الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مسئول التمريض في حرب أكتوبر: مصابو الحرب طلبوا سرعة العلاج للعودة إلى الجبهة.. ليلى عبدالمولى: رأيت جريحا يحاول بيديه المكسورتين إفاقة أخر مغمى عليه.. وجيهان السادات كرمتني قائلة: "أنتم الدرع الواقي"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ذكريات وبطولات وشهداء ومصابون أرادوا كرامة الوطن والعرض، في مثل هذا اليوم السادس من أكتوبر عام 1973، وكان هناك جنود يقاتلون بطريقة أخرى في الجبهة الداخلية، لإنقاذ الجرحى والمصابين وتقديم الرعاية الصحية لهم.
"البوابة"، حاورت عميد دكتور ليلى عبد المولى مجاهد، الأستاذة في الأكاديمية الطبية العسكرية، والمسئولة عن التمريض بمستشفى غمرة العسكرى، فترة حرب أكتوبر، للحديث عن التضحيات والبطولات ودور أطقم التمريض في ملحمة العبور.
وإلى نص الحوار:

- ضربت الأطقم الطبية مثالا في البطولة لإسعاف مصابى الحرب، فما دورك فترة الحرب؟
كنت أول دفعة نسائية تتخرج من كلية التمريض العسكرى في عام 1973، وتم توزيع الدفعة بالكامل على الجبهة الخارجية، لرعاية مصابى الحرب، في مستشفيات القوات المسلحة بالمناطق المركزية، بمحافظات القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية، وكنا في حالة استنفار مستمر لخدمة البلد، داخل المستشفيات لإنقاذ المصابين وتقديم الرعاية اللازمة لهم، ووقتها غلب الحس الوطنى، شعورنا بالتعب والإجهاد.

- هل كان للعنصر النسائى من التمريض دور على الجبهة؟
لم يكن للنساء دور على الجبهة، لكنهن كن يعملن في جبهة داخلية، لا تقل أهمية عن قتال العدو، حيث كن نسعف الأبطال الذين ضحوا بأجسادهم من أجل الوطن، وكان رجال التمريض على الجبهة.

- ما أشهر الحالات التى ما زالت عالقة في ذاكرتك؟
حالات كثيرة كانت تقشعر لها الأبدان وتشيب لها الرؤوس، وكانت الإصابات متعددة ومتفرقة وتصل إلى حروق كاملة، وطلقات نارية، وأيضا بتر أطراف، وأيضا جنود فقدوا أعينهم، وكلهم كان يتم إجراء الإسعافات الأولية لهم على الجبهة، في المستشفيات الميدانية، ثم يتم نقلهم إلى المستشفيات الداخلية، عبر الأتوبيسات، لإجراء العمليات الجراحية.
ومن كثرة الحالات، لا أنسى مشهد إصابة أحد العاملين من الأطقم الطبية، بمستشفى غمرة العسكرى، بحالة إغماء نتيجة المجهود الكبير الذى كان يبذله، ومحاولة جريح إفاقته بيديه المكسورتين.

- ماذا عن حالتكم المعنوية والنفسية في هذه الفترة العصيبة؟
كنا نبذل مجهودا كبيرا داخل المستشفيات طوال الـ24 ساعة، وكنا لا نعرف راحة نهائيا، وما كان يهون علينا هذا كله تعامل المدنيين معنا وتقديمهم المساعدة لنا، وذلك للجهود الكبيرة التى قامت بها الشئون المعنوية التابعة للقوات المسلحة، لرفع الروح المعنوية في المجتمع، لا سيما زيارات كبار قيادات الجيش، وتشجيعهم للدور الذى نقوم به، وأيضا زيارات الفنانين، ومنهم فاتن حمامة وشادية وقتها، وأيضا كانت حرم الرئيس أنور السادات، السيدة جيهان السادات، تزور المصابين، وترفع من روحهم المعنوية، وتشكرهم على ما قدموه من أجل الوطن.
وأيضا كان العديد من المواطنين يذهبون للمستشفى، للبحث لهم عن دور لخدمة الجرحى من جنود القوات المسلحة.

