار. ثم سافر إلى بغداد، وسوريا، ومصر، وشاش، وسمرقند، وبخارى، التي تعد أهم مراكز العلوم والثقافة في العالم الإسلامي في ذلك الوقت، أتقن الفارابي اللغة العربية والفارسية واليونانية واللاتينية والسنسكريتية، وله العديد من الاكتشافات العلمية في مختلف المجالات.
وفي هذا الصدد، أشار مفتي كازاخستان إلى أعمال الفارابي لقيادة المجتمع إلى الخير: أولها، يَرِدُ رأي العالم عن حاكم البلاد في مؤلفاته: السياسة المدنية، وهو كتاب عن المجتمع المدني، وآراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها، حيث يسميه في كتاباته القائدَ الأولَ أحيانًا بالإمام، وبالملِك أحيانًا أخرى، وفي بعض الكتابات يسمي الحاكم أو الفيلسوف.
وبحسب رأي المفكر، فإن الزعيم يتمتع بشخصية مؤثرة في عامة الناس يجب أن يستخدم الحكم والعبارات البلاغية لتثقيف الناس. هناك مثل عند شعبنا الكازاخي: كلمة من يخاطب الجماهير حاسمة، وعين الصياد نافذة. وبالتالي، يجب أن يكون الزعيم خطيبًا لابقا.
ثانيا، يقول الفارابي إن الشخص الذي يمكنه قيادة المجتمع المدني يجب أن يكون حكيمًا. لأنه يسعى إلى تحديد أسباب ونتائج العديد من الظواهر التي تحدث في الدولة والمجتمع. وإذا تم تحديد المشكلة في المجتمع بشكل صحيح، فسيتم تنظيم طرق التخلص من المعاناة.
وفقًا للفارابي، فإن أكثر ما يميز الإنسان هو العقل والفكر. الشخص الحكيم والحصيف يحقق أهدافه سريعا، ويرى الفارابي أن حاكم البلاد يجب عليه أن يمتثل كاملا لمطالب الناس بمنحهم الحرية، أما لنفسه، لا بد من كبح جماح رغباته.
وبين المفتي أن الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان احتفلت العام الماضي بالذكرى الثلاثين عاما على تأسيسها، حيث أصبحت الإدارة الآن مركزًا رئيسيًا لنشر الإسلام في جميع ربوع البلاد. وهي تعطي اهتمامًا خاصًا لسبعة مجالات في عملها، الأهم منهم - التربية الروحية، أي علم الإحسان. الإحسان هو إتقان العمل الذي يقوم به المسلم وبذل الجهد لإجادته ليصبح على أكمل وجه، فإن كان العمل خاصا بالناس وجب تأديته على أكمل وجه، فصلاح العمل مرتبط بصلاح القلب، وفساده مرتبط بفساد القلب. يقول الله تعالى في عدة مواضع من القرآن: "لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا"، ويقول النبي:: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب.
