الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مكافحة الإرهاب في ظل نصوص دستور 2014

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد أن حكى القرآن الكريم قصة قتل قابيل لأخيه هابيل بغير حق، وضع نصًّا تشريعيًّا يواجه كل أنواع الإرهاب المحتمل الذى يصدر ممن يعيثون في الأرض فسادًا، ويعبثون بمقدرات الأوطان، فالله تعالى بيَّن أن كل من يهدد أمن الناس ويتعرض لهم بالأذى في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم يكون محاربًا لله ولرسوله.
ووضع القرآن الكريم لهؤلاء الجزاء الأمثل الذى يستحقونه، فكان الجزاء من جنس العمل، يقول تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) [المائدة: ٣٣].
وفى العصر الحديث، ومع تطور المجتمعات وظهور المنظمات الدولية، وتنامى ظاهرة الإرهاب المنظم؛ فقد اتخذت مواجهة الإرهاب صورة تشريعات دولية ووطنية تواجه هذه الظاهرة التى أصبحت تهدد مصالح الدول والشعوب.
ومنذ أن عرفت مصر النظام الدستورى عام 1923 ومرورًا بدستور 1956 ودستور 1971 وحتى عام 2007، لم يوجد نص دستورى يخص مكافحة الإرهاب.
ولكن بموجب التعديل الدستورى الذى تم في عام 2007، عَنْوَن المشرع الدستورى الفصل السادس من دستور 1971 بـ «مكافحة الإرهاب».
وبعد ثورة 25 يناير تم إسقاط دستور 1971، ثم جاءت الإعلانات الدستورية المتعاقبة خلال هذه الفترة ومن بعدها دستور 2012 خالية من أى نص يخص مكافحة الإرهاب.
وبموجب دستور 2014، جاءت المادة 237 والتى نصت على أن «تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكل صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمنى محدد، باعتباره تهديدًا للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة، وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه».
ويلاحظ أن نص المادة (237) قد ألزم الدولة ـ بسلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ـ بمواجهة الإرهاب بكل صوره وأشكاله، وتعقُّب مصادر تمويله، وفق برنامج زمنى محدد، والحصول من الإرهابيين على التعويض العادل عن الأضرار الناجمة عن إرهابهم.
ورغم أن هذا أمر محمود لهذا الدستور؛ إذ وضع هذا النص وشدد على ضرورة تفعيله، إلا أنه يمكن إبداء الملاحظات الآتية عليه:
(1) المادة بها إطناب غير مبرر؛ فعبارة «بكافة صوره وأشكاله» لا تضيف شيئًا، فمن الطبيعى أنه طالما هناك التزام على الدولة بمكافحة الإرهاب؛ فهى ملتزمة بمكافحته في شتى صوره وأشكاله، والأمر نفسه فيما يتعلق بعبارة «وتعقُّب مصادر تمويله»، وكأنَّ المكافحة لا تشمل تعقب مصادر التمويل!
(2) تفرض المادة وضع برنامج زمنى محدد لمكافحة الإرهاب، متناسية تعقد هياكل التنظيمات الإرهابية وسريتها وطابعها الدولى في الكثير من الأحيان، مما يستحيل معه على أى دولة أن تضع مقدمًا حدًّا زمنيًّا للقضاء على الإرهاب.
(3) المادة بها شرح لمخاطر الإرهاب، فهى تقول: «باعتباره تهديدًا للوطن والمواطنين»، وهذا أمر معلوم ولا يحتاج إلى نص، ويُعيب الصياغة الدستورية ويربكها.
(4) أما التلميح بأن إجراءات مكافحة الإرهاب تلتزم بضمان الحقوق والحريات، فلا أثر له من الناحية القانونية، فأى إجراء يُتخذ يجب ألا يخالف الدستور، طالما أن المشرع التأسيسى لم يُصرِّح له بخلاف ذلك.
(5) وبناء عليه كان يمكن الاكتفاء بأن تكون المادة على النحو الآتى، «تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه».
وتطبيقًا لهذا النص الدستورى تم وضع قوانين خاصة بالإرهاب مستقلة عن القوانين العامة؛ فقد تم إصدار القانونين الآتيين:
- قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015.
- قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015.