- تردد أن فنانات وسيدات مجتمع شاركن في عمليات التمريض.. هل شاركت إحداهن معك؟
كنا في مستشفى تابعة للقوات المسلحة، لا يوجد بها مدنيون، واقتصر وجود الفنانات معنا على زيارة المصابين وتقديم الهدايا لهم، لكن هن شاركن في المستشفيات المدنية، التى تحول لها جرحى.
وسيدات الهلال الأحمر المصرى، كان لهن دور كبير، في تقديم الرعاية للمصابين، حيث كن يقدمن لهم الطعام والشراب، وكن يتحدثن مع المصابين، كنوع من الرعاية النفسية لهم عبر أحاديث عن تضحياتهم ودورهم البطولى من أجل استعادة الكرامة والعرض والأرض.

- كيف رأيتى الروح المعنوية لجنود القوات المسلحة المصابين وقتها؟
كان أغلبهم يسأل سؤالا واحد: "إمتى هخف عشان أرجع الجبهة؟"، المشهد المبكى، أن أحد الجنود جسده بالكامل محترق، ونتيجة المسكنات كان لا يشعر بما ألم به، وكان يطلب العودة للجبهة، والكثير من الحالات المبتورة ذراعه أو قدمه، وكان يطلب أيضا العودة لمساندة زملائه على الجبهة، وكنا نتمالك أنفسنا من البكاء، والحسرة على ما يفعله هؤلاء الأبطال من أجل رد الكرامة والحفاظ على الأرض والعرض.
وحكى لى أحد الجنود، أن قائده ويدعى الرائد عبد الرحمن الأدهم، ضحى بنفسه لكى ينقذ أفراد وحدته، حيث دخل "دشمة" مستعصية، ليفتح لهم الطريق للدخول، والقضاء على الجنود الإسرائيليين الذين يستهدفون أبطال الجيش المصرى، فانفجرت فيه إحدى العبوات الناسفة، ومهد لهم الطريق للتعامل مع جنود الاحتلال وقتها وتمكنوا من القضاء عليهم، بفضل هذه التضحية التى قدمها.

- ما الدور الذى كان يقوم به الأهالى معكن في الشارع؟
كان الأهالى يساعدوننا في العودة إلى منازلنا عبر الأوتوبيسات، حيث منعت وقتها المركبات الحربية، من نقل العسكريين وكنا نتنقل بالمواصلات العامة، وكان سائق الأتوبيس، يوصلني إلى منزلى، بعدما يعلم أننا من الفرق الطبية التى تعالج مصابى الحرب، وكان يظهر تكاتف وتلاحم الشعب كله وقتها.

- هل كرمتي من قبل الدولة؟
تم اختيارى ضابطا مثالىا، عقب انتهاء الحرب، وأيضا تم تكريمى من قرينة رئيس الجمهورية، جيهان السادات، وقامت بتسليمى هدية، وقالت لى: "أنتم الدرع الواقى لنا".

- ما تقيمك لدور الأطقم الطبية الآن في ظل أزمة وباء كورونا؟
الأطقم الطبية طول عمرهم في المواجهة ولا أحد يشعر بهم نهائيا، وربنا معاهم ويوفقهم في مواجهة جائحة فيروس كورونا، وهنا الأمر لا يقتصر فقط على الطبيب أو التمريض، وإنما أيضا كل العاملين في المستشفيات، فهم يعرضون حياتهم للخطر، من أجل البشرية جميعا، وأنا أشكر الدولة على دورها والدعم المالى والمعنوى الذى تقدمه للأطقم الطبية.
البلد دائما أمانة في رقبة الأطقم الطبية في فترة الوباء، وهذا ما يحدث في كل دول العالم، فهم يقاتلون ويواجهون عدو خفى، من إنقاذ أرواح البشرية، لهذا وجب لهم التحية والتقدير والاحترام.

- وما نصيحتك بخبرتك العلمية كأستاذ بالأكاديمية الطبية العسكرية؟
نحتاج دورا توعويا أكثر خلال الفترة القادمة، لأن الوعى الصحى في بلدنا متدن، وعلى الجميع التكاتف، ومن لديه قدر من الثقافة عليه أن يوعى القريبين منه، وأيضا على الإعلام أن ينشر مواد كرتونية ومجسمات، لتوضيح خطورة الفيروس وما يفعله بالإنسان.