الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل فهم العرب "آيات" القرآن؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
* كتاب الله ضخم ويحوي 6236 آية، وقد نجح المفكر السوري الراحل الدكتور محمد شحرور لأول مرة تاريخيًا فى تصنيف كتاب الله وقسمه إلى أربعة أجزاء: جزء يسميه الله فى كتابه الكريم (أم الكتاب)، وهو (الرسالة) الدينية الخاتمة أو الشريعة المحمدية، وهو جزء بسيط للغاية من الكتاب لا يتجاوز 19 آية، بالإضافة إلى تفصيلها فى 953 آية، حيث كان سهلا "ويسيرًا" أن يفهم عرب القرن السابع الميلادى الرسالة المحمدية الخاتمة،  فالرسالة بسيطة وسهلة ورحمة مهداة (مجموعة من الممنوعات البسيطة)، ومجموعة من الأوامر والنواهي، مجموعة من الفروض كالصدقة و(مجموعة من الشعائر) ستقام وتؤدى؛ صلاة، وزكاة، وصيام، وحج، ونظامين لتوزيع تركة المتوفى: الوصية وقوانين الإرث الميلادي، محرمات نكاح، ومحرمات طعام، ومحرمات تجارة.. إلخ.
* بينما كان مستحيلا "طبعًا" أن يفهم عرب القرن السابع الميلادي ما جاء لإثبات ألوهية الرسالة (آيات القرآن)، والتى يسميها الله فى كتابه (حديث) وهي التى قرنت بين آيات نزلت من مخزنين ربانيين؛  الأول يسميه الله (اللوح المحفوظ)، ويحفظ الله فيه أسرار الخلق خلق الإنسان، وخلق الكون، والثاني يطلق عليه (الإمام المبين)، وفيه كل تصرفات السابقين وقصصهم: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ} [يس: 12].
* والقرآن هو أكبر وأضخم محتويات الكتاب، ويتجاوز 5200 آية،  وكله نبأ غيبي ما كان يعلمه لا الرسول ولا قومه.
* قال تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49].
وقال تعالى: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (65).
* حيث تضمن القرآن من الآيات التى وردت من اللوح المحفوظ التى تحكي الغيبيات السحيقة كخلق البشر وخلق الكون والمستقبليات البعيدة، كأحداث يوم القيامة وتمظهراته، وآيات من الإمام المبين تحكي قصص الأمم القديمة؛ قصة آدم، وقصة نوح، وقصة هود، وقصة صالح، وقصة إبراهيم، ولوط،  وسليمان، وداود، ويوسف، وموسى.
* هل كان يمكن أن يفهم العرب زمن نزول القرآن بسقفهم المعرفي المحدود جدًا وزمانهم الضعيف علميًا فى مختلف العلوم قصة خلق البشر، ومراحل التحول إلى الأنسنة، ومراحل ذلك الخلق وقصة خلق الكون بداية من العصر الهيدروجينى، ثم عصر الماء، ثم الانفجار الكوني التى وردت ضمن آيات القرآن؟
* إن فهم نبوءة النبى (آيات القرآن) يتزامن ويتناسب مع تقدم العلوم بشكل طردى، فكلما تقدمت العلوم استطاع الإنسان فهم تلك الآيات فهمًا أفضل والوقوف على معناها الحقيقى، وفك طلاسم آيات القرآن، التى نؤمن بها؛ لأننا وافقنا وارتضينا أن نؤمن بالغيب كنتيجة لإيماننا المطلق بالله وربوبيته وألوهيته، فى آنٍ معًا.
* وعليه فلابد أن نعرف أن الادعاء بأن الجيل الأول أو الصحابه أو التابعين فهموا الدين فهمًا أفضل، وعرفوا ما جاء به واستوعبوه بشكل أفضل من غيرهم، كلام به كثير من الوهم، وغياب الحقيقة الموضوعية، فالتاريخ لا يسير إلى الوراء والفهم البشري لا يزداد كلما رجعنا للخلف، وإنما العكس هو الصحيح والأكيد، وسوف يفهم القرآن بشكل أفضل بعد أجيال وأجيال قادمة؛ أي كلما ذاد السقف المعرفى للبشرية وللعقل البشري كلما سيفهم القرآن أفضل وأفضل، وقبل القيامة سيصل الإنسان إلى الفهم الكامل لآيات نبوءة النبى محمد والتى وردت لتصديق ما بين يديه من رسالة والتى تحدى بها الله الناس أن يأتوا بسورة من مثله، فالله لم يتحدَّ الناس بآيات الرسالة السهلة البسيطة وآيات المحرمات أو المجتنبات أو المنهيات أو الشعائر،  ولكنه تحداهم بآيات القرآن الذي هو كله أنباء من الغيب لا يعلمها أحد.
* {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23]. 
* {وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 37].
* {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (13)
{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].
وأخيرًا نقول: لابد من إدراك الفرق بين آيات الرسالة وآيات النبوة التى جاءت لإثبات ألوهية الرسالة ولتصديقها، ثم الفصل تاليا بينهما وبين قصة النبي وقومه والتى جاءت بصيغة {يا أيها النبي}.